الفسق هو الخروج عن الطاعة من "فسقت الرطبة" إذا خرجت من قشرها. ويمتد من أيسر الخروج إلي الكفر كله يسمي فاسقاً.
فالذي يخرج عن الطاعة وإن كان قليلاً يسمي فاسقًا. والكافر يسمي فاسقاً أيضاً وقال ربنا عن إبليس: "إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ" "الكهف:50" وقال أيضاً: "إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ" "التوبة:84" الكفر سماه فسوق والنفاق سماه فسوق. إذن الفسق ممتد وهو الخروج عن الطاعة.
أما في غير هذا فقال: "فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ" "البقرة:197" ليس كفراً هنا» فكيف يكون كفراً في الحج؟.
الفاسق ليس بالضرورة كافرا فقد يصل إلي الكفر وقد لا يصل. "وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ" "الحجرات: 11". "وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقى بِكُمْ" "البقرة: 282" هذا ليس كفراً. الفسوق يمتد.
فسق التمرة أي خرجت من قشرها "إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ"» أي خرج عن أمر ربه وهذا يمتد من أيسر الخروج إلي الكفر ولهذا وصف إبليس بالفسق : "إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ". وليس كل فاسق كافراً لكن كل كافر فاسق قطعاً. "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ" "التوبة:67". "وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ".
أما الظلم فهو مجاوزة الحد عموماً وقد يصل إلي الكفر: "وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ" "البقرة: 245" وقد لا يصل.
أما "الكفر" فهو الخروج عن المِلّة. الكفر أصله اللغوي الستر وتستعار الدلالة اللغوية للدلالة الشرعية.
طرفة
قال أعرابي للقاضي إياس بن معاوية: لو كنت أكلت التمر هل تجلدني؟ قال: لا.
قال: لو شربت الماء هل تجلدني؟ قال: لا.
قال: فشراب النبيد منها فكيف يكون حراما ويجلد شاربها؟
قال: إياس لو ضربتك بالتراب علي رأسك هل يوجعك؟ قال: لا.
قال: لو صببت عليك قدرا من الماء هل ينكسر رأسك؟ قال: لا.
قال: لو مزجت الماء والتراب وصنعت منها طابوقة صلبة وضربت بها رأسك كيف يكون؟ قال: ينكسر الرأس.
قال إياس: كذلك النبيذ.
الإمام الليث ينقذ الخليفة هارون
طلَّق هارون الرشيد زوجته زبيدة بطريقة غريبة وهو في حالة غضب فقال لها: "أنت طالق إن لم أكن من أهل الجنة" ثم ندم علي ما قال لأنه يحبها كثيرا. وهي حزنت كذلك حزنا شديدا. فظل يجتمع مع العلماء والفقهاء ويعرض عليهم يمينه ويقول لهم: أنا لا أريد الطلاق ولكن كيف أضمن أني من أهل الجنة حتي لا يقع الطلاق. فلم يجدوا له مخرجا من وقوع الطلاق ولكن اقترحوا عليه أن يطلب عالم مصر وفقيهها "الليث بن سعد". ثم جمع الفقهاء مرة أخري بحضور الليث فتكلموا كلهم إلا "الليث بن سعد". فطلب منه الرشيد أن يقول رأيه. فطلب الليث من الرشيد إحضار مصحف جامع. فأمر به فأحضر فقال الليث: تصفحه يا أمير المؤمنين حتي تصل إلي سورة الرحمن. فتصفحه حتي وصل سورة الرحمن فقال له الليث: اقرأ يا أمير المؤمنين. فقرأ الرشيد حتي وصل للآية "ولمن خاف مقام ربه جنتان". فقال الليث: قف يا أمير المؤمنين. هل أنت تخاف مقام الله؟ فقال الرشيد: نعم. والله إني لأخاف مقام الله. فكررها مرارا فقال له الليث: طالما أنك تخاف مقام الله وقد أقسمت علي ذلك فأنت مبشر بجنتين وليس جنة واحدة. وبناء عليه يكون الطلاق الذي تلفظته علي زوجتك لا يقع.
ففرح الرشيد وابتسم وقال له: أحسنت بارك الله فيك. ثم أمر له بالجوائز والهدايا لأنه فرج عنه كربته ورده لزوجته بذكائه وسعة علمه.
صحح لغتك
- لا تقُل: شيء مُلفِت للنظر.
قُل: شيء لافتى للنظر.
لَفْتُ الشيء أي صرْفُه علي غير جهته. ومنه "اللافتة" التي تُعلَّق علي المحالِّ ونحوها لـ"لَفْت" نظر المارَّة. ومنه كذلك "لفت النظر" في العمل لتنبيه العامل إذا أخطأ.
أما "مُلفِت" فاسم فاعل من الفعل "ألْفَتَ/يُلفِت" علي وزن "أفعَلَ/يُفعِل". ومصدره "إلفات". وهو غير مستعمل في العربية.
اترك تعليق