قالت الدكتورة نهلة الصعيدي، مستشار شيخ الأزهر لشؤون الوافدين، رئيس مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين والأجانب، خلال مشاركتها في الندوة التي نظمتها إدارة إعداد العلماء التابعة لمسجد الاستقلال بإندونيسيا، وجامعة علوم القرآن الكريم، إن العلماء هم حملة مشاعل الهداية والنور لأمتنا، وهم طريقنا نحو الصلاح والفلاح، فهم وحدهم القادرون على تشكيل وعي عامة الناس وإحداث التأثير الإيجابي فيهم بما يمتلكونه من علم، فهم ورثة الأنبياء وحماة الدين، وهم القادرون على هداية الناس لطريق الحق وطريق الهداية، ولذلك فقد أولاهم الدين الإسلامي مكانة عالية، بل وجعل من موت العالم مصيبة كبيرة، وذلك مصداقًا لقول نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم: " إنَّ اللهَ لا يقبضُ العلمَ انتزاعًا ينتزعُهُ منَ النَّاسِ، ولَكن يقبضُ العلمَ بقبضِ العُلماءِ، حتَّى إذا لم يترُك عالمًا اتَّخذَ النَّاسُ رؤوسًا جُهَّالًا، فسُئلوا فأفتوا بغيرِ عِلمٍ فضلُّوا وأضلُّوا".
وأكدت مستشار شيخ الأزهر أنه من الواجب على ولاة أمورنا في العالم الإسلامي، أن يولو لعملية إعداد "العلماء المعاصرين" أهمية قصوى، لكي يتمكنوا من إعداد أجيال من العلماء ذوي المستوى العلمي العالي، وقادرون على حمل أمانة الدين، وتبليغ العلوم الدينية وإيصالها للأجيال التالية، فالعلماء هم "ورثة الأنبياء"، والأداة النافعة التي ينتقل بها العلم من جيل لآخر.
وبينت أن الأزهر الشريف قد بذل الكثير من الجهود في سبيل إعداد كوادر العلماء، وتأهيلهم، وتزويدهم بالمهارات اللازمة لمجابهة تحديات العصر، عبر جامعته ومعاهده وأروقته، ومركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين والأجانب الذي يعد البرامج التعليمية والندوات والدورات التدريبية لتأهيل الطلاب الوافدين، و«أكاديمية الأزهر العالمية لتأهيل الأئمة والوعاظ»، فالأزهر يفد إليه الكثير من علماء ودعاة ووعاظ البلدان الإسلامية للتدرب على مهارات تفنيد الفكر المتطرف، وترسيخ المنهج الأزهري الوسطي لديهم، لحماية الأجيال الناشئة من الانخراط داخل الجماعات المتطرفة، مع تقديم برامج تدريبية شاملة للعلماء والدعاة من مختلف أنحاء العالم، بهدف صقلهم بفنون العمل الدعوي، مع تدريبهم على كيفية استخدام العلوم الحديثة والذكاء الاصطناعي في توثيق التراث الإسلامي والتعامل مع نصوصه بالشكل العلمي السليم، للمحافظة عليه وحمايته.
وأضافت أن الأزهر الشريف، خلال السنوات القليلة الماضية، قد اعتنى بشكل كبير بتخريج جيل من العلماء المعاصرين، وتدريبهم وتأهيلهم بالشكل الكافي، لمجابهة التحديات المعاصرة، وقد أعد مجموعة متكاملة من الدورات التدريبية المناسبة لذلك، بما يحقق رسالة الأزهر الشريف في التوعية وتصحيح المفاهيم الخاطئة حول الكثير من القضايا الحياتية والمجتمعية المعاصرة، عبر شباب العلماء والدعاة، وقد كان من أبرز البرامج التدريبية التي قدمها الأزهر لشباب العلماء، برنامج «تعزيز كوادر علماء مسجد الاستقلال بإندونيسيا»، بالتعاون مع مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين والأجانب، كذلك تدريب شباب العلماء على "منهجية الرد على الشبهات"؛ لتدريبهم خاصة في ظل ما نعانيه في وقتنا الحالي من ارتفاع مضطرد في وتيرة الشبهات التي تتردد على ألسنة الكثير من الأفراد من داخل المجتمعات المسلمية وخارجها، بهدف تشكيك الناس في أمور دينهم، وقد حقق الأزهر الشريف نجاحاً كبيراً في التصدي لهم، وتفنيد ما ورد على ألسنتهم من مزاعم، وتصحيح الكثير من المفاهيم الخاطئة التي أثيرت في الآونة الأخيرة.
وأوضحت مستشار شيخ الأزهر أن الإسلام قد أعلى من شأن العلم والعلماء، ووضعهم في منزلة عالية مصداقًا لقوله تعالى "يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ"، فهم يعملون عمل الأنبياء، لأن كليهما يكونون سببًا في هداية الناس وإرشادهم إلى طريق الحق، وبالعلم النافع وما يحمله من علماء معاصرين، تنهض الأمم ويتحقق لها مبتغاها من الهداية والرشاد، وتصل إلى طريق الحق ويتحقق فيها مراد الله فيهم وما خلقوا من أجله، لتتحقق لهم الهداية في أمور دينهم ودنياهم،ولهذا كان من الواجب علينا وعلى مؤسساتنا جميعا، التعاون فيما بينها، للوصول إلى تخريج أجيال جديدة من العلماء المعاصرين، قادرون على حمل مشاعل الهداية والنور، لمواصلة المسيرة، وحماية الدين.
واختتمت مستشار شيخ الأزهر كلمتها بأن العلماء هم أشرف الناس وأكرمهم، ويقع على عاتقهم مسؤولية كبيرة نحو أمتهم ومجتمعاتهم، عبر ما يضطلعون به من بيان ما فيه المنفعة والمصلحة للناس، وتحقيق الخير والنماء لهم، مؤكدةً أن للعلم آدابه التي حددها الإسلام، والتي من أولها ضرورة نشره بين الناس وتعليمهم إياه وعدم كتمانه، موصية "شباب العلماء" و"العلماء المعاصرين" بضرورة العمل على بذل كل ما لديهم من جهد لنشر ما لديهم من علم، وأن يتيقنوا بأن العلم رسالة، وعليهم أن يبدلوا الغالي والنفيس في سبيل حماية دينهم، وخدمة الأمة، والحفاظ على التراث الديني، والتصدي لجميع الحملات المغرضة التي تهدف للنيل منه،
جدير بالذكر أن أ.د نهلة الصعيدي، مستشار فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، قد توجهت إلى العاصمة الإندونيسية جاكرتا في زيارة علمية موسعة تستغرق بضعة أيام، تشمل العديد من اللقاءات العلمية.
اترك تعليق