حذرت الأمم المتحدة من أن أفغانستان قد تواجه "أسوأ كارثة إنسانية على الإطلاق". وهذه الكارثة "من صنع الإنسان"، بحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بينما " يدير المجتمع الدولي ظهره". ويُقدر أن مليون طفل أفغاني معرضون لخطر الموت بسبب سوء التغذية بنهاية هذا العام ما لم يتلقوا العلاج الفوري.
ويشير تقرير على موقع "فورين بوليسي" إلى أن هذه الكارثة نتجت مباشرة عن تجميد المجتمع الدولي لأصول الدولة وخفض المساعدات، بعد استيلاء طالبان المفاجئ على البلاد في أغسطس. تبع ذلك أزمة سيولة، وارتفعت الأسعار، وانخفضت قيمة العملة، وكافح الأفغان للحصول على السيولة التي يحتاجونها لتوفير الغذاء والمياه والرعاية الصحية وغيرها من الضروريات.
كان الوضع مروعًا، لدرجة أن وزير الخارجية الأفغاني بالوكالة بعث برسالة إلى الكونجرس الأمريكي يطلب فيها من الحكومة الأمريكية "اتخاذ خطوات مسؤولة لمعالجة الأزمة الإنسانية والاقتصادية".
وجاء الرد بالكثير من التبريرات والاعذار، باعتبار أن جوهر القضية هو كيفية التعامل مع إدارة طالبان المؤقتة وسط مجموعات معقدة ومتداخلة من عقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، فضلاً عن الخوف من النظر لواشنطن على أنها تؤيد طالبان كحكومة لأفغانستان.
في الوقت نفسه، ذكر تقرير لبرنامج الأغذية العالمي، أنه ما لم يتم توفير التمويل العاجل لدرء كارثة، يواجه 3.2 مليون طفل في أفغانستان عواقب سوء التغذية التي تهدد حياتهم. وقد ازدادت الاحتياجات الإنسانية، فأصبح حوالي 23 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات غذائية عاجلة. وتبلغ متطلبات تمويل برنامج الأغذية العالمي، حوالي 2.6 مليار دولار لتلبية هذه الاحتياجات، عام 2022.
وتسيطر على المجتمع الدولي مخاوف حقيقية للغاية، فقد حان وقت الفصل بين الضرورات الإنسانية والمجادلات السياسية، حسبما تقول ماري إلين ماكجروتري، مدير برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة بأفغانستان، على موقع البرنامج، وتضيف: "إن شعب وأبناء وأطفال أفغانستان الأبرياء، انقلبت حياتهم رأساً على عقب دون ذنب جَنوه، ولا يمكن الحكم عليهم بالجوع لمجرد حظهم من الجغرافيا السياسية أو حظهم في مكان ولادتهم."
ربما يستدعي تقرير فورين بوليسي وتصريح ماكجروتري عن أفغانستان قضايا الجوع والوباء والصراعات التي تحالفت ضد الفقراء في مختلف أنحاء العالم.
هناك العديد من أسباب الجوع، بما في ذلك انتشار وباء كورونا ونقص الموارد لدى الجياع، والتفاوت الشديد في توزيع الدخل، والصراعات داخل بلدان معينة.
في تقرير بموقعها على الإنترنت تقول مؤسسة مؤسسة إمبريس ريليف Embrace Relief الخيرية العالمية، إن من بين ثمانية مليارات شخص على كوكبنا، يعيش مليار منهم في فقر مدقع. وهو لا يحرم الناس من الطعام الضروري فقط، بل يحرمهم من مياه الشرب المأمونة، والصرف الصحي، والتعليم، والمأوى.
ومن المفارقات أن صغار المزارعين والرعاة والصيادين ينتجون 70% من الغذاء العالمي، ولكنهم معرضون بشكل خاص لانعدام الأمن الغذائي. كما أن الفقر والجوع أكثر حدة بين سكان الريف.
تقول منظمة مكافحة الفقر "أوكسفام" إن عدد الوفيات بسبب الجوع يفوق عدد وفيات كوفيد -19. وذكرت المنظمة أن جائحة فيروس كورونا وأزمة المناخ والصراعات دفعت أكثر من نصف مليون شخص إلى حافة المجاعة. مشيرة إلى أن خفض الإنفاق العسكري بنسبة تقل عن 20٪ من شأنه أن يقضي على الجوع في العالم.
ويشير برنامج الأغذية العالمي إلى أن تكلفة تجنب المجاعة في أنحاء العالم ارتفعت إلى 7 مليارات دولار، بعد أن كانت التكلفة المتوقعة 6.6 مليار دولار في وقت سابق من هذا العام. وهذا المبلغ يوفر وجبة واحدة يوميًا لكل شخص للعام المقبل.
وارتفع عدد الذين يواجهون ظروفًا شبيهة بالمجاعة في العالم بمقدار ستة أضعاف خلال العام الماضي، وأفادت أوكسفام أن 11 شخصًا يموتون جوعاً كل دقيقة، متجاوزين بذلك عدد وفيات جائحة الفيروس التاجي، الذي أودى بحياة سبعة أشخاص في الدقيقة.
وارتفع عدد الذين يعانون من "الجوع الشديد" عن العام الماضي بنحو 20 مليونًا، ليصل إلى 155 مليون شخص.
وأدرجت أوكسفام عدة دول اعتبرتها "أسوأ بؤر الجوع في العالم"، حيث تفاقمت أزمات الغذاء الحالية بسبب جائحة كورونا.
وذكر التقرير أن أفغانستان وإثيوبيا وجنوب السودان وسوريا واليمن - التي مزقتها النزاعات - شهدت "ارتفاعًا في مستويات الجوع الشديدة منذ العام الماضي".
كانت فنزويلا وجمهورية إفريقيا الوسطى ومنطقة الساحل أيضًا على قائمة أوكسفام للنقاط الساخنة، بالإضافة إلى الهند والبرازيل، اللتين تتصارعان مع جائحة فيروس كورونا.
وفي تقرير نشره موقع "دويتش فيل"، الشهر المنصرم، حذرت وكالة الغذاء التابعة للأمم المتحدة من أن 45 مليون شخص في 43 دولة "يتأرجحون على حافة الموت جوعًا". ويمثل ذلك زيادة بنحو 3 ملايين هذا العام وحده.
وقال ديفيد بيسلي، المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي، في بيان: "لدينا صراعات وتغير مناخي وكوفيد-19 يؤدي إلى ارتفاع أعداد الجياع بشدة. ويُعزى الارتفاع الأخير، من 42 مليونًا في 2020، و27 مليونًا في عام 2019، إلى من يواجهون مستويات طارئة من انعدام الأمن الغذائي في أفغانستان.
كما ساهم تزايد انعدام الأمن الغذائي في إثيوبيا وهايتي والصومال وأنجولا وكينيا وبوروندي ومدغشقر في الارتفاع، فضلاً عن حالات الطوارئ طويلة الأمد مثل اليمن وسوريا".
وتشير وكالة أسوشيتدبرس إلى أنه حتى بنوك الطعام الأمريكية التي تتعامل مع الطلب المتزايد من العائلات التي همشها الوباء تواجه الآن تحديًا جديدًا، وهو ارتفاع أسعار المواد الغذائية وقضايا سلسلة التوريد التي تعصف بالبلاد.
*ينتج العالم ما يكفي من الغذاء لإطعام كل فرد على هذا الكوكب، ومع ذلك يعاني 16.6٪ من سكان العالم من نقص التغذية.
*خريطة الجوع لبرنامج الغذاء العالمي تضم 957 مليون شخص ليس لديهم الطعام الكافي بشكل منتظم. وهذا يمثل إجمالي 93 دولة جائعة!
*تعد الصراعات سببًا ونتيجة للجوع. في عام 2020، كان الصراع هو المحرك الرئيسي للجوع بالنسبة لـ 99.1 مليون شخص في 23 دولة.
* كل عام، يموت 3.1 مليون طفل لأسباب مرتبطة بالجوع، بما في ذلك الإسهال وسوء التغذية. كل 10 ثوان يموت طفل من الجوع.
*يعاني أكثر من 99 مليون طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية ونقص الوزن وانخفاض أداء الوظائف العقلية بسبب الجوع
اترك تعليق