طالب علماء الدين من المسلمين التأكد والتثبت من الأحاديث النبوية الشريفة التي تتناقلها وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة وتتداول علي ألسنتهم في مختلف المواقف وهي منسوبة إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم زورا وبهتانا علي اعتقاد من أصحابها أنها صحيحة ولكن معظمها للأسف مغلوط أو ضعيف.. مؤكدين أن التقول علي نبي الرحمة يعد من الكبائر كما أن انتشار هذه الأحاديث قد يكون خطة خبيثة من أعداء الدين الهدف منها تشويه صورته عليه الصلاة والسلام وتشكيك المسلمين في دينهم الحنيف.. السؤال هنا كيف نواجه مثل هذه الأباطيل ونحد من انتشارها علي السوشيال ميديا ونبصر المسلمين بمباديء السنة الشريفة الحقيقية؟
يقول د. أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف إن الذي ينسب إلي الرسول قولا لم يقله أو يرد قولا قاله بمعني أن يكذب الصحيح أو يصحح المكذوب أو يكذب حديثا صحيحا كلاهما كذب علي رسول الله له عذاب شديد لأنه من كبائر الذنوب التي ورد بشأنها حد من الحدود أو وعيد شديد.
أضاف د. هاشم أن السنة النبوية شارحة للقرآن لذلك لا يمكن فهم الأحكام الشرعية إلا من خلالها بما تشمله من أقوال وأفعال للرسول الكريم صلي الله عليه وسلم وعلماء الإسلام منذ بداية الدعوة وهم يقومون بالبحث والتدقيق لاستخلاص هذه الأحكام من السنة النبوية.. كما أن علوم الحديث تهتم بدراسة مصطلح الحديث والتعرف علي الصحيح والحسن والموضوع والمكذوب منه ليتم تنقيتها ووصفها وصفا دقيقا وهناك كتب خاصة بالصحيح منها فقط مثل صحيح البخاري الذي يعد أول وأصح كتاب بعد القرآن الكريم وأيضا صحيح مسلم وموطأ الإمام مالك .. وهناك كتب جمعت مع الصحيح الحسن والضعيف مثل كتب السنن ومسند الإمام أحمد الذي قام بتدوين الأحاديث الضعيفة في كتاب واحد خشية أن يثبت صحة أحدها فيكون قد رد حديثا عن الرسول.
وعن أسباب ضعف الحديث يقول د. هاشم إن ذلك يعود إلي راوي الحديث الذي يكون غير ثقة لذلك أدعو القائمين علي مواقع التواصل الاجتماعي أن يتحروا ويحذروا ألا يتجرأوا علي حديث بالتكذيب دون أن يثبتوا أنه مكذوب حتي لا يقعوا في خطأ تكذيب حديث قاله الرسول أو العكس فالعلماء وضعوا شروطا حاسمة للعمل بالأحاديث الضعيفة.. ونحذر أبناء الأمة الإسلامية من أمثال هؤلاء الذين يرتكبون هذا الإثم العظيم وينشرون الأخبار المكذوبة علي أنها صحيحة ونهيب بأصحاب المواقع وجميع وسائل الاتصال ألا يتخذوا من الدين ستارا لهؤلاء الناس فالسنة حفظها الله.. يقول تعالي "وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا".
سلاح ذو حدين
أكد د.حمدي طه الأستاذ بجامعة الأزهر أن وسائل التواصل الاجتماعي اليوم أصبحت سلاحا ذا حدين فهي نافعة في تواصل الناس ببعضها وفي ذات الوقت تضر ضررا شديدا في نشر الأخبار الكاذبة والقضايا الملفقة وخاصة بالنسبة للأديان .. فالذي يكتب عليها إما غير متخصص في علوم الأديان أو له فكر منحرف يقصد به تشويه صورتها فكثيرا نجد عليها من لم يقرأ من القرآن حرفا ثم يأتي بحكاية ويقول "قال الله" ومنهم من يأتي بأحاديث مدسوسة علي رسول الله بغرض أو بغير غرض ويكذب عليه كذبا بينا وتناسي وقد لا يعرف أن النبي صلي الله عليه وسلم قال : "من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" وهناك منظمات وهيئات تريد النيل من الإسلام ورسول الإسلام ونحن نعلم أن معظم جمهور هذه الوسائل قد لا يكون عنده من الثقافة ما يميز به بين الخبيث والطيب فيأتون بأقوال المشاهير أو بعض الأمثال المشهورة ويقولون "قال رسول الله" وهذا يؤدي إلي فوضي ثقافية.
يقترح د.طه أن تكون هناك لجنة لمتابعة مثل هذه التروهات والرد عليها حتي لا يقع في ذهن القارئ أن هذه الأشياء من المسلمات ويجب علي الكاتب أن يتقي الله ربه فلا يقول إلا ما يعلمه الحقيقة ولا يتقول علي رسول الله وصحابته.
إثم كبير
يقول د. دياب فتحي دياب من علماء الأزهر الشريف وخبير التنمية البشرية إن الكذب علي النبي - صلي الله عليه وسلم - منكر عظيم . وإثم كبير وذلك لقوله صلي الله عليه وسلم "إن كذبا عليّ ليس ككذب علي أحد من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار".
ولقد توعَّد رسول اللهُ -صلي الله عليه وسلم - من يكذبُ عليه متعمدًا بأشد أنواع العذاب. وتواترت الأحاديث في بيان قبح جريمة الكذب علي رسول الله -صلي الله عليه وسلم - وقد انتشرت الأحاديث المكذوبة علي الرسول في الانترنت وخاصة في المنتديات والفيس بوك والواتساب ونحن نحذر من نقل هذه الأحاديث الموضوعة والمكذوبة عليه صلي الله عليه وسلم وليحذر مروجوها أن يندرجوا تحت الوعيد الشديد.
لذا نرجو نقل أحاديث رسول الله - صلي الله عليه وسلم - من الكتب الصحيحة . والمواقع المعتمدة التي يشرف عليها العلماء الثقات لأن الوضع للحديث بأنواعه حرام بإجماع المسلمين وللأسف اغتر قوم من الجهال فوضعوا أحاديث في الترغيب والترهيب وقالوا نحن لم نكذب عليه بل فعلنا ذلك لتأييد شريعته وما دروا أن تقويله - صلي الله عليه وسلم - ما لم يقله يقتضي الكذب علي الله تعالي لأنه إثبات حكم من الأحكام الشرعية سواء كان في الإيجاب أو الندب وكذا مقابلهما وهو الحرام والمكروه .. لقد سئمنا في الأيام الأخيرة من الرسائل الإلكترونية المكررة من المدعو بالشيخ أحمد خادم مسجد رسول الله يأمرنا بنشر رؤيا له ويتوعد من لم يكتبها ويوزعها علي عشرين بالأذي والعقاب ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.. لذلك نحذر من عقوبة وخطورة نقل الأحاديث الموضوعة والمكذوبة علي رسول الله -صلي الله عليه وسلم - وندعو إلي الحرص علي معرفة الأحاديث الصحيحة ونشرها ومعرفة المكذوبة والتحذير منها والتنبيه عليها.
اترك تعليق