خدمة الابن لأخواته البنات بعد وفاة الأم.. واجب وبر وصلة رحم
من يزاحم الفقراء والمستحقين علي مشروعات الإسكان الاجتماعي.. آثم شرعا
لا مانع من قراءة القرآن الكريم بنية التبرك ولو دون فهم للمعاني
الأصل في الوصية ألا تتجاوز ثلث التركة.. حمايةً لحقوق الورثة
التبرع بالمال للمحتاج من أجل أداء العمرة.. جائز
ترد إلي دار الإفتاء يوميا آلاف الفتاوي سواء علي موقعها الإلكتروني أو بصفحتها علي فيس بوك ويجيب عليها الدكتور علي فخر أمين الفتوي بالدار.
* هل يمكن الاعتماد علي الذكاء الاصطناعي في الحصول علي الفتاوي الدينية؟
** الذكاء الاصطناعي قد يكون له دور مساعد في بعض الجوانب. لكنه لا يمكن أن يكون مصدرًا معتمدًا للحصول علي الفتاوي الدينية بشكل كلي.. فهو من الممكن أن يساعدنا في بعض الأمور. ولكن لا يمكن أن نعتمد عليه اعتمادا كليا لدرجة أن أحصل منه علي فتوي.
فالفتوي تحتاج إلي فهم دقيق للسياق والواقع والحالة الفردية لكل مستفتي. وهي أمور لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يدركها بالكامل. بل تحتاج إلي تفاعل بشري مباشر من أهل الاختصاص من العلماء والفقهاء.
* أمي أوصتني بخدمة أخواتي البنات بعد وفاتها.. فهل عليّ إثم إن لم أنفذ الوصية؟
** قيام الابن بخدمة أخواته البنات بعد وفاة الأم سواء كانت هناك وصية من الأم أم لا. هو من أبواب البر وصلة الرحم. وترك هذا الواجب دون عذر يُعد تقصيرًا يجب علي الإنسان التوبة منه.
والحقيقة هذا الأمر لا يحتاج إلي وصية. هذا هو في الأصل من باب بر والدته بعد وفاتها. وهذا الشخص أمه وصته فيكون من برها أن ننفذ هذه الوصية. ولو لم توص فهو من باب صلة الرحم. يعني حكاية أن الأم أو الأب يوصي ابنه علي البنات قبل الوفاة. هذا لو نفذنا الوصية نكون قد أخذنا ثواب تنفيذ الوصية. إلي جانب ثواب بر الوالدين لتنفيذ هذه الوصية لأن هذا أمر يسعد الوالدين في قبرهما.
ولو لم يوص فهذا من باب صلة الرحم أن يكون الولد في خدمة إخوته البنات ويبرهم ويعطف عليهم ويصلهم ويودهم لأن هذا واجب عليه. أما من أوصته أمه ولم ينفذ الوصية فهذا ننصحه بأن يرجع إلي الله سبحانه وتعالي ويجتهد كثيرًا في صلة إخوته البنات.
* ما الحكم الشرعي في تقدم غير المستحقين لمشروعات الإسكان التي تطرحها الدولة للفئات محدودة الدخل؟
** الدولة مشكورة تسعي لدعم الفئات الأولي بالرعاية من خلال طرح مشروعات الإسكان والشقق بأسعار مدعمة. وهو أمر محمود وموجود في كثير من الدول. شريطة أن يذهب الدعم لمن يستحقه وفقًا للشروط التي وضعتها الدولة.. ولا يجوز شرعًا التحايل علي تلك الشروط. فإذا كان المتقدم مستوفيًا للشروط فلا مانع شرعًا من التقديم لأن الدولة ارتأت أنه مستحق. أما إذا كان غير مستوفي للشروط فلا يجوز له التقديم أو التحايل بالأوراق والمستندات غير الصحيحة.
ومن يتحايل أو يزاحم الفقراء والمستحقين في هذا الدعم مع علمه بعدم استحقاقه يرتكب إثمًا شرعيًا. ويأكل ما لا يحق له أكله. لأن هذا باب من أبواب أكل أموال الناس بالباطل.. والضابط في هذه الأمور هو الصدق والالتزام بالشروط. حفاظًا علي العدالة الاجتماعية وتحقيقًا لمقاصد الشريعة في نصرة المستحقين دون غش أو تحايل.
* ما حكم قراءة القرآن الكريم بنية التبرك ولو دون فهم للمعاني؟
** لا مانع من قراءة القرآن الكريم بنية التبرك ولو دون فهم للمعاني. فالثواب حاصل بمجرد التلاوة الصحيحة والمنضبطة.
يصعب علي كثير من الناس قراءة القرآن بفهم كامل. بل حتي المتخصصين يقفون عند بعض الآيات ليتأملوها ويفهموها. فلا يمكن أن نقول للناس إنه لا ثواب لقراءة القرآن إلا بفهم. فهذا يعسر الأمر علي الكثيرين.
والمطلوب من المسلم هو قراءة القرآن بترتيل وتلاوة صحيحة وفقًا لقوله تعالي: "ورتل القرآن ترتيلا". ثم بعد ذلك يمكن الرجوع إلي كتب التفسير وسؤال العلماء والمتخصصين لفهم معاني الآيات.. فالقرآن يُقرأ بفهم أو بغير فهم لكن بشرط التلاوة الصحيحة. وقد يفتح الله سبحانه وتعالي علي القارئ بالإدراك والفهم مع المداومة والرجوع إلي كتب التفسير.
وبعض المصاحف تتضمن في الهامش شرحًا وتفسيرًا للآيات. ما يسهل علي القارئ الإلمام بالمعاني دون عناء البحث ويجب اغتنام هذه الوسائل لفهم نظم ومعاني القرآن الكريم.
* هل يجوز الوصية بجميع مال الموصي رغم وجود ورثة؟
** الوصية الشرعية لها ضوابط وحدود يجب الالتزام بها. خاصة إذا كان للموصي ورثة شرعيون. فالأصل أن الوصية لا تتجاوز ثلث التركة. حمايةً لحقوق الورثة الذين جعل الله لهم نصيبًا مفروضًا لا يجوز الاعتداء عليه.
وعلينا أن نفرق بين حالتين» الأولي أن يكون للموصي ورثة. والثانية ألا يكون له ورثة. فإن كان له ورثة. حتي وإن أوصي لأحدهم أو لغيرهم. فلا تنفذ الوصية إلا في حدود الثلث فقط. لقوله صلي الله عليه وسلم: الثلث. والثلث كثير.. أما إذا لم يكن له ورثة أصلًا. فيجوز أن يوصي بكل ماله لمن يشاء. سواء كان قريبًا أو صديقًا أو حتي جارًا. لأن المال بعد وفاته لا يعود إلا للمجتمع المسلم من خلال بيت المال. فاختياره لشخص بعينه أولي من أن يُوزع بلا تحديد.
وإذا أوصي الميت بأكثر من الثلث وكان له ورثة. فإن الأمر يُعرض علي الورثة بعد وفاته. فإن أجمعوا علي قبول تنفيذ الوصية كلها. نفذت. وإن رفضوا فلا تُنفذ إلا في حدود الثلث فقط. وإن وافق بعض الورثة دون بعض. فتنفذ الوصية في حدود نصيب من وافق. وتُوقف عند من لم يوافق.
ومن الرحمة بالورثة أن تتركهم أغنياء لا فقراء. ولذلك حثّ النبي صلي الله عليه وسلم علي ألا يُوصي بأكثر من الثلث. حفاظًا علي استقرار الأسرة بعد الوفاة. واحترامًا لحقوق الورثة التي قررها الله عز وجل.
* هل من الممكن أن يتعاون عدد من الأشخاص في جمع مبلغ يُخصص لشخص محتاج من أجل أداء العمرة؟
** لا حرج شرعًا في جمع المال من أكثر من شخص لإخراج من يعجز عن أداء العمرة بسبب ظروفه المالية. بل يُعد ذلك من أبواب البر والإحسان والتعاون علي الخير.. والشرع يشجع علي مثل هذه المبادرات. فإذا كان هناك شخص كبير في السن. أو سيدة مسنة. أو حتي شاب تتوق نفسه إلي زيارة بيت الله الحرام. لكن لا يملك المال الكافي. فلا مانع من أن يقوم بعض الناس بجمع المال له علي سبيل التبرع. خاصة إذا كان هذا الفعل نابعًا من نية صالحة ورغبة في إدخال السرور علي مسلم.. وهذا من صميم التعاون علي البر والتقوي الذي أمرنا الله به. ولا يُشترط أن يكون هذا الشخص من الفقراء بالمعني الدقيق للزكاة. بل يكفي أن يكون عاجزًا عن تحمّل نفقات العمرة بنفسه.
ونسأل الله أن يكتب الأجر والثواب لكل من أعان مسلمًا علي أداء عبادة. وأن يجعل هذه الرحلات المباركة سببًا في رضا الله ومغفرته.
اترك تعليق