بين أضواء الكريسماس المتلألئة و بوفيهات الفنادق العالمية، وبين هدايا «على قد الإيد» واحتفالات البيوت الهادئة، تستقبل المحافظات المصرية العام الميلادي الجديد كلٌ بطريقته الخاصة.
من الغردقة التي ترتدي ثوب الاحتفال العالمي وتحقق نسب إشغال قياسية، إلى الإسكندرية التي خفّ وهج الهدايا في أسواقها، مرورًا بالمنوفية التي ازدانت شوارعها بالأنوار، وأسيوط التي حافظت على وعي السوق وتوازن الأسرة، والإسماعيلية التي اختارت الاحتفال بالرمز والمعنى لا بالكلفة… يتشكل مشهد مصري متنوع يعكس نبض الشارع واختلاف الأولويات.
هذا الملف يرصد كيف يحتفل المصريون برأس السنة والكريسماس بين السياحة والاقتصاد، وبين العادات والتحديات، وبين بهجة الفنادق وحكمة البيوت، في لوحة واحدة تكشف ملامح المجتمع المصري وهو يودّع عامًا ويستقبل آخر بالأمل والترقب.
البحر الأحمر - حسن حمدان:
في مشهد يعكس مكانة البحر الأحمر كأحد أهم المقاصد السياحية العالمية، تعيش الفنادق والقرى السياحية بالغردقة ومدن المحافظة حالة من الاستنفار الإيجابي استعدادًا لاحتفالات الكريسماس ورأس السنة الميلادية، حيث تتداخل الأجواء الاحتفالية مع التخطيط الاحترافي، لتقديم تجربة سياحية متكاملة للنزلاء من مختلف الجنسيات، تجمع بين الترفيه الراقي والموروث الثقافي والتنوع العالمي في المأكولات والعروض الفنية، وسط نسب إشغال مرتفعة وإقبال أوروبي لافت.
بدأت الفنادق والقرى السياحية بمحافظة البحر الأحمر، وعلى رأسها مدينة الغردقة، الاستعداد المبكر والمكثف لاستقبال احتفالات أعياد الكريسماس ورأس السنة الميلادية، من خلال تزيين مداخل وواجهات الفنادق والمنتجعات بأشجار الكريسماس المضيئة ومجسمات بابا نويل، إلى جانب تجهيز المخيمات الداخلية والخارجية، وإجراء بروفات مكثفة لفرق الأنيميشن لتقديم عروض فنية وترفيهية متنوعة تناسب مختلف الجنسيات.
وشملت الاستعدادات تجهيز المطاعم لتقديم قوائم طعام متنوعة تجمع بين المأكولات الشرقية والغربية، مع إعداد بوفيهات خاصة بهذه المناسبة، تلبي أذواق النزلاء القادمين من مختلف دول العالم.
وفي هذا السياق، أكد سعيد العتيق، مدير عام إحدى المجموعات السياحية وعضو مجلس إدارة غرفة المنشآت الفندقية بالغردقة، أن الفنادق تبدأ التجهيز لاحتفالات الكريسماس وأعياد الميلاد منذ وقت مبكر، من خلال تخصيص أماكن للاحتفالات، وتنظيم فقرات فنية ومهرجانات متنوعة، مع الحرص على التجديد والتنوع، خاصة في البرامج الموجهة للأطفال وتقديم الهدايا لإدخال البهجة على قلوبهم.
من جانبه، أوضح خالد الصغير، مدير أحد الفنادق السياحية بالغردقة، أن احتفالات الكريسماس ورأس السنة تحظى بأهمية خاصة لدى السائحين الأوروبيين، حيث تُعد مناسبة دينية واجتماعية محورية لديهم، ما يستلزم استعدادات استثنائية. وأشار إلى أن التخطيط يبدأ منذ شهر أكتوبر، بينما تنطلق مراحل التنفيذ الفعلي مع بداية شهر ديسمبر.
وأضاف أن يوم الكريسماس يبدأ ببرامج موسيقية صباحية، إلى جانب فعاليات ترفيهية للأطفال من العاشرة صباحًا وحتى الثانية عشرة ظهرًا، بمشاركة فرق الأنيميشن التي ترتدي أزياء بابا نويل وتقوم بتوزيع الهدايا في أجواء احتفالية كبيرة، يعقبها عروض استعراضية للنزلاء في فترة ما بعد الظهيرة.
وأوضح الصغير أن الفنادق والمطاعم تكون قد اكتملت زينتها بحلول الساعة السادسة مساءً، لتستقبل النزلاء في أجواء مبهرة، بينما يغلب على بوفيه عشاء الكريسماس تقديم لحوم الروستو، ويُعد الديك الرومي والدندي من أبرز الأطباق المفضلة لدى الأوروبيين، إلى جانب تشكيلة واسعة من اللحوم المختلفة.
وأشار إلى أن طقوس الكريسماس لدى السائح الأوروبي تتسم بالهدوء والطابع الديني، حيث يختتم اليوم بعشاء هادئ تعقبه موسيقى أو عروض غنائية خفيفة، قبل أن ينصرف النزلاء للراحة.
وأكد أن ذروة الاحتفالات الترفيهية تكون ليلة 31 ديسمبر، حيث تُنظم حفلات ضخمة تمتد من الثامنة مساءً وحتى الواحدة صباحًا، تتصدرها بوفيهات عالمية تضم أطباقًا من مختلف المطابخ الدولية، مع أركان خاصة للمأكولات الإيطالية والآسيوية والهندية والمكسيكية، إلى جانب الأكلات الشرقية والغربية، وتتصدرها لحوم النعام والديك الرومي والدندي.
وأوضح أن كل فندق يختار «سيستم» خاصًا لاحتفالات رأس السنة، مثل الليالي الفرعونية أو الرومانية أو الإفريقية أو المستقبلية، وعلى أساسه يتم تصميم الديكورات وأزياء العاملين وطبيعة الفقرات الفنية.
وبشأن حركة السياحة، أشار الصغير إلى أن الجنسية الألمانية تتصدر نسب الإشغال خلال موسم الكريسماس ورأس السنة بنسبة تقارب 60%، تليها الجنسيات الإنجليزية والهولندية والتشيكية والبولندية والروسية، لافتًا إلى أن نسب الإشغال تتراوح بين 80 و82% خلال الكريسماس، وترتفع إلى ما بين 85 و87% خلال رأس السنة.
وفيما يتعلق بالعمل داخل المنشآت السياحية، أكد وقف جميع الإجازات للعاملين بالفنادق والقرى السياحية اعتبارًا من 15 ديسمبر وحتى 7 يناير، خاصة للعاملين في أقسام الاستقبال والخدمات والصيانة، على أن تعود الإجازات عقب انتهاء احتفالات عيد الميلاد المجيد المصري.
من جانبه، قال علاء الدين محمود، رئيس اتحاد السياحيين بالبحر الأحمر، إن الاستعدادات تشمل تعليق الزينة وتنظيم برامج فنية متنوعة، تعتمد في معظمها على فرق فنية أجنبية إلى جانب فرق الأنيميشن، معتبرًا احتفالات رأس السنة موسم عمل مكثف للفنادق.
وأشار سامح جمعة، نائب رئيس مجموعة فنادق سياحية بالغردقة، إلى تجهيز مخيمات داخلية وخارجية للحفلات، واستقدام فرق موسيقية ومطربين محليين ودوليين، فضلًا عن إدخال عناصر جديدة هذا العام مثل عروض الألعاب النارية، وبرامج الأطفال التي تشمل ورش صناعة الهدايا والتصوير مع بابا نويل، لتعزيز الطابع العائلي للاحتفالات.
وفي سياق متصل، أكد عصام علي، عضو غرفة المنشآت السياحية، أن مؤشرات الحجوزات المستقبلية تعكس تعافيًا قويًا للسياحة المصرية خلال العام المقبل، مع زيادة الإقبال من الأسواق المصدرة للسياحة، مشيرًا إلى تحقيق بعض الفنادق والمنتجعات نسب إشغال كاملة وصلت إلى 100% في الغردقة ومرسى علم وعدد من المدن السياحية.
وبالتزامن مع هذه الاحتفالات، شددت الأجهزة الأمنية بمحافظة البحر الأحمر من إجراءات التأمين، من خلال تكثيف التواجد الأمني بمحيط الفنادق والقرى السياحية والمطارات، ونشر أجهزة الكشف عن المفرقعات والكلاب البوليسية المدربة، وتأمين الكمائن، لضمان سلامة السائحين والمواطنين واستمرار الاحتفالات في أجواء آمنة.
الإسكندرية - دينا زكي:
شهدت أسواق الإسكندرية هذا العام حالة من الركود الملحوظ في مبيعات هدايا رأس السنة، رغم الارتفاع الواضح في أسعار أشجار الكريسماس ومجسمات بابا نويل، وسط ضعف الإقبال على الشراء. ويعزو تجار هذا التراجع إلى انشغال المواطنين بمتابعة الانتخابات الرياضية والنيابية، التي استحوذت على اهتمام الشارع السكندري وأثرت على الحركة الشرائية الموسمية.
وفي الوقت نفسه، واجهت الأسواق التقليدية منافسة قوية من صفحات التواصل الاجتماعي، خاصة «فيسبوك»، إلى جانب المعارض المنظمة داخل الأندية الاجتماعية، والتي أقامتها سيدات عرضن منتجات بابا نويل وزينة رأس السنة بأسعار مخفضة، مصنوعة منزليًا، ما لاقى إقبالًا لافتًا من المواطنين الباحثين عن بدائل أقل تكلفة.
ويقول عبد الله إسماعيل، أحد بائعي الزينة، إن مجسمات بابا نويل تُطرح بثلاثة مقاسات، تبدأ أسعارها من 20 جنيهًا للصغير، وتتجاوز ألف جنيه للكبير، بينما تبدأ أسعار أشجار الكريسماس من 180 جنيهًا، وتصل إلى 5 آلاف جنيه للأحجام الكبيرة، في حين يبدأ سعر الأشجار المزينة بالليزر من 2900 جنيه.
من جانبه، أوضح محمد حسين، بائع، أن الإقبال على الأشجار الطبيعية بات محدودًا، واقتصر على القنصليات والجاليات الأجنبية، نظرًا لارتفاع أسعارها التي تبدأ من ألفي جنيه لكونها مستوردة، مشيرًا إلى أن بعض أصحاب الفيلات بالساحل الشمالي يقبلون على شراء الأشجار الصغيرة لاستخدامها في احتفالات خاصة بليلة رأس السنة. وأضاف أن الزهور تُباع بالواحدة، وتبدأ من 13 جنيهًا، لتجهيز باقات حسب الطلب.
وعلى صعيد الابتكارات، شهدت الأسواق ظهور منتجات جديدة مثل فساتين بابا نويل للأطفال بأسعار تبدأ من 150 جنيهًا، وسالوبيت للأطفال يبدأ من 100 جنيه، إلى جانب قطع زينة الأشجار التي تبدأ أسعارها من 30 جنيهًا.
أما سوق المخبوزات، فشهد منافسة غير مسبوقة بين الأفران، ومحال بيع التورتات الشعبية، والمحلات الراقية، وصفحات التواصل الاجتماعي التي تسوق منتجات ربات المنازل. وبصورة عامة، تبدأ أسعار قطع الجاتوه الشعبية من 15 جنيهًا وتصل إلى 150 جنيهًا، بينما تبدأ أسعار التورتات من 80 جنيهًا وقد تتجاوز ألف جنيه، خاصة الأنواع المصنوعة من المكسرات والشوكولاتة الخام والكريمة الطبيعية. وشهدت محال التورتات متوسطة الأسعار إقبالًا على الحجز المبكر قبل أعياد رأس السنة.
وفي مشهد لافت، اشتدت المنافسة بين محال الفطائر والبيتزا على حجز عمال التوصيل، أو ما يُعرف بـ«الطيارين»، بسبب الإقبال الكبير على هذه المنتجات ليلة رأس السنة، لانخفاض أسعارها مقارنة بالتورتات. ودفع ذلك أصحاب المحال إلى الإعلان المبكر عن الأسعار، وتقديم عروض خاصة على شراء أكثر من فطيرة أو بيتزا، في محاولة لجذب أكبر عدد من الزبائن.
المنوفية - نشأت عبد الرازق:
تعيش محافظة المنوفية أجواءً احتفالية مبهجة تزامنًا مع قرب حلول العام الميلادي الجديد 2026 وأعياد الميلاد المجيدة، حيث تزينت الشوارع والميادين الرئيسية بالأنوار الملونة وأشجار الكريسماس، في مشهد يعكس روح البهجة والمشاركة المجتمعية بين أبناء المحافظة.
وشهدت مدن المنوفية، وعلى رأسها شبين الكوم عاصمة المحافظة، مظاهر احتفال لافتة، تمثلت في تزيين واجهات المحال التجارية والكافيهات، ونصب مجسمات «بابا نويل»، فيما حرص عدد من الشباب على ارتداء زي بابا نويل وتوزيع الهدايا على الأطفال والمارة، ما أضفى أجواءً من السعادة والفرح في الشوارع والميادين.
وتتزامن هذه المظاهر مع الاستعدادات الدينية، حيث تشهد الكنائس قداسات أعياد الميلاد وسط تأمين مكثف، لتجتمع في المنوفية مظاهر البهجة المدنية مع الروحانية الدينية، في إطار يسوده التآخي والمحبة.
وعلى الصعيد التجاري، شهدت محال الهدايا بالمحافظة إقبالًا ملحوظًا مع اقتراب رأس السنة، وتنوعت المعروضات لتناسب مختلف الأذواق والقدرات الشرائية، حيث تصدرت «الدباديب» قائمة الهدايا الأكثر رواجًا، بأسعار تبدأ من 100 إلى 300 جنيه للأحجام الصغيرة، ومن 400 إلى 1000 جنيه للمتوسطة، بينما تراوحت أسعار الأحجام الكبيرة والعملاقة بين 1500 و4500 جنيه.
كما زاد الإقبال على بطاقات التهنئة وبوكسات الهدايا، التي تتراوح أسعارها بين 100 و300 جنيه حسب التصميم.
وشهدت محال الحلويات بدورها حركة نشطة، خاصة على شراء الشيكولاتة التي تعد من أبرز هدايا المناسبة، حيث يبدأ سعر الكيلو العادي من 250 جنيهًا، بينما تصل أسعار الأنواع الفاخرة إلى 2000 جنيه أو أكثر للكيلو وفقًا للنوع والجودة.
وفي إطار الاستعدادات الرسمية، أصدر اللواء إبراهيم أبو ليمون محافظ المنوفية توجيهات مشددة برفع درجة الاستعداد القصوى بكافة القطاعات الخدمية والحيوية، والتعامل الفوري مع شكاوى المواطنين على مدار الساعة، مع الربط المباشر بمركز سيطرة الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة، بما يضمن عدم تعكير صفو الاحتفالات.
وشدد المحافظ على تكثيف التنسيق مع الجهات الأمنية لتأمين الكنائس ودور العبادة والمنشآت الحيوية، إلى جانب شن حملات مكثفة للنظافة ورفع الإشغالات بمختلف مراكز ومدن وقرى المحافظة، والاهتمام بالحدائق والمتنزهات العامة لتوفير اجواء مناسبة لقضاء الأعياد.
كما وجه برفع درجة الاستعداد بالمستشفيات العامة والمركزية، وضمان تواجد الأطقم الطبية وتوافر الأدوية والمستلزمات، مع استمرار الحملات التموينية والبيطرية على الأسواق والمخابز والمطاعم للتأكد من صلاحية السلع، فضلًا عن استعداد شركة مياه الشرب والصرف الصحي لمواجهة أي طوارئ.
وفي ختام توجيهاته، قدم اللواء إبراهيم أبو ليمون التهنئة لأهالي المنوفية بمناسبة قرب حلول العام الميلادي الجديد، مهنئًا الإخوة الأقباط بأعياد الميلاد المجيدة، ومتمنيًا لمصر مزيدًا من التقدم والاستقرار في ظل القيادة السياسية الحكيمة.
الاسماعيلية - مجدي الجندي:
على الرغم من اقتراب دقات الساعة من إعلان عام ميلادي جديد، إلا أن شوارع "عروس القناة" تعيش حالة من الهدوء الممزوج بالترقب. فبين واجهات المحلات التي تزينت بخجل، وبين حركة البيع والشراء التي يصفها التجار بـ"الضعيفة"، تبدو ملامح الكريسماس هذا العام في الإسماعيلية "قطاع خاص جداً"، حيث انحسرت مظاهر الاحتفال في تبادل الهدايا الرمزية والبسيطة.
رصدنا تراجعاً ملحوظاً في الإقبال على شراء أشجار الكريسماس الكبيرة والزينة الفاخرة، حيث اكتفى المواطنون بشراء "الطربوش الأحمر" وطاقية "بابا نويل"، فيما ظل الورد الأحمر هو القاسم المشترك بين المخطوبين والعشاق، كأقل تعبير ممكن عن البهجة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.
يقول رمزي بسلة: "الوضع هذا العام مختلف تماماً؛ فالإقبال ضعيف جداً علي شراء العدايا مقارنة بالسنوات الماضية. الزبون أصبح يبحث عن الضروريات أولاً، وهدايا الكريسماس أصبحت من الرفاهيات، لذا نجد أن البيع يتركز في الإكسسوارات الصغيرة التي لا يتعدى سعرها بضعة جنيهات".
ومن جانبه، يضيف محسن صبري، "شيخ الخيامية بالإسماعيلية": "كانت شوارع الإسماعيلية تتزين بالخيامية الحمراء والستائر المبهجة، لكن الآن أصبح الطلب محصوراً في نطاق ضيق جداً وللفنادق أو الأماكن الخاصة فقط، أما المواطن البسيط فيكتفي بلمسة زينة داخل منزله لإسعاد أطفاله".
ومن ناحية أخرى، يرى فتحي ملاك أن قيمة الاحتفال ليست في حجم الهدايا أو ثمنها، بل في الروح التي تجمع الناس، قائلاً: "رغم ضعف الإقبال على الشراء، إلا أننا نحاول الحفاظ على مظاهر البهجة؛ فالكريسماس هو رسالة حب وسلام، والإسماعيلية دائماً ما تتميز بروح التسامح والوحدة في كل الأعياد".
ويؤكد مينا مايكل على هذا المعنى بقوله: "الاحتفال هذا العام قد يكون هادئاً، لكنه يحمل في طياته آمالاً كبيرة بعام جديد يسوده الاستقرار والرخاء. نحن لا ننظر لحجم المبيعات بقدر ما ننظر لابتسامة طفل يرتدي طاقية بابا نويل، فالأعياد هي حلقة الوصل التي تجمع القلوب وتجدد الأمل في غد أفضل".
ويبقى الاحتفال برأس السنة الميلادية وأعياد الميلاد في الإسماعيلية ركن اساسي في النسيج الاجتماعي، فهو ليس مجرد "موسم تجاري"، بل هو مساحة للتفاؤل والدعاء بأن يحفظ الله مصر ويرزق أهلها الخير، لتظل "عروس القناة" دائماً في أبهى صورها رغم التحديات.
أسيوط - أسامة صديق:
مع اقتراب احتفالات أعياد الميلاد المجيدة ورأس السنة الميلادية، تشهد محافظة أسيوط حالة من الحراك المتزن داخل أسواقها، في مشهد يعكس خصوصية الصعيد وارتباطه بثقافة الاعتدال والوعي الاستهلاكي، بعيدًا عن مظاهر الصخب والمبالغة.
وتعكس الأسواق الشعبية والتجارية بالمحافظة مزيجًا لافتًا بين التقاليد المتجذرة ومظاهر احتفالية حديثة فرضتها متغيرات العصر وأنماط الاستهلاك الجديدة، دون أن تمس الهوية المحافظة والمتزنة التي تميز المجتمع الأسيوطي.
وتتصدر أسواق المواد الغذائية المشهد، باعتبارها القلب النابض لحركة البيع والشراء خلال هذه الفترة، حيث يتزايد الإقبال على الدواجن بمختلف أنواعها، ويتقدم الرومي قائمة الطلب، إلى جانب اللحوم والأسماك التي تشهد رواجًا ملحوظًا، خاصة في المراكز والمدن الكبرى. كما تنشط أسواق الخضروات والفواكه، لاسيما الموالح والتفاح والموز، في ظل توجه واضح لدى غالبية الأسر للشراء وفق الاحتياج الفعلي، بعيدًا عن التخزين أو الإسراف، بما يعكس وعيًا استهلاكيًا فرضته الظروف الاقتصادية الراهنة.
وفي هذا السياق، أوضح هاني جلال، الخبير الاقتصادي، أن حركة الأسواق في أسيوط تقدم نموذجًا لما يُعرف بـ«الطلب العقلاني»، مؤكدًا أن المواطن الصعيدي يتعامل مع المناسبات باعتبارها قيمة اجتماعية قبل أن تكون مناسبة استهلاكية، وهو ما يحد من موجات الغلاء غير المبرر، ويساعد على تحقيق توازن نسبي بين العرض والطلب.
وأشار إلى أن هذا السلوك يسهم في استقرار الأسعار، ويمنح الأسواق قدرة أكبر على التكيف والصمود أمام التحديات الاقتصادية.
ولا تغيب محال الحلويات والمخابز عن المشهد، حيث تطرح تشكيلة متنوعة من الكعك والبسكويت والتورتات ذات الطابع الاحتفالي، وسط إقبال محسوب يراعي القدرة الشرائية للأسر. وفي الوقت ذاته، تشهد أسواق الهدايا حضورًا ملحوظًا للدباديب، ومجسمات بابا نويل، وزينة شجرة الكريسماس، والإضاءات الملونة، التي أصبحت جزءًا من المشهد السنوي بشوارع وسط المدينة، خاصة بين الأطفال والشباب.
ومن زاوية اجتماعية، يقول سامح الشريف، ولي أمر، إن الأسر في أسيوط تحرص على إدخال البهجة إلى قلوب أبنائها دون تحميل ميزانية الأسرة أعباء إضافية، موضحًا أن مظاهر الاحتفال باتت تركز على الأجواء العائلية والرمزية، أكثر من التركيز على كثرة المشتريات أو المظاهر المكلفة.
وأضاف أن الأولوية لدى أغلب الأسر أصبحت لتأمين الاحتياجات الأساسية، مع تخصيص جزء محدود للهدايا أو الحلويات، بما يحافظ على فرحة المناسبة دون ضغوط مالية.
ويتزامن هذا الحراك مع تكثيف الأجهزة التنفيذية حملاتها الرقابية على الأسواق، لضمان توافر السلع وجودتها وضبط الأسعار، في إطار الحرص على استقرار السوق خلال موسم يشهد زيادة نسبية في الطلب.
وبين حركة بيع وشراء متوازنة، وتنوع في المعروضات، واعتدال في الإقبال، تستقبل أسيوط العام الجديد محتفظة بمعادلتها الخاصة، حيث يلتقي الوعي الاقتصادي بالقيم الاجتماعية، وتتشكل مظاهر الاحتفال بروح هادئة تعكس هوية المكان وقدرته على التكيف مع متغيرات الزمن دون التفريط في جوهره.
الشرقية - عبدالعاطي محمد:
في إطار الإستعدادات المكثفة لإستقبال أعياد رأس السنة الميلادية وعيد الميلاد المجيد، رفعت محافظة الشرقية درجة الجاهزية القصوى بكافة القطاعات الخدمية والأمنية، لضمان توفير أجواء آمنة ومستقرة للمواطنين، خاصة بمحيط الكنائس ودور العبادة. وتأتي هذه التحركات في ظل توجيهات مباشرة من المهندس حازم الأشموني محافظ الشرقية، بتكثيف أعمال المتابعة الميدانية، وتعزيز الانضباط بالشوارع، وضمان جاهزية المستشفيات والأسواق، بما يحقق السلامة العامة ويحافظ على الطابع الاحتفالي للمناسبة.
أصدر المهندس المحافظ تعليمات مشددة لرؤساء المراكز والمدن والأحياء، برفع درجة الاستعدادات القصوى بكافة القطاعات، مع التركيز على محيط الكنائس ودور العبادة والأديرة، استعدادًا للاحتفال بأعياد رأس السنة الميلادية وعيد الميلاد المجيد.
وشدد المحافظ على ضرورة تكثيف حملات النظافة بالشوارع والميادين العامة والمتنزهات والحدائق، ورفع الإشغالات أولًا بأول، والتأكد من كفاءة إنارة أعمدة الشوارع، إلى جانب إزالة أي مخلفات متراكمة بمناطق الاحتفالات وحول الكنائس ودور العبادة والشوارع المؤدية إليها، بما يضمن توفير مظهر حضاري يليق بالمناسبة.
ووجه المحافظ الأجهزة التنفيذية بالتنسيق الكامل مع قوات الأمن ورجال المرور، لوضع خطة محكمة لتأمين محيط الكنائس ودور العبادة والمنشآت الحيوية، واتخاذ جميع التدابير والإجراءات اللازمة للحفاظ على سلامة المواطنين، وتيسير الحركة المرورية، وتوفير الأجواء المناسبة لقضاء الأعياد داخل المتنزهات والحدائق في أجواء من البهجة والطمأنينة.
كما أمر المحافظ برفع درجة الاستعداد بجميع المستشفيات العامة والمركزية والوحدات الصحية بنطاق المحافظة، والتأكد من توافر الأدوية والمستلزمات الطبية بأقسام الطوارئ، وتوافر أكياس الدم ومشتقاته ببنوك الدم، مع منع الإجازات للأطقم الطبية طوال فترة الاحتفالات، لضمان سرعة التعامل مع أي طوارئ محتملة.
وشدد " الأشموني" على تكثيف الحملات الرقابية التفتيشية على منافذ بيع وتداول الأغذية، بما يشمل المحال العامة والمطاعم والمخابز والمجازر وثلاجات حفظ الأغذية، للتأكد من سلامة المعروضات وضبط أي مخالفات حفاظًا على صحة المواطنين.
وفي لفتة تعكس روح الوحدة الوطنية، قدم محافظ الشرقية التهنئة للأخوة الأقباط بمناسبة أعياد رأس السنة الميلادية وعيد الميلاد المجيد، مؤكدًا أن أبناء مصر نسيج واحد يجمعهم وطن واحد، يعملون جميعًا من أجل رفعته وتقدمه.
وعلى صعيد الأسواق، شهدت المحال التجارية بمراكز ومدن المحافظة إقبالًا محدودًا على شراء شجرة الكريسماس وزينة الاحتفالات، مقارنة بالأعوام السابقة، في ظل توجه عدد من الأسر إلى ترشيد الإنفاق والاكتفاء بالمظاهر الرمزية للاحتفال.
شدد المحافظ خلال اجتماعاته الدورية على ضرورة المتابعة اليومية لأعمال الحملة الميكانيكية بكل مركز ومدينة وحي، والتأكد من جاهزية المعدات والسيارات، وإجراء أعمال الصيانة اللازمة لها، بما يضمن استمرار كفاءتها وتحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين خلال فترة الأعياد.
المنيا - نبيل يوسف:
قبل بدء الاحتفال برأس السنة الميلادية الجديدة بأيام قليلة تشهد أسواق محافظة المنيا حالة من النشاط الملحوظ تزامنًا مع قرب احتفالات أعياد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية، حيث ازدادت حركة البيع والشراء بأسواق السلع الغذائية والهدايا وزينة الكريسماس، في مشهد يعكس طبيعة التقاليد والعادات المتوارثة بين أبناء المحافظة وخاصة الأطفال والشباب والمخطوبين و المتزوجين حديثا.
وتشهد الاسواق إقبالًا متزايدًا على شراء البط والديك الرومي والدواجن بأنواعها، إلى جانب اللحوم البيضاء باعتبارها من العناصر الأساسية على موائد الاحتفال، خاصة لدى الأسر المسيحية، مع توافر المعروض بكميات مناسبة في محال بيع الطيور والمجازر المرخصة.
كما نشطت حركة البيع في أسواق الخضروات والفواكه، حيث ارتفع الطلب على الأصناف المرتبطة بالوجبات المنزلية الجماعية، فضلًا عن الحلويات الشرقية والغربية التي يحرص المواطنون على اقتنائها خلال هذه المناسبة، سواء للتناول داخل المنازل أو تقديمها كهدايا للأقارب والأصدقاء.
وقد امتلأت شوارع وميادين مدينة المنيا ومراكز المحافظة بعدد من محال الهدايا والبازارات المؤقتة التي تعرض أشجار الكريسماس، ودمى بابا نويل، والدباديب، وسلاسل الزينة والإضاءة، حيث تنوعت المعروضات بين المنتجات المحلية والمستوردة، مع اختلاف الأسعار بحسب الحجم والخامة.
وشهد هذا الموسم ظهور تقاليع جديدة في سوق الهدايا، أبرزها مجسمات مبتكرة لشخصيات الكريسماس وأشكال زينة مستوحاة من البيئة المحلية، إلى جانب استمرار رواج الدمى القماشية وأشجار الكريسماس الصغيرة التي تناسب الشقق السكنية محدودة المساحة.
وأكد اسعد ابراهيم وعبد الفتاح سعد فرج ومسلم محمد كامل من الباعة أن موسم الكريسماس ورأس السنة يُعد من أهم المواسم التجارية خلال العام، نظرًا لزيادة الإقبال من مختلف الفئات العمرية، مشيرين إلى أن حركة البيع تبدأ في الارتفاع منذ مطلع ديسمبر وتبلغ ذروتها مع اقتراب ليلة العيد ورأس السنة.
و أعرب ابنوب عيد صديق ويوسف فيكتور وجيه وكرستين نبيل عن حرصهم على شراء مستلزمات الاحتفال مبكرًا لتجنب الزحام وارتفاع الأسعار في الأيام الأخيرة، مؤكدين أن هذه المناسبات تمثل فرصة لإدخال البهجة على الأطفال ولمّ شمل الأسرة في أجواء احتفالية مميزة.
و كثفت الأجهزة التنفيذية بمحافظة المنيا من حملاتها الرقابية على الأسواق ومحال بيع السلع الغذائية، للتأكد من توافر المنتجات وجودتها، وضبط الأسعار، ومنع أي ممارسات احتكارية، مع التشديد على الالتزام بالاشتراطات الصحية حفاظًا على سلامة المواطنين.
وتواصل أسواق المنيا استعداداتها حتى نهاية ديسمبر، وسط توقعات بزيادة معدلات الإقبال خلال الأيام المقبلة، في ظل حالة من التفاؤل المصحوب بحذر المستهلكين، مع سعي التجار لتلبية احتياجات المواطنين بما يتناسب مع قدراتهم الشرائية، والحفاظ على الطابع الاحتفالي الذي يميز هذه المناسبة كل عام.
وكلف اللواء عماد كدواني محافظ المنيا رؤساء الوحدات المحلية بالمراكز التسع ومديري ومديريات التموين والصحة والطب البيطري بشن حملات رقابية وتفتيشية على الأسواق والمحلات لمنع تلاعب التجار والتأكد من صلاحية المواد الغذائية واللحوم والتأكد من عرض الاسعار في مكان ظاهر بالمحلات التجارية
وقد تابع المهندس حلمي الزهري وكيل وزارة التموين والتجارة الداخلية بالمنيا، الحملات الرقابية على المخابز البلدية والأسواق والمحال التجارية، بهدف إحكام الرقابة على السلع المدعمة والاستراتيجية، والتصدي لكافة صور الغش التجاري والتلاعب بحقوق المواطنين و تم ضبط محل لبيع المشروبات الكحولية بدون ترخيص، والتحفظ على 526 زجاجة خمور و261 زجاجة بيرة مجهولة المصدر.
اترك تعليق