هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

#أحسن_القصص كانوا ينقصون المكيال والميزان.. فأصبحوا في ديارهم جاثمين
أحسن القصص محفوظة في القرآن الكريم معجزة كل العصور، إذ فيه تاريخ البشرية منذ خلق آدم عليه السلام إلى قيام الساعة، وهو ما لن تجده في أمهات الكتب الأخرى ولو اجتمع لتأليفهن الإنس والجن.

هذه القصص أنار الله سبحانه وتعالى بها الطريق لجميع الأمم لتخرج من ظلمات الكفر والإلحاد إلى أنوار الإيمان والتوحيد، فقال رب العالمين على لسان الجن: "قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم". 

 

وعلى مدار شهر رمضان نتحدث يوميا عن قصة من أحسن القصص التي جاءت في كتاب الله تبارك وتعالى.

 

بعث الله سيدنا شعيب إلى قوم مدين، وهم من العرب وكانوا يقطنون في بلاد الحجاز، في الجهة القريبة من بلاد الشّام وخليج العقبة، وبالتحديد بالقرب من مدينة معان في المملكة الأردنيّة الهاشميّة، وبالقرب من بحيرة لوط، فقال تعالى: {وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ} سورة هود.

 

وكانت القبيلة على دين سيدنا إبراهيم عليه السّلام، وهو دين جميع الأنبياء والمرسلين، ولكنّهم ابتعدوا عن عبادة الله وحده لا شريك له، وانحرفوا عن العقيدة، وأخذوا يعبدون شجرة الأيك. 

 

وكانت مدين من القرى المزدهرة في التجارة وقد غرّتهم الحياة الدنيا عن عبادة الله عز وجل، فكانوا يبخسون في المكيال والميزان ويُطففون فيهما، ويأكلون المال الحرام، ويقطعون الطرق، ويعترضون القوافل، ويشيعون في الأرض فساداً وظلماً.

 

قال الله سبحانه وتعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ وَلاَ تَنقُصُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ}.

 

وعصوا نبيهم وردوا عليه بسخرية كما قال الله: "أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ"، لكنّ شعيباً عليه السلام، قابلهم باللين مجدّداً، وذكّرهم بأنّه نبيّ من الله سبحانه، قد اختصّه الله بالرسالة والوحي، وأنّه إن أمرهم بشيء كان هو أوّل من طبّق هذا وأتاه، قال الله تعالى:" وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ".

 

 ولم يكتفِ شعيب عليه السلام بهذا الحدّ، فقد كان مخلصاً لدعوة قومه، راغباً إيّاهم أن يتّبعوه فيكونوا من المكرمين الناجين، فعاد وذكّرهم بإهلاك الأقوام من قبلهم، كيف كانوا وكيف صاروا، قال الله تعالى في ذلك: "وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَو قَومَ هودٍ أَو قَومَ صالِحٍ وَما قَومُ لوطٍ مِنكُم بِبَعيدٍ"، فخوّفهم حال من قبلهم؛ لعلّهم يرجعون إلى دينهم وتوحيدهم.

 

 لكنّ التمادي بالباطل كان صفة لديهم، فجاؤوا بحُجّةٍ جديدةٍ هذه المرّة، فردّوا على نبيّهم، كما قال الله:" قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ"، فكان خطابه وردّه لهم كما كلّ مرّةٍ فيه من اللين، والحِكمة، والحُجّة الشيء الظاهر، لكنّهم قوم مرائين، ابتغوا الجدال لا الوصول إلى الحقيقة.

 

وعندما طال كفرهم وتكذيبهم توجّه إليهم نبيّهم بقوله: "وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ" وبعدها لم يطل تكذيبهم حتى لحقهم من عذاب الله ما لحقهم.

 

وبعد أن تمادى قوم شعيب كثيراً في فسادهم وضلالهم والابتعاد عن الحق أهلكهم الله سبحانه وتعالى، أنزل الله عذاباً شديداً على القرية، وزُلزلت بهم الأرض حتى مات من عليها جميعاً وأصبحوا جثثاً هامدة، لا حياة فيهم، بعد أن تكبّروا في الأرض وتجبّروا، وسخروا من قدرة الله عز وجل في إيجادهم ورزقهم.

 

قال سبحانه وتعالى: "ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين‏". 





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق