الحيض موجبٌ للطهارة بدلالة الكتاب والسنة: فمن الكتاب قول الله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ﴾ [البقرة: 222]، ومن السنة أحاديث كثيرة منها:ما رواه الإمام البخاري في "صحيحه" عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي».
وكذلك ما رواه الشيخان في "صحيحيهما" عن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: قَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي لَا أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ، فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَاتْرُكِي الصَّلَاةَ، فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي».
قال العلامة الشوكاني في "نيل الأوطار" (1/ 282، ط. دار الحديث): [والحديث يدل على أن المرأة إذا ميزت دم الحيض من دم الاستحاضة تعتبر دم الحيض وتعمل على إقباله وإدباره، فإذا انقضى قدره اغتسلت عنه، ثم صار حكم دم الاستحاضة حكم الحدث، فتتوضأ لكل صلاة، لا تصلي بذلك الوضوء أكثر من فريضة واحدة] اهـ.
والحيض لغةً: السيلان. يقال: حاض الوادي إذا سال.
وفي الشرع: دم جبلة؛ أي: خلقة وطبيعة، تقتضيه الطباع السليمة، يخرج من أقصى رحم المرأة بعد بلوغها على سبيل الصحة، في أوقات معلومة.
فالحيض: حدثٌ تختص به النساء، ويحرم به عليهنَّ ما يحرم بالجنابة من الصلاة، ولا يجب عليهنَّ أن يقضين ما فاتهن بسبب ذلك، وقراءة القرآن، ومس المصحف وحمله، والطواف، واللبث في المسجد، إضافة إلى الجماع، والصوم ويجب قضاؤه بخلاف الصلاة، والمرور من المسجد إلا إذا أمن التلويث.
والطهارةُ لغةً: النظافةُ، والطُّهْرُ: الخلوص من الأدناس والنجاسات. انظر: مادة: (ط ه ر) كتاب "مختار الصحاح"، و"المصباح المنير".
والطهر من الحيض يتحقق إما برؤية الماء الأبيض الذي يخرج من فرج المرأة في آخر الحيض ويسمى القَصَّة، أو بانقطاع الدم، أي: جفافه، بحيث إذا وضعت خرقة خرجت غير ملوثة بدمٍ أو كُدرةٍ، أو صُفرةٍ، ولا يضر بلل الخرقة بما دون ذلك من رطوبة الفرج.
وبناءً على ذلك: فتتحقق المرأة من طهرها ونقائها من الحيض بانقضاء خمسة عشر يومًا أو بجفاف الدم، أو أن تدخل قطنة بيضاء في محل الحيض؛ فإن خرجت ولم تحمل أثر دم كان ذلك علامة على طهرها، وتحرص المرأة على تفقد طهرها عند النوم ليلًا، وفي أوقات الصلوات الخمس؛ حتى تعلم حكم الصلاة والصوم، والأصل في كل ذلك استمرار ما كانت عليه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
للمزيد من التفاصيل يمكن الرجوع للفتوى المنشورة برقم 13960 على الموقع الرسمي لدار الإفتاء المصرية على الانترنت.
اترك تعليق