نخصص تلك المساحة لبعض الكلمات التى تتحرر فيها من الاحكام الشرعية والفتاوى الفقهية لنجعلها رشفة تختلط بوجدان القلب فتسمو بها النفس وتعلو بها الهمم وترتقى بمعانيها المشاعر
ومن جميل ما قرآنا عبر مواقع التواصل الاجتماعى تحت عنوان التربية قبل التعليم و الرحمة قبل العلم كتب الدكتور جمال شعبان مُدير معهد القلب الاسبق على خطى هدى سورة الكهف
استاءت الكافة من تراقص الشاب الجامعي في رحاب الجامعة في حفل التخرج وانقسم المجتمع في إلقاء اللائمة إلي فريقين ما بين لائم للمتعلم وقادح للمعلم
فإليكم هذه التأملات في سورة الكهف في ليلة الجمعة الجامعة
"فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا"
من سورة الكهف التي يوصي بتلاوتها كل جمعة لأنها سورة جامعة لكل فتن الحياة واختبارات الدنيا فتنة الدين
وفتنة المال وفتنة السلطة وفتنة العلم وهي جامعة كما أن الجمعة جامعة
يقول المولي عز وجل واصفًا الخضر الذي ذهب إليه موسي ليطلع علي جانب آخر من العلم وليتيقن أنه إذا كان عرف من العلم شيئا فقد غابت عنه أشياء
وعندما ظن موسي لوهلة أنه أعلم من في الأرض طلب إليه المولي عز وجل الذهاب لالتقاء هذا الرجل الذي انفتحت له كوة في أسوار الغيب فأصبح يستشرف المستقبل ويعرف ماذا سيكون
يصف المولي عز وجل الخضر بأنه عبد من عباده والعبودية هي أرقي المنازل لأنها لملك السماوات والأرضين وملك الدنيا والآخرة
وبقوله عبدا بصفة النكرة ليقول إنه مجرد عبد لم يسع خلف شهرة ولم يلهث خلف بريق ولم يتكالب علي منصب
ولم يتزاحم علي تميز ولا استعلاء والعبودية للرب والإله
هي عبودية اختيارية بحب وتقديس وامتثال لأوامره وانتهاء عن نواهيه
يقول تعالي آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علمًا
فذكر الرحمة قبل العلم والتربية قبل التعليم لأن العلم إذا خلا من الرحمة وافتقد التربية أصبح وبالا علي صاحبه
ولعنة علي المتعلم وأداة للتدمير لا التعمير وكلنا لمسنا كيف أصبح العلم في دول الغرب المتمدين وسيلة لإنتاج سلاح الدمار الشامل يستخدمونه بلا رحمة ولا هوادة إذا اقتضت مصلحتهم
وكان الخضر في تعليمه لتلميذه المتعجل المتلهف الذي يقاطع والذي لم يتذرع بالصبر والأناة كان الخضر نعم المعلم الرحيم الحليم الصبور الذي لا يستكبر ولا يتعالي ولا يتجبر ولا يظلم ولا يحقد ولا يضطهد والرحمة نقيض القسوة والبطش والجبروت والراحمون يرحمهم الرحمن والذين يرحمون من في الأرض جديرون برحمة من في السماء
أما الذين يتولون المناصب فيستعبدون مرؤوسيهم تلاميذهم ويمارسون السادية والقسوة فأولئك عن رحمة الله مبعدون
وعن رضاه مغيبون اعطف علي مرؤوسك ارحم تلميذك تكن من السعداء
والقوة مع الرحمة هي ذروة الكمال والمولي عز وجل وصف نفسه يوم الهول العظيم في المحشر بأنه الرحمن
قال تعالي خشعت الأصوات للرحمن وغاية أمانينا أن يظللنا بظلال رحمته يومٌ لا ظل إلا ظله والحزم
والقسوة المحسوبة ليسا نقيضين للرحمة بل وجهين من وجوهها كما قال الشاعر فقسا ليزدجروا و من يك حازماً فليقس أحياناً على من يرحم
والمعلم الأول والأكبر هو الله يؤتي من يشاء من عباده القليل من هذا العلم قال تعالي من لدنا علمًا
وكل علم بشري هو مستمد من الحكيم العليم الذي أخرجنا من بطون أمهاتنا لا نعلم شيئا ثم نمي فينا أدوات التعلم الفطرية من سمع وبصر وفؤاد
اترك تعليق