صعدت قوات الاحتلال الإسرائيلي هجماتها داخل مدينة غزة وحولها. في الوقت الذي تستعد فيه لشن عملية برية واسعة حذرت منظمات إنسانية من أنها ستكون كارثية بالنسبة لمئات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين الذين يكافحون بالفعل من أجل البقاء علي قيد الحياة. في ظل الجوع والمرض والهجمات الإسرائيلية.
وأعلنت وزارة الصحة بغزة. أمس.أن 88 شهيدا. و421 إصابة وصلوا لمستشفيات القطاع خلال 24 ساعة.كما اشارت الي ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلي 63,459 شهيدًا و 160,256 إصابة منذ 7 أكتوبر 2023.وبلغت حصيلة الشهداء والإصابات منذ 18 مارس 2025 حتي اليوم 11,328 شهيدًا و 48,215 إصابة.
كما أعلنت وزارة الصحة في غزة. أمسأيضا. استشهاد 7 فلسطينيين نتيجة التجويع وسوء التغذية. سجّلتها مستشفيات قطاع غزة. خلال الساعات الـ24 الماضية.وأكدت وزارة الصحة. ارتفاع عدد ضحايا المجاعة وسوء التغذية إلي 339 شهيدًا بينهم 124 طفلًا. وأوضحت أنه منذ إعلان تصنيف المجاعة في قطاع غزة. 22 أغسطس الجاري. سُجّلت 61 حالة وفاة. بينهم 9 أطفال نتيجة التجويع.
في الأيام الأخيرة. شنّ الجيش الإسرائيلي حملة لتهجير نحو مليون شخص من مدينة غزة إلي مخيم واسع في جنوب القطاع. قبل إرسال قوات برية للسيطرة علي أكبر مركز حضري في القطاع.ويخضع نحو 80% من قطاع غزة لأوامر النزوح. ويحشر المدنيون في خمس مساحته الإجمالية فقط. وحتي هذه المناطق غير آمنة. إذ تستهدف الهجمات الإسرائيلية أجزاء تصنفها "مناطق إنسانية".
ودخلت الدبابات الإسرائيلية إلي ضواحي مدينة غزة. وتم تدمير حي الزيتون -الذي كان في السابق حيًا راقيًا- بالكامل في الأسابيع الأخيرة. ووصف الجيش الإسرائيلي الهجمات الجارية علي مدينة غزة. الآن بأنها "المراحل الأولية" لعملية مخططة.
وعلي مدي الأسبوع الماضي. قصف الجيش الإسرائيلي عدة أحياء في مدينة غزة بالمدفعية والصواريخ والروبوتات المحملة بالمتفجرات. ما تسبب بتدمير مئات المنازل. وفقًا للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان. وقال هاريل كنافو. وهو جنرال إسرائيلي متقاعد خدم مؤخرًا في غزة مع القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي. إن "وحدة إخلاء السكان" التابعة للقيادة الجنوبية أمضت 10 سنوات في رسم خرائط للمباني في كل شارع بغزة. وجمع أرقام هواتف السكان والمحلات التجارية في كل حي.
ويجري الجيش الإسرائيلي اتصالات هاتفية مع السكان. مثل سكان حي الشيخ رضوان. ويبث رسائل صاخبة عبر مكبرات الصوت المثبتة علي الدبابات وطائرات بدون طيار رباعية المراوح لإجبارهم علي المغادرة.وتتمثل المرحلة التالية في إسقاط المنشورات. وأضاف "كنافو" أنه إذا لم ينجح ذلك. فإن إطلاق طلقات البنادق علي جدران المباني أو قذائف الدبابات علي الحقول الخالية من المدنيين هو الحل الأمثل عادة. مستطردًا: "إذا سمع الناس صوت إطلاق النار. فسيدركون أننا قريبون. وأنهم لا يملكون وقتًا كافيًا".
وأعلنت الأمم المتحدة. الخميس الماضي. أن نحو 23 ألف فلسطيني غادروا مدينة غزة خلال الأسبوع الماضي. لكن الكثيرين رفضوا المغادرة.وتشير صحيفة "ذا جارديان" البريطانية. إلي أن الجوع الشديد يعني أيضا أن الكثيرين في مدينة غزة سيجدون صعوبة في قطع رحلة النزوح الجديدة سيرًا علي الأقدام. فالمركبات. وحتي الحيوانات. قليلة جدًا للنقل.
ظل علي أحمد لأيام. يتلقي رسائل نصية من الجيش الإسرائيلي تحثه علي النزوح من مدينة غزة. ويتذكر أن صوت المدفعية الإسرائيلية وروبوتات الهدم التي تخلي المباني ازداد قوة. وأن الانفجارات أصبحت الآن علي بعد أقل من 100 ياردة من خيمته. ومع ذلك. كان سائق التاكسي السابق يكافح في حيرة من أمره: هل يبقي أم يغادر؟
قال علي لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية. إن استئجار عربة يجرها حمار لنقل فرش وأواني طهي عائلته إلي الطرف الجنوبي لمدينة غزة سيكلف 800 شيكل. أي نحو 240 دولارًا. أما الرحلة إلي المنطقة الآمنة التي حددها الجيش الإسرائيلي جنوبًا فستكلف أكثر بكثير. فيما قدَّر أن نصب خيمة من الخشب والقماش المشمع سيكلف 2500 شيكل.
ورغم أن بعض المسؤولين الإسرائيليين أعربوا عن ثقتهم بإمكانية إخلاء مدينة غزة فعليًا. إلا أن آخرين حذروا من أن بعض السكان. مثل علي في حي الصفطاوي. قد يرفضون التخلي عن أراضيهم أو قد لا ينتقلون إليها بسبب نقص المال أو المواصلات. أو شعورهم باليأس بعد 22 شهرًا من الحرب.
وتشير" واشنطن بوست" إلي أن الكثيرين من السكان نزحوا عدة مرات خلال الحرب علي غزة. ويري هؤلاء أن الحياة في خيام مكتظة في منطقة "المواصي" جنوب القطاع. حيث يخطط جيش الاحتلال لحشر جميع سكان غزة تقريبًا. لن تكون أفضل أو أكثر أمانًا من المخاطرة بالموت في منطقة قتال نشطة.
ونقلت الصحيفة عن مايكل ميلشتاين. المسؤول السابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية. إن اتصالاته في مدينة غزة مترددة في الانتقال إلي منطقة قاحلة من غزة تفتقر إلي الخدمات. بما في ذلك نظام الصرف الصحي والخدمات الطبية.قال ميلشتاين: "يقولون لي: لا نريد حقًا الذهاب إلي الأماكن التي ستوجهنا إليها.. لا توجد بنية تحتية في المناطق المركزية من المواصي.. لا يمكن وضع 1.6 مليون فلسطيني هناك.. إنه أمر مريع".
وحذر ميلشتاين من أن يقدم الجيش الإسرائيلي علي اجتياح مدينة غزة. وهو الأمر الذي من المرجح أن يؤدي إلي مقتل المزيد من الجنود الإسرائيليين. والمدنيين الفلسطينيين. وإلي قتال طويل الأمد قد يصبح "مثل الولايات المتحدة في العراق".قال ميلشتاين: "يعيش في مدينة غزة ما بين 800 ألف ومليون نسمة. وإذا رفض 5% فقط من السكان مغادرة منازلهم. فماذا سيفعل الجيش الإسرائيلي؟ سنجد فجوة هائلة بين خططنا الرائعة والواقع".
منذ أشهر. يحذر خبراء في المجالين الإنساني والطبي من الأوضاع في منطقة المواصي. وهي منطقة تمتد علي طول 5 أميال علي ساحل جنوب غزة. مليئة بالخيام المؤقتة التي تؤوي بالفعل ما يقرب من نصف مليون نازح فلسطيني. ومع توقع تضاعف عدد السكان ثلاث مرات خلال الأسابيع المقبلة. يتوقع أن يتفاقم الوضع في الحصول علي المساعدات وخدمات الصرف الصحي.
وأكد تصنيف دولي لانعدام الأمن الغذائي. تشارك فيه الأمم المتحدة. حدوث المجاعة في محافظة غزة وتوقع انتشارها إلي محافظتي دير البلح وخان يونس. نهاية سبتمبر.وقال التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي. إن أكثر من نصف مليون شخص في قطاع غزة يواجهون ظروفًا كارثية أي المرحلة الخامسة من التصنيف. ومن خصائصها الجوع الشديد والموت والعوز والمستويات الحرجة للغاية من سوء التغذية الحاد.وذكر التصنيف أن 1.07 مليون شخص آخر "54% من السكان" يواجهون المرحلة الرابعة وهي مرحلة انعدام الأمن الغذائي الحاد "الطارئ". ويواجه 396 ألفًا "20% من السكان" المرحلة الثالثة وهي مرحلة انعدام الأمن الغذائي الحاد "الأزمة".
اترك تعليق