هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

خبراء رابطة الجامعات الإسلامية: مواجهة الانحرافات الفكرية بـ"مدوَّنة" سلوك أخلاقية وقيمية إنسانية.. بالصور

أكد خبراء الجامعات الإسلامية أن أُمَّتنا الإسلامية هى أُمَّة الأخلاق والقيم، خاصة وأن الرسالة المحمدية بُنيت على قاعدة "إنما بُعثتُ لأُتمِّم مكارم الأخلاق"، مطالبين الجامعات عامة، والإسلامية خاصة، بإنشاء مدوّنة سلوك حقيقية أخلاقية وقيمية وإنسانية فى كل المراحل التعليمية عامة والجامعية خاصة، لتخريج أجيال مُعدَّة ومؤهّلَة أخلاقيا لبثِّ قيم التسامح والتراحم فيما بين البشر جميعا، بغض النظر عن الاختلافات العَقَديّة واللغوية والجنسية.


جاء ذلك فى المؤتمر الدولى الأول الذى عقدته رابطة الجامعات الإسلامية "افتراضيا بتطبيق نظام webex" طوال يوم الأحد 13 سبتمبر، تحت عنوان "دور الجامعات فى خدمة المجتمع وترسيخ القيم" بمقر جامعة الإسكندرية، بتعاون ودعم وزارة الأوقاف، ومعهد الاعتدال بجامعة الملك عبدالعزيز بالسعودية، ومشاركة أكثر من 50 أستاذا ومتخصصا بالجامعات والمعاهد الإسلامية المختلفة حول العالم، من خلال 3 جلسات افتتاحية وعلمية، بإدارة متميّزة للمنسق العام د. أحمد على سليمان- عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية- الذى أكد أن الجامعات موائل العلم والتعليم والبحث العلمي وخدمة المجتمع، وبناء الشخصية الوطنية، وبواتق تشييد الوعي الرشيد، والقيم الحضارية والأخلاقية في المجتمعات، وهي أيضا قاطرة التقدم والبناء والعمران والتنمية الشاملة، واللجنة التنظيمية المكوّنة من: د. علاء الدين رمضان- نائب رئيس جامعة الإسكندرية، المقرر العام- د. فتحى أبو عيانة- أستاذ الجغرافيا بجامعة الإسكندرية، أمينا عاما- د. نبيل السمالوطى- مقرر لجنة المؤتمرات بالرابطة- د. رانيا الشرقاوى- بجامعة الإسكندرية، منسق لوجستى- د. رحاب السيد مرسى، د. مجدى عبدالعظيم، عاطف مصطفى، سعد صابر، وليد شتا، محمد القُرَشى، مروة سلامة، نُهى الفخرانى.

وشهدت الجلسة الافتتاحية عدة تكريمات للعلماء الأفاضل: د. مختار جمعة- وزير الأوقاف، وتسلمها نيابة عنه د. هشام عبدالعزيز، أمين عام المجلس الأعلى للشئون الإسلامية- د. عبدالكريم العيسى، د. عصام الكردى- رئيس جامعة الإسكندرية، والذى سيتولى خلال ساعات رئاسة جامعة العلمين الأهلية الجديدة- وكذا تكريم د. أسامة العبد، د. المحرصاوى، د. إسحق عبدالعال، د. نبيل السمالوطى وغيرهم.

ثقافة التميز

أوصى المشاركون بـ: نشر ثقافة التميز الدولي ومتطلبات التصنيفات الدولية للجامعات، بما يسهم في ارتقاء جامعاتنا وتقدمها. تعزيز دور الجامعات في خدمة الأوطان في شتى المجالات (الثقافية، والاقتصادية، والصحية، والاجتماعية)، بما يسهم في تقدم البلاد وازدهارها.            إعادة ترتيب الجامعات لسلم أولوياتها بما يسهم في التنبؤ بالأزمات والتعاطي السريع والإيجابي معها. تطوير استراتيجيات التعليم والتعلم؛ لتُصبح قائمة على تنمية الفكر النقدى المنطقى لا على أساس الحفظ والتلقين. تنقية المقررات الجامعية من الأفكار السلبية، وعقد ورش تدريبية للطلاب؛ لتدريبهم على مهارات التفكير الناقد والتربية الإعلامية  فى الكليات والجامعات. وعقد دورات تطوير مهنى لشباب هيئة التدريس ومعاونيهم، والإداريين. وإسهام الجامعات فى نشر الوعي الرشيد والفكر الوسطى المعتدل ومواجهة أشكال التطرف الفكري والقولي والفعلي، ومواجهة الفتن والشائعات. إصدار ميثاق أخلاقى للجامعات الإسلامية، بما يتناسب مع القيم الإسلامية والإنسانية والتقاليد والأعراف الجامعية الأصيلة. إنشاء مدونة سلوكية لكل طالب جامعي، تقيس التزامه القيمي والسلوكي، جنبا إلى جنب مع قياس تحصيله العلمي. توظيف البرامج والمناهج والأنشطة الجامعية؛ لدعم القيم الإنسانية العليا وترسيخها في المجتمعات. ترسيخ قيم المواطنة لدى شباب الجامعات، من خلال البرامج التعليمية والمقررات الدراسية والأنشطة. الرسالات السماوية والحضارات الإنسانية المتقدمة تحمل قيما إنسانية مشتركة، يجب استثمارها لصالح الأوطان والإنسانية.

بداية الحل

كان د. محمد مختار جمعة- وزير الأوقاف، رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية- قد قال فى الجلسة الافتتاحية، عبر الإنترنت: مما لاشك فيه أن الاعتراف بالأزمة أول طرق حلها، والسؤال الذي يطرح نفسه: هل نحن أمة الأخلاق حقًّا تنظيرًا وتطبيقًا؟ وهل نحن على الطريق الصحيح في ذلك؟ وهل نحن على مستوى موروثنا الحضاري وخلفياتنا الثقافية؟ أو أن مجتمعاتنا تتعرض لموجات حادة تعمل على زلزلة القيم المتأصلة في أعماق مجتمعاتنا؟

أما من جهة التنظير فربما لا يماري أحد أننا أمة الأخلاق والقيم، وأن رسالة نبينا مبنية على مكارم الأخلاق ، حيث يقول نبينا: "إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاقِ"، ولما سئل: ما أكثر ما يدخل الجنة؟ قال: "أَكْثَر مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ تَقْوَى الله وَحُسْنُ الْخُلُقِ".

وقد عُرف العربي حتى في جاهليتـه: بالنبل، الشهـامة، النخـوة، المروءة، الكرم، الوفاء، والحَمِيَّة للأرض والعِرض.

وجاء الإسلام فأكد على هذه القيم النبيلة وعمل على ترسيخها وتزكيتها وتوجيهها اتجاهًا أكثر صفاءً ونقاءً، فخلَّص صفات الكرم والنخوة والمروءة مما علق بها من المفاخرة والمباهاة وإظهار البطولة إلى الإيثار وإحقاق الحق ابتغاء وجه الله وصالح الإنسان.

لكننـا للأسف الشديد نلحـظ في جانب التطبيق شيئًا من الانحـراف عن مستوى السـلوك القويم، حيث نرى بعض السلوكيات الغريبـة على قيمنـا ومجتمعاتنـا وحضارتنـا وثقافتنا الرصينة ، مما يجعلنا في حاجة ماسة إلى أن نعود وبقوة وسرعة إلى ديننا وأخلاقنا وقيمنا ، في صحوة ضمير محفوفة ومحفوظة بالإيمان بالله، والخوف منه، وحسن مراقبته سبحانه وتعالى في السر والعلن.

وأكد د. مختار جمعة، على أمرين: الأول: أن الأمم التي لا تقوم على الأخلاق والقيم النبيلة تحمل عوامل سقوطها في أصل بنيانها وأساس قيامها, والناس جميعًا بفطرتهم السوية لا يملكون سوى احترام صاحب الخلق الحسن سواء أكان شخصًا أو أمة.

الآخر: أن الجامعات يمكن أن تسهم إسهامًا كبيرًا في تقويم السلوك واستعادة قيمنا وأخلاقنا الجميلة, سواء في مناهجها, أم فيما تنتجه من بحوث, أم فيما يشكله أساتذتها من قدوة.

ودعا د. مختار جمعة إلى إنشاء مدونة سلوك حقيقية وجادة لكل طالب جامعي بل لكل طالب في كل مرحلة, فكما نقيس مستواه العلمي يكون هناك قياس آخر لسلوكه ومدى حرصه على القيم والأخلاق النبيلة من: الصدق, الإيثار, التعاون, الإيجابية, قبول الآخر, الإيمان بالتنوع, الحرص على النظافة بمفهومها الشامل إنسانًا ومكانًا, احترام النظام العام, إلى غير ذلك مما يجب أن يتحلى به كل إنسان نبيل من القيم ومكارم الأخلاق.

تحوّلات متعدّدة

وأشار د. محمد عبدالكريم العيسى- الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس رابطة الجامعات الإسلامية- إلى أن محاور هذا المؤتمر هي من هذا النوع الذي لقي منذ وقت تحديات كثيرة بل ولقي تحولات متعددة حيث لابد للمجتمع من إسناد بحجم همة وقدرة هذه الرابطة بما تمتلكه من كفاءة عالية وما تستشعره من إحساس بالمسؤولية.

وأكد د. العيسى أن مجتمعاتنا الإسلامية أحوج ما تكون إلى تعزيز منظومة القيم لديها لتحفظ هويتها الموحدة حيث سمت الإسلام الرفيع على جادة اعتداله لا وكس ولا شطط يقول الحق سبحانه "إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون" نعم هي أمة واحدة في رسالتها وقيمها وأهدافها مهما تنوعت أعراقها وألوانها وألسنتها ومهما تعددت دولها الوطنية فوجدانها واحد بل إن التعدد والتنوع يزيدها قوة وحماسة لتعزيز لُحمتها ولتبرز للعالم كله أنها جسد واحد وأن أعضاءه مهما اختلفت وتنوعت فإنها في السراء والضراء جسد واحد.

كما أن رابطة الجامعات الإسلامية تعمل بعون الله تعالى على توسيع مهامها ونشاطاتها حول العالم مرتكزة على أصالة هويتها وسلامة منهجها ومعولةً على همم كفاءاتها العاملة داخل كيانها النظامي أو في منظومة الجامعات المشمولة بعضويتها وقد سعدنا برغبة جامعات كبيرة في الانضمام لعضوية الرابطة وكذلك رغبة جامعات أخرى صديقة في الحصول على وصف الأعضاء الداعمين وتطلعنا يمتد كذلك إلى كفاءة شباب جامعاتنا الإسلامية من بنين وبنات فلهم في هذه الرابطة مناشط وفعاليات عالمية قادمة بإذن الله تعالى وستكون الرابطة لهم بعون الله حضناً كما ستكون مدرجاً لانطلاقة طاقاتهم وإسهاماتهم حول العالم راعية مواهبهم وإبداعاتهم مادياً ومعنوياً .

وستعمِّق الرابطة من صلاتها كافة مع الجامعات الأعضاء بما يحقق المزيد من دلالة اسمها ووصفها على جادة رؤيتها ورسالتها وأهدافها.

حد فاصل

وأكد د. أسامة العبد- الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية، رئيس لجنة الشئون الدينية بالبرلمان- أن التعليم بصفة عامة، حد فاصل بين المعرفة والجهل، وبين النور والظلام، يقول ربنا عز وجل: "قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون" ويقول تعالى: "يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات"، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (العلماء ورثة الأنبياء).

إن التعليم الجامعي أحدُ العناصر الأساسية في دعم التنمية البشرية على مستوى العالم، فالجامعة معنية أساسا ببناء البشر بناءً علميًّا وثقافيًّا واجتماعيًّا وأخلاقيًّا. فالطالب الجامعى يُعَدُّ مستقبلَ البلادِ، ويُعِدُّ مستقبلَ البلاد فإعداده وتكوينه وتزويده بأرقى العلوم وأحدث المعارف والخبرات، يجعله في المستقبل يدير دفة المجتمع على أسس علمية سليمة، تبني المجتمع بناءً قويماً بعيداً عن التطرف والكراهية.

فالاهتمام بأركان العملية التعليمية من أستاذ وطالب ومنهج أمر في غاية الأهمية، فالأستاذ الجامعي قدوة لطلابه واجب عليه أن يكون متقِناً لعمله ومادته العلمية، ملتزما بمعايير الجودة؛ لأنه يقوم بتنمية العقل وصقله واكسابه المهارات والمعارف والأخلاقيات، ومهتما بمظهره وجوهره. والمنهج الدراسي ينبغي أن يقوم على الوسطية والاعتدال والتقدم في الفكر ودقة النظر في ضوء التطور التكنولوجي ومتطلباته.

أضاف د. العبد: والتعليم الجامعي أحد أهم القوى التي تحقق التنمية الاقتصادية والتقدم والازدهار، ومن ثم وجب ترسيخ العلاقة بين الجامعة والمجتمع من خلال تنمية البحث العلمي والتطبيقي وربطه بواقع العمل والإنتاج، ومن خلال النظر في مشكلات الصناعة والزراعة ومعوقات العمل، وإعداد الكفاءات البشرية التي يحتاجها المجتمع في مختلف الأنشطة، والاهتمام بالتنمية المستدامة لتحقيق الأهداف المأمولة. والمؤسسات التعليمية عموما والجامعية خصوصا تعد منارات لترسيخ القيم والمبادئ الصحيحة. والقيم الإسلامية هي مجموعةُ الأخلاق المستوحاة من القرآن والسنة التي تصنع نسيج الشخصية المتكاملة القادرة على التفاعل الحي مع المجتمع، وعلى التوافق مع أعضائه وعلى العمل بجد وإخلاص من أجل النفس والأسرة والوطن والإنسانية.

والإنسان السوى هو إنسانُ قِيمٍ وأخلاقٍ، فالشرف والفضيلة والشهامة والكرامة والشجاعة والتضحية والفداء للوطن، والصدق والأمانة والتواضع والاستقامة، والصبر عند الشدائد، والاعتماد على النفس، وتحمل المسئولية هى بعض الأخلاق التي يجب أن نغرِسَها في نفوس أبنائنا وشبابنا دون أن ننسى الأخلاقَ العلمية كالتدقيق والتوثيق، والضبط في القول والعمل والسلوك وحب النظام والتعاون على البر والتقوى، والثقة المتبادلة ورعاية حق الآخرين، وحب الوطن وخدمته.

فالأخلاق الفاضلة والقيم الرفيعة تُسهم إسهاماً بالغاً في تحسين المجتمع وتقدمه؛ لعظم شأنها، وجليل قدرها فهى تملأ المجتمع عدلاً وبراً وتقوى وإحساناً .

قال ربنا عز وجل: "وقولوا للناس حسنا"؛ لذا كان أحسنَ من تحلى بالخلق الكريم هو رسولُنا الذي قال الله في حقه: "وإنك لعلى خلق عظيم"، وقد وردت في ذلك أحاديثُ كثيرة، منها قوله: (إنما بعثت لأتممَ مكارم الأخلاق). والخُلق الكريم قدر مشترك بين الأديان السماوية، والحضارات الإنسانية المتقدمة. فهذا هو الفيلسوف الصيني كونفو شيوس، كانت فلسفته تقوم على القيم الأخلاقية حيث قال: (إذا أردت أن تزرع لسنةٍ فازرع أرزا، وإذا أردت أن تزرع لعشرٍ فازرع شجرا، وإذا أردت أن تزرع لمائةٍ فربِ طفلك صغيرا وعلمه وأدبه كبيرا).

وقال د. العبد: نريد أن نعود بجامعاتنا ومراكزنا البحثية إلى ترتيب علمي عالمي أفضل؛ بالاهتمام بالعلم والعلماء، والباحثين المخلصين النجباء، لخدمة المجتمعات ورفعة القيم. ولدينا من أهل العلم والإداريين ما يُؤهل لذلك. وأذكركم وأذكر نفسي بقول شاعر النيل حافظ إبراهيم رحمه الله:

فَإِذا رُزِقتَ خَليقَةً مَحمودَةً * فَقَدِ اِصطَفاكَ مُقَسِّمُ الأَرزاقِ

فَالناسُ هَذا حَظُّهُ مالٌ وَذا * عِلمٌ وَذاكَ مَكارِمُ الأَخــــلاقِ

وَالمالُ إِن لَم تَدَّخِرهُ مُحَصَّناً * بِالعِلمِ كانَ نِهايَةَ الإِمــــــلاقِ

وَالعِلمُ إِن لَم تَكتَنِفهُ شَمائِلٌ * تُعليهِ كانَ مَطِيَّــــةَ الإِخفــــاقِ

لا تَحسَبَنَّ العِلمَ يَنفَعُ وَحدَهُ*** ما لَم يُتَـــوَّج رَبُّهُ بِخَــــــلاقِ

دور متميز

أوضح د. محمد المحرصاوى- رئيس جامعة الأزهر، نائب رئيس الرابطة- أن هذا هو المؤتمرُ الدولي الافتراضي الأول؛ لمناقشة: (دور الجامعات فى خدمة المجتمع وترسيخ القيم): لا يخفى عليكم أنَّ وباءَ كورونا حينما اجتاح العالم لم يفرق بين عقيدةٍ ولونٍ وجنسٍ ولغةٍ ومكانٍ، ولذا وجب على العالم أنْ يتحد لمواجهة هذا الوباء.

وقال: إذا كنا نتكلم عن دور الجامعات، فأنا أتكلم عن دور جامعة الأزهر؛ حيث كانت لها نشاطاتٌ متعددة في مواجهة هذا الوباء: بدأت بعمل دورات تدريبية للأطباء لمواجهة هذا الفيروس؛ لإعداد الكوادر المؤهلة لذلك، فتم تدريب ما يزيد على (1400) طبيب، وما يزيد على (300) ممرضة. وشاركت الجامعة بالأطقم الطبية مع وزارة الصحة في مستشفياتها المختلفة مثل: مستشفى العجوزة والشيخ زايد وفي أسيوط وفي دمياط. وقررت الجامعة تخصيص مستشفى جامعة الأزهر التخصصي، ومستشفى الزهراء الجامعي لعلاج المصابين بهذا الفيروس بالمجان سواء من داخلِ الجامعة أو من خارجِها. وكذلك شاركت الجامعة بالمدن الجامعية في استقبال القادمين من الخارج لتكون منطقة عزل، فاستقبلت 3175 شخصًا. ومع توقف الحياة في كثيرٍ من المؤسسات بسبب هذا الوباء لم يتوقف البحثُ العلمي في الجامعة، ولم يكن الوباءُ مانعًا من إقامة المؤتمرات والندوات وورش العمل، ولكن بطريق (أون لاين). ففي كلية التربية انعقد مؤتمر (الشراكة المجتمعية وتطوير التعليمـ دراسة وتجارب) وفي كلية الطب انعقد مؤتمر (الآفاق الجديدة في الجهاز الهضمي والكبد) وفي كلية الصيدلة انعقد المؤتمرُ الدولي الإلكتروني الأول للعلوم الصيدلية والطبية لمواجهة وباء كورونا، تحت شعار: (دعم أبطال الرعاية الطبية) بالتعاون مع اتحاد الجامعات الإفريقية، وبيت المعرفة المصري. وفي الجامعة قمنا بعمل لقاء بعنوان: (دور مؤسسات التعليم العالي في ما بعد كورونا)، هذا بالإضافة إلى الدورات التدريبية التي كانت تعقد للطلاب في ريادة الأعمال، والتي آتت ثمارها بفوز طلاب جامعة الأزهر بالمركز الأول على مستوى العالم في مسابقة «إيناكتس» لريادة الأعمال والمشاريع المجتمعية. ومشروعات فريق «إيناكتس الأزهر» نفذها أكثرُ من 100 طالب أزهري، كانت تهدف إلى القضاء على التلوث البيئي،  واستثمارِ مخلفاتٍ من البيئة وتحويلِها إلى مخصباتٍ للتربة، بالإضافة إلى توفير فرص عمل، والقضاءِ على مشكلة البطالة.

أضاف د. المحرصاوى: وبيانُ ذلك أنَّ الشباب ذهبوا إلى قرية (شكشوك) بمحافظة الفيوم التي تعاني من البطالة، بسبب عدم الصيد لارتفاع نسبة التلوث في البحيرة هناك، ولم يكن أمام سيدات القرية سوى العمل في تقشير الجمبري. فكَّر الشبابُ في استخدام قشر الجمبري، واستطاعوا إيجادَ طرقٍ مبتكرةٍ لتحويل قشر الجمبري غير المستخدم؛ لإنتاج ما يأتي: بهارات أسماك عالية الجودة، أسمدة عضوية أقوى بنسبة ١٥٠٪ من الأسمدة الشائعة، مما يؤدي إلى التوسع في الرقعة الزراعية. وتم استخلاص مادة الكيتوزان من قشر الجمبري كان لها استخدامات طبية ودوائية لإنتاج ماسكات لـ ٥٠٠٠ طبيب في أثناء كورونا، واستخدمت أيضًا في عمل تفاعلات لتحلية وتنقية المياه.

كلُّ هذا أدى إلى خلقِ فرصِ عملٍ لأهالي المنطقة لأكثرَ مِن ٨٠٠ أسرةٍ على مستوى القرية فقط، مما أدى إلى تقليص نسبة البطالة، وتقليل نسبة التسرب من التعليم لأكثرَ من 1300 طالب في المراحل التعليمية المختلفة. وتدريب أهالي المنطقة على المشاريع. والتعاون مع مؤسسات محلية وعالمية لتسويق المنتجات، وعوائد استثمار هذه المشاريع ٥.٥ ملايين دولار للسنة الأولى فقط، أما العوائد المتوقعة فهي ١٣ مليون دولار عام ٢٠٢٣، وهدفُ الشباب لم يكن مجردَ تحويلِ قشر الجمبري لمنتجات، بل العملُ على خلقِ فرصِ عملٍ لمنطقة تعاني من الفقر بسبب البطالة.

هدفهم هو: (لا تعطني سمكة، ولكن علِّمني كيف أصطاد سمكة)

ونحن على أملِ أنْ تُعَمَّمَ هذه الفكرةُ على مستوى القرى.

كيفية الارتقاء

وطرح د. عصام الكردى- رئيس جامعة الإسكندرية- التساؤل: كيفَ نرتقي بجامعاتنا؛ لتُواصلَ دَوْرَها في خدمة مجتمعاتنا العربيةِ والإسلامية، ونُرسِّخَ من خلال هذا الدَّوْرِ القِيمَ الجامعية الأصيلة للمجتمعِ الأكاديمي والطلابي والمجتمعي في آنٍ. وقال: لقد شرُفَتْ جامعةُ الإسكندرية منذُ ربعِ قرنٍ مضى بعقدِ مؤتمراتٍ علميَّةٍ بالتعاونِ مع رابطةِ الجامعاتِ الإسلاميَّةِ التي نفخرُ بالعلاقة المُتنامِية معها، ولعلَّ أبرزَها ما عقدَتْهُ الجامعة مع الرابطة في أبريلَ 1994 م، وهو مؤتمر ( الأندلس: الدرس والتاريخ )، والذي عُقِدَ بِمناسبة مرور خمسة قرونٍ على سقوطِ الأندلس، بمشاركة كريمة من د. عبدالله التركي وزير الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالسعودية، رئيس رابطة الجامعات الإسلامية آنذاك- وأسهمَ فيه نخبة من أساتذة العالم الإسلاميّ، ونَشَرَتْ الجامعة بحوثَه في سفرٍ جليلٍ تفتخرُ به مكتبةُ الجامعة.

وجامعة الإسكندرية وهي تحظَى بشرفِ عقدِ مؤتمرِنا اليومَ عن دَوْرُ الجامعاتِ في خدمةِ المجتمعِ ، وترسيخِ القِيمِ، يأتي استمرارًا للتعاون المُثمرِ والبنَّاءِ بين جامعتنا وبينَ رابطة الجامعات الإسلامية، وبمشاركة متميزة بين وزارة الأوقاف، وجامعة الأزهر، ومكتبة الإسكندرية، والمجلس العالمي للمجتمعات المسلمة وتأكيدًا لِدَوْرِ مدينة الإسكندرية والتي كانت ومازالت منارة علمية عبر تاريخها الطويل، ولتواصل جامعتنا لرسالتها الخالدة في خدمة العلم والمجتمع حاملةً شُعلَة التنوير بعلمائها وباحثيها ، ثُمَّ جاءت مكتبة الإسكندرية بعد ذلك لِتُضيفَ منارة علميَّة جديدة تزيدُ من توهج الإسكندرية، ودَورها المتعاظم كعاصمة عالمية للثقافة والتنوير.

أضاف د. الكردى: وقد أدركت جامعة الإسكندرية هذا الدور مبكرًا، بل منذُ إنشائها سنة 1942م، واحتفالها منذ سنتين بيوبيلها الماسيّ. فعلى امتداد سنواتها الطُوال كانت، وما تزالُ جامعتنا "بيت خبرة" ليس لمحافظة الإسكندرية وإقليمها الجغرافيّ فقط، بل لكثيرٍ من مشروعات التنمية التي شهدتها مصر، وتشهدها في الوقت الحاضر، فقد أسهمت الجامعة في كل مراحل تخطيط الإسكندرية من خلال مراكزها العلميّة الهندسيّة وغير الهندسية، وفي الارتقاء بالحياة من خلال خدماتها الصحيّة والتعليميّة، وتجلَّى ذلك بوضوحٍ في جائحة كورونا حيثُ كانت مستشفيات الجامعة والأطقم الطبيّة بها جنودًا متميّزة لمقاومة هذا المرض والتعاون الفعَّال مع باقي المسئولين في التصدي له بمختلف الوسائل والإجراءات.

وقال د. الكردى: لعلَّكم تتفقون معي أن مؤتمرنا هذا الذي يتناول دور جامعاتنا في خدمة المجتمع وترسيخ للقيم يأتي في موعده تمامًا، فهو يلمسُ الدور الحاسم لهذه الجامعات في العالم الإسلامي الذي يمر في الوقت الراهن بمرحلةٍ دقيقةٍ وخطيرةٍ في تاريخه وربما مرحلة غير مسبوقة منذُ أنْ تشكلت خريطته السياسية وتبلور فموقعه الجغرافيّ على خريطة العالم.

وإذا كان العالم الإسلامي كقوة وعقيدة ظل مستهدفًا من قبل قوى عالمية أخرى تعملُ على استغلاله وإضعافه ونشر الفوضى في ربوعه، وظهور الإرهاب والأفكار الهدَّامة بين شبابه، فإنَّ ذلك كله يلقي بأعباء جِسام على المؤسسات التعليمية والدينية والإعلامية وغيرها؛ مما يتطلب تضافر جهودنا جميعا في جامعاتنا الإسلامية؛ لِتكونَ كالعهدِ بها دومًا مناراتٍ للأساتذة والتثقيف الحقيقي مستلهمة في ذلك القيم الإسلامية الأصيلة في جميع مجالات الحياة، وخاصة في عصر العولمة وثورة الاتصالات والتي جعلت العالم كله قرية كونية واحدة.

رواق الأزهر

وضرب د. مصطفى الفقى- مدير مكتبة الإسكندرية- مثلا على دور الجامع الأزهر، حين سافر إلى جامعة أكسفورد فأخبروه أنهم اقتبسوا نظام الكليات من نظام الرواق وشيخ العمود، مؤكدا أننا أمم تشير كل دياناتها الى التفكير كفريضة وليس عادة إنسانية، ومكتبتنا عادت لتعلب دورها العالمى من جديد تأكيدا للمعنى الحضارى فى المتوسط ومنبرا ومرجعا للثقافات والإبداع.

نقطة تحوّل

وأشار د. محمد البشاري- أمين عام المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، نائب رئيس الرابطة- إلى أن أزمة كورونا مثَّلت نقطة تحول جديدة وغير مسبوقة في تاريخ مؤسسات التعليم في العالم للتعاطي مع هذه الأزمة؛ حيث اضطرت مؤسسات التعليم في العالم إلى اللجوء للتعليم عن بُعد خلال فترة الإغلاق؛ التي فرضتها الحكومات للحفاظ على حياة الجماهير، وهذا بدوره خلق واقعا جديدا سيدفع القائمين على التعليم إلى إعادة النظر في منظومة التعليم العالي من حيث فلسفته وأهدافه ونظمه ومناهجه ووسائله وأنشطته وحاجة العالم من التعليم العالي في ظل عجز مراكز البحوث والجامعات عن وجود علاج للفيروس حتى هذه اللحظة.

والتعليم الإسلامي العالي جزء لا يتجزأ من هذا الواقع، وسيخضع للتغييرات التي ستطال نظم التعليم في العالم.

يأتي تنظيم هذا المؤتمر الدولي في إطار رسالة رابطة الجامعات الاسلامية في تطوير عقل الطالب المسلم وتحصينه من الأفكار الدخيلة، حيث يضعنا هذا المؤتمر على "ماهية الخطأ في التفكير" التي يجب ان تتجنبها برامج جامعاتنا العربية والإسلامية حتى لا تتحول الى ثكنات حزبية تجيش أبنائنا في ميليشيات الدم والإرهاب ضد مصالح الدولة الوطنية.

ذلك أنه لم يعد خطر التطرف الفكري والمؤدي الى الإرهاب مقتصرا على دولة أو منطقة بعينها، وإنما بات ظاهرة عالمية، إذ أن التنظيمات المتطرفة والجهادية العابرة للحدود لا تستثني في عملياتها الإرهابية بلداً أو منطقة؛ ولا شك في أن التعقيد والتشابك الذي تتسم به ظاهرة التطرف والإرهاب قد انعكس بشكل أو بآخر على طبيعة الاستراتيجيات التي تتبناها الدول لمواجهتها.

ولما كانت مازالت بعض الجامعات العربية والإسلامية تعتمد على مناهج صنعتها ظروف ما بعد الاستقلال وتشكيل الدول المعاصرة، فجاءت مؤصلة في بعضها لثقافة العنف والاحتراب والحرب. في حين أن الأصل الأصيل هو مبدأ السلم والصلح أساس العلاقات الدولية في ديننا الإسلامي وأن الانخراط في صناعة السلام الدولي أصبح احدى الكليات الإسلامية للدولة الحديثة خاصة بعدما أنشأ المجتمع الدولي منظمة الأمم المتحدة من أجل التعاون لتحقيق الامن والسلم الدوليين.

أصبح العالم يوم دارا واحدة هي دار التعارف، وان تأثيتها بمفردات السلم والتسامح من مسؤولية الجامعات لتخريج سواعد الخير والمحبة وتخليصها من ظلاميات أطروحات الجماعات المتطرفة التي تعمل جاهدة للقضاء على مقومات الشخصية الوطنية : حب الأوطان والولاء له و بناء مدنية قوية ترقي بأبنائها الى سلم التأهيل لتحمل رسالة الاستخلاف الرباني الداعية الى التلاحم والتكافل الإنساني.

وتأتي مؤسسات التعليم العالي في مرتبة متقدمة ضمن الاستراتيجية الشاملة لمواجهة التطرف والإرهاب، ليس فقط لأنها تقوم بدور رئيسي في تحصين الطلاب منذ الصغر ضد الفكر المتطرف، وإنما أيضاً لأنها تتعاون مع باقي مؤسسات المجتمع الأخرى، الأسرة والإعلام والمجتمع المدني والقطاع الخاص، في مواجهة التطرف والإرهاب، و يؤصل لثقافة السلم من خلال منظومة القيم وبالشكل الذي يعزز من الجهود الحكومية في هذا الشأن.

أضاف د. البشارى: من هنا أدعو الى: وضع استراتيجية عامة لمكافحة ظاهرة التطرف والإرهاب بإشراك جميع مؤسسات المجتمع، بداية من الأسرة ومروراً بمؤسسات التعليم والإعلام ومنظمات المجتمع المدني، ونهاية بالقطاع الخاص، في تنفيذ هذه الاستراتيجية، وهذا ما يمكن أن يطلق عليه المسؤولية الاجتماعية والأخلاقية التي تعني تكامل جهود هذه المؤسسات مع جهود الدولة في مواجهة ظاهرة التطرف والإرهاب.

واعتبار المسؤولية الاجتماعية والأخلاقية مدخلا رئيسيا في مواجهة التطرف والإرهاب و مفهوما شاملا له أبعاد تنموية ومجتمعية وأمنية وسياسية وأخلاقية وقانونية وخيرية – ذلك أن انتشار المسؤولية الاجتماعية والأخلاقية في أي مجتمع هو دليل على امتلاكه القدرة على التنمية والتطور ومواجهة التحديات المختلفة وخاصة في مواجهة التطرف والإرهاب، ويجسد في الوقت ذاته تماسك هذا المجتمع، لأن تعاون جميع الأطراف المعنية (الأسرة – المدرسة – منظمات المجتمع المدني – الإعلام) في تنفيذ الاستراتيجية العامة للدولة في مواجهة التطرف والإرهاب، إنما يسهم في ترسيخ أمنها الوطني الشامل.

وتطوير منظومة القيم في التعليم، كالتسامح والتعايش والوسطية وقبول الآخر، في مراحلها المختلفة قد يشكل جدار صد قوي في مواجهة هذا الفكر المتطرف، وضرورة الاستمرار والتحديث المستمرين للخطط والبرامج والحملات التوعوية في الجامعات؛ لتوعية الطلاب والطالبات من خطر الغلو والتطرف والإرهاب، ومخاطبتهم بلغة عصرهم، وتنبيههم إلى خطر التشدد والغلو، وإطلاق مبادرات جامعات من أجل السلم والتسامح لمواجهة التطرف الفكري والانحراف الأخلاقي، والتركيز على بناء الشخصية الوطنية، وغرس القيم الإيجابية القائمة على مبادئ التسامح والاعتدال والانفتاح والتعايش بما يكفل التحصين الفكري للأجيال ضد أي تهديد أو خطر من قوى التطرف والظلام. ويكون ذلك باعتماد منظومة القيم الكونية السليمة في المناهج والمقررات الدراسية وتنظيم المخيمات الطلابية، وهي منظومة القيم التي من شأنها التصدي لثقافة الكراهية وما يتبعها من تطرف فكري وغلو وتشدد.

والاهتمام بالأستاذ المدرس و مصاحبته من خلال دورات مستمرة بمواصفات قياسية عالمية الأداء، والاستناد إلى مناهج علمية حديثة ومطورة تهدف إلى تمكين الأستاذ المدرس لإنجاح مهمته التعليمية و التربوية حتى يكسب للطلبة شخصية أصيلة قيادية واثقة وشغوفة بالمعرفة، ومبدعة ومتعاونة ومفكرة ومتمكنة من التكنولوجيا، ومحصنة من الأفكار المغلوطة والمنحرفة، عصية على كل اختراق فكري أو اختطاف ديني، وفعالة ضمن إطار مجتمع المعرفة بأبعادها المختلفة.

ضرورة صياغة خطاب ديني تعليمي تربوي يهدف إلى بناء الشخصية المتكاملة عند الطلبة، ويعزز قيم المواطنة والولاء.

المجتمع بالقيم

وأوضح د. الحسن بن يحيى المناخرة- عميد معهد الأمير خالد الفيصل للاعتدال بجامعة الملك عبدالعزيز- أن المتابع لتاريخ المجتمعات يلاحظ بكل جلاء أن المجتمع لا يمكن أن يقوم دون قيم ومُثُل عليا، تدعم وجوده وتحكم تعاملاته ويستند إليها وعليها في بناء مستقبله وتطوره.

لقد كانت القيم وستظل هي المرجع والضابط لإيقاع الدولة وفي عهده النبوة، كانت القاعدة الأسمى "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، أخلاق في التسامح والوسطية والاعتدال والحوار مع الخصوم وكانت الحكمة والحجة فيصلان فيما يُختلف فيه.

وعليه فإن الحياة بدون قيم وأخلاق هي حياة بلا معنى "فبالقيم تبقي الأمم" وبزوالها تضعف.

إنما الأمم الاخلاق ما بقيت * فإن هُم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

ولا يخفى علينا جميعاً المكانة التي تحتلها الجامعات على المستوى المحلي والعالمي باعتبارها رأس منارة العلم فهي القدوة لمؤسسات المجتمع بأدوارها الثلاثة الأكاديمية والبحثية والخدمة المجتمعية وعليها وعلى منسوبيها ومناهجها وأنشطتها دور كبير في بناء القيم وتعزيزها، وهو ما اهتمت به جامعات بلادي السعودية فقد ركزت الرؤية على العديد من القيم كالوحدة الوطنية، والاستبسال في خدمة ضيوف الرحمن، والحياة وفق مبادئ الدين الإسلامي، والفخر والاعتزاز بكل ما هو سعودي، والعناية بالتنشئة الاجتماعية واللغة العربية، والانفتاح المنضبط على الحضارات الإنسانية، وتعزيز قيمة العمل التطوعي ونشره للوصول إلى مليون متطوع بحلول عام 2030.

كما نصت الرؤية على القيم الإيجابية في شخصية الأبناء عن طريق تطوير المنظومة التعليمية والتربوية بجمع مكوناتها عبر اكساب الطالب المعارف والمهارات والسلوكيات الحميدة ليكون ذا شخصية مستقلة تتصف بروح المبادرة والمثابرة والقيادة، ولديه القدر الكافي من الوعي الذاتي والاجتماعي والثقافي، ولعل من أهم ما ركزت عليه رؤية المملكة 2030 هو برنامج تعزيز الشخصية السعودية، الذي يهدف إلى "تنمية وتعزيز الهوية الوطنية للأفراد وارسائها على القيم الإسلامية والوطنية وتعزيز الخصائص الشخصية والنفسية التي من شأنها قيادة وتحفيز الأفراد نحو النجاح والتفاؤل، وتكوين جيل متسق وفاعل مع توجه المملكة اقتصادياً وقيمياً، ووقايته من المهددات الدينية

والاجتماعية والثقافية والإعلامية"، ولو دخلنا الى تفاصيله لوجدنا من أهدافه " تعزيز قيم الوسطية والتسامح والاتقان والانضباط والعدالة والشفافية والعزيمة والمثابرة" و "غرس المبادئ والقيم الوطنية وتعزيز الانتماء الوطني" وتعزيز قيم الإيجابية والمرونة وثقافة العمل الجاد".. كل هذه القيم تسعى المنظومة التعليمية الجامعية في بلادي لتحقيقها عبر برامج تنفيذية تقوم عليها وزارة التعليم بقيادة د. حمد بن محمد آل الشيخ.

موائل العلم

أوضح د. أحمد علي سليمان- المنسق العام للمؤتمر- أن الجامعات موائل العلم والتعليم والبحث العلمي وخدمة المجتمع، وبناء الشخصية الوطنية، وبواتق تشييد الوعي الرشيد، والقيم الحضارية والأخلاقية في المجتمعات، وهي أيضا قاطرة التقدم والبناء والعمران والتنمية الشاملة.. فضلا عن كونها نبض الدول وشرايينها التي تضخ من خلالها عوامل التقدم ومتطلباته، ومن ثم تعد من المؤشرات التي تقيس تقدم الدول أو تأخرها؛ حيث يقاس تقدم المجتمعات بمقدار تقدم جامعاتها وإسهامها في بناء الوعي والفكر والقيم والانتماء وتنمية المجتمع وبنائه ولحاقه بركب التقدم السريع.

وكشف د. سليمان أن التحدي الحقيقي أمام جامعتنا يتمثل في كيفية التكامل والتعاون والتواصل الحقيقي الذي يعظم من قيمة العمل الجامعي ويحقق تكامله ليحقق الريادة والإسهام الحضاري والإنساني لخدمة بلادنا والعالم أجمع، وما تزال الفرصة سانحة أمام جامعاتنا ومراكز بحوثنا ومعاملنا لإنتاج العلاجات والأمصال لجائحة كورونا.. وغيرها، والتحدي الآخر أمام جامعاتنا هو كيفية الوصول إلى عقول النشء والشباب والحفاظ على هويتهم في ظل عالم يموج بالتطورات اللحظة المتواترة.. والتحدي الثالث هو ضرورة التواصل الإنساني والانطلاق من المشتركات والقواسم المشتركة الثقافية والحضارية للحفاظ على شتى مفردات الطبيعة والكون ونشر السلام العالمي.

مشيرا إلى إن التعليم في مصر يشهد حراكا كبيرا في ظل الاهتمام البالغ من القيادة السياسية، بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، من أجل بناء الإنسان المصري بناء سليما في ظل التطورات السريعة على الساحة العالمية.

وطالب "د. سليمان" بضرورة التعاطي العلمي والمنهجي مع التداعيات التي خلفتها جائحة كورونا، وإعادة ترتيب سلم الأولويات للجامعات الإسلامية ، ولمراكز البحوث في عالمنا الإسلامي الكبير، والإبداع في إيجاد أدوار جديدة لجامعاتنا الممتدة شرقا وغربا شمالا وجنوبا وعمقا لتعظيم دورها في خدمة الأوطان والمجتمعات ولتكون على أهبة الاستعداد لمواجهة الأزمات والإسهام الحضاري المتميز لخدمة الإنسانية جمعاء.

كما طالب بتفعيل دور الجامعات  في بناء منظومة القيم الحضارية والأخلاقية لاسيما القيم الدافعة للتقدم في الفكر الإسلامي  لنثرها وبذرها ونشرها وتجذيرها في قلب الإنسان والمجتمع، وإثمارها وتفعيلها في واقع الحياة من أجل بناء الإنسان الصالح، وترسيخ الهوية والاعتدال وتنمية الحصانة الفكرية والمناعة السلوكية لدى شبابنا لمواجهة التحديات المتأتية عبر الإعلام الجديد.

 





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق