هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

الحرف اليدوية.. شريان يتدفق لتعزيز النمو الاقتصادي

التحول من "الدعم إلى الإنتاج".. استراتيجية حكومية
لتحسين مستوى معيشة المنتجين

دعم الصناعات الصغيرة لتعظيم الإنتاج المحلي
والحد من استيراد المنتجات البديلة

"تراثنا" و"ديارنا" يسهمان فى تمكين آلاف الأسر المنتجة..اقتصاديًّا

قامت اقتصاديات العديد من بلدان العالم الناهضة على ركائز أساسية جعلتها تنطلق في ركاب النمو والتقدم والازدهار الصناعي والتجاري؛ مما أكسبها قوة لا مناص من احترامها وتقدير هيبتها ومكانتها بين الأمم القوية، وكانت الصناعات الصغيرة ومتناهية الصغر ذات دور أساسي في تلك النهضة، وجمهورية الصين الشعبية مثال حيّ نابض على هذه التجربة الملهمة.


توفير 80 ألف فرصة عمل بمعارض الحرف اليدوية من 2014 إلى 2025
62% من المشاركين في "تراثنا 2025" نساء من الصعيد وسيناء وحلايب
التضامن تقود خطة لتحويل الحرف اليدوية إلى صناعة تصديرية واعدة
صندوق دعم الصناعات الريفية يطلق برامج تمويل متناهية الصغر بشروط ميسرة للحرفيين
ربط المشروعات الصغيرة بسلاسل قيمة مستدامة وخلق فرص عمل لائقة
الخبراء والحرفيون: المنصات الإلكترونية ..الجسر القادم لتصدير التراث المصري للعالم
خبراء التنمية: دعم الحرف اليدوية ضرورة اقتصادية واجتماعية

دأبت الدولة المصرية على مسايرة هذا الفكر التنموي الذي يعتمد على دعم الصناعات الحرفية واليدوية وتشجيع الأسر المنتجة على زيادة إنتاجها، من خلال تقديم الدعم التمويلي والتسويقي لمشروعاتها الحرفية والتراثية التي تضمن الحفاظ على هوية الأمة المصرية ونقل صورة مشرفة في جميع أقطار الدنيا من خلال منتجات مبتكرة صنعت بأنامل مصرية.

كان لوزارة التضامن الاجتماعي الدور الأبرز في دعم هذه الاستراتيجية من خلال تنظيم المعارض داخل وخارج القطر المصري، عبر صندوق دعم الصناعات الريفية والبيئية، وبنك ناصر الاجتماعي الذي أطلق عدة برامج في هذا الشأن، أبرزها برنامج "مستورة"، إلى جانب دعم الأسر الخارجة من برنامج الدعم النقدي المشروط "تكافل وكرامة" في بدء مشروعاتها اليدوية الخاصة، لمساعدتها على الانتقال من مرحلة الاعتماد على الدعم والعوز إلى مرحلة الإنتاج والكفاف الاقتصادي.

شراكات مع الجامعات ومراكز الابتكار لتطوير الحرف اليدوية
مطالب بإنشاء بنك تصميمات تراثية وتسهيلات
تصديرية لزيادة تنافسية المنتجات المصرية

د. وليد رشاد:
معارض الحرف اليدوية تسهم في دمج الاقتصاد
غير الرسمي في المنظومة الرسمية

د. هالة عبد المنعم:
التدريب والتسويق الإلكتروني نقطة تحول
من تلقي الإعانة إلى الاستثمار

د. سيد طه:
الحرف التراثية مورد واعد للدخل القومي
وركيزة لزيادة الصادرات غير البترولية

مها النجار:
الحفاظ على التراث لم يعد عملاً ثقافيًا فقط..
بل مشروعًا تنمويًا يعيد الوعي بقيمة الهوية

أميرة من أسيوط:
تراثنا فتح لي أبواب القاهرة والعالم..
ومن مشغل صغير وصلت إلى عملاء خارج مصر

سعيد من سيناء:
"عرضت منتجاتي أمام جمهور من الخليج..
والحرف السيناوية أصبحت مطلوبة دوليًا"

منى من حلايب:
"ورشتنا الصغيرة وفّرت عملًا لأربع فتيات..
ودخلنا تضاعف بعد المشاركة"

في الآونة الأخيرة، تحولت تلك المعارض للحرف اليدوية، على اختلاف مسمياتها "ديارنا" أو "تراثنا"، من مجرد منصة عرض إلى نقطة تحول في حياة آلاف الأسر المنتجة والحرفيين، خاصة من المناطق الحدودية والصعيد وسيناء.

من الرعاية إلى التمكين
يُعد صندوق دعم الصناعات الريفية والبيئية الذراع التنموي لوزارة التضامن الاجتماعي، ويعمل ضمن مظلة الحماية والتمكين لدعم الفئات الأولى بالرعاية والأسر المنتجة.

"يعمل الصندوق على ربط المشروعات الصغيرة بسلاسل قيمة مستدامة تشمل التصنيع الزراعي والمنتجات اليدوية والمشروعات الخضراء"، هذا ما أكدته إنجي اليماني، المديرة التنفيذية للصندوق.

أوضحت المديرة التنفيذية لصندوق دعم الصناعات الريفية والبيئية أن هذه المشروعات لا تستهدف فقط توليد الدخل، بل تخلق أيضًا فرص عمل لائقة، وتسهم في تحقيق الأمن الغذائي والبيئي.

كما يسعى الصندوق إلى تعظيم الاستفادة من المزايا النسبية لكل مجتمع محلي من خلال إطلاق مشروعات متناهية الصغر تكاملية تعتمد على استغلال الموارد البيئية المتاحة، بما يعزز الاستدامة الاقتصادية والبيئية في المجتمعات المحلية، إلى جانب تنفيذ برامج تدريبية عملية تستهدف تأهيل الشباب والنساء في مجالات مثل إدارة المشروعات الصغيرة، والمهارات المالية الرقمية، وممارسات الزراعة الذكية مناخيًا، فضلًا عن الدور الحيوي الذي يقوم به الصندوق في دعم القدرات الإنتاجية وتعزيز عمليات التسويق وفتح أسواق جديدة من خلال تنظيم المعارض، بما يسهم في تحقيق الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية.

كشفت "اليماني" أن الصندوق سيقدم برامج تمويل متناهي الصغر بشروط ميسرة، وربطها بخدمات غير مالية مثل التوجيه الفني، والاستشارات التسويقية، والدعم اللوجستي للوصول إلى الأسواق المحلية والإقليمية، مستهدفًا بذلك توفير فرصة متكاملة للاستدامة.

أوضحت أن وزارة التضامن الاجتماعي لعبت دورًا محوريًا في دعم معارض الحرف اليدوية والتراثية من خلال قيادة لجنة تسيير الاستراتيجية الوطنية للحرف اليدوية 2025–2030، التي تهدف إلى تحويل مصر إلى مركز عالمي لإنتاج وتصدير الصناعات اليدوية.

كما تعمل الوزارة دائمًا على تقديم دعم لوجستي وتمويلي، وتسهم في دمج ذوي الهمم داخل تلك المعارض، تأكيدًا على التمكين الشامل، وهو ما بدا جليًا خلال انطلاق فعاليات الدورة السابعة من معرض "تراثنا 2025" للحرف اليدوية والتراثية، بمشاركة أكثر من ألف مشروع من مختلف المحافظات.

إبداع بلا حدود
ضم المعرض مشاركات من حلايب وشلاتين وسيناء والصعيد، حيث عرضت نساء وفتيات منتجات تعكس الهوية المصرية الأصيلة، من مشغولات يدوية إلى مفروشات وأزياء تراثية، وبلغت نسبة مشاركة النساء 62%، ما يعكس الدور المتنامي للمرأة في الصناعات التراثية.

80 ألف فرصة عمل
بحسب بيانات جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، فإن تلك المعارض وفرت منذ يوليو 2014 وحتى أغسطس 2025 أكثر من 80 ألف فرصة عمل، وهو ما انعكس على تحسين مستوى المعيشة، خاصة في القرى والمناطق النائية.

تراثنا غيّر حياتنا
تقول أميرة محمد، إحدى المشاركات في معرض تراثنا 2025 من أسيوط: "كنت أبيع منتجات الكروشيه في السوق المحلي، لكن بعد مشاركتي في تراثنا، أصبحت أتلقى طلبات من القاهرة والإسكندرية، بل ومن الخارج عبر إنستغرام".

فيما أكد سعيد عبد الهادي، المشارك بمنتجات يدوية تعكس روعة التراث السيناوي من سيناء: "المعرض أتاح لي فرصة عرض منتجاتي أمام جمهور متنوع، وتواصلت مع تجار من الخليج مهتمين بالمنتجات السيناوية".

تضيف منى، المشاركة بمنتجات من التراث النوبي من حلايب: "دخلنا تضاعف، وأصبح لدينا ورشة صغيرة توظف أربع فتيات من القرية".

من بين المشاركين أيضًا الفنان عمرو سعيد الذي حول الأثاث إلى لوحات فنية، والمصممة إيناس أشرف التي أبدعت في الإكسسوارات المطلية بالذهب، ومنار أسامة التي نسجت بخيوط الكروشيه والمكرمية تحفًا فنية رائعة؛ جميعهم أكدوا أن المعرض فتح لهم آفاقًا جديدة للتسويق والتوسع.

أكد العارضون أن دخلهم تضاعف بعد المشاركة، وأنهم تمكنوا من توظيف أفراد من أسرهم أو من قراهم، ما ساهم في تقليل البطالة المحلية، لكنهم أجمعوا على وجود تحديات، أبرزها ضعف التسويق الإلكتروني، وارتفاع تكلفة المواد الخام، وصعوبة الوصول إلى منصات التصدير.

منصات متكاملة لدعم اقتصادنا
أكد خبراء الاقتصاد والتنمية المجتمعية أن معارض الحرف اليدوية والتراثية، وفي مقدمتها "تراثنا" و"ديارنا" اللذان تنظمهما وزارة التضامن الاجتماعي، أصبحت تمثل رافدًا أساسيًا لدعم الاقتصاد المحلي وتمكين الأسر المنتجة، فضلًا عن دورها في الحفاظ على الهوية الثقافية المصرية.

قال د. وليد رشاد أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، إن معارض "تراثنا" و"ديارنا" تحولت إلى منصات تسويقية واقتصادية متكاملة تربط بين التراث والحاضر، وتفتح أمام الحرفيين فرصًا واسعة للتسويق داخل مصر وخارجها.

أضاف أن الدولة استطاعت من خلال هذه المعارض دمج الاقتصاد غير الرسمي في المنظومة الرسمية، ما يسهم في رفع معدلات التشغيل وتنشيط الصناعات الصغيرة والمتوسطة، مشيرًا إلى أن دعم الحرف اليدوية يمثل أحد محاور رؤية مصر 2030.

تمكين المرأة والأسر المنتجة
أوضحت د. هالة عبد المنعم، خبيرة التنمية الاجتماعية، أن هذه المعارض لعبت دورًا كبيرًا في تمكين المرأة اقتصاديًا، خاصة المرأة المعيلة والأسر المنتجة في المناطق الريفية.

قالت إن المشاركة في المعارض لم تقتصر على عرض المنتجات فقط، بل شملت برامج تدريب وتأهيل للحرفيين حول التسويق الإلكتروني وإدارة المشروعات الصغيرة، ما ساعدهم على التحول من الإنتاج المحدود إلى مشروعات ذات طابع استثماري.

دعم الصادرات وتحسين الدخل
كشف د. سيد طه بدوى رئيس قسم الاقتصاد والمالية العامة بجامعة القاهرة، أن الحرف اليدوية والتراثية تمثل موردًا واعدًا للدخل القومي، وأن التوسع في تنظيم معارض مثل "تراثنا" و"ديارنا" يسهم في فتح أسواق جديدة للمنتجات المصرية بالخارج، ويزيد من مساهمة القطاع الحرفي في الصادرات غير البترولية.

أكد "بدوى" أن هذه المبادرات تخلق بيئة اقتصادية شاملة تقوم على الإنتاج المحلي وتشجيع الابتكار، وتقلل الاعتماد على المنتجات المستوردة.

تحول اجتماعي وثقافي
أما الباحثة في الشئون الثقافية مها النجار، فرأت أن أثر هذه المعارض تجاوز الجانب الاقتصادي إلى تجديد الوعي المجتمعي بقيمة التراث، مشيرة إلى أن إقبال الشباب على تعلم الحرف اليدوية بعد المشاركة في هذه الفعاليات يعكس تنامي الشعور بالفخر بالهوية المصرية.

أضافت أن مشروعات الأسر المنتجة باتت مصدر دخل مستدامًا ووسيلة للحفاظ على التراث الحي من الاندثار.

اتفق الخبراء على أن معارض "تراثنا" و"ديارنا" أثبتت أن الحفاظ على التراث ليس مجرد عمل ثقافي، بل مشروع تنموي واقتصادي متكامل، يسهم في تحسين حياة الأسر، ودعم الاقتصاد الوطني، وترسيخ قيم العمل والإبداع داخل المجتمع المصري.

ربط الصناعات الريفية ..إلكترونيًّا
أكد الخبراء وبعض العارضين الذين شاركوا في معارض الأسر المنتجة للحرف اليدوية والتراثية "ديارنا" و"تراثنا" أنه لتحقيق نقلة نوعية يجب إطلاق منصات إلكترونية وطنية متخصصة في بيع المنتجات التراثية، على غرار Amazon Handmade وغيرها، إلى جانب تدريب الحرفيين على التصوير والتسويق الرقمي لعرض منتجاتهم بشكل احترافي، وتوفير دعم لوجستي للتصدير مثل تسهيلات الشحن والتخليص الجمركي، بالإضافة إلى إشراك الجامعات ومراكز الابتكار في تطوير التصميمات بما يتناسب مع الذوق العالمي، وهو ما حدث مؤخرًا بمشاركة كلية الاقتصاد المنزلي جامعة الأزهر في معرض تراثنا 2025.

كما طرحوا رؤية لاستراتيجية مستدامة تستهدف توسيع نطاق المعارض لتشمل المحافظات بشكل دوري، إلى جانب دمج الحرفيين في سلاسل القيمة العالمية عبر شراكات مع شركات تصدير، وتقديم حوافز ضريبية للمشروعات التراثية، علاوة على إنشاء بنك تصميمات تراثية يمكن للحرفيين الاستفادة منه، وتفعيل دور الإعلام في الترويج للمنتجات اليدوية.

إن معارض الحرف اليدوية والتراثية التي تنظمها الدولة بمختلف أجهزتها، خاصة وزارة التضامن ممثلة في صندوق دعم الصناعات الريفية والبيئية، تجسد رؤية شاملة ومدروسة للدولة المصرية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 في تمكين الحرفيين والأسر المنتجة، وتحويل التراث إلى مصدر دخل ثابت ومستدام.

ومع استمرار الدعم الحكومي وتفعيل الاستراتيجية الوطنية، يمكن أن تصبح الصناعات اليدوية المصرية علامة تجارية عالمية تفتح أبوابًا جديدة للشباب والنساء في القرى، وتعيد الاعتبار للهوية الثقافية المصرية.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق