الفارق بين الإتمام والإكمال. في قوله تعالي: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي المائدة:3. فقد ورد في الآية إكمال الدين. وإتمام النعمة» فالنقص في الدين كان عارضاً. فزال بعد الإكمال. وأما نقصان النعمة فشيء لابد منه. ولا يمكن أن تكمل نعمة. فإذا ملك الإنسان المال فقد يُحرم الصحة. وقد يملك الصحة ويحرم المال. وقد يملك الصحة والمال ويُحرم نعماً أخري. وقد قيل قديماً: ليس تكاد الدنيا تسقي صفواً. إلا اعترض في صفائها أذي باطن.
ولأجل ذلك المعني جاء الإتمام مع النعمة في قوله سبحانه: ولأتم نعمتي عليكم البقرة:150. وقوله تعالي: وليتم نعمته عليكم المائدة:6. وقوله عز من قائل: ويتم نعمته عليك وعلي آل يعقوب كما أتمها علي أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق يوسف: 6. وقوله عز وجل: كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون النحل:81. وأخيراً لا آخراً قوله تعالي: ويتم نعمته عليك الفتح:2. إذن. فـ الإكمال في اللغة أعظم من الإتمام.
وقد توقف ابن القيم رحمه الله عند قوله تعالي: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي وقفة تأمل. فقال: "تأمل كيف وصف الدين الذي اختاره لهم بـ الكمال» إيذاناً في الدين بأنه لا نقص فيه ولا عيب ولا خلل ولا شيء خارجاً عن الحكمة بوجه. بل هو الكامل في حسنه وجلالته. ووصف النعمة بـ التمام» إيذاناً بدوامها واتصالها. وأنه لا يسلبهم إياها بعد إذ أعطاهموها. بل يتمها لهم بالدوام في هذه الدار. وفي دار القرار".
وقال أيضاً: "وتأمل حسن اقتران التمام بالنعمة. وحسن اقتران الكمال بالدين. وإضافة الدين إليهم» إذ هم القائمون به. المقيمون له. وأضاف النعمة إليه» إذ هو وليها ومسديها والمنعم بها عليهم. فهي نعمته حقاً. وهم قابلوها. وأتي في الكمال بـ اللام المؤذنة بالاختصاص. وأنه شيء خصوا به دون الأمم. وفي إتمام النعمة بـ علي المؤْذِنة بالاستعلاء والاشتمال والإحاطة. فجاء أتممت في مقابلة أكملت. وعليكم في مقابلة لكم. ونعمتي في مقابلة دينكم. وأكد ذلك. وزاده تقريراً وكمالاً وإتماماً للنعمة بقوله: ورضيت لكم الإسلام دينا.
اترك تعليق