وردت أسئلة كثيرة ومتعددة يسأل أصحابها عما يفيدهم في أمور دينهم ودنياهم. عرضنا بعضها علي فضيلة الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية. رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم. فأجاب بالآتي:
هل الاحتفال بالمناسبات المختلفة بدعة مذمومة؟.
** ليس كل أمر مُحدَث في العبادات أو المعاملات منهيًّا عنه» بل الأمور المحدثة تعتريها الأحكام التكليفية بحسب ما تدل عليه الأصول الشرعية. فما كان في حيز ونطاق خلاف ما أمر الله به ورسولُه صلي الله عليه وسلم فهو في حيز الذم والإنكار. وما كان واقعًا تحت عموم ما ندب إليه وحضَّ عليه اللَّه أو رسوله فهو في حيز المدح لأَن النبي صلي الله عليه وسلم قد جعل له في ذلك ثوابًا. فقال: "مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا". وقال في ضدِّه: "مَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا". وذلك إِذا كان في خلاف ما أَمر الله به ورسوله.
والصحابة وسائر المسلمين علي مر العصور قد فعلوا كثيرًا من الأمور التي لم يكن هناك فعل لها من سيدنا رسول الله. وكان ذلك منهم بعد وفاته صلي الله عليه وسلم» وهي تدل علي الجواز لأن لها أصلًا في الدين. وكلها كانت ضمن المقاصد العامة للشريعة وسيرًا علي نهج ومسيرة النبي الأمين والصحابة والتابعين الكرام.. ومفهوم البدعة المذمومة منحصر فيما يبطل الدين وما كان علي خلاف الشرع الشريف.
والغرض من الاحتفال بهذه المناسبات هو الفرح واستخلاص الدروس المستفادة التي تؤسِّس لكيفية مجاهدة النفس. والنظر للمآلات. مع الخبرة والحكمة في إدارة الأزمات وتعميق التكاتف الأسري والتراحم والتواد والبر. وبكل ذلك يكون التقدم والرقيُّ والدعوة إلي الله تعالي والوقوف علي مقاصد الشرع من الخلق.
ورد في السنة النبوية الشريفة أحاديث تبين فضل التبكير إلي صلاة الجمعة» فنرجو منكم بيان ذلك؟
** صلاة الجمعة فريضةى عظيمةى. أَمَرَ الله سبحانه عباده بتقديم السَّعيِ والحضورِ إليها علي كلِّ عملي» فقال تعالي: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَي ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرى لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ".. والنبي- صلي الله عليه وآله وسلم- قد حثنا علي التَّبكير إليها. لننال عظيمَ الأجر في الآخرة» فقال صلي الله عليه وآله وسلم: "مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَغَسَّلَ. وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ. وَدَنَا وَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ. كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةي يَخْطُوهَا أَجْرُ سَنَةي صِيَامُهَا وَقِيَامُهَا".
وكما حذَّر مِن تأخيرِ الحضور إلي الجمعة وكذا مِن التَّخلُّفِ عنها بغير عذري» فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قال: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَعَلَيْهِ الْجُمُعَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ". إلي أنْ قال: "فَمَنِ اسْتَغْنَي بِلَهْوي أَوْ تِجَارَةي اسْتَغْنَي اللهُ عَنْهُ. وَاللهُ غَنِيُّ حُمَيْدى..".. وقال أيضا: "مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمَعي تَهَاوُنًا بِهَا. طَبَعَ اللهُ عَلَي قَلْبِهِ". ومما سبق يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.
ما حكم سكوت الإمام عقب قراءة الفاتحة في الصلاة الجهرية وما مقداره؟
** من المقرر شرعًا أنه لا يجب علي الإمام أن يسكت لقراءة المأموم الفاتحة عقب فراغه من قراءتها باتفاق الفقهاء. إلا أنهم اختلفوا في استحباب ذلك للإمام» فذهب الشافعية والحنابلة ومَن وافقهم إلي استحباب سكوت الإمام عقب قراءة الفاتحة سكتةً يسيرةً. يقرأ فيها مَنْ خلفه الفاتحة. بينما ذهب الحنفية والمالكية إلي كراهة ذلك.. وسكوت الإمام إذن بعد قراءة الفاتحة لإعطاء فرصة للمأمومين لقراءتها مسألة خلافية بين الفقهاء. ومن القواعد المقررة شرعًا في مثل هذه المسائل الخلافية أنه: "لا إنكار في مسائل الخلاف". وأنه "من ابتُلِيَ بشيء من المختلف فيه فليقلد من أجاز".
وعليه: فإن للإمام ألَّا يسكت بعد قراءة الفاتحة ولا يمهل المأمومين لقراءتها بعده» تقليدًا لمن كره ذلك من الفقهاء. وله أن يسكت سكتة يسيرةً لكي يعطي فرصة للمأمومين لقراءة الفاتحة عقب قراءتها» تقليدًا لمن أجاز.
وحول مقدار سكوت الإمام عقب قراءة الفاتحة في الصلاة. فإذا اختار الإمام أن يسكت في صلاته عقب قراءة الفاتحة وقبل قراءة السورة فقد استحب له فقهاء الشافعية والحنابلة أن يسكت سكتة لطيفة بمقدار ما يتمكن المأموم من قراءة الفاتحة.
رجلى يملك بقرة. ونذر أنه إذا شفا اللهُ تعالي ابنَه المريض فسوف يذبحها لله تعالي ويوزعها علي الفقراء والمحتاجين. وحين أكرمه الله بشفاء ولده وَفَّي بالنذر. فذبحها ووزعها علي الفقراء والمحتاجين. لكنه أكل منها» فما حكم ما أكله من هذا النذر" وهل يجب عليه شيء؟
** يجب علي هذا الرجل الذي أكل من النذر الذي عَيَّنَهُ للفقراء والمحتاجين أن يُخرج بدل ما أكله. ويتخير في ضمان بدله حسبما يتيسَّر له أو يكون أنفع للفقير. ولا حرج عليه في ذلك شرعًا.
وهذا الرأي ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من الحنفية. والمالكية في المعتمد. والشافعية. والحنابلة. وهو مخيرى في هذا الضمان» فإن شاء ضَمِن القيمة مالًا ووزعه علي الفقراء» كما هو مذهب الحنفية. والمالكية في قول. والشافعية في أصح الأوجُه عندهم. أو ضَمِنها لحمًا» كما هو مذهب المالكية في المعتمد. والحنابلة. والشافعية في وجه. أو ضَمِنها طعامًا» كما هو قول الإمام عبد الملك بن الماجشون من المالكية. أو يشتري جزءًا من حيواني مثله ويشارك في ذبحه ثم يوزعه عليهم» كما ذهب إليه الشافعية في وجهي ثالث عندهم. ويجزيه ما اختار من أيِّ صور الضمان تلك.
اترك تعليق