ينسب ابن عطاء إلي تاج الدين أبو الفضل أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد بن عيسي بن الحسين بن عطاء الله الجذامي نسباً، وفد أجداده المنسوبون إلي قبيلة جذام، إلي مصر بعد الفتح الإسلامي واستوطنوا الإسكندرية حيث ولد ابن عطاء الله حوالي سنة 658 هـ الموافق 1260 م ونشأ كجده لوالده الشيخ أبي محمد عبد الكريم بن عطاء الله، فَقيهاً يَشتغل بالعلوم الشَرعية حيث تلقي منذ صباه العلوم الدينية والشرعية واللغوية.
كان الشيخ ابن عطاء الله في أول حاله منكراً علي أهل التصوف حتي أنه كان يقول: "من قال أن هنالك علماً غير الذي بأيدينا فقد افتري علي الله عز وجل"، فما أن صحب شيخه أبو العباس المرسي واستمع إليه بالإسكندرية حتي أعجب به إعجاباً شديداً وأخذ عنه طريق الصوفية وأصبح من أوائل مريديه وصار يقول عن كلامه القديم: "كنت أضحك علي نفسي في هذا الكلام"، ثم تدرج ابن عطاء في منازل العلم والمعرفة حتي تنبأ له الشيخ أبو العبَاس يوماً فقال له: "الزم، فوالله لئن لزمت لتكونن مفتياً في المذهبين" يقصد مذهب أهل الشريعة ومذهب أهل الحقيقة، ثم قال: "والله لا يموت هذا الشاب حتي يكون داعياً إلي الله وموصلاً إلي الله والله ليكونن لك شأن عظيم والله ليكونن لك شأن عظيم والله ليكونن لك كذا وكذا" فكان كما أخبر.
ترك ابن عطاء الكثير من المصنفات والكتب منها المفقود ومنها الموجود ومنها ماتم ترجمته للغات عديدة . وقد حظيت بقبول وانتشار كبير ولا يزال بعضها يُدرس في بعض كُليات جامعة الأزهر، كما تَرجم المستشرق الانجليزي آرثر اربري الكثير منها إلي الإنجليزية، وترجم الإسباني ميجيل بلاسيوس فقرات كثيرة منها مع شرح الرندي عليها.
ويعد ابن عطاء الله السكندري من فقهاء المالكية وصوفي شاذلي الطريقة. بل أحد أركان الطريقة الشاذلية الصوفية. الملقب بـ"قطب العارفين"، و"ترجمان الواصلين"، و"مرشد السالكين"، فقد كان رجلاً صالحاً عالماً يتكلم علي كرسي ويحضر ميعاده كثيرين، وكان لوعظه تأثير في القلوب، وله معرفة تامة بكلام أهل الحقائق وأرباب الطريق، وله ذوق ومعرفة بكلام الصوفية وآثار السلف.
وللشيخ عدة تصانيف، منها : الحكم المشتملة علي أسرار ومعارف، وحكم ولطائف، نثراً ونظماً. ومن طالع كتبه عرف فضله.
توفي الشيخ ابن عطاء الله كهلا بالمدرسة المنصورية في القاهرة سنة 709 هـ ودفن بمقبرة المقطم بسفح الجبل بزاويته التي كان يتعبد فيها، ولا يزال قَبره مَوجوداً إلي الآن بجبانة سيدي علي أبو الوفاء تحت جبل المُقطمِ، من الجهةِ الْشرقية لجبَانة الإمام الليث، وقد أقيم علي قبره مسجد في عام 1973.
اترك تعليق