سميرة الديب
كبشة بنت رافع الأنصارية. صحابية جليلة. وهي أم سعد بن معاذ. وقد اشتهرت بكنيتها أم سعد. الذي اهتز عرش الرحمن لموته. وتعد كبشة من أفاضل نساء الصحابة. ومثالا يحتذي به في قومها للرأي والحكمة والعقل والشجاعة. فهي واحدة ممن أثرن تاريخ النساء بأعمال طيبة في الجهاد والفقة ورواية الحديث.
* عرف عن كبشة رضي الله عنها. أنها من المسلمات المجاهدات اللاتي رافقن الرسالة النبوية الشريفة منذ أن أشرقت أنوارها في المدينة المنورة. وكان ذلك عندما لقي النبي صلي الله عليه وسلم في موسم الحج بمكة نفرا من يثرب من قبيلة الخزرج. فعرض عليهم الإسلام وتلا عليهم القرآن فصدقوه وآمنوا به. وقالوا: أنا تركنا قومنا. ولا قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم. وعسي أن يجمعهم الله بك فسنقدم عليهم وندعوهم إلي أمرك. ونعرض عليهم الذي أجبناك اليه من هذا الدين. فإن يجمعهم الله اليه. فلا رجل أعز منك. ثم انصرفوا عن رسول الله صلي الله عليه وسلم وقد بايعوه.
* فلما عادوا إلي المدينة المنورة اذاعوا بها الإسلام فأجاب داعيتهم خلق كثير. وكانت من بين هؤلاء كبشة بنت رافع زوجة معاذ بن النعمان من بني الأشهل. ولها منه ستة أبناء وهم: سعد وعمرو واياسا واوس وعقرب وأم حرام.
* وما أن أشرق نور الإيمان بالمدينة حتي أسلمت كبشة بنت رافع. وكانت أول من بايع رسول الله صلي الله عليه وسلم مع أم عامر بن يزيد بن السكن وأختها حواء بنت يزيد. ثم سارعت بعد ذلك لنصرة دين الله بكل ما اوتيت من قوة. وتأييد الرسول صلي الله عليه وسلم.. ففي بيتها ترعرعت نواة الإسلام. ومن ثنايا دارها فاحت روائح الطيب في المدينة المنورة. فانتشر الإسلام. فكانت خيرا وبركة في الدنيا كلها. حتي أصبح بيتها منارة إسلامية.
* ولقد كان لكبشة رضي الله عنها وقفات إيمانية تدل علي جهادها وصبرها. فقد خرج اولادها لحرب الكفار في غزوة بدر وحمل ابنها سعد بن معاذ راية الانصار. وأكرمهما الله بالنصر. وفي غزوة أحد خرجوا جميعا. وخرجت أم سعد أم الأبطال كما كانوا يطلقون عليها. مع من خرج من النساء للاطمئنان علي سلامة رسول الله "صلي الله عليه وسلم" بعد أن وردت أخبار إلي المدينة باستشهاد عدد من المسلمين. وكان من بينهم ابنها عمرو بن معاذ. لكن الأم المجاهدة كانت رغم استشهاد ابنها إلا أن ذلك لم يشغلها. فقد كانت ترجو سلامة رسول الله "صلي الله عليه وسلم". وأقبلت مسرعة نحو أرض المعركة. فلما علمت بسلامة النبي عليه الصلاة والسلام حمدت الله تعالي. واعتبرت مصيبتها في استشهاد ابنها هينة مقارنة بسلامة رسول الله.
* وتعتبر هذه الصحابية الجليلة قد ضربت أروع آيات الصبر والتوكل في تاريخ النساء. لأنها كانت تحث علي مرضاة ربها. ومرضاة نبيه. وتؤثر محبة رسول الله علي كل غال ونفيس من مال وولد.. ولذلك فقد كانت كبشة هي واحدة ممن شهد لهم رسول الله صلي الله عليه وسلم بالصدق ودعا لها بالبركة والأجر العظيم.
* وتوفيت كبشة بعد أن توفي أولادها في سبيل نصرة دين الله. لكن سيرتها العطرة والصادقة لم تمت معها رضي الله عنها وأرضاها.
اترك تعليق