صدر عن مركز الحضارة العربية للطبع والنشر والتوزيع بالقاهرة  كتاب "النهوض الاقتصادي وتنمية المدن الجديدة" للكاتب والباحث الاقتصادي صلاح شعير، يتناول المؤلف الكثير من المجالات التنموية بالاقتصاد المصري بصفة عامة، والمدن الجديدة بصفة خاصة، معرِّجًا على بعض السلبيات التي حدثت  منذ بداية التوسع العمراني حتى الآن، بهدف تلاشيها مستقبلا.

يطرح المؤلف أهمية دعم الإسكان التعاوني لحماية الشباب من الجشع والاحتكار في مجالات الاستثمار العقاري، على أن تقترن التنمية العمرانية بتوفير فرص العمل حتى لا تتحول المدن الجديدة إلى مجرد فنادق كبيرة،  ومرتعًا للبطالة.

يتناول الكتاب ضرورة تنمية سيناء، ومحور قناة السويس، والمدن الجديدة بما يناسب خصوصية الطبيعة المصرية، كزراعة سيناء بنباتات قليلة الاستهلاك للماء وذات مردود اقتصادي، وتنشيط الاستثمارالسياحي، وتخطيط الصناعة، محذر من عشوائية الاسثمار الأجنبي  القادم إلى البلاد، حيث يجب توظيفه حسب احتياجات مخططات التنمية؛ حتى لا تؤدي كثافة الاستثمار غير المخطط إلى توقف المشروعات القائمة، مع مراعاة توطين التكنولوجيا الحديثة في القطاع الصناعي ككل. وكمثال يطالب المؤلف بضرورة مد ترعة من النيل إلى غرب مدينة  6 أكتوبر لتأمين الاحتياجات المائية لمدنيتي 6 اكتوبر والشيخ زايد، التي تقدر بنحو  1% من حصة مصر المائية.

يثير الباحث الكثير من القضايا الجوهرية، ومنها تحويل الصناعات الصغيرة إلى مشروع قومي لسد حاجة السوق المصري من السلع المتنوعة بأسلوب جديد، وبأفكار مبتكرة؛ تمنح صغار الصناع من الشباب مزايا الوفرة التي تتمتع بها عمليات الإنتاج ذات الحجم الكبير، من حيث خفض التكاليف ومستوى الجودة، أضف إلى ذلك ما طرحه الكتاب من ضرورة تعويض ندرة الخامات الدوائية بمصر عبر استحداث زراعة هذه الأصناف بالأراضي المصرية.

ويحذر الكاتب من فوضي التوسع في التعليم الخاص لأن التعليم لا يجب أن يكون هادفًا للربح، وأن أفضل الوسائل للتخفيف عن كاهل الدولة هو دعم فكرة التعليم الأهلي كبديل للتعليم الخاص بشقيه- قبل الجامعي، والجامعي- مع ضرورة وضع خطة طوارئ حاسمة لمواجهة فوضى الدروس الخصوصية، أو التطاول على المعلم من قبل بعض الطلاب.

وتناول الكتاب ضروة ضبط الأداء بالجمعيات الأهلية لضمان عدم اختراق الأمن القومي من خلالها، أو الإتجار بآلام الفقراء، ولمنع السرقات باسم المعدمين من قبل بعض الأشخاص الذين تحولوا إلى مافيا، وتخصصوا في السلب والنهب، وذلك عبر ضوابط واقتراحات محددة، لأن دور هذه المؤسسات تخفيف الأعباء عن محدودي الدخل.

وطرح الكتاب أهمية بناء قواعد إعلامية وطنية ذات مصداقية، حتى لا يسيطر رأس المال على صناعة القرار، كذلك  ضرورة إنتاج دراما فنية، وسينمائية، لدعم القيم الإيجابية عبر هيكلة مؤسسات الدولة بما يسمح بذلك؛ حتى تتكامل الثقافة مع برامج البناء الاقتصادي، وغيرها من محاور ذات أبعاد تنموية، وأهم ما يميز هذا الكتاب أنه يناقش معالم الخريطة التنموية بمصر بالكثير من الأفكار القابلة للتطبيق.