هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

رمضان ومحاسبة النفس: ((همسة رمضانية)) 
انَّ لحظات التأمُّل ومُكاشفة الذات، تُتيح للإنسان فرصة التعرُّف على أخطائه ونقاط ضَعْفه، وتدفعه لتطوير ذاته نحو الأفضل، فثمرة المحاسبة إصلاح النفس

الشيخ:احمد جاد

، وشهر رمضان ينبغي أن يشكِّل شهر مراجعة وتفكير، وتأمُّلٍ ومحاسبة للنفس؛ إذ حين يَمتنع الإنسان في هذا الشهر الكريم عن الطعام والشراب وبقيَّة الشهوات التي يلتصق بها يوميًّا؛ فإنه يكون قد تخلَّص من تلك الانجذابات الأرضية؛ مما يُعطيه فرصة للانتباه نحو ذاته ونفسه.

فشهر رمضان - كما يصوِّره الأستاذ محب الدين الخطيب -: "كعقرب الساعة الذي يصل إلى الموضع الذي يعقد الصائم جَرسها عليه، فيُنبِّهه إلى حلول الوقت الذي هو في انتظاره، فيخرج مما هو فيه؛ وكأنه كان نائمًا فاسْتَيْقظَ؛ فذلك مثل شهر رمضان مع غيره من أشهر السَّنة، يكون الناس قبله كالقافلة التي تَسري في جوف الليل لا تعرف من الوجود شيئًا غير أنها تسري، فيُطِل عليها القمر من وراء الجبال، فيبدو لها كلُّ أمر من أمورها كأنما هو جديد".

ورَحِم الله الإمام الفُضيل بن عِياض عندما قال:

"مَن حاسَب نفسه قبل أن يُحاسب، خَفَّ في القيامة حسابه، وحضَر عند السؤال جوابه، وحَسُن مُنقلبه ومآبُه، ومَن لَم يُحاسب نفسه، دامَت حَسراتُه، وطالَت في عَرَصات القيامة وقَفاته، وقادته إلى الخِزي والمَقْت سيِّئاته، وأكْيَسُ الناس مَن دان نفسه وحاسَبها وعاتَبها، وعَمِل لِمَا بعد الموت، واشتغلَ بعيوبه وإصلاحها".

ومجالات محاسبة النفس كثيرة وهي - كما ذكَرها د. مجدي الهلالي - تشمل:

- عبادة الجوارح: الصلوات الخمس في أوَّل وقْتها في المسجد، السُّنن الرواتب، أذكار الصلاة، صيام رمضان وصيام التطوُّع، مداومة الإنفاق في سبيل الله، أذكار الصباح والمساء، تحرِّي السُّنة في الأقوال والأفعال.

- معاصي الجوارح، مثل: الغيبة والنميمة، السخرية والاستهزاء بالآخرين، الجِدل والمِراء، الغَمز واللَّمز، الكذب واللغو والثَّرثرة، عدم غَضِّ البصر، الخوض في الباطل، سرعة الغضب، إخلاف الوعد.

- عبادات القلب: الخوف من الله واستشعار مراقبته، الرضا بقضاء الله وقدره، التوكُّل على الله، الصبر عند المصيبة، الشكر عند ورود النِّعم.

- معاصي القلوب: الإعجاب بالعمل والتسميع به، الضِّيق بالنقد، الحسد، الغرور والمُباهاة، المَنُّ بالعطايا، اتِّباع الهوى، احتقار الآخرين، وسوء الظنِّ بهم.

- الحقوق: حقوق الزوجة والأولاد الوالدين، الرَّحم، الجيران، حقُّ الطريق، الدعوة، الأُخوَّة.

- السلوكيَّات وفضائل الأعمال: السعي لقضاء حوائج الناس، لين الجانب، عيادة المريض واتِّباع الجنائز، الإحسان إلى الآخرين، وأداء الأمانات إلى أهلها.

وأودُّ أن أقِف معك أخي القارئ مع مجالين مهمَّين من مجالات محاسبة النفس:

1- اللسان والحصاد المُهلك:

إنَّ اللسان من أعظم الجوارح أثرًا وأشدها خطرًا؛ فإن استُعمِل فيما يُرضي الحقَّ، وينفع الخَلْق، كان من أكبر أسباب السعادة والتوفيق لصاحبه في الدنيا والآخرة، وإنِ استُعمِل فيما يُسخط الجبَّار، ويَضر بالعباد، ألْحَق بصحابه أكبر الأوزار وأعظم الأضرار.

فحِفْظ اللسان عن المآثم والحرام عنوانٌ على استقامة الدين وكمال الإيمان؛ كما أخبَر النبي - عليه الصلاة والسلام -: ((لا يستقيم إيمان عبدٍ؛ حتى يستقيمَ قلبه، ولا يستقيم قلبه؛ حتى يستقيمَ لسانه))؛ رواه أحمد.

إخواني في الله، اللسان حَبْل مُرخًى في يد الشيطان، يُصرِّف صاحبه كيف يشاء إنْ لَم يُلجمه بلجام التقوى، أمَّا حين يُطلق للسانه العِنان ليَنطق بكلِّ ما يخطر له ببالٍ، فإنه يُورده موارد العَطَب والهلاك، ويُوقِعه في كبائر الإثم وعظيم المُوبقات؛ من غيبة ونميمة، وكَذب وافتراء، وفُحش وبذاء، بل ورُبَّما أفْضَى بالبعض إلى أن يُجرِّد لسانه مقراضًا للأعراض بكلمات تَنضَح بالسوء والفحشاء، وألفاظ تَنهش نهشًا، فيُسرف في التجني على عباد الله بالسخرية والاستهزاء، والتنقُّص والازدراء، وتَعداد المعايب، وتلفيق التُّهم والأكاذيب، وإشاعة الأباطيل؛ لذا جاءت وصيَّة النبي - عليه الصلاة والسلام - لمعاذ بن جبل: ((كُفَّ عليك هذا))، وأشار إلى لسانه، فقال معاذ: يا رسول الله، وإنَّا لمؤاخذون بما نتكلَّم به؟! فقال: ((ثَكَلتك أمُّك يا معاذ، وهل يكُبُّ الناس في النار على وجوههم إلاَّ حصائدُ ألسنتهم؟!))؛رواه الترمذي.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق