صدر حديثاً للدكتور خالد غانم، مدير عام البحوث بالأوقاف، مدرس الأديان والفلسفة ورئيس قسم الدعوة والتربية الدينية ومستشار رئيس جامعة نور مبارك بكازاخستان لشئون علوم الدين، كتاب (نبذة كتاب الفاربي تراثه وفلسفته)، باكورة أعماله الفلسفية نحو إحصاءٍ للتراث المعرفي لفيلسوف من أعظم الفلاسفة الذين أثْروا الإنسانية بعطاءاتهم الثقافية والمعرفية، وأطروحاتهم العلمية.
وإطلالة لتراث الفيلسوف الفارابي وفلسفته، الذي أحدث نقلة نوعية في تاريخ المعارف الإنسانية، وأصبح تراثه مثالًا يستنير به الراشدون إلى ما فيه النفع والخير للإنسانية، ولا يزال أثر الفارابي واضحًا في التراث الفلسفي، وفي دنيا الناس.
وإشارة إلى أن تاريخ الإنسانية حافل بالتراث الذي أحدث نقلة نوعية في تاريخ الحضارات، حيث لم يخل عصر من فلاسفة وعلماء قدموا للإنسانية أزهى المعارف المُحرِّكة للعقول نحو خدمة الإنسان والمجتمع، سيَّما علماء بلاد ما وراء النهر، الذين أثروا التاريخ الإنساني والإسلامي بتراثهم المسطور، وإبداعهم المشهود.
تناول د. غانم، فى الفصل الأول: حياة الإمام الفارابي، وفيه تحدث عن ابرز الجوانب في حياة الفارابي ـ و مكانة الفارابي العلمية).
اما الفصل الثاني: فتحدث عن التراث الفلسفي والثقافي للفارابي. وفى الفصل الثالث: فلسفة الفارابي وفيه تحدث عن مؤلفات الفاربي ـ وفلسفة الفارابي). وفى الفصل الرابع: أثر الفارابي في كازاخستان ومصر ، وفيه الحديث عن أثر الفاربي في كازاخستان ومصر.
وكانت الخاتمة التي فيها الحديث عن أوليات الفارابي والأشياء التي ابتكرها واختعها مثل آلة العود والحديث عن الجازبية الارضية ونظرية الفيض والمنطق.
وقال د. غانم: إن تاريخ الإنسانية حافل بالتراث الذي أحدث نقلة نوعية في تاريخ الحضارات، ولم تخل أرض من فلاسفة وعلماء قدموا للإنسانية أزهى المعارف التي حركت العقول نحو خدمة الإنسان والمجتمع، سيما علماء ما وراء النهر الذين أثروا التاريخ الإنساني والإسلامي بتراثهم المسطور، وإبداعهم المشهود.
ومن المتعارف عليه تاريخيًّا وواقعيًّا أن بلاد تركستان وما جاورها من مناطق سيبيريا والقوقاز بلاد إسلامية، وتعرف ببلاد ما وراء النهر، وقد مَنَّ الله عليها بالإسلام في خلافة سيدنا عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ بقيادة الأحنف بن قيس عام (30هـ)، وظلت كذلك محتفظة بإسلامها معتزة به حتى اندلاع الثورة البلشفية في روسيا عام (1336هـ = 1917م) التي غزت تركستان، وفي مرحلة تالية أنجبت أساطين العلماء في مجالات العلوم والمعارف المتنوعة، مثل: الحديث والفقه واللغة والأدب والشعر والفلسفة والطب والرياضيات والفلك، وغيرها.
وفي علم الجغرافيا التاريخية: انقسمت تركستان، فصارت تركستان الغربية والتي تضم: أوزبكستان وطاجكستان وكازاخستان وتركمنستان وقرغيزستان، في حين ضمت تركستان الشرقية كلا من كاشغر وياركند والإيغور وأورومجي وخوتان وغيرها من المناطق والأقاليم.
ومما يتوجب ذِكْره ـ ويثلج صدري في الوقت نفسه ـ أن البذرة الأولى لهذا العمل كانت اثنتي عشرة ورقة، تقدمت بها من خلال بحث شاركت به في المؤتمر العالمي المنعقد بالجامعة الوطنية الكازاخية الفارابي (كازنو ) بجمهورية كازاخستان، إبَّان عملي مدرسًا بالجامعة المصرية للثقافة الإسلامية ( نور مبارك ) بكازاخستان، وبحث آخر منشور بالمكتبة الوطنية الكازاخية بكازاخستان يسمى " علماء ما وراء النهر الرحالة بين كازاخستان ومصر".
أضاف: والحقيقة أن هذه الفكرة تحولت إلى كتاب بعد أن أصبحت بغيتي هي التنقيب عن التراث العلمي والفلسفي للمعلم الثاني والفيسلوف الكبير الفارابي، من خلال حصر لأهم أعماله التي أثرت الحياة الثقافية.
ومن خلال ذلك كانت الفكرة في التنقيب عن تراث فلسفي ومعرفي يتعلق بفيلسوف من فلاسفة بلاد ما وراء النهر، وهو الإمام الفارابي، الذي ينتمي كما تقول أشهر الرويات إلى كازاخستان، وذلك من خلال هذه ورقات هذا الكتاب الموسوم بـ " الفارابي ـ تراثه وفلسفته".
ومن المعلوم أن البحث لا يتحمله الجهد في أن يحصى كل ما يتعلق بالتراث الفلسفي والمعرفي الخاص بالفيلسوف الفارابي ـ في مؤلَّف واحد ـ ولذلك أحببت أن أقيده بفكرة مختصرة عن الإمام الفارابي، وأهم المؤلفات التي كتبها في أثناء حله وترحاله، وبخاصة في مصر، للتأكيد على العلاقة الثقافية والتراثية بين كازاخستان ومصر من خلال مؤلفات الفارابي.
وحتى لا يكون البحث طويلًا فقد عالجت القضايا التي تناولتها مختصرة عن تراث الإمام الفارابي وفلسفته، وخصصتُ الحديث بشكل مبسط عن أثر الفارابي في كازاخستان ومصر.
حمل الكتاب أيضا تقديما بقلم سفير كازاخستان بالقاهرة، أرمان إيسغالييف، كتب فيه: يحتفل العالم بالذكرى الـ 1150 لميلاد الفيلسوف الكبير والعالم الموسوعي ومبتكر فن الموسيقى أبو نصر الفارابي، حيث وُلد المفكر العظيم عام 870 ميلادية بمدينة فاراب، التي تسمى حاليًا (أوترار) بجمهورية كازاخستان.
وعلى الرغم من سنوات طويلة مرت ـ لأكثر من ألف عام ـ إلا أن أفكار الفارابي وفلسفته لا تزال محل تقدير، وإنارة لطريق العلماء، كما لا تزال العديد من أعمال الفارابي تحتل مكانة متميزة في العالم، والتأصيل للكثير من المعارف والعلوم، ومن بين هذه الأعمال: "آراء أهل المدينة الفاضلة"، وكتاب " تحصيل السعادة"، وكتاب "الموسيقى الكبير"، وغيرها من الكتب القيمة للفارابي.
أكد السفير أن الاهتمام المتبادل بين الشعبين الكازاخي والمصري يعتمد فى الأساس على التاريخ والثقافة والقيم الروحية المشتركة، ومن المعروف أن العديد من العلماء والشعراء البارزين قديمًا جاءوا من آسيا الوسطى، وتحدثوا العربية، وكتبوا بها أعظم إبداعاتهم، وكان من أبرزهم أبو نصر الفارابي.
وفى هذه الآونة يكتسب التراث الإبداعي للفارابي وأفكاره العلمية أهمية خاصة من أجل مواصلة مشوار الحفاظ على التراث والتاريخ والرموز التي تقدم خدمات جليلة للبشرية، ولهذا تواصل كازاخستان اهتمامها بتراث علمائها والفلاسفة والمفكرين الكازاخ، ومن ثم كان اهتمام الرئيس قاسم جومارت توقاييف بالفيلسوف العظيم الفارابي، والمفكر والأديب آباي قونانباي وتحديد هذا العام كخطوة لجمع هذا التراث ونشره عالميًّا.
وتحوي السجلات المصرية عددًا كبيرًا من أعمال الفارابي، ولقد اطلع الباحثون الكازاخ على أعمال العلماء المشهورين الذين قاموا على مدى قرون بشرح أطروحات الفيلسوف العظيم الفارابي، وفى الوقت الحالي تستعد جامعة الفارابي الوطنية الكازاخية لإطلاق موسوعة التراث العلمي للفارابي بالتعاون مع علماء مصريين.
وقدم العلماء المتخصصون فى السيرة الذاتية والفلسفية والتاريخية للفارابي، وفلاسفة جامعة القاهرة تقارير عن تراث المفكر العظيم، وأهمية أفكاره في التربية الروحية والأخلاقية للأجيال اللاحقة، كما تم التوصل إلى اتفاق لافتتاح فرع لجامعة الفارابي في مصر في المستقبل القريب.
وفي هذا المقام يسعدني أن أخط هذه السطور لتقديم هذا الكتاب القيِّم الموسوم بـ " الفارابي ـ تراثه وفلسفته " والذي يُعدُّ باكورة علمية جديدة، تحوي تراث الفارابي، وتلقي نظرة دقيقة عن فلسفته، وهو يعتبر الكتاب الأول الذي يثبت بما لا يدع مجالًا للشك الموطن الأصلي للفارابي، وحصْر تراثه ومؤلفات في مؤلف واحد، كما يؤكد رحلات الفارابي التي وصلت إلى مصر، وبالتأكيد هذا الكتاب يُعد لبنة مهمة الذي أرجو أن يُدْرَجضمن موسوعة التراث العلمي للفارابي، التي تطلقها جامعة الفارابي الكازاخية.
والكتاب قام بتأليفه الدكتورخالد السيد غانم عالم الأديان المصري المعروف، والذي له باع كبير في المحافظة على التراث الفلسفي والثقافي لعلماء كازاخستان على الخصوص، وله الكثير من البحوث والدراسات الفلسفية والاجتماعية والدينية، والمنشورة في كازاخستان بجامعة الفارابي، والمكتبة الوطنية الكازاخية، وجامعة الفلسفة، ومعهد الاستشراق، والجامعة الأمريكية الكازاخية، ومركز بحوث مواجهة التطرف بكازاخستان.
ومن دواعي سروري أن أسجل هذه الكلمات في هذا الكتاب، وبخاصة بعد قرار سيادة الرئيس قاسم جومارت توقاييف رئيس جمهورية كازاخستان، بتكريم الدكتور خالد السيد غانم ومنحه وسام الصداقة، وهو أكبر وسام يمنح للأجانب، وذلك تقديرًا لجهوده العلمية في العناية بالتراث العلمي والفلسفي لعلماء كازاخستان، وبخاصة آباي قونانباي؛ فحريٌّ بنا أن نفخر بهذا المؤلَّف، ونشكر كاتبه، ونعتز به.
كما حمل الكتاب مقدمة أخرى بقلم د. اختيار بلتوري، عميد كلية الدراسات الشرقية بالجامعة، قال فيها: على أرض كازاخستان أصبحت قصة حياة فيلسوف ولد قبل 1150 سنة مثار اهتمام وتقدير، حيث كانت قصة الفيسلوف العظيم الفارابي مصدر إلهام للوطنيين الكازاخستانيين في القرن الواحد والعشرين. واليوم، يبجّل الشباب الكازاخي والمجتمع الكازاخي كله سلفهم العظيم، وبداية خطوة جديدة نحاول ـ من خلالها ـ إعادة نشر تراث علماء كازاخستان لا سيما الفارابي
أضاف: وعندما أصبحت كازاخستان مستقلة في عام 1991 ، أعيدت تسمية جامعتها الرائدة (الجامعة الوطنية الكازاخستانية) إلى اسم جامعة الفارابي تكريمًا للفيلسوف العظيم أبو نصر الفارابي، وتفتخر جامعة كازاخستان الوطنية بتسميتها باسم المفكر العظيم أبو النصر الفارابي.
كما أنه قد افتتح في الجامعة عام 1993 مركز أبحاث الفارابي، الذي تغيّر عام 2013 إلى “الفارابي والوقت المعاصر” ليستقبل طلاب كليات العلوم الطبيعية للخضوع لدوراتٍ نوعية، لأنّ الفارابي كان موسوعيًّا يهتم بالفلسفة والرياضيات، بالفيزياء والكيمياء، وبالفلك والجيولوجيا”.
إن الفاربي هو فيسلوف جمع الكثير من العلوم والمعارف في كتبه ومؤلفاته التي عالجت الكثير من القضايا، وبحث في أعماق المجتمع ليقدم وصفًا مباشرًا ودقيقًا للمدينة الفاضلة، ولكنها ليست على غرار مدينة أفلاطون؛ حيث إن الفارابي كانت كتاباته تجمع بين الفكر اليوناني والفكر الديني.
من هذا المنطلق يسعدني أن أسطر هذه الورقة كتقديم لكتاب قيم وأصيل والموسوم بعنوان " الفارابي ـ تراثه وفلسفته " ، والذي أراه بحثًا جمع الكثير من المعارف حول الفيلسوف الفارابي والمعلم الثاني.
والجدير بالذكر أنه على الرغم من أن الكتابات حول الفارابي قد اختلفت ف ي موطن ولادة الفارابي، وجانبت الصواب في ذكر الموطن الأصلي لموطن ولادته، غير أن الأستاذ الدكتور. خالد السيد غانم مؤلف الكتاب استطاع أن يثبت دون شك أن الفارابي ولد في فاراب والتي تسمى أوترار الآن بجمهورية كازاخستان.
ومما يسعدني أن أذكره هنا أني قد ناقشت مع صديقي المحترم الدكتور خالد السيد غانم قبل عامين تقريبًا فكرة إنشاء مركز للفارابي بمصر ، وتطرق الحديث لإنشاء فرع لجامعة الفارابي في مصر، ونظرًا لأن العلاقات بين مصر وكازاخستان وطيدة وقوية فقد تم بالفعل إنشاء مركز الفارابي للدراسات بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة.
ومما يثلج صدري أنني قد التقيت مع الدكتور خالد السيد غانم في لقاءات علمية متكررة أثناء عمله بجامعة نور مبارك، وفي أعمال علمية بالمشاركة مثل كتاب مختارات من الشعر، ومؤخرًا المشروع الوطني لإحياء تراث الشاعر والحكيم آباي قونانباي.
والكاتب لديه رؤية فكرية ومستقبلية لكثير من مناحي الحياة، وقد جالسته فرأيته ذا علم وفقه، وحريصًا على تعليم طلابه، ومحبتهم له، والله أسأل أن يجعلنا دومًا في طريق الخير والرشاد.
اترك تعليق