سعيد بن عامر الجمحي رضي الله عنه هو من كبار الصحابة وفضلائهم، عرف بزهده وورعه.. وبعده عن مواطن الشبهات، حيث أثرت تربية الرسول صلي الله عليه وسلم فيه.
* جاء إسلامه قبل غزوة خيبر، وذلك تأثرا بقتل خبيب بن عدي وصلبه . بعد أن ظفروا به زعماء قريش غدرا، فوقع في نفسه استنكار ما فعلته قريش من جهه، والأخلاق السمحة التي شاهدها من خبيب بن عدي من جهه أخري.
* وقد تأثر سعيد بن عامر تأثرا بالغا بحادثة قتل خبيب بن عدي. وكان هذا هو السبب الرئيسي الذي جعل في نفسه الرغبة القوية لدخول الإسلام.. لأنه تعلم من موقف خبيب مدي الصدق في الإيمان ورسوخ العقيدة ..وتأكد له أن "محمدا" هو نبي مؤيد من السماء وبذلك شرح الله صدر سعيد بن عامر إلي الإسلام، فقام في ملأ من الناس وأعلن براءته من آثام قريش وأوزارها.. وكانت هذه الحادثة لا تفارق سعيد في يقظته ومنامه.
* بعد إسلامه هاجر سعيد بن عامر إلي المدينة المنورة، ولزم رسول الله صلي الله عليه وسلم وشهد معه خيبر وما بعدها من الغزوات.
* ولما انتقل النبي الكريم إلي جوار ربه وهو راض عنه. ظل من بعده سيفا مسلولا في أيدي خليفتيه أبي بكر الصديق والفاروق عمر رضي الله عنهما.. وعاش سعيد بينهم مثالا فريدا للمؤمن الذي اشتري الآخرة بالدنيا، وآثر مرضاة الله وثوابه علي سائر رغبات النفس وشهوات الجسد.
* وكان خليفتا رسول الله صلي الله عليه وسلم يعرفان مدي صدق وتقوي سعيد بن عامر ويستمعان دائماً الي نصحه ويصغيان الي قوله.
* وفي خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه . أرسله مددا لأبي عبيدة بن الجراح في معركة اليرموك " فهزم الله المشركين " وفتحت قيسارية "بالشام وقتلوا منهم مقتلة عظيمة" وكان سعيد بن عامر الجمحي خيرا فاضلا ورعا في كل أفعاله، فولاه عمر بن الخطاب الرقة وكورها وحمص وما يليها من قري في الشام، وأخذ سعيد يعدل في الناس ويصلي بهم حتي مر عمر رضي الله عنه علي أمرائه وولاته في الأقاليم ..فأخذ سعيد بن عامر وسأل أهل حمص عنه: كيف عدله وزهده وورعة فكلهم أثنوا خيرا ولكن أخذوا عليه أربعا من الخصال، فقد قالوا : أما الأولي لا يخرج إلينا حتي يرتفع النهار، ولا يخرج في الليل، وله في الشهر يومان لا يخرج فيهما إلينا ولا نراه، وأخري لاحيلة له فيها ولكنها تضايقنا، وهي أنه يصرع بين ايدينا " فقال: عمر همسا "اللهم إني أعرفه من خير عبادك، اللهم لا تخيب فيه فراستي"
* دعا سيدنا عمر رضي الله عنه.. سعيد بن عامر من أجل الدفاع عن نفسه فقال : سعيد " أما قولهم : إني لا أخرج إليهم حتي يرتفع النهار، فوالله لقد كنت أكره ذكر السبب، إنه ليس لأهلي خادم، فأنا أعجن عجيني، ثم أدعه حتي يختمر، ثم أخبز خبزي، ثم أتوصأ للضحي، ثم أخرج إليهم، "فتهلل وجه عمر وقال: الحمد لله، والثانية ..قال: سعيد " وأما قولهم لا أجيب أحدا بليل، فوالله لقد كنت أكره ذكر السبب، إني جعلت النهار لهم، والليل لربي، وأما قولهم : إن لي يومين في الشهر لا أخرج فيهما، فليس لي خادم يغسل ثوبي، وليس لي ثياب أبدلها، فأنا أغسل ثوبي ثم أنتظر حتي يجف بعد حين، وفي آخر النهار أخرج اليهم.
وأما قولهم إني أصرع، "فقد حضرت مشهدا ما وددت أني حضرته : رأيت خبيب بن عدي وهو يقتل في مكة، وأنا مع المشركين آنذاك فسمعته يقول للكفار : اللهم احصهم عددا، واقتلهم بددا، ولاتغادر منهم أحدا، فكلما تذكرت ذاك المشهد صرعت، ووددت أنني نصرته.
* وانتهت كلمات سعيد المبللة بدموعه الطاهرة، ولم يتمالك سيدنا عمر بن الخطاب نفسه وصاح : الحمد لله الذي لم يخيب فراستي ثم عانق سعيدا.
اترك تعليق