شاركت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، في منتدى «انتربرايز مصر 2025» تحت عنوان «تهيئة مستقبل الأعمال المصرية»، وذلك في إطار الحرص على تعزيز التواصل مع القطاع الخاص ومجتمع الأعمال لاستعراض ركائز «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية».
التمويل الميسر لشركات القطاع الخاص المحلية والأجنبية يسجل 16 مليار
وخلال مشاركتها، أكدت الدكتورة رانيا المشاط، أن «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية» برنامج إصلاح اقتصادي جديد لا يقتصر على المحور المالي ولكن يتضمن قطاعات الاقتصاد الحقيقي وجدول زمني لتنفيذ الإصلاحات الهيكلية.
وأوضحت أن الحكومة تستهدف التحول إلى القطاعات الأعلى إنتاجية بمشاركة رئيسية من القطاع الخاص، من أجل الدفع نحو مزيد من الصادرات، والاستفادة من التطورات التي تحدث عالميًا لفتح أسواق جديدة، وفي ذات الوقت الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي، من خلال السياسات المالية والنقدية، وحوكمة الاستثمارات العامة.
وأشارت الى الإصلاحات المالية والنقدية التي حدثت في مارس 2024 والتي جاءت بعد فترة من التحديات بسبب الصدمات الجيوسياسية التي شهدها الإقليم والعالم، لافتة الى التعافي الذي نراه في الناتج المحلي الإجمالي، مؤكدة أن المهم النظر الى مصادر النمو، لافتة الى أن معدل النمو وصل الى 4.4% خلال العام المالي 2024/2025، وفي الربع الأخير 5%، وتأتي مصادر ذلك النمو من قطاع الصناعة، وقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والسياحة، إلا أن هناك قطاعات حققت معدلات سلبية مثل قناة السويس، وعلى الرغم من المساهمات السلبية من بعض القطاعات الأكثر استقرارًا وتقليدية فإن الناتج المحلي الإجمالي يُدفع فعليًا من خلال قطاع الصناعة مثل صناعة الأدوية، وتصنيع المركبات، والمنسوجات، وبعض الصناعات الكيماوية.
وحول قطاع السياحة، أشارت «المشاط»، إلى أن هذا القطاع يستفيد من البنية التحتية التي تم تطويرها خلال السنوات القليلة الماضية، لافتة الى افتتاح المتحف الكبير في نوفمبر المقبل والذي سيعمل على جذب مزيد من السياح.
وأوضحت أن 57% من اجمالي الاستثمارات الكلية خلال العام المالي الماضي تأتي من القطاع الخاص، وهذا يأتي على خلفية الالتزام بسقف الاستثمارات العامة وحوكمتها وتوجيهها للقطاعات ذات الأولوية، إلى جانب الكثير من الإصلاحات الجارية لتسهيل الأعمال، ولخلق بيئة أكثر تنافسية فيما يتعلق ببعض الإعفاءات التي كانت الحكومة قد منحتها للشركات المملوكة للدولة.
كما أوضحت أن كل برنامج الإصلاح الهيكلي يستند إلى ثلاث ركائز رئيسية هي الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي، ودفع المزيد من التنافسية وزيادة مشاركة القطاع الخاص، والتحول الأخضر، لافتة إلى أن "السردية" تتضمن أكثر من أكثر من 100 إصلاح هيكلي تم وجاري تنفيذها لتعزيز بيئة الأعمال والحياد التنافسي لتشجيع نمو استثمارات القطاع الخاص.
وأضافت أن «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية»، تتضمن فصلًا كاملًا عن كفاءة ومرونة سوق العمل والتشغيل، لتحقيق الربط بين ربط برامج التعليم والتدريب المهني واحتياجات سوق العمل والتوسع في مدارس التكنولوجيا التطبيقية بالشراكة مع القطاع الخاص، فضلًا عن التكامل بين استراتيجيات التجارة والصناعة والتشغيل.
وأكدت أن ما نحاول القيام به هو ضمان أن نموذج الاقتصاد المصري يسير نحو قطاعات ذات إنتاجية أعلى، وأيضًا قطاعات ذات مضاعفات توظيف أعلى، بحيث نتمكن من رؤية مجموعة المهارات مع شهادات الاعتماد المتاحة.
وتطرقت إلى النمو في قطاع الصناعة خاصة صناعة الملابس الجاهزة والمنسوجات، مشيرة إلى أن الإجراءات التي قامت بها الدولة انعكست على زيادة الاستثمارات في هذا المجال، وحينما ننظر إلى الشركات المصدرة للملابس الجاهزة نجدها تتواجد في صعيد مصر، الأمر الذي يعكس تركيز الدولة على توطين التنمية والتوجه للمناطق الأكثر احتياجًا وسد فجوات التنمية الجغرافية، كما تعمل «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية»، على الاستفادة من المميزات النسبية للمحافظات.
وأوضحت الوزيرة، أن هناك عدد كبير من الشركات العاملة في مصر التي تستفيد حاليًا من التمويل الميسر المقدم من المؤسسات المالية الدولية، مشيرة الى البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (EBRD)، ومؤسسة التمويل الدولية (IFC)، حيث تعد مصر بمثابة منصة عمل مشتركة لهذه المؤسسات وغيرها لتوفير التمويل الموجّه إلى القطاع الخاص المصري. موضحة انه خلال الأربع سنوات الماضية فقط، حصل القطاع الخاص المصري على أكثر من 16 مليار دولار، سواء في شكل خطوط ائتمان، أو زيادة في رؤوس الأموال، أو تمويلات ميسرة بشروط تفضيلية.
وفيما يتعلق بالتحول الأخضر، أشارت إلى المنصة الوطنية لبرنامج «نُوَفِّي» (NWFE) وهي منصة الاستثمار في مشروعات محور المياه والغذاء والطاقة والتي شارك فيها عدد كبير من البنوك الدولية والمؤسسات الثنائية لتوجيه التمويلات مباشرة إلى القطاع الخاص. وبالتالي، فإن القطاع الخاص المصري سواء المحلي أو الأجنبي كان قادرًا على الاستفادة من التمويلات الدولية بفضل العلاقات القوية التي تربط مصر بالمجتمع الدولي.
وأضافت أنه من بين تلك المشروعات، افتتاح مشروع جديد في نجع حمادي لتغذية مجمع مصر للألومنيوم بالطاقة المتجددة من خلال مشروع تنفذه شركة سكاتك النرويجية بتمويل من مؤسسات التمويل الدولية.
وأوضحت أن الوزارة تعمل على زيادة وتحفيز تلك التمويلات من خلال الشراكات القائمة، وعلى رأسها ضمانات الاستثمار مع الاتحاد الأوروبي التي تسجل نحو 1.8 مليار يورو.
وبالنسبة إلى أسعار الفائدة، أوضحت «المشاط»، أنه عند النظر إلى معدلات التضخم، نجد أن وضوح السياسات هو العامل الأساسي لاستمرار الاستثمارات، لافتة الى بيانات البنك المركزي المصري والتي أوضحت الأهداف المحددة بشأن السيطرة على التضخم، لافتة الى أنه عندما تتكامل الأهداف المالية مع الأهداف النقدية ومع حوكمة الاستثمارات العامة، فإن الاستقرار الاقتصادي الكلي يُصبح أمرًا مستدامًا. وهذا هو السبيل الوحيد لضمان استمرار التعافي في معدلات النمو المحلي الإجمالي الذي نلاحظه اليوم في الاقتصاد المصري.
وفي إجابتها عن تساؤل حول رؤيتها للعام القادم 2026 بالنسبة للاقتصاد المصري، قالت إن 2026 سيكون نقطة تحول مهمة جدًا لمصر، استنادًا إلى التطورات الإيجابية في العام المالي الماضي، وزيادة معدلات النمو، موضحة أنه إذا قمنا بتسريع وتيرة الإصلاحات وفق ما هو محدد في إطار تحسين بيئة الأعمال، ومبادرات التأهيل المؤسسي والتنظيمي إلى جانب ما يحدث على الصعيد الاجتماعي مثل التأمين الصحي الشامل، وبرامج الحماية الاجتماعية، وزيادة الاهتمام بالمدارس الفنية والتدريب المهني، فكل هذه الجهود مجتمعة ستدفع الاقتصاد في الاتجاه الصحيح، كما أن قناة السويس ستواصل تقديم دفعة إضافية للنمو، ونرى كذلك مؤشرات إيجابية على تعافي قطاع النفط والغاز، في حين يحقق قطاع السياحة هذا العام أرقامًا قياسية جديدة، ونتوقع أن يكون عام 2026 استمرارًا لهذا الانتعاش.
اترك تعليق