مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

زراعة الأسنان بالخلايا الجذعية .. حقيقة أم أوهام!!

كيف تتحول الأسنان اللبنية إلي كنز علاجي..؟
الخــــــــــبراء:
لا زراعة للأسنان بالخلايا الجذعية حتي الآن..
ولابد من التدخل الجراحي

تجارب سريرية أظهرت استجابات ناجحة
لعلاج أمراض عصب أو لب الاسنان لدي الأطفال

الخلايا الجذعية تتمتع بقدرة مذهلة على تجديد نفسها
ويمكن أن تتطور لأي نوع آخر

من الأفضل أخذ تلك الخلايا من جسم المريض ذاته
لتحمل نفس مواصفات الحمض النووي

انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي العديد من التكهنات من إحدي الصفحات العلمية، والتي نشر أحد روادها ورقة علمية تشير إلي أن كوريا الجنوبية تبتكر لاصقات سحرية تعيد بناء الأسنان بدون عملية جراحية في مجال زراعة الأسنان.. ما جعل الخبر ينتشر على صفحات الأطباء، مع تعليقات حول مدي صحة هذا المنشور.. حيث عبّر البعض قائلين:


كوريا الجنوبية تعلنها صريحةً: لاصقة سحرية تعيد بناء الأسنان وبدون جراحة، حيث استطاع علماء في كوريا الجنوبية أن يطوّروا لاصقة صغيرة مزودة بإبر ميكروسكوبية، توضع على اللثة في مكان سقوط الأسنان، وتحفّز الخلايا علي النمو.

وفسّر الخبراء أنه ربما تحتوي هذه اللاصقة على خلايا جذعية تنمو وتتكاثر، لتبدأ في إعادة بناء المينا بسرعة وبتكلفة أقل.

ويري الخبراء أن هذه التكنولوجيا من الممكن أن تُحدث انقلابًا في عالم طب الأسنان، وسرعان ما انتشرت العديد من التكهنات حول إتمام التجارب السريرية، وأنه فور ثبوت نجاحها ستكون هذه التقنية متاحة في عام 2026 تقريبًا، مع إمكانية استعادة الأسنان الساقطة بدون جراحة.

وفي هذا الملف، نحقق في مدي صحة هذه الحقيقة العلمية من خلال الخبراء والمتخصصين في مجال جراحة وطب اللثة وزراعة الأسنان. للوقوف على حقيقة هذه التكهنات وتفسير الأسس العلمية وراء نشرها.

تكهنات ما قبل البحث
قال د. عمر زيدان، استشاري طب الفم والأسنان، إن ما تردد على وسائل التواصل الاجتماعي حول "اللاصقة السحرية" مجرد ادعاءات، مبنية على تكهنات ما قبل البحث الإكلينيكي، والهدف منها جذب المشاهدات فقط.

وأضاف أنه لا توجد أي ورقة علمية محكّمة من خلال مراجعين بحثيين حول هذا الموضوع أو هذه الفكرة.

وأوضح أن الأبحاث المتعلقة بالخلايا الجذعية هي أبحاث متشعبة في مجالات كثيرة جدًا، لاستخدامها في العلاج البشري وأمراض الأعضاء داخل جسم الإنسان.

وتُستخرج الخلايا الجذعية من الخلية الناتجة عن اتحاد بويضة وحيوان منوي لتكوين طفل أو جنين يحمل الحمض النووي "DNA".

وتحتوي الخلايا الجذعية على جميع المعلومات الخاصة بخلايا جسم الإنسان، وكل نوع من هذه الخلايا يعالج أمراضًا محددة داخل الجسم، وهي مهمة جدًا للصحة العامة والمناعة، وتحتوي على أسرار خلق الإنسان.

وأشار إلي أنه مؤخرًا بدأت الأبحاث العلمية تتجه إلي استخدام الخلايا الجذعية في بعض العلاجات بمجال طب الفم والأسنان، فمثلًا توجد أبحاث علمية حول علاج أمراض عصب أو لب الأسنان لدي الأطفال، حيث تؤخذ الخلايا الجذعية من لب الأسنان وتوضع مكان العصب، وقد أظهرت بعض التجارب السريرية استجابات علمية ناجحة.

وأوضح أن ما يقوم به العلماء هو تتبع الإشارات البيولوجية التي تتجه وظيفيًا إلي تكوين الأسنان، وما زال البحث جاريًا حول الإشارات التي تجعل الخلايا الجذعية تقوم بتكوين الأسنان، مؤكدًا أنه لم ترد له حتي الآن أبحاث أو تجارب سريرية حول زراعة الأسنان بدون جراحة باستخدام الخلايا الجذعية.

قال دعبد الله مطر استشاري جراحة اللثة وزراعة الأسنان بجامعة القاهرة: ان الخلايا الجذعية هي عبارة عن خلايا غير موجهة، ويبدأ الأطباء بتوجيهها في المكان المراد تحقيق تكاثر الخلايا فيه،  اي العضو المراد علاجه.

بدأت الأبحاث العلمية في مجال الخلايا الجذعية بجدية.. من حوالي 20 عامًا، فكان هناك معمل بحثي مشترك في هذا النوع من الابحاث العلمية بين جامعة القاهرة وجامعة كيل في شمال ألمانيا. 

بدأنا في عمل دراسات مشتركة بين جامعة القاهرة وطلاب الجامعة في تطوير الخلايا الجذعية.

اضاف "مطر "، يتم التوجيه من خلال المعامل والمراكز البحثية، حيث تؤخذ الخلية الجذعية ويتم عمل دراسات بحثية وسريرية ومعملية لها ليتم تكييفها في بيئة معينة ومفادها بنوع تغذية محدد، حتي تكبر الخلايا الجذعية، وتصل إلي النوع المراد استخدامه لعلاج نوع مرض معين.

تابع: يتم حقنها في جسم المريض، ثم تكبر في وعاء كبير يشبه الغرفة داخل جسم الإنسان ويدعي scaffold وتتكاثر، في المكان المراد علاجه، فقد توجه لعلاج العظام، او لعلاج اللثة أو الأسنان.

أكد د عبد الله مطر، أنه يفضل أن تؤخذ من المريض ذاته، حتي تتناسب الخلايا الجذعية للمريض لابد وأن تحمل نفس مواصفات الحمض النووي، او تتناسب مع المريض من نفس العائلة، حيث أن كل بنية جسم تختلف عن الاخري في تقبلها لهذا النوع من الخلايا الجذعية في العلاج، ولذا يفضل أن تؤخذ الخلايا الجذعية للمريض من المريض ذاته.

وفيما يخص التجارب الناجحة في العلاج بالخلايا الجذعية.. قال د. عبد الله مطر: هناك تجارب التي ثبت نجاحها في علاج العديد من الأمراض الخطيرة في جسم الانسان منها امراض تليف الكبد، وأمراض الكلي والأوعية الدموية، ونخاع العظم وثبت نجاح عدد كبير من العمليات والأمراض بعد استخدام برتوكول العلاج بالخلايا الجذعية.

ولكن هناك نوع من الأمراض يتضرر من استمرارية المرض مثل أمراض السرطان، وامراض نقص المناعة.. لكن استمرارية تكرار المرض يؤدي إلي إحداث ضرر على الخلايا الجذعية ذاتها.

واضاف د. مطر، فيما يخص العلاج بالخلايا الجذعية في مجال طب الفم والأسنان، وكذلك تجارب خاصة في استخدام الخلايا الجذعية في علاج أمراض الفم والأسنان، إن هناك العديد من التجارب التي أجريت لإستخدام الخلايا الجذعية في علاج أمراض  اللثة منها امراض انحسار اللثة "Gingivitis" التهاب في اللثة دون انحسار العظم . ومرض اخر شائع "Periodontaitis disease" مع انحسار العظم اي يفقد العظم قدرته على تماسك الاسنان، ومن ثم سقوط الاسنان، ويعد من امراض الاسنان ضمن الحالات المتأخرة، وتتطور إلي تخلخل الأسنان وسقوط السنان نظرا لعدم قدرة العظام على تماسك الأسنان.

وقد يصاب بهذه الأمراض مرضي من مختلف الأعمار وتكون هذه الأمراض وراثية جينية او قد تكون احد اعراض الشيخوخة، وعلاجها زراعة عظم وعلاج اللثة.

الفرق بين أنواع الخلايا الجذعية
ذكر د. أحمد عامر، أخصائي طب الفم والأسنان، والحاصل على الزمالة البريطانية في طب الفم والأسنان، أن ما تم نشره والترويج له عبر وسائل التواصل الاجتماعي مجرد «تكهنات»، تم بناؤها على الدور الفعلي والمحوري للخلايا الجذعية في علاج أمراض الجسم بوجه عام، إلا أنه في مجال طب الفم والأسنان ليس لها أساس علمي واقعي.

أوضح أنه لم يثبت، من خلال التجارب السريرية، علاج حالة مرضية واحدة على الأقل تعاني من فقدان الأسنان، أو إجراء زراعة الأسنان باستخدام تقنية الخلايا الجذعية دون تدخل جراحي.

تابع د. أحمد عامر: أثبتت الدراسات البحثية أن طرق العلاج بالخلايا الجذعية فعّالة جدًا في علاج العديد من الأمراض التي قد تُصنف ضمن الأمراض الخطيرة، مثل أمراض الدم والعظام وغيرها.

كما أثبتت بعض الدراسات العلمية أنه يمكن استخراج الخلايا الجذعية من الأنسجة المحيطة بالأسنان اللبنية التي تسقط بشكل طبيعي لدى الأطفال من سن 5 إلى 10 سنوات.

تابع أحمد عامر، أن الاحتفاظ بالأسنان اللبنية للطفل من خلال المراكز الطبية المتخصصة يتيح إمكانية استخراج الخلايا الجذعية، والتي أثبتت العديد من الدراسات البحثية العلمية أنها أحدثت ثورة في عالم الطب لعلاج العديد من الأمراض الخطيرة، منها أمراض الدم والأنسجة والأعضاء، وما زال البحث العلمي يدرس دورها في طب وعلاج الأسنان.

أهمية الخلايا الجذعية في علاج الأمراض
يُعد حفظ الخلايا الجذعية من أسنان الأطفال بمثابة تأمين صحي آمن لمستقبل الطفل، وحماية له من الأمراض الخطيرة أو أعراض التقدم في العمر أو الأمراض الوراثية التي تنتقل من جيل إلى آخر.

وأضاف "عامر" أن الخلايا الجذعية التي يتم أخذ عيناتها من الأطفال تكون ذات جودة أفضل من العينات المأخوذة من البالغين، حيث تكون الخلايا أكثر سلامة وذات كفاءة أعلى.

وأشار عامر، خلال حديثه، إلى أن العلماء توصلوا من خلال النتائج البحثية إلى استخدام الخلايا الجذعية وتحفيزها على التكاثر.

وأوضح أن الخلايا الجذعية تساعد في علاج آثار الحروق الشديدة، وإعادة بناء الروابط بين الأعصاب، وعلاج أمراض تلف الدماغ، وإعادة بناء عضلة القلب، وإنتاج خلايا تفرز الإنسولين لعلاج داء السكري، واستبدال الغضاريف والأنسجة والعظام، ومازال العلاج بالخلايا الجذعية تحت نطاق البحث العلمي الذي يشهد تطورًا ملحوظًا يومًا بعد يوم.

كيف يتم حفظ الخلايا الجذعية من الأسنان اللبنية
أوضح الدكتور أحمد عامر، أخصائي طب الفم والأسنان، أن الخلايا الجذعية هي البنية الأساسية التي يتكون منها الجسم، إذ تتكاثر الخلية الجذعية الأساسية لتكوين خلايا جديدة، كما أنها قادرة على التحول إلى أي نوع من الخلايا التي يحتاجها الجسم، فعلى سبيل المثال، الخلايا الجذعية للجلد تتحول إلى خلايا جلدية، وخلايا الدم تتكاثر لتكوين خلايا دم أخرى.

وأضاف د. أحمد عامر أن الخلية الجذعية الواحدة من الأسنان اللبنية يمكنها أن تتكاثر وتتكيف في جسم المريض لتصبح عظمًا أو غضروفًا أو عضلة أو أعصابًا.

وتابع «عامر» أن الأبحاث العلمية أشارت إلى تحول كبير وملحوظ في العلاج باستخدام الخلايا الجذعية، وتقدم كبير في علاج أمراض الدم، وإصابات الحبل الشوكي، والسرطان، وعلاج غضروف الركبة، وما زالت المجالات البحثية العلمية تتعمق لاستخدامها في نطاق صحي أوسع وأعمق.

أنواع الخلايا الجذعية وكيفية استخلاصها
قال د. أحمد عامر، حسب ما أشارت إليه الأوراق العلمية، إنه يتم استخلاص النسبة الأكبر من أنسجة الخلايا الجذعية من لب السنّة اللبنية للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و10 سنوات.

وأشارت الأبحاث إلى أن وجود الخلايا الجذعية داخل الأنسجة الرخوة في لب السنّة اللبنية يضمن بقاءها فترة أطول من غيرها، فضلًا عن مميزات الحصول عليها بطرق أقل ألمًا وأكثر جودة في العلاج وأطول عمرًا، لتكون ضمانًا طبيًا للمريض في المستقبل لعلاج الأمراض الخطيرة.

وحول كيفية استخلاصها من السنّة اللبنية، ذكر د. أحمد عامر، أخصائي زراعة الأسنان، أنه يتم فحص الأسنان بدقة فور سقوطها وتعقيمها جيدًا، ثم يُستخلص منها النسيج الحيوي الرخو داخل لب السن، وبعد ذلك تُضاف إليها مادة حافظة للتجميد، ليتم حفظها في درجة حرارة ْ150  درجة مئوية.

وأضاف د. «عامر» أن نتائج آخر الدراسات البحثية أشارت إلى أن أطول مدة تم تسجيلها لحفظ الخلايا الجذعية بعد استخراجها بلغت 22 عامًا، بينما أشارت دراسات أخرى إلى إمكانية استخدامها بعد هذه المدة، كما أوضحت الأبحاث أنه تم حفظ عدد كبير من الخلايا البشرية لمدة تصل إلى 50 عامًا.            

ولا يوجد أي خطر على المريض في حال استخلاص الخلايا الجذعية من الأطفال، نظرًا لسقوط الأسنان بشكل طبيعي، كما يمكن أيضًا استخراجها من أسنان البالغين، إلا أن الأبحاث أكدت تفوق جودة الخلايا الجذعية المستخرجة من أسنان الأطفال، والتي لا يمكن مقارنتها بأي نوع آخر.

الأنواع الأخرى من الخلايا الجذعية
قال د. أحمد عامر، وفقًا لنتائج الدراسات البحثية، إنه يمكن استخلاص الخلايا الجذعية من الحبل السري للأم عند الولادة.

وهناك نوع آخر من الخلايا الجذعية يتم سحبه من المريض البالغ من منطقة الحوض أو العمود الفقري، حيث يستخدم الأطباء إبرة طويلة لسحب نخاع العظم من الحوض أو العمود الفقري.

وأوضح عامر أنه يتم تخدير المريض تخديرًا كليًا، كما يحتاج المريض إلى أسبوع كامل حتى يتمكن الجسم من تعويض الخلايا الجذعية التي تم سحبها.

الفرق بين أنواع الخلايا الجذعية السابقة
ذكر «عامر» أن نوع الخلايا التي يتم استخراجها من الحبل السري يحتوي على الخلايا المكوِّنة للدم (HPCs)، وتُستخدم بشكل أساسي في علاج أمراض الدم مثل اللوكيميا والليمفوما.

أما الخلايا الجذعية التي يتم استخراجها من الأسنان اللبنية للأطفال، فتتمتع بجودة أعلى في العلاج الطبي، وكفاءة أكبر في التكاثر والعلاج مقارنة بغيرها، حيث تحتوي على الخلايا الجذعية الوسيطة (MSCs) لعلاج العظام والغضاريف وأمراض الجسم والأعضاء، مثل الفشل الكلوي والكبدي، وتجديد أنسجة الرئة المتضررة، وتجديد خلايا الجلد.

تكلفة حفظ الأسنان
تختلف تكلفة حفظ الأسنان وفقًا لعدد الأسنان المراد حفظها، والمدة الزمنية التي يتم خلالها حفظ الأسنان.

صلاحية الأسنان بعد الخلع أو السقوط
قالت د. رانيا نصر، استشاري طب الفم وأسنان الأطفال والصحة العامة للأسنان بجامعة القاهرة، إنه عندما يحدث سقوط الأسنان اللبنية، وعند وقت التبديل بين الأسنان اللبنية والدائمة، يتم حفظها في محلول ملحي لمدة 48 ساعة لكي يتم استخدامها بعد ذلك، لكن لو تم تخزينها لمدة طويلة لكي يتم الاستفادة منها في العلاج، يتم الاستعانة بالمراكز المتخصصة في بنوك حفظ الأسنان ليتم حفظها بالطريقة الصحيحة، كما يتم بعد ذلك استخراج الخلايا الجذعية منها، إما في تخليق خلايا عظم جديدة أو عصب جديد أو الأنسجة الخاصة بالأسنان.

تفقد السنة صلاحيتها بعد ساعات من الخلع أو السقوط، ولذلك يجب اتباع الطريقة السابقة ذكرها حتي يتم الاستفادة من الأنسجة الرخوة في علاج الأمراض سواء المتعلقة بالأسنان أو غيرها من الأمراض الخطيرة والمستعصية.

أحدث العلاج باستخدام الخلايا الجذعية طفرة كبيرة في علاج العديد من الأمراض المستعصية، ما فتح المجال أمام البعض لنشر العديد من التكهنات العلمية حول استخدام الخلايا الجذعية في زراعة الأسنان بدون جراحة، ما أثار العديد من التساؤلات حول صحة ما تناقلته بعض المجلات العلمية وما انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول صحة استخدام اللاصقة السحرية في كوريا الجنوبية كأحد التقنيات التي تحتوي على الخلايا الجذعية في زراعة الأسنان دون اللجوء إلي العمليات الجراحية.

الخلايا الجذعية.. تجديد نفسها
وحول ماهية الخلايا الجذعية ومصادرها وأنواعها ودورها في مجال الطب البشري وطب الأسنان، قالت الأستاذة الدكتورة منى غنيم، أستاذ ورئيس قسم العلاج التحفظي، والذي يشمل علاج الجذور وتجميل الأسنان والتركيبات الثابتة، في حديث خاص لـ"بوابة الجمهورية"، إن الخلايا الجذعية تتمتع بقدرة مذهلة على تجديد نفسها، كما يمكن أن تتطور لتتحول إلى أي نوع آخر من الخلايا في الجسم.

أنواع ومصادر الخلايا الجذعية
تعددت أنواع ومصادر استخراج الخلايا الجذعية من الجسم، ويُعد استخراج الخلايا الجذعية الجنينية، التي يتم الحصول عليها من الأجنة أو المشيمة داخل رحم الحامل، أول مصدر معروف للخلايا الجذعية، ويتميز هذا النوع بقدرته على التكاثر والتحول إلى أي نوع من خلايا الجسم، مما يجعله صالحًا لتجديد الأنسجة والأعضاء.

وأوضحت الدكتورة منى غنيم، أن هناك خلافًا كبيرًا حول شرعية استخراج هذا النوع من الخلايا، لما يتعارض مع أخلاقيات المهنة الطبية، وهو ما جعل استخدامه العلاجي أمرًا صعب التطبيق في مصر.

وأضافت أنه يمكن أيضًا استخراج الخلايا الجذعية من الدم، والدهون، والبول، وكذلك من العمود الفقري، إلا أن هذا النوع الأخير يكون غير مُركز، وجميع هذه الأنواع تحتاج إلى دراستها معمليًا، وتوفير البيئة المناسبة لتكاثرها واستخدامها علاجيًا.

الخلايا الجذعية البالغة
أشارت الدكتورة منى، إلى أنه منذ عام 2006 بدأت الدراسات البحثية تستكشف الخلايا الجذعية متعددة القدرات داخل المعامل البحثية، إضافة إلى ما يُعرف بالخلايا الجذعية البالغة، وهي خلايا يتم استخراجها من الأشخاص البالغين، وتوجد في جميع أنسجة وأعضاء الجسم.

وتتميز الخلايا الجذعية البالغة بقدرتها على تكوين خلايا متخصصة وأنسجة جديدة، ويمكن استخدامها في علاج أمراض الشيخوخة، وتجديد الأنسجة والعظام، وتجديد خلايا الجلد، وبالتالي علاج أمراض الجلد المختلفة، خاصة المرتبطة بالحروق السطحية والعميقة، فضلًا عن استخدامها في علاج السرطان واختبار الأدوية والنماذج العلاجية للأمراض.

الخصائص الفريدة للخلايا الجذعية
تتمتع الخلايا الجذعية بخصائص فريدة في مجال الطب التجديدي والطب التجميلي التجديدي، سواء في طب الأسنان أو الطب البشري، حيث تمتلك القدرة على إعادة بناء الأنسجة الوظيفية (Recreate functional tissues).

وأوضحت الدكتورة منى، أن من أهم خصائص الخلايا الجذعية قدرتها على التكاثر وإعادة بناء الأنسجة، خاصة أن هناك أنواعًا من خلايا جسم الإنسان لا تتكاثر بطبيعتها، مثل خلايا الأعصاب والعضلات والدم، وتتيح الخلايا الجذعية لهذه الخلايا القدرة على الانقسام والتكاثر عدة مرات.

وقد يكون تكاثر الخلايا الجذعية إما لإنتاج عدد أكبر من الخلايا الجذعية، أو لإنتاج خلايا أكثر تخصصًا، مثل الخلايا المنتجة للعظم (Osteoblasts)، والخلايا المنتجة للغضروف (Fibroblasts)، وكذلك الخلايا المنتجة للكولاجين في الوجه.

مراكز متخصصة في مصر
يوجد في مصر مراكز وأقسام متخصصة في مجال الطب التجديدي، من أبرزها معامل هندسة الأنسجة بكلية طب الأسنان جامعة الإسكندرية، والتي حظيت بدراسات بحثية متخصصة وتجارب سريرية متكاملة في مجال الطب التجديدي وهندسة الأنسجة.

كما أشارت إلى تشرفها بالمشاركة ضمن فريق علمي متخصص، والإشراف على الدورة الخاصة بالطب التجديدي التجميلي في مجال طب الأسنان.

الخلايا الجذعية والتجميل
تُستخدم الخلايا الجذعية في مجال تجميل الوجه من خلال استخراجها من دهون المريض، حيث تمتلك مصر التقنيات الحديثة لتصفية دهون الجسم (Nano Fat)، والتي يتم استخلاص الخلايا الجذعية منها، وتتميز بقدرتها على بناء الكولاجين، وليس مجرد تحفيزه.

واستكمالًا لدور الخلايا الجذعية في إعادة بناء الأنسجة الوظيفية، أوضحت أن الخلايا الجذعية متعددة القدرات يمكن استخراجها من عظام الفك (Alveolar process) ومن الدهون، ثم تُعالج معمليًا وتُحقن لتتكاثر وتُسهم في إعادة بناء أنواع مختلفة من خلايا الجسم، مثل الجلد، والغضروف، والعظم.

الخلايا الجذعية وعلاج الأسنان
أكدت الدكتورة منى غنيم أن الدراسات والتجارب المعملية أثبتت قدرة الخلايا الجذعية على إعادة تكوين خلايا العظام حول الأسنان، وكذلك إعادة بناء خلايا اللثة، وقد أُجريت دراسات علمية وتجارب ناجحة في كلية طب الأسنان جامعة الإسكندرية، شملت تجارب على الحيوانات باستخدام الخلايا الجذعية، وأسفرت عن نتائج إيجابية.

تطبيقات استخدام الخلايا الجذعية
ذكرت الدكتورة منى غنيم أن هناك خمسة تطبيقات رئيسية للخلايا الجذعية:

- هندسة الأنسجة مثل الجلد والغضروف والعظم، ومن خلالها تم إنتاج خلايا مكونة للأعصاب في مجال طب الأسنان.

- الطب التجديدي، الذي يهدف إلى تجديد الخلايا وإصلاح الأنسجة التالفة، وقد حقق نجاحًا كبيرًا على المستوى التطبيقي.

- زراعة الأعضاء مستقبلًا، وهو أحد التطبيقات الواعدة للخلايا الجذعية.

- الطباعة الحيوية (Bioprinting) واختبار الأدوية العلاجية، وهي من أهم تقنيات الهندسة الحيوية والطب التجديدي، وما زالت قيد الدراسة والتجارب باستخدام أجهزة حديثة بكلية طب الأسنان جامعة الإسكندرية، حيث يتم إنشاء نماذج ثلاثية الأبعاد لأي عضو، وطباعة النسيج أو العضو المفقود باستخدام خلايا حية ومواد حيوية.

- علم الإكسوزومات (Exosomes)، وهو من التطبيقات المهمة في مجال الخلايا الجذعية، حيث تُعد الإكسوزومات أجسامًا دقيقة جدًا تُفرز من الخلايا الجذعية، وتحتوي على بروتينات ودهون وأحماض نووية مثل RNA، وتُسهم في التواصل بين الخلايا ونقل الإشارات والمعلومات، مما يؤثر في سلوك الخلايا، ومن أهم تطبيقاتها تقليل الالتهابات المرتبطة بأمراض الأنسجة، مثل الشيخوخة.

أبحاث حالية ومستقبلية
وأضافت الدكتورة غنيم، أن هناك العديد من الأبحاث العلمية الجارية التي تربط بين علم الجينات (الجينوم) والطب التجديدي، بهدف استخدام الخلايا الجذعية في دراسة كيفية تحول الخلايا إلى خلايا سرطانية، وعلاج مرض السرطان بمختلف أنواعه.

وأوضحت أن ما تم الانتهاء منه وتطبيقه فعليًا هو مجال طب الأسنان التجديدي، حيث أُجريت تجارب سريرية على الحيوانات لإعادة بناء عظم الفك، بما يساعد على زراعة الأسنان، وزراعة اللثة، وأعصاب الأسنان.

ونفت وجود أي تجارب علمية تثبت إمكانية زراعة الأسنان باستخدام الخلايا الجذعية دون تدخل جراحي، مؤكدة أن ذلك غير صحيح.

اختلاف مصادر الخلايا الجذعية
وردًا على تساؤل «بوابة الجمهورية» حول تأثير اختلاف مصادر الخلايا الجذعية، سواء المستخرجة من الدهون أو الفك أو الحبل السري أو نخاع العظم، على طبيعة ونوع المرض المراد علاجه؟ أوضحت الدكتورة منى أن ذلك صحيح، إلا أن الخلايا الجذعية البالغة المستخرجة من الدهون تتمتع بفعالية عالية في الطب التجديدي والطب التجديدي التجميلي.

وأشارت إلى أن هذا النوع من العمليات لم يُطبق بعد على نطاق واسع داخل العيادات الخاصة، إلا أن بعض المستشفيات التعليمية، مثل كلية طب الأسنان جامعة الإسكندرية، أحرزت تقدمًا كبيرًا في هذا المجال، وبدأت تطبيقه في علاج أعصاب الأسنان.

تكلفة العلاج
وحول تكلفة هذا النوع من العمليات، أوضحت أن التكلفة تختلف من حالة إلى أخرى ومن مريض لآخر، نظرًا لطبيعة الإجراءات البحثية والتجارب السريرية، واستخدام التكنولوجيا الحديثة في المجال الطبي والعلاجي، مما يجعلها مرتفعة نسبيًا، إلا أن مصر تمتلك التقنيات والأجهزة والمهارات والخبرات البحثية، ما يشير إلى وجود مؤشرات إيجابية عديدة للتوسع في هذا المجال خلال المستقبل القريب.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق