مقتضى الحضانة في الشريعة الإسلامية حفظ المحضون وإمساكه عما يؤذيه، وتعليمه وتربيته لينمو، وذلك بعمل ما يصلحه، وتعهده بطعامه وشرابه، وغسله وغسل ثيابه، وتعهد نومه ويقظته فيلزم في مسكن الحضانة ما يحقق هذا المقتضى، وبحيث تأمن فيه الحاضنة على نفسها وولدها ومالها ومتاعها، وتتمكن فيه من القيام بواجبات الحضانة .
توضح الأمانة العامة لدار الإفتاء المصرية مشروعية إقامة المطلقة مع والد مطلقها في شقة سكنية واحدة حيث لا مانع شرعًا من إقامة المرأة المطلقة مع محضونيها لدى جدهما والد مطلِّقها؛ سواء أكانت مطلقة رجعية أم بائنة بينونة صغرى أو كبرى؛ فإن والد المطلِّق محرمٌ عليها على التأبيد بمجرد عقد ابنه عليها.
الأصل شرعًا أن مكان الحضانة هو المسكن الذي أعده والد المحضون لسكنى الزوجية إذا كانت الحاضنة أمه وهي في زوجية أبيه، أو في عدته من طلاق رجعي أو بائن؛ ذلك أن الزوجة ملزمة بمتابعة زوجها والإقامة معه حيث يقيم، والمعتدة يلزمها البقاء في مسكن الزوجية حتى تنقضي العدة سواء مع الولد أو بدونه؛ لقوله تعالى: ﴿لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾ [الطلاق: 1]، وإذا انقضت عدة الأم فمكان الحضانة هو البلد الذي يقيم فيه والد المحضون أو وليه؛ لأن للأب حق رؤية المحضون، والإشراف على تربيته، وذلك لا يتأتى إلا إذا كان الحاضن يقيم في بلد الأب. انظر: "كشاف القناع" (5/ 500، ط. دار الفكر).
ومذهب الحنفية أن وجوب نفقة الولد ولزومها على من تلزمه نفقته، وأن المسكن من النفقة، قال العلامة الحصكفي في "الدر المختار" (2/ 637، ط. إحياء التراث، مع "حاشية ابن عابدين"): [وفي "شرح النقاية" للباقاني عن "البحر المحيط": سُئِل أبو حفص عمن لها إمساك الولد وليس لها مسكن مع الولد؛ فقال: على الأب سكناهما جميعًا. وقال نجم الأئمة: المختار أنه عليه السكنى في الحضانة] اهـ.
وهو الذي عليه الفتوى عند المالكية وهو مذهب "المدونة": أن أجرة المسكن على الأب للمحضون والحاضنة معًا. انظر: "الخرشي على خليل" (4/ 218، ط. دار صادر)، و"الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي" (2/ 533، ط. دار الفكر)، و"القوانين الفقهية" (ص: 230، ط دار الفكر)، ووافقهم الشافعية والحنابلة على اعتبار السكنى من النفقة الواجبة. انظر: "مغني المحتاج" (3/ 446، ط. دار الفكر)، و"كشاف القناع" (5/ 460، ط. دار الفكر).
اترك تعليق