هذه القصص أنار الله سبحانه وتعالى بها الطريق لجميع الأمم لتخرج من ظلمات الكفر والإلحاد إلى أنوار الإيمان والتوحيد، فقال رب العالمين على لسان الجن: "قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم".
وعلى مدار شهر رمضان نتحدث يوميا عن قصة من أحسن القصص التي جاءت في كتاب الله تبارك وتعالى.
كانت جريمة قوم النبي لوط عليه السلام، بعد الشرك بالله، جريمة أخلاقية، فكانوا يأتون الفواحش والمنكرات، بلغ بهم الانحطاط الأخلاقي إلى أن وصلوا مرحلة الشذوذ، فقد كانوا يأتون الرجال، فكان ذلك الفعل كارثة كونها تخالف فطرة الله، فجاءهم لوط يدعوهم إلى الله وإلى عبادته وتوحيده.
قال لهم نبيهم كما جاء في القرآن الكريم: "وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ ﴿80﴾ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ ﴿81﴾، ولكنهم قابلوا لوط عليه السلام بالتكذيب والعناد واستمروا في خبائثهم ولم يستمعوا لصوت الناصح الأمين فكانت النتيجة أن أصابهم الله بعذاب أليم.
كان قوم لوط يعيشون في مدينة سدوم جنوب البحر الميت على حدود فلسطين والأردن، وهذا ما أكدته الحفريات الحديثة، توصل علماء الآثار الذين بحثوا عن آثار تلك المنطقة إلى أنّ أهلها قد أصابتهم كارثة عظيمة ظهرت آثارها خاصة في عظام الموتى المهشمة التي أخرجت من تحت الأنقاض.
أخبرنا القرآن الكريم بأن الملائكة جاءوا قبل الصاعقة إلى لوط عليه في صورة بشر وأنذروه بالعذاب كما جاء في القرآن: "قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ ۖ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ ۖ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ ۚ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ۚ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ".
ووقع عليهم العذاب صباح اليوم التالي، قال الله تعالى: "فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّنْ سِجِّيلٍ مَّنْضُودٍ، فأصاب المدينة زلزالاً قوياً غاصت مدينة سدوم في الأرض لقوته، وصاحبه انفجارات عنيفة نتج عنها حدوث حريق هائل بفعل الغازات التي انبعثت بفعل الزلزال القوي.
وأظهرت الأبحاث والتنقيبات وجود حمم بركانية وطبقات بازلتية في المنطقة، مما دل على تعرض المنطقة لإنفجار بركاني، تماما كما جاء في القرآن الكريم، فقد كانت الآيات تدل على حدوث انكسارات وانزلاقات وخروج حمم بركانية، وهذا ما يعتقده علماء الآثار، حيث اكتشف العلماء أن المنطقة تحت شاطئ البحر الميت مليئة بغاز الميثان المشع، فجزموا باحتمالية تحريك الزلزال لهذه الغازات وإيقاظها مما أدى إلى انزلاق المدينة داخل البحر.
ما توصل إليه العلم الحديث من نتائج جاء موافقاً لما في القرآن من كون سدوم قوم عاشوا في فترة من التاريخ، وعوقبوا على عصيانهم، إن دلائل قصة سدوم ظهرت في يومنا هذا، والقرآن قد أخبرنا عن ذلك منذ خمسة عشر قرناً، وهذا ما يؤكد لنا أن القرآن الكريم هو كلام الله الذي نؤمن به قبل أي دليل.
اترك تعليق