بقلم: مولود بن زادي – كاتب جزائري مقيم في بريطانيا في يوم 6 أكتوبر /تشرين الأول 2016، كتب المحرر الصحفي في جريدة New Republic (أليكس شبورد) مقالا بعنوان "من سيفوز بجائزة نوبل للآداب 2016؟ ليس بوب ديلان بكل تأكيد." وذكرت الصحيفة الأمريكية أسماء الأدباء المرشحين بالفوز وفي مقدمتهم الروائي الياباني هاروكي موراكامي، يليه الروائي الكيني نجوجي واثينجو والكاتب المسرحي النرويجي جون فوس والناقد السوري أدونيس والكاتب الأمريكي فيليب روث. وراجت في الأوساط الأدبية أنباء احتمال فوز امرأة هذه المرة بعد غياب الجنس اللطيف في هذه الجائزة طويلاً عملا بمبدأ المساواة بين الجنسين وجائزة نوبل تبدو أبعد ما يكون عن ذلك فهي منذ تأسيسها سنة 1901 كرمت 98 رجلا وفي المقابل لم تكرم سوى 14 امرأة. لكن رياح الزمن أحيانا تهب بما لا تشتهي السفن والتوقعات. فها هي المؤسسة السويدية العريقة تفاجئ العالم بتكريمها المغني وكاتب الأغاني الأمريكي بوب ديلان، واسمه الأصلي روبرت ألين زيمرمان، من مواليد عام 1941 وبدأ مسيرته الموسيقية عام 1959 وذاع صيته في الستينات من القرن الماضي.وقد أثارت النتيجة ضجة كبيرة في الأوساط الإعلامية وجدلا واسعاً في الأوساط الأدبية وتجلّت أثار ذلك في الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي. فعبّر الأدباء والنقاد عن استغرابهم القرار واستهجانه وهبّوا يقرعون ناقوس الخطر، متسائلين عما إذا كان ذلك يمهّد لتلاشي الرواية. قال أحدهم في موضوع للنقاش فتحه في منابر التواصل الاجتماعي: "لا عيب أن نجنس تلك النصوص البعيدة عن الرواية تحت تسميات تجنسها وتحفظ خصوصياتها الفنية والأسلوبية والبنائية كأنماط كتابية معترف بها، بدلا من تمييع الجنس الروائي وفتح حدوده على مصراعيها حد التلاشي وتمزق كينونته، حين صار في مرمى كل الأقلام ومصباً لكل الوديان، كنوع أدبي أخشى أن يكون في طريقه نحو التلاشي وفقدان الهوية."وسط هذه الزوبعة التي أثارتها جائزة نوبل هذه السنة، يحق لنا بلا ريب أن نتساءل: هل كاتب الكلمات الأمريكي ديلان جدير بالتفوق على كل المرشحين العالمين الآخرين والفوز بجائزةً في وزن نوبل للآداب؟! وهل كلمات الأغاني القليلة خليقة بالتفوق على أفضل أعمال روائية ومسرحية وشعرية عالمية كبيرة رشحتها شركة Ladbrokesبالفوز؟لجنة نوبل عجّلت بالدفاع عن قرارها ومرشحها الفائز المغني بوب ديلان: "لأنه خلق تعابير شعرية جديدة ضمن تقاليد الغناء الأمريكية".لكن الكثير من الأدباء والنقاد في الوطن العربي لا يوافق هذا الرأي وينظر إلى هذه النتيجة نظرة ارتياب وحيرة. بعضهم نخبوي لا ينظر إلى ديلان على أنه شاعر خليق بالفوز بمثل هذه الجائزة. فما يكتبه هذا الرجل، في نظر هذا الفريق، لا يُعدُّ نموذجا شعرياً رفيعا أو شعرا نخبويا يستحق التكريم وبالتالي يُعدُّ هذا الفوز تدنيّاً في مستوى الجائزة العالمية. فما يكتبه المغني الأمريكي ديلان شيء من "البروباغاندا" أو الدعاية. فها هو الشاعر الأردني جلال برجس يؤكد ذلك في مقابلة: "الشعر نخبوي، وخصوصا الشعر الحديث والنخبوية دائما غير معنية بـ«البروباغاندا»." بعضهم الآخر نمطي يفسر قرار اللجنة السويدية بانحيازها إلى الدول الغربية الرأسمالية وتأييدها الهيمنة الأمريكية. هذه النظرية تتردد في أنحاء العالم وتتناولها وسائل الإعلام الشرقية والغربية معا منذ سنوات طويلة. فها هي صحيفة The Telegraph البريطانية تقول في مقالة بعنوان 'كيف فضّلت جائزة نوبل رجال أوربا الغربية البيض لأكثر من 100 سنة': "إنّ الولايات المتحدة الفائزة ب 323 جائزة (في كل الاختصاصات) وبريطانيا 113 جائزة هما الدولتان الأكثر فوزا بالجائزة، تليهما ألمانيا ب 87 جائزة". ويبقى الجدل في هذا الموضوع قائما، يتعذّر الحكم فيه حالياً ولأجيال بحكم أن للدول الغربية المتطورة حصة الأسد في الاختراعات التكنولوجية والبحوث الطبية والاكتشافات العلمية، وفي الحقل الأدبي يبقى السؤال: هل بلغنا مستوى الإبداع المتميز وهل أدركت مؤلفاتنا مستوى منافسة الأعمال الأدبية الغربية ونحن نحيا في مجتمعات تعاني من آفة اللامقروئية ونقص المكتبات والمنشآت الثقافية وأعمالنا تبقى بعيدة عن تصوير الواقع؟ إن سر نجاح
اترك تعليق