هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

يهدي من يشاء

سهيل بن عمرو

سهيل بن عمرو» سيِّدى من سادات قريش المرموقين. وخطيب من خطباء العرب المفوَّهين. وواحد من أهل الحَلِّ والعَقْد الذين لا يُقطع دُونهم أمر.. وكان سُهيلى حين صدع الرَّسول الكريم صلي الله عليه وسلم بدعوة الحق لم يُعْرِضْ عن الإسلام فحسْب. وإنَّما طَفِقَ يصدُّ النَّاس عن سبيل الله بكلِّ وسيلة. ويصُبُّ علي السَّابقين إلي الإسلام سَوْطَ عذابه. ليفتنهم عن دينهم. ويرُدَّهُم إلي الشِّرْكِ.. وما لبث أن فوجئ بخبر وقع عليه وقع الصَّاعقة. وذلك حين عرف أنَّ ابنه عبد الله. وابنته أمَّ كلثوم قد تبعا محمَّداً. وفرَّا بدينهما إلي أرض "الحبشة" تخلُّصاً من أذاه وأذي قريش.. ثم شاء الله أن تصل الأخبار كاذبة إلي مهاجري "الحبشة" بأنَّ قريشاً قد أسلمت. وأن المسلمين باتوا يعيشون بين أهليهم بسلام» فعاد فريقى منهم إلي مكة. وكان في جملة العائدين. عبد الله بن سُهيل.


لم تكد أقدام عبد الله تطأُ أرض مكة» حتي أخذه أبوه. وكبَّله بالقيود» وألقي به في مكان مظلم من بيته“ وجعل يَفْتَنُّ في تعذيبه. حتي أظهر الفتي ارتداده عن دين محمد. وأعلن رجوعه إلي ملَّة آبائه وأجداده.. فسُرِّيَ عن سُهيل بن عمرو. وقرَّت عينه. ثمَّ ما لبث المشركون أن عزموا علي منازلة رسول الله صلي الله عليه وسلم في "بدر" فخرج معهم سهيل بن عمرو مصحوبا بابنه عبد الله. متشوِّقاً لأن يري فتاه يُشْهِرُ السَّيف في وجه محمد.. ولكنَّ الأقدار كانت تُخَبِّئُ لسهيل ما لم يكن يقع له في حساب“ إذ ما كاد يلتقي الجَمعان علي أرض "بدر" حتي فرَّ الفتي المسلم المؤمن إلي صفوف المسلمين. ووضع نفسه تحت راية رسول الله صلي الله عليه وسلم.

ولما انتهت "بدر" بذلك النَّصر المؤزَّر الذي مَنَّ الله به علي نبيِّه. ووقف الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم. وصحبه الأخيار يستعرضون أسري المشركين إذا هم يَجِدون سُهيل بن عمرو أسيراً في أيديهم.. فلما مَثُلَ سُهَيلى بين يدي النبيِّ عليه الصلاة والسلام. يريد المُفاداة. نظر إليه عمر بن الخطاب. وقال: دعني يا رسول الله أنْزَعُ ثَنِيَّتَيْهِ حتي لا يقوم بعد اليوم خطيبا في محافل مكة. ينال من الإسلام ونبيِّه.. فقال عليه الصلاة والسلام: "دَعْهُمَا يا عمر. فلعلك تري منهما ما يَسُرُّك إن شاء الله".

ثم دارت الأيام دورتها. وكان صُلْحُ "الحديبية" فَبَعَثَت قريشى سهيل بن عمرو لينوب عنها في إبرام الصُّلح. فتلقَّاه الرسول عليه الصلاة والسلام. ومعه طائفةى من صحبه فيهم ابنه عبد الله بن سُهَيْلي.. ثم دعا النَّبِيُّ عليه السلام علي بن أبي طالب لكتابة العَقْدِ. وشرع يُملي عليه فقال: "اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم".. فقال سُهَيْلى: نحن لا نعرف هذا. ولكن اكتب باسمك اللهم.. فقال النبيُّ صلي الله عليه وسلم لعليّي: "اكتب باسمكَ اللهمَّ".. ثم قال: "اكتب هذا ما صالح عليه محمَّدى رسول الله".. فقال سهيل: لو كنّا نشهد أنَّك رسول الله لم نُقاتِلْكَ. ولكن اكتب اسمك واسم أبيك.. فقال النبي صلي الله عليه وسلم: "والله إني لرسول الله وإن كذَّبتموني“ اكْتُب محمد بن عبد الله".. ثم أتَمَّ العَقْدَ وعاد سُهَيْلُ بن عَمْرو مَزْهُوّاً بما كان يظنُّ أنَّهُ حقَّقه من نصر لقومه علي محمَّد.

ثمَّ دارت الأيام دورتها كَرَّةً أخري» وإذا بقريش تُهْزَمُ هزيمتها السَّاحقة من غير حرب“ وإذا رسول الله صلي الله عليه وسلم يدخل مكَّة فاتحا“ وإذا المنادي يُنادي: يا أهل مكَّة. من دخل بيته فهو آمن. ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن. ومن دخل بيت أبي سفيان فهو آمن“ فما إن سمع سُهَيْلى النِّداء حتَّي دَبَّ في قلبه الذُّعر فيقول: لما دخل رسول الله صلي الله عليه وسلم مكة. اقْتَحَمْتُ بيتي. وأغلقت عَلَيَّ بابي. وأرسلتُ في طلب ابني عبد الله» وأنا أستحي أن تقع عَيْنِي علي عَيْنِهِ» لِمَا كنت قد أسرفت في تعذيبه علي الإسلام. فلما دخل عَلَيَّ“ قلت له: اطْلُب لي جِوَاراً من محمَّدي. فإنِّي لا آمن أن أُقـتَلَ“ فذهب عبد الله إلي النبي صلي الله عليه وسلم. وقال: أبي“ أَتُؤَمِّنُهُ يا رسول الله جُعِلْتُ فِدَاكَ؟!... قال: "نعم“ هو آمنى بأمان الله. فليَظهر". ثم الْتَفَتَ إلي أصحابه وقال:"من لقي منكم سُهيلا فلا يُسئ لقاءه فلعمري إن سهيلا له عقلى وشرفى. وما مِثْلُ سهيل يَجْهَلُ الإسلام. ولكن قُدِّرَ فكان".

أسلم سهيل بن عمرو بعد ذلك إسلاماً مَلَكَ عليه قلبه ولُبَّهُ. وأحبَّ الرَّسول الكريم صلي الله عليه وسلم. حُبّاً أَحَلَّهُ في السّوَيْدَاءِ مِنْ فُؤَادِه.. قال الصِّدِّيق رضوان الله عليه: لقد نظرت إلي سُهيل بن عمرو في حجَّة الوداع قائماً بين يدي رسول الله صلي الله عليه وسلم. وهو يُقَدِّمُ له البُدْنَ ورسول الله صلي الله عليه وسلم يَنْحَرُها بيده الكريمة. ثم دعا النبيُّ صلي الله عليه وسلم الحلاَّق فَحَلَقَ رأسه“ فنظرت إلي سهيل. وهو يلتقط الشَّعْرَةَ من شَعْرِ النبي صلي الله عليه وسلم. ويضعُها علي عَيْنَيْهِ.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق