تتجه الأنظار اليوم لمتابعة أحداث جلسة مجلس الأمن بناء علي طلب مصر والسودان من أجل وقف التصرفات الاثيوبية فيما يخص قضية سد النهضة. خاصة بعد بدء إثيوبيا عملية الملء الثاني دون الرجوع إلي دولتي المصب.
في الوقت نفسه تواصل مصر تأكيدها علي موقفها الثابت تجاه القضية والقائم علي ضرورة التوصل لاتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل السد يراعي مصالح الدول الثلاث ويحفظ حقوق مصر ومصالحها المائية.
أكد الخبراء: يمثل تهديدا للأمن والسلم الدوليين. وأن مصر لها الحق في الدفاع عن مصالحها بكل الوسائل. مشيرين إلي أن مصر سيكون لها رأي آخر بناء علي ما سيسفر عنه اجتماع مجلس الأمن اليوم.
أوضح د. مفيد شهاب. أستاذ القانون الدولي. أن سد النهضة الأثيوبي يهدد الأمن المائي لمصر والسودان كما يهدد الأمن والسلم في المنطقة والعالم أجمع.
أكد أن بدء أثيوبيا في عملية الملئ الثاني يعد بمثابة نكران لاتفاق المبادئ الموقع بين الخرطوم والقاهرة وأديس أبابا في 2015.. كما يعد تحديا صارخا ومخالفة واضحة للأعراف الدولية ومنها قانون الأعراف الدولية.
أضاف: أن مجلس الأمن هو الملاذ الاخير وكان لابد أن نلجأ إليه قبل التفكير في اتخاذ أي إجراءات للحفاظ علي حقوقنا كما انه الجهاز الرئيسي في الأمم المتحدة المسئول عند التدخل اثناء النزاعات الدولية التي تهدد الأمن بإجراءات وتدابير وتوصيات وقرارات اقتصادية وعسكرية أيضا.
أوضح أن محاولة أثيوبيا فرض سياسة الأمر الواقع بإعلان الملء الثاني. يعد أمرا مخالفا للشرعية ولا قيمة له ولا يترتب عليه أي أثر.. مشيدا بجهود المسئولين المصريين في الحفاظ علي الحقوق المائية المصرية.
أكد شهاب أن هناك سيناريوهات للتعامل مع الأزمة لن يتم الاعلان عنها إلا في وقتها مشيرا إلي أن مجلس الأمن من حقه اتخاذ تدابير عسكرية ضد الدولة التي تخالف الشرعية الدولية.
أكد السفير محمد حجازي "مساعد وزير الخارجية الأسبق" ان قضية سد النهضة لم تعد قضية تنموية ولكنها أصبحت بمثابة تعدي واضح علي القانون الدولي.. مطالبا المجتمع الدولي القيام بدوره لوقف هذا الاعتداء.
أشار إلي أن بدء عملية الملئ الثاني للسد رغم أنف الجميع يتيح لمصر الدفاع عن مصالحها بكل الوسائل والإجراءات المناسبة وهذا لا يعد اختراقا للقانون الدولي في هذه الحالة مستدلا بالمادة 15 من ميثاق الأمم المتحدة التي تتيح للدول الدفاع عن حقوقها لحين صدور قرار من مجلس الامن في ذات الشأن.
أوضح أن مصر سيكون لها قول آخر يتوقف علي ما يسفر عنه اجتماع مجلس الأمن اليوم.
أضاف أن النظام الأثيوبي لجأ إلي جذب الأنظار تجاه عملية ملئ السد بعيدا عن اخفاقاته المتتالية التي يعاني منها المجتمع الاثيوبي نتيجة هزيمة الجيش الاثيوبي في تيجراي وعدم القدرة علي إنهاء الممارسات العرقية وانتهاكات حقوق الانسان.
أكد النائب طارق رضوان رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب أن الموقف المصري من قضية سد النهضة كان واضحا منذ بداية الأزمة أمام العالم كله. مشيرا إلي أن الدبلوماسية المصرية اتخذت كل الطرق الممكنة والسلمية لحل القضية بإعطاء دور لاتحاد الإفريقي. والوساطة الامريكية ثم التصعيد لمجلس الأمن الدولي.
وقال "رضوان" إن مصر والسودان يأملان من مجلس الأمن الدولي الذي يعد أعلي مجلس أممي ينظر في جميع النزاعات الدولية التي تهدد السلم والأمن الدوليين وبالتالي يتوقع من الدول الخمس الأعضاء حفظ الأمن الدولي. مشيرا إلي أن مصر والسودان استعانتا بالاتحاد الافريقي ولكن أخفقت المحاولات في التوصل إلي حل. بسبب التعنت والهروب الدائمين من جانب إثيوبيا علي مدار عشر سنوات.
وأكد أن مصر ترغب في ضمانة حقيقية لجدية المفاوضات وهو ما تنتظره مصر من المجتمع الدولي لضمان نهاية سلمية بدلا من النزاعات التي لا تتحملها المنطقة. مشيرا إلي أن هناك دولا كثيرة لديها نزاعات علي الأنهار ولا يريد مجلس الأمن نقلها اليه لأنها تقدر بالمئات مشيرا إلي خطورة سد النهضة وتأثيراته السلبية علي دولتي المصب مصر والسودان خاصة ان خبراء المياه أكدوا ان سد النهضة قدرته علي تخزين مياه هائلة تصل لـ 74 مليار متر مكعب.
قال إن التعنت الإثيوبي يقود المنطقة لحالة من عدم الاستقرار فمثلما تفعل حكومة آبي أحمد في الداخل نفس الأمر في الإقليم وعلي المجتمع الدولي أن يقوم بدوره بعد وصول التعنت الاثيوبي لمداه. ويتخذ ما يجب من اجراءات للتوصل لاتفاق عادل ومتوازن عبر المفاوضات الاثيوبية موضحا أن مصر أثبتت للعالم كله حرصها التام في الحفاظ علي المسار التعاوني في حوض النيل الشرقي لمصالح شعوب مصر والسودان واثيوبيا كما أنها قدمت الكثير من الاقتراحات والبدائل لايجاد الحلول المباشرة لأزمة السد الاثيوبي.
أكد النائب طارق رضوان انه ثبت بمرور الوقت ان الجانب الاثيوبي يفتقد أي ارادة سياسية للوصول لحل ويتعامل بسوء نية ويسعي للسيطرة علي مياه النيل الازرق.
قال د. هاني سويلم. أستاذ الموارد المائية بجامعة آخن الألمانية. إن اثيوبيا قررت ملء سد النهضة بشكل أحادي. حيث قررت خصم 4.9 مليار متر مكعب من مياه نهار النيل في العام الماضي و13.5 مليار متر مكعب مياه هذا العام إلي أن تصل الي 49 مليار متر مكعب وبذلك تكون قد أتمت الملئ الأول.
وأضاف سوليم في العام الاول لم تستطع اثيوبيا خصم الكمية التي خططت لها لأسباب فنية خاصة بإنشاء السد وهذا العام لن تستطيع خصم الـ 13.5 متر مكعب وقد تستطيع خصم ما يتراوح من 4 إلي 5 مليارات متر مكعب.
وتابع أستاذ الموارد المائية بجامعة آخن الألمانية: "كل متر مكعب تقوم إثيوبيا بخصمه عند منطقة السد يعني خصم من المياه القادمة الي السد العالي. وبالتالي فإن مؤسسات الدولة المصرية يقظة إلي هذا الأمر وتراقبه عن كثب طيلة السنوات العشرة الماضية فقد انخرطت مصر بكل حسن نية وحرفية في مفاوضات سد النهضة.
أوضح أن اثيوبيا حتي الآن لم تولد أي كيلو وات كهرباء لكن الأمر سياسي وليس فنياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً وان قامت بتوليد الكهرباء فإنها ستولد الحد الأدني وقد يحدث هذا في نهاية العام وقد لا يحدث.
يقول د. عباس شراقي. استاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة إن المعلومات الدقيقة تؤكد ان منسوب بحيرة سد النهضة وصل يوم السبت الماضي إلي نفس مستوي العام الماضي. وبدأت اثيوبيا فعليا التخزين الثاني يوم الأحد الماضي حيث اختفت حواف البحيرة وفق صور الأقمار الصناعية. مشيرا إلي أن أديس أبابا قامت بتعلية الممر الاوسط إلي 573 مترا بعد أن كان ارتفاعه 565 مترا. وهو ما يسمح بسعة تخزينية جديدة تصل الي 3 مليارات متر مكعب لتضاف لكمية التخزين الأولي والبالغة 5 مليارات متر مكعب. ليصبح اجمالي المياه المخزنة في بحيرة السد هذا العام 8 مليارات متر مكعب.
وأوضح لـ "العربية. نت" أن فترة التخزين ستستمر حتي 20 يوليو الجاري كأمر واقع لحين حسم الأمر في مجلس الأمن. وبعدها ستمر مياه الفيضان من أعلي الممر الأوسط. لتصل إلي مصر والسودان بمعدل يصل إلي 600 مليون متر مكعب يوميا. وعندئذ لن يكون هناك أي دور أوأهمية للفتحتين المتواجدتين في البوابة الوسطي واللتين تمر منهما المياه لدولتي المصب: مصر والسودان.
وذكر أن إثيوبيا فشلت في تعلية الممر الأوسط إلي منسوب 595 مترا كما كانت تخطط من قبل. ولم تحدد في خطابها الاخير لوزارة الري المصرية مقدار التخزين الثاني بالتحديد. لكونها مازالت تواصل تعلية الممر. ولكن بسبب الفيضان لن تتمكن من تعليته أكثر من الوضع الحالي وهو 573 مترا.
وأفاد أن الملء الثاني أصبح أمرا واقعا. لكن لن يصل إلي أكثر من 4 مليارات متر مكعب ولذلك الأهم حاليا لدولتي المصب هو إجبار اثيوبيا علي عدم الملء مرة أخري دون اتفاق.
وكشف أن خسائر مصر من الملء الثاني. وإن كانت محدودة. ستكون أكبر في حالة إصرار إثيوبيا علي الملء والتخزين لمرات أخري دون اتفاق. أو تبادل معلومات فمثلا كمية المياه التي ستقوم اثيوبيا بتخزينها في الملء الثاني والمقررة من 3 إلي 4 مليارات متر مكعب تكفي لري مليون فدان وتوفر انتاجية من المحاصيل الزراعية والخضراوات والفاكهة تقدر بنحو 4 مليارات دولار. فضلا عن غموض الموقف الإثيوبي بشأن الملء من عدمه وكميات المياه المقرر تخزينها مع مصر مما أدي لعدم القدرة علي تحديد حجم ومساحات زراعتها من الارز كما انه في حال لجوء مصر لتعويض المياه المفقودة بسبب الملء الاثيوبي من رصيدها الاحتياطي في بحيرة السد العالي. فهذا سينقص من مخزون بحيرة السد الذي تحتاجه مصر في فترات الجفاف والجفاف الممتد.
وأضاف أن فترات الجفاف التي تخشي منها القاهرة ربما تكون علي الأبواب. وهو ما يفسر تمسكها بوجود اتفاق قانوني ملزم لتخزين وتشغيل السد الاثيوبي. فقد كانت آخر فترة جفاف مرت بها مصر في منتصف الثمانينيات مشيرا إلي انه بسبب التغيرات المناخية وتزايد الفيضانات في السنوات الاخيرة فالجفاف وارد ومتوقع بدرجة كبيرة وفي هذه الحالة ستلجأ مصر الي مخزونها الاستراتيجي من مياه السد العالي وهو ما يتطلب تنسيقا مع اثيوبيا والسودان لمواجهة تأثيرات الجفاف.
وقال إن علي إثيوبيا تخفيض سعة التخزين القصوي والمقررة بنحو 74 مليار متر مكعب إلي 30 مليار متر مكعب. خاصة أن سعة التخزين هذه في ظل عيوب السد الانشائية والفنية تمثل خطورة كبيرة تهدد أمن وحياة ملايين السودانيين الذين يعيشون علي ضفاف النيل الأزرق والنيل الرئيسي وقد يصل جزء من هذا الضرر الي منطقة جنوب مصر والسد العالي.
أوضح أن مجلس الامن عليه أن يصدر توصيات ملزمة بالدعوة باستمرار التفاوض بين الدول الثلاث وتعيين وسيط دولي لمتابعة ومراقبة المفاوضات واقرار جدول زمني للوصول لاتفاق وعدم اتخاذ أي إجراءات احادية تؤدي لتغيير مخزون السد.
3 سيناريوهات محتملة لتعامل مجلس الأمن مع أزمة سد النهضة!!
في أول اختبار له.. هل ينتصر مجلس الأمن لحقوق مصر والسودان التاريخية في مياه النيل؟!
اترك تعليق