مواقع التواصل الاجتماعي احتفلت
بالذكري وسط آلاف عمليات البحث والتعليقات
سيطرت ذكري غزوة بدر التى وقعت فى اليوم السابع عشر من رمضان فى العام الثاني للهجرة والتي تمثل أول حرب في الإسلام، وكان النصر فيها حليف المسلمين.. على اهتمامات رواد السوشيال ميديا فى مصر والعالم الإسلامي الليلة الماضية وسط آلاف عمليات البحث والتعليقات على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي ومحركات البحث
سُميت غزوة بدر بذلك الاسم نسبة للمكان الذى وقعت فيه المعركة وهي منطقة بدر، وتعد أهم الغزوات خاصة بسبب قلة عدد المقاتلين من المسلمين الذين كانوا 313 رجلًا فقط، مقابل 950 رجلًا من المشركين، وفي رواية أخري وصل عددهم إلى 1000 رجل.
بدأت عندما علم الرسول الكريم بأمر قافلة قريش التجارية العائدة من الشام، وبها تجارة أكابر قريش الذين سبق وأن نهبوا من أموال المسلمين ظلماً وعدواناً. وليس لأي ذنب فعلوه غير أنهم قالوا ربنا الله. وبعد نزول قوله تعالي ûأُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَي نَصْرِهِمْ لَقَدِير* الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقّي إِلاَّ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا اللَّه ُوَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضي لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعى وَصَلَوَاتى وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيّى عَزِيزى* الَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ في الأرض أَقَامُواْ الصّلاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ وَأَمَرُواْ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْاْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأمور.
أراد الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ أن يسترجع المسلمون أموالهم المنهوبة، فأرسل احد الصحابة لجمع المعلومات عن القافلة فعاد بالخبر الذي جعل الرسول ينادي في أصحابه بالخروج لملاقاة القافلة، فكان خروجه من المدينة في اليوم الثاني من رمضان من السنة الثانية للهجرة، وكلف عبدالله بن أم مكتوم بإمامة الناس في الصلاة، ثم خرج ومعه بضعة عشر وثلاثمائة من الصحابة وفرسان و70 بعيرا، وتناوب كل ثلاثة من المسلمين علي بعير واحد، ويرجع ضعف قوات المسلمين الي أنهم لم يخرجوا للقتال وإنما خرجوا لاسترداد ما نهب منهم، فنزلوا ببدر وهو بئر بين مكة والمدينة.
وعندما علم أبو سفيان بأمر اعتراض قافلته أرسل عمرو بن ضمضم الغفاري إلي قريش يطلب العون فاستشاطت قبائل قريش وسارعوا إلي الخروج لمواجهة المسلمين، وكان عددهم ألف رجل ومائتي فرس. وكان قائدهم عمرو بن هشام "أبو جهل".
ورغم أن أبا سفيان نجح في الإفلات من كمين المسلمين. إلا أن قريشا قد أصرت علي مواصلة الحرب حتي لا يعاود النبي وأصحابه مهاجمة قوافلهم التجارية، وقال أبو جهل: "والله لا نرجع حتي نرد بدراً فنقيم عليها ثلاثا تنحر الجزور ونطعم الطعام ونسقي الخمر وتعزف علينا القيان وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا فلا يزالون يهابوننا أبدا بعدها فامضوا".
وحكي عمر بن الخطاب إكثار النبي صلي الله عليه وسلم من الدعاء يوم بدر قال: "لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي المشركين وهم ألف، وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلًا، فاستقبل نبي الله صلي الله عليه وسلم القبلة ثم مد يديه فجعل يهتف بربه "اللهم انجز لي ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض".
فما زال يهتف بربه مادا يديه مستقبل القبلة حتي سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه علي منكبيه ثم التزمه من ورائه وقال: يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك. فإنه سينجز لك ما وعدك فأنزل الله عز وجل: ûإِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفي مِّنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9 فأمده الله بالملائكة، وقد خرج من العريش وهو يقول: "سيهزم الجمع ويولون الدبر".
وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم يباشر القتال بنفسه قال علي، رضي الله عنه: "لقد رأيتنا يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله صلي الله عليه وسلم وهو أقربنا إلي العدو. وكان من أشد الناس يومئذ بأسًا".
وقد بدأ القتال بمبارزات فردية.. حيث تقدم عتبة بن ربيعة وتبعه ابنه الوليد وأخوه شيبة طالبين المبارزة، فانتدب لهم شباب من الأنصار فرفضوا مبارزتهم طالبين مبارزة بني قومهم، فأمر الرسول صلي الله عليه وسلم حمزة وعليًّا وعبيدة بن الحارث بمبارزتهم، وقد تمكن حمزة من قتل عتبة ثم قتل على شيبة، وأما عبيدة فقد تصدي للوليد وجرح كل منهما صاحبه فعاونه على وحمزة فقتلوا الوليد واحتملا عبيدة إلي معسكر المسلمين.
وقد أثرت نتيجة المبارزة في معسكر قريش وبدأوا الهجوم. فأمر النبي صلي الله عليه وسلم أصحابه بنضح المشركين بالنبل إذا اقتربوا منهم حرصًا علي الإفادة من النبال بأقصي ما يستطاع فقال: "إذا أكثبوهم فارموا واستبقوا نبلكم"، ويذكر عروة وقتادة أن الرسول صلي الله عليه وسلم رمي الحصا في وجوه المشركين. وتدل على صحة ذلك الآية الكريمة: ûوَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللَّهَ رَمَي وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعى عَلِيمى ûالأنفال: 17.
ثم التقي الجيشان في ملحمة قتل فيها عدد من زعماء المشركين، منهم أبو جهل عمرو بن هشام الذي وصفه الرسول صلي الله عليه وسلم بأنه فرعون هذه الأمة، وقد قتله معاذ بن عمرو بن الجموح ومعاذ بن عفراء وهما غلامان لا يعرفانه حتي دلهما عليه عبد الرحمن بن عوف، وقد أخبرا بأنهما يريدان قتل أبي جهل لما كان من سبه للرسول صلي الله عليه وسلم وقد أجهز عليه ابن مسعود بعد أن أصاباه.
ومنهم أمية بن خلف، فقد أسره عبد الرحمن بن عوف بعد المعركة وأسر معه عليًّا ابنه، فلمحه بلال، وكان هو الذي يعذبه بمكة، فقال: رأس الكفر أمية بن خلف، لا نجوت إن نجا، واستصرخ عليه الأنصار فأعانوه علي قتله هو وابنه علي، وقد ثبت في القرآن والحديث أن الله تعالي أمد المسلمين بالملائكة يوم بدر وكذلك صح أنها قاتلت ببدر.
وأخذ المشركون يتساقطون صرعي، حتي قتل منهم سبعون وأسر سبعون، وكان بعضهم يصرعون في مواضع كان الرسول صلي الله عليه وسلم قد بين لأصحابه قبل المعركة أنهم يصرعون فيها وذكرهم بأسمائهم.
ثم فروا لا يلوون علي شيء تاركين غنائم كثيرة في ميدان المعركة.
وأمر الرسول صلي الله عليه وسلم بسحب قتلي المشركين إلي آبار ببدر فألقوا فيها، وأقام ببدر ثلاثة أيام ودفن شهداء المسلمين فيها، وهم أربعة عشر شهيدًا سمتهم المصادر، وزاد ابن حجر عليهم في الإصابة اثنين آخرين، ولم يذكر أنه صلي الله عليه وسلم صلي عليهم وهي السنة في الشهداء ولم ينقل أحد منهم من بدر ليدفن في المدينة.
قُتل قائد قبيلة قريش "عمرو بن هشام" في نهاية غزوة بدر وانتصر المسلمين وقتل علي يدهم حوالي 70 رجلًا من المشركين، أما المسلمون فقتل منهم 14 رجلًا فقط، منهم 6 من المهاجرين و8 من الأنصار، وشهدت تلك الغزوة واحدة من أعظم المعجزات التي حدثت وهي نزول الملائكة.
فقد انطوت معركة بدر على معجزة من أعظم معجزات التأييد والنصر للمسلمين. فقد أمدهم الله فيها بملائكة يقاتلون معهم، وقاموا بكل ما يمكن أن يكون سببا لنصر المسلمين. من بشارتهم بالنصر. وتثبيتهم بما ألقوه في قلوبهم من بواعث الأمل والاطمئنان والثبات، وبما أظهروه للمسلمين من أنهم معانون من الله تعالي. ويقول الله تعالي: ûإِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَي الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَاني }"الأنفال:12". وقال تعالي: ûوَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْري وَأَنْتُمْ أَذِلَّةى فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافي مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ * بَلَي إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافي مِنَ الْمَلائِكَةُ مُسَوِّمِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَي لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ "آل عمران:126:123" .
انتهت غزوة بدر بالنصر المُؤزَّر للمسلمين، والهزيمة الساحقة للمشركين، قال -تعالي-: "وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْري وَأَنتُمْ أَذِلَّةى فَاتَّقُوا اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ"، وقد سمّي الله يوم بدر بيوم الفرقان، وذلك في قوله: "يَومَ الفُرقانِ يَومَ التَقَي الجَمعانِ".. لأنّه فرّق فيه بين الحقّ واالباطل.
وأقام رسول الله في بدر ثلاثة أيّام بعد انتهاء المعركة.. وذلك لدفن الشهداء. والقضاء على أيّة محاولة يُمكن أن تصدر عن المُنهَزِمين. وليأخذ الجيش مقدارًا كافيًا من الراحة. إلي جانب جمع الغنائم. وقبل الرحيل من أرض المعركة كان المسلمون قد جمعوا الكثير من الغنائم. ولم يكن الشرع قد بيّن حُكمها بعد. فأمرهم رسول الله بإعادة ما تمّ جَمعه منها، ثمّ نزل قوله -تعالي-: "يَسأَلونَكَ عَنِ الأَنفالِ قُلِ الأَنفالُ لِلَّهِ وَالرَّسولِ فَاتَّقُوا اللَّـهَ وَأَصلِحوا ذاتَ بَينِكُم وَأَطيعُوا اللَّهَ وَرَسولَهُ إِن كُنتُم مُؤمِنينَ"، ثمّ أنزل -تعالي- كيفيّة تقسيمها في قوله: "وَاعلَموا أَنَّما غَنِمتُم مِن شَيءي فَأَنَّ لِلَّـهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسولِ وَلِذِي القُربي وَاليَتامي وَالمَساكينِ وَابنِ السَّبيلِ إِن كُنتُم آمَنتُم بِاللَّهِ"، فقسّمها رسول الله -صلّي الله عليه وسلّم- علي المسلمين بالتساوي بعد أخذ خُمسها.
تحرّك رسول الله بجيشه نحو المدينة ومعه الأسري من المشركين، وقد بلغ عددهم سبعين رجلًا، قُتِل منهم اثنان مّمن عُرِفوا بأذيّتهم الشديدة للمسلمين، وهما: النضر بن الحارث الذي كان حاملًا للواء المشركين في المعركة، وعقبة بن أبي معيط الذي حاول من قَبل خَنق رسول الله -صلّي الله عليه وسلّم- بردائه.
اترك تعليق