وقف بملامحه الدقيقة وعيناه الحادتين وجسده النحيل ينظر بهدوء إلينا، دفعة جديدة بدورة التثقيف لم يكن الحزب الشيوعي معلنا لخلافات حادة في الرؤية مع التوجه الناصري رغم التقارب الظاهري بين الإتحاد السوفييتي وعبدالناصر ، فالاتجاهات القومية لم تكن على نفس الموجة من التواصل مع الشيوعية أو الماركسية، واتخذت لنفسها اسما مائعا وهو اليسار تقية من اي بطش لا يفرق بين الماركسيين والإخوان في تحجميهم وعدم تركهم يؤثرون على البروليتاريا/ العمال والفلاحين هذه الطبقة التي نالت من الإقطاع وأصحاب رأس المال ما نلها ، ولم تسلم من بطش الطبقة البرجوازية التي تعمل لصالح السلطات الرأسمالية ، ولكن يتخذ الحزب من بعض التجمعات القومية متنفسا للوجود ، وكان أعضاؤه ينتخبون من بين أعضاء منظمة الشباب من يرونه يستحق أن يكون رفيقا .
وقف محاضرنا يتفحص في وجوهنا و يقرأ فيها ما استطاع، كنا مجموعة من الفتيان والفتيات ننتمي إلى محافظات مختلفة ، ولسوء حظي أو من حسنه كنت انتمي إلى المحافظات الجنوبية ، وهي ليست أثيرة لدى التنظيم فهم يفضلون المحافظات الشمالية مثل المحلة والإسكندرية وغيرها لما فيها من تجمعات عمالية وهي أكثر قدرة على الحركة من الفلاحين الذين يصيبهم الخوف على الأرض والزرع بحذر فطري من تدمير محصول تحت الرعاية أشهر.
انتهى اللقاء الأول ألتفت الفتيان والفتيات حول الرفيق يتبادلون الحديث ، وبعد عدة لقاءات بدأ يلتفت إلى ويبتسم وتوجه إلى ووضع يده فوق كتفي وسرنا معا نتبادل الحديث ، وقبل أن نفترق قال لي احذر من فلان إنه ناصري وفي الغالب ما يكون هؤلاء مخبرين .....
......
انتهى الأمير من صلاة الظهر بمسجد الكلية ووقف يلقى عظة بعد الصلاة ، وبعد أن انتهى نظر إلى مرافقى الذي أخذني وانتحى بي جانبا من المسجد ، جلسنا ننتظر الأمير حتى ينتهي ممن تجمعوا حول من الطلاب الذكور ، كان طويلا يرتدي قميصا أبيض قصير إلى ما فوق الكعبين / جلابية ، ولحيته الكثة وعينيه المكتحلتين وشعره المنسدل من تحت الغطرة والذي يبدوا طويلا حتى يصل إلى ما بعد شحمة أذنيه تشي بالتزامه بالسنة فهذه من صفات الرسول صلى الله عليه وسلم كما في الحديث.
توجه إلينا ورائحة المسك تفوح منه وجلس وقد نظر إلى ، وبدء يسألني عن بلدي وبعض الأشخاص الذين يعرفهم ، والذين كنت أعرف بعضهم وبعد حديث قصير تركنا بعد أن اوصاني بأهمية الصلاة في مسجد الكلية طالما مادمت فيها ، وأن أكون دوما في مصاحبة الإخوة.
مرت الأيام وكنت أحافظ على الصلاة بالمسجد ، وخصوصا بالصف الأول خلف الأمير ولكني وجدت تباعدا منه وتحاشي الحديث معي وذلك لعدة أيام ، حتى حضر صديقي الذي كان برفقتي أول مرة ، وشكوت له هذا الجفاء ، ثم اختفى وبعد أيام رأيته والأمير يتجهون إلى وعلي شفاههم إبتسامة ووضع الأمير يده على كتفي قائلا سامحني يا أخي فقد سألت فلان عنك الذي قلت أنه جارك ولكنه قال لا أعرفه ، لكن عندما جاء صاحبك ذهبنا نستوثق من الخبر من نفس الشخص وبعد وصفك له تذكرك ، وقال نعم إنه من جيراني ، فقلت مندهشا ولماذا كل هذا ؟ فرد صاحبي معذرة فقد ظننا أنك مخبر ....
................ يتبع
اترك تعليق