سورة الرحمن آياتها 78 آية. وسبب تسميتها أنها بدأت باسم المولي تبارك وتعالي الرحمن. وقد روي عن النبي صلي الله وعليه وسلم أنّه قال: من قرأ سورة الرحمن ثمّ قال عقب قوله تعالي: "فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ". ثمّ مات في يومه ذاك فقد مات شهيداً.
وأيضا أنَّ رسول اللَّه صلَّي اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ قرأَ سورةَ الرَّحمنِ علي أصحابِهِ فسَكتوا فقالَ ما لي أسمعُ الجنَّ أحسنَ جوابًا لربِّها منكُم ما أتيتُ علي قولِه فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ إلا قالوا: لا شيءَ من آلائِكَ ربَّنا نُكذِّبُ فلَكَ الحمدُ. وقد ورد عن رسول الله صلي الله عليه وسلم قوله: لا تدعوا قراءة سورة الرحمن والقيام بها. فإنّها لا تقرّ في قلوب المنافقين. ويأتي بها ربّها يوم القيامة في صورة آدمي. في أحسن صورة. وأطيب ريح. حتي تقف من اللّه موقفا لا يكون أحد أقرب إلي اللّه منها. فيقول لها: من الذي كان يقوم بك في الحياة الدنيا. ويدمن قراءتك؟ فتقول: يا ربّ. فلان وفلان. فتبيضّ وجوههم. فيقول لهم: اشفعوا فيمن أحببتم. فيشفعون. حتي لا يبقي لهم غاية ولا أحد يشفعون له. فيقول لهم: ادخلوا الجنّة. واسكنوا فيها حيث شئتم.
كما أن تلاوتها أثناء صلاة قيام الليل بجانب سورة الواقعة يعد من أعظم العبادات عند الله وذلك اقتداء بسنة الرسول صلي الله عليه وسلم الذي كان كثير المواظبة علي تلاوتها. فهي تمنع الفقر واليأس عن الانسان وتزيده إحساسًا بالقناعة والرضا بقضاء الله وقدره.
وروي عن أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب أنَّ رسول الله صلَّي الله عليه وسلَّم قال: لكلِّ شيءي عروسى. وعروسُ القرآنِ الرحمنِ.
وتتميز سورة الرحمن باستخدام أسلوب الترغيب والترهيب» فقد ذكر الله سبحانه وتعالي في السورة الكريمة حال الأشقياء. وما يعانونه من الفزع والأهوال يوم القيامة. ثمّ ذكر حال المتنعّمين في الجنان بإسهاب وتفصيل.. كما ذكر نعم الله تعالي الكثيرة التي لا تُحصي. ومنها نعمة تعليم القرآن. ودلائل القدرة الباهرة في تسيير الأفلاك. وتسخير السفن. ثمّ استعراض الكون بما فيه من أمور منظورة.
وتميّز السورة بتناسق كلماتها. وإيقاع فواصلها. ونسقها الخاص الملحوظ فهي السورة الوحيدة التي افتتحت باسم من أسماء الله تعالي وهو الرحمن الذي لم يتقدّم عليه غيره. كما تميّزت ببديع أسلوبها. وتكرار ذكر قوله تعالي "فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ". فقد جاء ذكر هذه الآية في السورة إحدي وثلاثين مرة. وقد دلّ ذلك علي مقام الامتنان والتعظيم. كما دل علي الأسلوب العربيّ الجليل.
أما في نزول سورة الرحمن فذُكر عدة أسباب. منها: أنها جاءت لإثبات صفة الرحمن لله تعالي بإضافة هذه الصفة التي أنكرها المشركون إلي هذه السورة الكريمة. قال تعالي: "وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا".. كما أنها جاءت رداً علي المشركين حينما قالوا عن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما جاء في قوله تعالي: "إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرى".. فقد ذكر أبو بكر الصديق رضي الله عنه يومي القيامة والحساب. فقال: وددتُ أنّي كنتُ خضراءَ من هذه الخضر تأتي علي بهيمة تأكلني. وأنّي لم أُخلَق. وكان ذلك سبب نزول قوله تعالي: "وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ".
اترك تعليق