غفل من ظن أن الله أراد بالصيام إجاعة الخلق وتعذيبهم، بل إنه-سبحانه- كتب الصيام على المؤمنين،وكان ذلك لحكم يعلمها- سبحانه- إلا أنه أخبرنا أن من هذه الحكم التقوى التي تشتمل على التخلي والتحلي ، فالتخلي عن كل قبيح ، والتحلي بكل مليح ، فمن تخلى وتحلى فقد حصل ثمرة الصيام، وإلا فلا حاجة لله في جوعه كما قال سيدنا المصطفى-صلى الله عليه وسلم- " مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ "
الغيبة زور، الكذب زور، النميمة زور، السباب والشتائم زور، كل باطل فهو زور يذهب ثواب الصيام وبركته ويجعل الصيام مجرداً عن الفائدة والثمرة،
دأب الصالحون في صيامهم على الحلم وسعة الصدر وسلامة اللسان والجنان من كل زور، إنما كان قولهم لمن آذاهم "إني امرؤ صائم" بروا ولأمر النبي امتثلوا، فسلم صيامهم، ونالهم من بركته وخيره ما بلغهم المنزلة وبوأهم الدرجة،
قال عمر-رضي الله عنه"-ليس الصيام من الطعام والشراب وحده ولكنه من الكذب والباطل واللغو والحلف"
وهذه إن لم تفسد الصيام تذهب بخيره، وتقض بركته،الصيام جنة أي وقاية من كل ما يغضب الحق سبحانه فإن كان الصيام
كذلك وإلا فما بلغ الممسك درجة الصائمين،
عن طلق بن قيس قال:قال أبوذر "إذا صمت فتحفظ ما استطعت " ، وقد بلغوا من شدة تحفظهم أن منهم من كان يوم صومه لا يخرج من بيته إلا لصلاة،
شتان بين هؤلاء ومن أطلق لسانه في الخلق في نهار رمضان سباً وشتماً وخوضاً بالباطل، وحجته التي يتعلل بها زوراً "أنه صائم" ألصيامك ضاق صدرك؟! لو أنصفت لقلت:"لغفلتي عن صيامي ضاق صدري"
الصالحون جعلوا صيامهم منهج حياة قوموا به أخلاقهم، وتواضعوا لله بعبادته ، ولانوا للخلق طمعاً في سلامة صيامهم،
منهجهم هذا الذي عبر عنه سيدنا جابر بن عبدالله –رضي الله عنهما- حين قال:"إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمآثم ودع أذى الخادم وليكن عليك وقار وسكينة يوم صيامك ولا تجعل يوم فطرك ويوم صيامك سواء"
هذا منهجهم القويم، تخلي كافأهم الله عليه بالتجلي، فنارت بصائرهم، وتقبلهم ربهم ، ورضي عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه
اترك تعليق