الوضوء شرط لصحة الصلاة، وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بالوضوء في آياته الكريمة وجعل له شروطًا وأركانًا معينة. ومن رحمة الله بعباده، جاء الإسلام بتيسير على المسلمين في بعض الأمور، ومن ضمنها المسح على الخفين والجوارب (الشَّراب)، وهي رخصة تخفف عن المسلم في أحوال معينة.
وقد أجاز جماهير العلماء المسح على الجورب -الشَّراب فهل يأخذ الجورب حكم الخف في المسح عليه؟ وإذا كان كذلك فما صفة المسح؟ وما مدته بالنسبة للمقيم والمسافر؟ وما مبطلات المسح؟
اجابت دار الإفتاء على هذه التساؤلات كالتالي: الإِسلامُ دين اليُسرِ والسماحة، وقد جاءت أحكام الشريعة الإسلاميَّة تُراعي أحوال النَّاس، وتتَّفِق مع طبيعة الإنسان الذي علم الله سبحانه وتعالى ضعفه
والجورب: هو ما يرتديه الإنسان في قَدَمهِ سواء كان مصنوعًا من الصوفِ أو القطنِ أو الكتانِ أو غير ذلك.
والخُفُّ هو: نعل مصنوع من الجلد يغطي الكعبين، والكعبان هما العظمتان البارزتان على جانبي القدم، وجمعه خِفاف بكسر الخاء؛ قال الإمام الصنعاني في "سبل السلام" (1/ 80، ط. دار الحديث): [والخف: نعل من أدم -أي جلد- يغطي الكعبين] اهــ.
والمسح في اللغة: هو إمرار اليد المبتلَّة بالماء على الشيء؛ قال الإمام الجرجاني في "التعريفات" (ص: 212، ط. دار الكتب العلمية): [المسحُ: إمرار اليد المبتلة بلا تسييل] اهـ.
والمسح على الخفين رُخصةٌ شُرعت من الله سبحانه وتعالى تيسيرًا وتخفيفًا على عباده؛ يدل لذلك ما رواه الإمام البخاري في "صحيحه" عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: «كُنْتُ مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وآله وسلم فِي سَفَرٍ فَأَهْوَيْتُ لأَنْزِعَ خُفَّيْهِ فَقَالَ: دَعْهُمَا فَإِنّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ. فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا».
ويجوز عند جماهير العلماء المسح على الجورب -الشَّراب- بشرط: أن يكون مجلدًا، يمكن تتابع المشي فيه، وأن يكون ساترًا للقدمين كاملتين؛ أي: يغطي الكعبين، وأن يكون طاهرًا في نفسه، وأن يكون قد لُبِسَ على طهارة.
ومن الفقهاء من ذهب إلى جواز المسح على الجورب مطلقًا حتى لو كان خفيفًا؛ كابن حزم الظاهري وابن تيمية، ومن القواعد المقررة أنه "لا إنكار في مختلفٍ فيه"، فمن كان في حاجةٍ ولا يجد إلا أن يمسح على الجورب (الشَّرَاب) الخفيف فلا حرج عليه ناويًا تقليد من أجاز من الفقهاء، وتكون مدة المسح للمقيم يومًا وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام بلياليهن، وتبدأ مدة المسح من وقت الحدث بعد لبس الجورب، ويبطل المسح بنزعه من الرجل، أو انقضاء مدة المسح، وبما يوجب الغسل من جنابة أو حيض أو نفاس.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
لمزيد من التفاصيل يمكن الرجوع للفتوى المنشورة على الموقع الرسمي لدار الإفتاء المصرية على الانترنت.
اترك تعليق