غادة طنطاوى
عُرِفَت نظرية المؤامرة على أنها أجندة منظمة لبعض المجموعات السرية القوية، والتي غالبًا ما يكون لديها دوافع مسيئة بشكلٍ أو بآخر، و مع ذلك يميل الكثيرون إلى إرجاع العديد من الظواهر إليها..!! السؤال الذي يراودني دومًا.. لماذا يميل الأشخاص إلى تبني نظرية المؤامرة، التشكيك بالأحداث و تجاهل الحقائق..؟؟
في دراسة أجرتها (جامعة كينت الأمريكية) أقر بعض العلماء أن الإنسان يميل إلى الإيمان بنظرية المؤامرة لأنها تقوم بحماية معتقداته الراسخة عن الحياة من النقض، تسكت تساؤلاته المستمرة حول المعلومات المتعارضة و تخلق لديه منحى آخر لتفسير الأمور العشوائية. و عادةً ما نلجأ إليها عندما نصل إلى أقصى درجات الشك و التوتر و تستيقظ لدينا حاجتنا الماسة إلى إيجاد خاتمة تليق بحدثٍ لم يقوى العقل البشري على تحمله..!!
وللوهلة الأولى، قد يظن البعض بأني أتحدث عن الإحتباس الحراري، منظمة الماسونية أو حتى جائحة كورونا..!! لا تدع العنوان يخدعك..!! في واقع الأمر أنا أتحدث عن أكبر نظرية مؤامرة عرفها البشر على مر العصور، حتى أصبحت تعويذة عجز الجميع عن فك رموزها..!! إنه الحب يا سادة.. يأتيك فجأة.. دون سابق إنذار، ليقلب كيانك رأسًا على عقب.. تَخْتَّل موازين الطبيعة لديك و تفقد قدرتك على رؤية الأمور بوضوح، ليس ذلك فحسب..!! بل إنك تسعى جاهدًا لإلقاء اللوم على الصدفة و الظروف التي جمعتك بمن تحب، و تبدأ في حروب لا نهاية لها بين عقلك الواعي و جميع معتقداتك العتيقة الراسخة في اللاوعي.
يتآمر عليك قلبك، يُجَنِّد مشاعرك لتصبح الحلقة الأضعف في دوامة الزمن. تتسامى كل الثوابت لديك و تصبح هباءً منثورا لتسقط في غيابة الحب، تدخل في حالة إسقاطٍ نجمي و تنفصل عن واقعك، لترى انعكاسًا لشخصٍ آخر بقناعاتٍ جديدة، في الغالب مبهمة و غير مفهومة.. شخص يشبهك في الشكل فقط لكنه خُلِق في عالمٍ موازٍ لعالمك، افتراضي ليس له وجود سوى في خيالك. تراه في الأثير في حين أن جسدك الحقيقي مازال موجود في العالم المادي.
و عندما تنكسر هالة الطاقة لديك و تصل الأمور إلى نصابها تحل الكارثة..!! تتوقف عن النظر إلى ساعة اللقاء..!! يصبح الليل و النهار سواء..!! يتحول صخب المشاعر لديك إلى حالة من الصمت المدوي، لا تسمع فيها سوى أنين قلبك الجريح..!! و تغدو كل الأمنيات عارية كأشجار الخريف، و ما تبقى من قوة لديك ماهي إلا أوراق صفراء عصفت بها رياح الأزمات.
و عندما تنتحب الأحاسيس يتوقف قلبك عن اختلاق الأعذار و يمتنع عقلك عن الإجابة عن الأسئلة البديهية، كيف..؟؟ متى؟؟ و لماذا..؟؟ تعلم يقينًا حينها بأن من أحببته قد مات..!! رحل بنصفك و ترك نصفه الآخر ينبض بداخلك.
أليست هذه أكبر نظرية مؤامرة في التاريخ..؟؟
اترك تعليق