الخبراء:
مع تصاعد التحديات الصحية عالميًا، وتزايد اعتماد الدول على سلاسل إمداد دوائية باتت عرضة للاضطراب في أي لحظة، يفرض ملف الأمن الدوائي نفسه كأحد أهم ملفات الأمن القومي الحديث، باعتباره الضمانة الأولى لحماية صحة المواطنين واستقرار المجتمعات. ولم يعد الدواء مجرد منتج علاجي يُتداول في الأسواق، بل أصبح أداة سيادية تمس قدرة الدولة على الصمود أمام الأزمات، وتعكس مستوى تطورها العلمي والصناعي، ومدى امتلاكها لقرارها الصحي المستقل.
ويحتل مشروع توطين صناعة مشتقات البلازما موقعًا متقدمًا ضمن هذه الرؤية، كونه يرتبط بعلاج أمراض مزمنة وخطيرة تمس حياة آلاف المرضى، مثل الهيموفيليا ونقص المناعة وأمراض الكبد والحروق، وهي أمراض لا تحتمل انقطاع الدواء أو تأخره. ومن هنا، يكتسب اعتماد الوكالة الأوروبية للأدوية (EMA) لمشتقات البلازما المنتجة محليًا في مصر أهمية استثنائية، بوصفه شهادة ثقة دولية في جودة وأمان المنتج المصري، وإقرارًا بأن المنظومة الدوائية الوطنية باتت قادرة على الالتزام بأعلى المعايير العالمية في التصنيع والرقابة وسلامة سلسلة التوريد.
ويمثل هذا الاعتماد تحولًا استراتيجيًا في مسار الصناعة الدوائية المصرية، إذ يفتح الباب أمام تحقيق الاكتفاء الذاتي، وتقليل الاعتماد على الاستيراد، وخفض فاتورة العملة الصعبة، فضلًا عن تعزيز الثقة في الدواء المحلي وتهيئته لدخول أسواق التصدير الإقليمية والدولية. كما يرسخ دور مصر كمركز إقليمي لصناعة الأدوية الحيوية، ويعكس نجاح الدولة في نقل وتوطين التكنولوجيا المتقدمة، وربط البحث العلمي بالتطبيق الصناعي، بما يخدم صحة المواطن ويدعم الاقتصاد الوطني في آن واحد.
ويأتي هذا الإنجاز تتويجًا لرؤية سياسية واضحة أدركت أن الاستثمار في الصحة هو استثمار في الإنسان، وأن بناء منظومة دوائية قوية يمثل حجر أساس لتحقيق التنمية المستدامة، ليصبح اعتماد EMA خطوة مفصلية تؤكد أن مصر لم تعد فقط مستهلكًا للدواء، بل لاعبًا مؤثرًا في صناعته عالميًا، وقادرة على تحويل التحديات الصحية إلى فرص حقيقية للنمو والتقدم.
يري الدكتور رشدي فتحي رئيس قسم الاقتصاد كلية التجارة جامعة دمياط أن الدواء يعد احد الحقوق الأساسية للإنسان لكونه يتعلق بصحته وحباته و تمثل صناعة الدواء احد الصناعات الاستراتيجية التي تسهم في تحقيق السلام الاجتماعي، للصناعة الادوية اثار إيجابية كبيرة علي الاقتصاد المصري سواء لتلبية الطلب المحلي او الخارجي علي حد سواء من توفير فرص عمل او زيادة في الإنتاج المحلي وتوفير العملة الصعبة وكذلك التأثير الإيجابي علي إنتاجية القوى العاملة وزيادة العمر المتوقع للفرد ومن ثم رفع مستوى التنمية البشرية في مصر لان الصحة بعد اساسي من ابعاد التنمية البشرية ، ناهيك عن ان تحقيق الامن الدوائي هو شرط ضروري لتحقيق الامن القومي المصري. كما ان اعتماد الوكالة الأوروبية للأدوية (EMA) يرفع معايير الجودة والأمان لمشتقات البلازما المصرية بشكل جذري، محولًا مصر لمركز إقليمي معترف به دوليًا، ويدعم الاكتفاء الذاتي الدوائي، ويقلل الاستيراد، ويعزز الثقة بالمنتج المحلي، ويفتح أسواق التصدير، ويضع مصر في مصاف الدول المتقدمة صناعيًا في مجال الدواء الحيوي، كما يضمن مطابقة السلسلة الكاملة لأعلى المعايير العالمية.
ومن اهم النتائج المترتبة على هذا الاعتماد، تطبيق معايير عالمية صارمة وضمان سلامة سلسلة التوريد و تعزيز الثقة الدولية والمحلية في الدواء المصري و دعم الاكتفاء الذاتي والأمن الدوائي ويمثل نقلة نوعية للصناعة الدوائية مما يدعم رؤية الدولة في التوطين الصناعي في مجال الدواء المتقدم. ويوفر فرص تصديرية واعدة جعل مصر مُوردًا موثوقًا للبلازما ومشتقاتها لدول أخرى، ويفتح أسواقًا جديدة، خصوصًا بعد أن أصبحت مصر سادس دولة في العالم تحقق الاكتفاء الذاتي في هذا المجال الحيوي.
ومن ثم يمثل اعتماد EMA شهادة جودة عالمية تضمن أن مشتقات البلازما المصرية تلبي أعلى المقاييس الدولية، مما يرفع من قيمة الصناعة المحلية ويعزز الأمن الصحي والدوائي لمصر ويسهم دعم وتنمية الاقتصاد المحلي.
أوضح الدكتور عمرو عرفة مدرس التمويل والاستثمار بأكاديمية وادي العلوم أن التصنيع المحلي لمشتقات البلازما يعزز الأمن الدوائي ويدعم صحة المواطن المصري
تُعد البلازما أحد المكونات الحيوية للدم، حيث تمثل الجزء السائل منه وتشكل نحو 55% من حجمه، وتحتوي على الماء والأملاح والبروتينات الحيوية والأجسام المضادة وعوامل التجلط، وهي عناصر أساسية للحفاظ على توازن الجسم ودعم جهاز المناعة. وتكمن أهميتها في استخدامها لإنتاج أدوية منقذة للحياة لعلاج أمراض خطيرة مثل الهيموفيليا، ونقص المناعة، والحروق، وأمراض الكبد. فالبلازما ليست مجرد مكوّن من الدم، بل هي أساس لصناعة أدوية يعتمد عليها آلاف المرضى، ما يجعل تأمينها وإنتاج مشتقاتها محليًا قضية أمن صحي ودوائي في المقام الأول.
ومن هذا المنطلق، تولي الدولة المصرية اهتمامًا متزايدًا بتوطين صناعة مشتقات البلازما، لما لذلك من دور مباشر في خفض تكلفة العلاج مقارنة بالاستيراد، بما يضمن استدامة توفير الدواء وحماية صحة المواطن. كما يسهم التصنيع المحلي في تقليل الضغط على فاتورة الاستيراد وترشيد استخدام العملة الأجنبية، وهو ما ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني.
وعلى الصعيد الاقتصادي، فإن تحسين جودة التصنيع وفقًا للمعايير العالمية يفتح أمام مصر آفاق التحول إلى مركز إقليمي لتصدير مشتقات البلازما، بما يحقق عوائد مهمة للدولة. أما لوجستيًا، فيساعد الإنتاج المحلي على تجنب المخاطر الجيوسياسية واضطرابات سلاسل الإمداد التي قد تهدد توافر الدواء.
وجدير بالذكر أن اهتمام الدولة بالتوسع في هذا المشروع يسهم في خلق فرص عمل جديدة وخفض معدلات البطالة، مع ضرورة الاهتمام بإنشاء مراكز التصنيع على مستوى المحافظات، وإتاحة الفرصة لصغار المستثمرين للمشاركة فيها، مع فرض رقابة صارمة على عمليات التصنيع لضمان جودة المنتج وتأمين صحة المواطن، وتحقيق هدف الدولة في الوصول إلى أمن دوائي مستدام.
قال د أسامة حسن ، استشاري امراض الدم وزرع النخاع الأكاديمية الطبية العسكرية، ان مشروع البلازما يعد من أهم المشاريع الحالية التي بذلت فيها الدولة جهودا مضنية حتى تصل إلى هذا النجاح العلمي العظيم ، والذي يعد من أهم المشروعات التي أحدثت نقلة نوعية في عالم طب و علاج أمراض الدم ، نحن الٱن نبدا مشروعنا وتجاربنا العلمية في دولة اسبانيا ، والتي تشمل نفس المواصفات الخاصة بالجدودة الأوروبية في التصنيع، وتعد النتائج الأبحاث العملة جديدة جدا ، حيث ساهم إعتماد الوكالة الأوروبية للأدوية معادلة جودة وأمان مشتقات البلازما المنتجة محليًا في مصر، بشكل كبير ،في تخفيض تكلفة الإستيراد ، ولها تأثيرات إيجابية في علاج أمراض الدم على المرضى .
ومن منظور اقتصاديات الصحة، و العائد المتوقع على الدولة من تقليل الاستيراد وزيادة الإنتاج المحلي؛ ساهم إعتماد ال EMA واعتماد الوكالة الأوروبية للادوية معادلة جودة وامان مشتقات البلازما المنتجة محليا في مصر ، وساهم في الإرتقاء بجودة الخدمة العلاجية للمريض في العديد من الأمراض منها ؛ امراض الهيموفيليا بأنواعها سواء كانت امراض الهيموفيليا ٨ او هيموفيليا ٩ وbleeding tendency ( امراض قابلية النسف) ، مثل أمراض الكبد والتي تؤدي إلى نقص عوامل التجلط مما يتسبب في حدوث نزيف ، وتطبيق البلازما بالمعايير الدولية سيساهم في جودة العلاج المقدم لهذا النوع من الأمراض .
مما ينعكس على الأثر المتوقع لاعتماد EMA على تحسين نتائج العلاج لمرضى الهيموفيليا ونقص المناعة والأمراض المزمنة، والعلاج بوجه عام في مصر .
اضاف ينعكس تطبيق المعايير الأوروبية على منظومة التبرع بالبلازما بشكل إيجابي وسلامة المتبرعين صحيًا، حيث أطلق مصر حاليا المعايير الأوروبيةEMA في العلاج ، مما يسهم التصنيع المحلي المعتمد أوروبيًا في خفض التكلفة العلاجية على المدى المتوسط والطويل بنسب لا تقل عن ٤٠ـ٥٠٪ من التكلفة العامة للعلاج حتى الٱن .
وحول التحديات العلمية والتشغيلية التي قد تواجه المصنع حتى التشغيل الكامل في 2026 قال د أسامة ؛ لايوجد أي عقبات او تحديات ستواجه المشروع ، لان الدولة قد بذلت جهودا كبيرة لإنجاح هذا المشروع ،ليظهر بالشكل الذي يحقق المنفعة العلمية والطبية ، وليكون أحد المشروعات القومية للعلاج في مصر .
وحول تعظيم الاستفادة من الاعتماد الأوروبي في تطوير البحث العلمي ونقل التكنولوجيا داخل قطاع الدواء المصري.
قال دكتور اسامة بالتأكيد هذا المشروع سيساهم في تحقيق تعظيم الإستفادة وتعزيزها لاعتماد الأوروبي في تطوير البحث العلمي ونقل التكنولوجيا داخل قطاع الدواء المصري، حيث تتطلع مصر من خلال هذا المشروع إلى التصدير لدول الخارج.
حيث "تعد مصر سادس دولة على مستوى العالم في إنتاج بلازما الدم" ونسعى لتكون مصر هي المورد الرئيسي للدم في افريقيا والشرق الأوسط.
اوضح د أسامة إن هذا المشروع يمثل نقلة نوعية في صناعة وطب القادم على العلاج بلازما الدم حيث يدعم هذا الاعتماد مفهوم الأمن الدوائي وتقليل المخاطر المرتبطة بسلاسل الإمداد العالمية، فضلا عما يمثله هذا الاعتماد نقطة انطلاق لتحول مصر إلى مركز إقليمي لصناعة الأدوية الحيوية وتقليل فاتورة الإستيراد ، في كل امراض الخاصة " قابلية النسف"، والي تعد الهيموفيليا أحد أهم أنواع هذه الأمراض .
أكد د علي عوف رئيس شعبة الادوية بالغرفة التجارية .. ان توطين صناعة الدواء هو هدف قومى تعمل عليه مصر بتكليف من القياده السياسيه متذ 2014 والدوله المصرية تمشى بثبات نحو هذا الهدف فمنذ اكثر من عام بداء الاعلان عن توطين ادوية الأورام فى مصر وتم الاعلان عن توطين صناعة الأنسولين وخصوصا الاجيال الحديثه وفى نفس الوقت تم توطين صناعة البان الأطفال قى مصر وايضا فى 25 تم الإعلان عن توطين صناعة مشتقات الدم وهذا المشروع يعتبر مشروع قومى وهو من أعظم المشاريع التى تم عملها فى مصر متذ60 عام.
قال د علي عوف؛ ان الأمراض والحالات المرضية التي تستخدم فيها أدوية البلازما هى: الأمراض المزمنة والخطيرة مثل . الألبومين Albumin) ويستخدم لعلاج الحروق الحوادث والفشل الكبدى، والكلى والرعايات المركزة والعمليات الكبرى
أدوية المناعة (IG) ويستخدم في علاج نقص المناعة أورام السلام أولى أو ثانوى وكذلك امراض العظم والروماتيزم، وأورام الدم
أدوية وقف النزيف مثل فاكتور 8 لعلاج أمراض الهيموفيليا
ومن المهم ذكره أن منظمة الصحة العالمية أوصت الدول بأن تتخذ جميع الاجراءات المطلوبة ومحاولة الوصول إلى الإكتفاء الذاتي من تلك الأدوية وتتم إدراجها إلى أدوية اساسية بحيث لا يمكن الإستغناء عنها .
ويسهم التصنيع المحلى في خفض التكلفة العلاجية و توفير هذه الأدوية محليا ، يعمل على توفير الحصيلة الدولارية وهو ما يحدث حالياً حيث انه تم تحقيق الإكتفاء الذاتي ،من تلك الأدوية التي كانت تكلف الدولة ما يقرب من 50مليون دولار .
الٱن مصر لا تستورد زجاجة دواء واحدة من الأدوية السابق ذكرها .
واضاف عوف؛ وعندما يكلل الله ثمار هذا المشروع بالنجاح ، سوف يتم توفير هذه الأدوية باسعار اقل بكثير عن اسعارها العالمية.
من منظور اقتصاديات الصحة؛ اوضح د علي عوف استاذ اقتصاديات الدواء إن مصر تتبع سياسة هامة وهي التكلفة مقابل العوائد ، وفي مجال الادوية المشتقة من اليد بلازما يعد العائد المالي عالي جدا مقارنة بالتكلفة المادية، بالإضافة إلى تحسين أسلوب حياة المرضى مما يسهم في تقليل عدد الحالات التي تتطلب عزل في المستشفيات ، والحالات التي تصاحبها مضاعفات صحية ، إضافة إلى تقليل الفاتورة الإستيراد وتحقيق الإكتفاء الذاتي المحلي لتلك الأدوية وفتح المجال للتصدير إلى الأسواق الإقليمية والدولية للدواء المصري وبالتالي توفير العملة الصعبة والمساهمة في نمو الإقتصاد المصري.
اضاف لا بد تذكر بأن التجربة المصرية أصبحت الٱن على رادار العالم ويتم ذكرها على انها مثال يحتذى به فى هذا المجال وعلى الدول الأخرى أن تتبع نهج مصر لتحقيق الإكتفاء الذاتي من هذا النوع من الدواء .
ومن عوامل النجاح
وتبنى المشروع بعد كان فكرة حتى اصبح حقيقة واقعية على أرض مصر
اختيار الشريك الأجنبي المناسب والذي يمتلك احدث التكنولوجيا بالمعايير الدولية .
تبني فكرة نقل التكنولوجيا كاملة مننقل وتجميع وتوفير المادة الخام
إضافة إلى توفير العنصر البشري المختار والمؤهل للقيام وإدارة جميع العمليات والمهام.
اترك تعليق