كشفت دراسة وثائقية للمفكر والمؤرخ القضائي القاضي المصري الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة بعنوان : " التاريخ الدموي للإخوان الإرهابية منذ الملكية وخلال الجمهوريات الأربع ". عن تفاصيل وثائقية خطيرة منذ العهد الملكي وخلال الجمهوريات الأربع ومدي عنف الجماعة وتطرفها وقيامها باستغلال أزمات الشعوب للإضرار بالسلام الاجتماعي والإنساني واستغلال خلط الدين بالسياسة .
أكدت الدراسة خمس نقاط وثائقية مهمة هي :
يقول الدكتور محمد خفاجي " إن جماعة الإخوان لم تكن وقت قيام ثورة 23 يوليو 1952 جماعة جديدة حيث نشأت في مدينة الإسماعيلية برئاسة حسن البنا عام 1928 في العهد الملكي , وأعلنت في بدايتها أنها جماعة دينية ينصرف نشاطها في المجال الديني فقط , ثم خططت الجماعة للانتشار والبحث عن أتباع لها فنقلت نشاطها ومقرها عام 1932 إلي مدينة القاهرة وظلت علي مكنونها المستتر قرابة ست سنوات أخذت خلالها الانتشار بين الناس علي أنها جماعة دينية لنشر الإسلام".
يضيف: " وحينما قوي ساعد جماعة الإخوان وأصبح لها مريدين وأتباع أعلنت عن مكنونها المستتر بعد 10 سنوات من نشأتها في عام 1938 باستغلال الدين في السياسة تحت ستار فكرة القومية الإسلامية كبديل للقومية المصرية , فقد كانوا منذ نشأتهم لا يؤمنون بفكرة الوطن ومنذ ذلك العام شهد خلطهم الدين بالسياسة تمثل في نظرية الاستقواء بالأجنبي لفرض وجودهم علي الساحة السياسية , حيث بادر حسن البنا مؤسسها بالاستقواء بالدول الأجنبية في خطاب وجهه إلي الملوك والأمراء لحكومات الدول الإسلامية والجماعات الإسلامية عُرفت بالمطالب الخمسين ."
أشار الفقيه القانوني الدكتور محمد خفاجي إلي" أن جماعة الإخوان نفذت خطوات فعلية للمشاركة في الميدان السياسي فترشح أفراد منهم لخوض انتخابات مجلس النواب عامي 1942 و 1944 وباءوا بالفشل الذريع , لكن نهج جماعة الإخوان لم يقتصر منذ عام 1938 علي الاستقواء بالدول الأجنبية بل وتعدي هذا الأمر بفرض نفسها علي الساحة السياسية في أسوأ استغلال للدين بقيامها بوصف الأحزاب السياسية القائمة حينذاك بأنها أحزاب الشيطان "
ويضيف " ثم انكشف الوجه الإرهابي للجماعة مبكراً وهو ما لايدركه كثير من الباحثين - حينما اكتشف الدولة المصرية في العهد الملكي أن حوداث القنابل والمتفجرات في الشارع المصري كان يرتكبها شباب منتمون إلي جماعة الإخوان الأمر الذي دفع الدولة المصرية في العهد الملكي إلي حل جماعة الإخوان وكان ذلك هو أول حل لها بعد إنشائها".
أوضح " بعد قرار الحل هرعت الجماعة إلي محكمة القضاء الإداري في عهد رئاسة الفقيه الدكتور عبد الرزاق السنهوري رئيس مجلس الدولة في ذلك الوقت وكانت حينذاك المحكمة الوحيدة قبل نشأة المحكمة الإدارية العليا بعدة سنوات فأصدرت حكمها عام 1951 بإلغاء القرار المطعون فيه بحل الجماعة ومصادرة أمولها , إذ لم تتخذ الحكومة المصرية في ذلك الوقت الإجراءات الكافية اللازمة لمواجهة إرهابهم , كما لم تكن فكرة خلط الدين بالسياسة في ذلك الوقت مما تحظره القوانين بصفة صريحة , فعادت الجماعة إلي الوجود ومزاولة نشاطها واستردت أموالها وكانت تلك البداية الخاطئة لوجودهم في الميدان السياسي ."
وأكد الفقيه القاضي "الرأي عندي أنه رغم وضوح المسألة منذ عام 1938 باشتغالهم في السياسة إلا أنهم أكدوا في مناورة منهم بعد نجاح ثورة 23 يوليو 1952 أنهم جماعة دينية فقط حينذاك فأصدر مجلس قيادة الثورة قراراً بحل الأحزاب السياسية دونهم ,إلا أن جمال عبد الناصر في الجمهورية الأولي صحح الأمر بحكم شخصيته في مجلس قيادة الثورة , فقد كانت قناعته أنها تستغل الدين في السياسة ففطن إلي أنها تعمل بيقين في مجال السياسة ولا تختلف عن الأحزاب السياسية في شئ التي أصابها قرار الحل , وفي 14 يناير 1954 أصدر مجلس قيادة الثورة قراراً باعتبار جماعة الإخوان المسلمين حزباً سياسياً يطبق عليها قرار مجلس قيادة الثورة الخاص بحل الأحزاب السياسية , وبان الوجه الإرهابي القبيح لتلك الجماعة حينما حاولوا اغتيال خالد الذكر الرئيس جمال عبد الناصر في حادثة المنشية الشهيرة بالإسكندرية .
وذكر الدكتور محمد خفاجي " أن جماعة الإخوان الإرهابية لجأت إلي مناوة أخري في الجمهورية الثانية في عهد الرئيس محمد أنور السادات علي ركيزة من الالتزام في الميدان السياسي , وكان ذلك خطأ استرايجياُ آخر كلف مصر الكثير , فقرر الرئيس السادات عودة جماعة الإخوان إلي الحياة مرة أخري , ثم خاضوا انتخابات فردية لترشح عناصرهم في مجلس الشعب دورة 1976 , ثم دورة 1979 , وتم اغتيال الرئيس البطل أنور السادات خلال عرض عسكري في 6 أكتوبر عام 1981 بمناسبة الاحتفال بذكري نصر اكتوبر المجيد عام 1973 وكان القاتل خالد الإسلامبولي بالاشتراك مع آخرين وهم جميعاً يدينون إلي مرجعية دينية متطرفة ."
ويذكر الدكتور محمد خفاجي " في الجمهورية الثالثة في عهد الرئيس مبارك خاضت جماعة الإخوان الترشح لانتخابات مجلس الشعب دورة 1984 , ثم دورة 1987 , ثم دورة 1995 , ثم دورة عام 2000 اشتد ساعدهم وفازوا بسبعة عشر مقعداً بمجلس الشعب , وفي عهد الرئيس مبارك يوم 26 مارس 2007 تم تعديل الدستور الصادر عام 1971 متضمناً تعديل 34 مادة تضمن من بين تعديلاته نص المادة الخامسة منه بحظر إقامة أحزاب علي أساس مرجعية دينية أو أساس ديني ."
أوضح الدكتور محمد خفاجي " أن ذروة قيام جماعة الإخوان باستغلال الدين في السياسة أتت واتية بعد ثورة الشعب في 25 يناير 2011 واستطاعوا بنفوذهم الديني والسياسي خلال فترة الاضطراب بتاريخ 6 يونيو 2011 بإنشاء حزب سياسي رسمي لهم لأول مرة في تاريخهم أسموه حزب الحرية والعدالة ".
وأضاف " وفي 24 يونيو 2012 ونتيجة استغلال الدين بالسياسة فاز حزب الجماعة الديني السياسي بتولي رئيس الحزب وعضو مكتب الإرشاد محمد مرسي رئاسة مصر , وفي تلك اللحظة استطاعوا أن يحققوا حلمهم بالوصول إلي قمة السلطة والحكم بعد 84 عاما من تأسيس الجماعة وكانت ولاية السنة التي تولوها كافية أن تقنع الشعب بنهج إرهابهم وعنفهم حتي ثار الشعب في ثورة 30 يونيه 2013 ".
ويختتم " وهكذا رأينا التاريخ الدموي لجماعة الإخوان الإرهابية وانتهاجهم العنف التيار والتطرف , واستغلالهم أزمات الشعوب للإضرار بالسلام الاجتماعي والإنساني , واستغلالهم أيضاً خلط الدين بالسياسة منذ العصر الملكي وفي عهود الجمهوريات الأربعة , ويُعد قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي المنبثق من إرادة الشعب بمحق الجماعة الإرهابية قراراً قومياً صائباً قد تأخر 75 عاماً منذ بداية خلطهم الدين بالسياسة بعد نشأتهم بعشر سنوات في عام 1938.
وفي ظل الجمهورية الرابعة الحالية في عهد الرئيس السيسي لم تقم لهم قائمة تذكر علي الساحة السياسية ولا الدينية التي كانوا يستغلونها ويخلطون فيما بينها لتحقيق أطماعهم في السلطة.
اترك تعليق