الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام فهي عماد الدين، ولا يستغني عنها المسلم في يومه وليله، وهي صلة العبد بربه ومفتاح القبول والفلاح. ولأداء الصلاة على الوجه الصحيح، ينبغي الالتزام بأحكامها وهيئاتها كما ورد عن رسول الله ﷺ. ويجب أن تؤدى الصلاة بالشكل الصحيح، لذلك فإن الإلمام بكل تفاصيلها وأحكامها يعد أمرًا بالغ الأهمية. من بين هذه التفاصيل، تأتي مسألة كيفية وضع اليدين أثناء الصلاة لتكون من النقاط المهمة
وقد اهتم علماء الأمة الإسلامية بتوضيح جميع جوانب الصلاة، بما في ذلك الطريقة الصحيحة لوضع اليدين أثناء قراءة الفاتحة وغيرها من الأجزاء، باعتبار أن هذه التفاصيل جزء من السنة النبوية الشريفة التي يجب اتباعها. هذه المسائل تسهم في تعزيز الخشوع والاتصال الروحي بين العبد وربه، مما يجعلها من الأمور التي ينبغي على المسلم أن يتعلمها ويعمل بها في كل صلاة.
وفي فتوى حديثة تضمنت سؤال جاء فيه: هل توضع اليدان في الصلاة على البطن أم على الصدر؟ واجابت دار الإفتاء يستحب أن توضع اليدان في حال القيام في الصلاة للقراءة على الموضع الذي بين أسفل الصدر وفوق السرة، وهذا مذهب الشافعية.
قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "الغرر البهية في شرح البهجة الوردية" (1/ 322): [(وَكُوعُ) يَدٍ (يُسْرَى تَحْتَ يُمْنَاهُ جُعِلْ) نَدْبًا؛ بِأَنْ يَقْبِضَهُ مَعَ بَعْضِ الرُّسْغِ وَالسَّاعِدِ بِيُمْنَاهُ (أَسْفَلَ صَدْرٍ) وَفَوْقَ السُّرَّةِ؛ لِخَبَرِ ابْنِ خُزَيْمَةَ فِي "صَحِيحِهِ" عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ رضي الله عنه: "صَلَّيْت مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ.
فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى صَدْرِهِ" أَيْ: آخِرِهِ، فَتَكُونُ الْيَدُ تَحْتَهُ -بِقَرِينَةِ رِوَايَةِ: "تَحْتَ صَدْرِهِ" أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ- عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى وَالرُّسْغِ وَالسَّاعِدِ. قَالَ فِي "الْأُمِّ": وَالْقَصْدُ مِنْ وَضْعِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى: تَسْكِينُ يَدَيْهِ، فَإِنْ أَرْسَلَهُمَا بِلَا عَبَثٍ فَلَا بَأْسَ، وَالْحِكْمَةُ فِي جَعْلِهِمَا تَحْتَ الصَّدْرِ: أَنْ يَكُونَا فَوْقَ أَشْرَفِ الْأَعْضَاءِ وَهُوَ الْقَلْبُ، فَإِنَّهُ تَحْتَ الصَّدْرِ.
وَقِيلَ: الْحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّ الْقَلْبَ مَحَلُّ النِّيَّةِ، وَالْعَادَةُ جَارِيَةٌ بِأَنَّ مَنِ احْتَفَظَ عَلَى شَيْءٍ جَعَلَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا يُقَالُ فِي الْمُبَالَغَةِ: أَخَذَهُ بِكِلْتَا يَدَيْهِ. وَالْكُوعُ: الْعَظْمُ الَّذِي يَلِي إبْهَامَ الْيَدِ، وَالرُّسْغُ -بِالسِّينِ أَفْصَحُ مِنْ الصَّادِ-: وَهُوَ الْمَفْصِلُ بَيْنَ الْكَفِّ وَالسَّاعِدِ] اهـ.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
اترك تعليق