بقلم- ليلى جوهر
ملحمة النصر
حرب أكتوبر المجيدة نموذجا يدرس كملحمة وطن خاضتها الأمة المصرية جيشا وشعبا لتحقيق نصر أكتوبر العظيم واسترداد الأرض المصرية والسيادة والكرامة الوطنية ..
ولقد بدأ الاستعداد لخوض المعركة منذ نهاية حرب 1967 استعدادا شاملا تشريعيا وعسكريا واقتصاديا وإعلاميا وثقافيا ومجتمعيا ودينيا وتوعويا لتهيئة المناخ العام والاستعداد الشامل حتى تحقق الإنتصار العظيم..
فتعالوا نسترجع الماضى لنستخلص درره وكنوزه وكيف تحقق النصر على أيدى رجال مصر العظام وكيف أستعدوا وخططوا حتى تحقق النصر.. ونستخلص دروسا تكون لنا نبراسا فى عالمنا المعاصر ..
والسؤال كيف تم الاستعداد لخوض حرب أكتوبر ؟
لقد تم الاستعداد فى جميع المجالات فهى منظومة متكاملة وشاملة ومن هذه المجالات..
المجال التشريعى.
القوانين هى التى تحدد الصلاحيات والاختصاصات التى يجب أن تتبعها السلطات للاستعداد للمعركة
فبعد حرب 1967 تم اصدار القانون 86لسنة 1968 الذى نص على إنشاء مجلس الدفاع الوطنى وحدد اختصاصاته ومنها..
يدرس مسائل الدفاع عن الدولة وحالة الاستعداد القتالي للقوات المسلحة ومستوى تجهيزها بالأسلحة والمعدات بما يحقق الأهداف السياسية للدولة.
يحدد الحجم والتركيب التنظيمي للقوات المسلحة في السلم والحرب.
يدرس ويتخذ قرار إعلان حالة الطوارئ, وقرار تنفيذ التعبئة العامة أو الجزئية وقرار إعلان الحرب.
يدرس المسائل المتعلقة بإنشاء تشكيلات عسكرية جديدة وتخصيص موارد إضافية من القوى البشرية والوسائل المادية لخوض الحرب وكذا إعادة توزيع القوى البشرية في نطاق النظام الاقتصادي الوطني.
يحدد الإجراءات الرئيسية التي ينبغي عملها لإعداد أراضي الدولة للحرب وتجهيز مسرح العمليات الحربية .
واستكمال نظام الدفاع الجوي عن الدولة وتطوير وسائل النقل والمواصلات الإشارية لأغراض الدفاع واستغلال قوى إنتاجية وطاقات جديدة..
ينسق جهود كافة الأجهزة الحكومية والسياسية لصالح الدفاع عن الدولة.
يوفر ويوزع الموارد من المواد الخام والأغذية للإمداد المستمر للقوات المسلحة والشعب بالأغذية ولإمداد المشروعات الصناعية بالمواد الخام .
يدرس المسائل المتعلقة بتطوير القوات المسلحة بما يناسب طبيعة الحرب الحديثة وتدبير احتياجاتها محليا ومن الخارج.
يحدد شكل وتكوين الدفاع المدني وإجراءات إعداد الدولة والشعب للدفاع ضد العدوان.
يحدد وينفذ إجراءات تقوية وتدعيم عزيمة أفراد القوات والشعب وبث الروح الوطنية العالية والكراهية للعدو
دراسة وإعداد مشروعات المعاهدات .
هذه بعض المواد المهمة التى منحت الصلاحيات للقيام بالاعداد والتخطيط والتجهيز للمعركة فى العديد من المجالات المختلفة..
ولقد قامت الدولة المصرية بجهود رائعة فى كافة المجالات ومنها على سبيل المثال..
المجال العسكرى
تسليح الجيش المصرى بأحدث الوسائل والخطط والتدريبات وتنوع مصادر السلاح وتهيئة الجنود بدنيا ونفسيا وعسكريا لخوض المعركة واستخدام طرق ووسائل عسكرية حديثة مما كان له أبلغ الاثر على أرض المعركة
فمعجزة حرب أكتوبر والبطولات الفردية والجماعية تدرس كمنوذج للحروب الحديثة وشعار الجنود الله أكبر كانت السبيل لتحقيق النصر فى معركة استرداد أرض سيناء الحبيبة..
المجال الاقتصادى
وهذا من أهم أوجه الاستعداد فقد تحول الاقتصاد المصرى قبل حرب العاشر من رمضان الى اقتصاد الحرب وذلك بمعنى تعبئة جميع المصانع ومنتجاتها لاستيفاء احتياجات القوات المسلحة والمواطنين...
وقامت الدولة المصربة بتخزين السلع الاستراتيجية الاحتياطية لتكفى احتياجات الدولة لمدة 6 أشهر قبل الحرب مباشرة وهذا لتوفير مصادر الغذاء لقواته المسلحة والشعب..
المجال الإعلامى
لخوض معركة العبور وذلك بتهيئة المناخ المناسب لخوض المعركة وشحذ الهمم وقوة الانتماء والوعى الوطنى والمجتمعى ، ولقد كان للمؤسسات الثقافية دورا بحفلات الفنانين لدعم المجهود الحربى ومثال لها ما قامت به السيدة أم كلثوم وقدمته من حفلات لدعم المجهود الحربى وتقديم الاغنيات الوطنية لتقوية روح الإنتماء..
ضم المدارس والجامعات للاشراف العسكرى وتدريب الطلاب على السلاح والدفاع وتجهيز الفتيات لتقديم الرعاية للجرحى والمصابين فهكذا المعارك تضم كل المحبين للوطن صغارا وكبارا فى بوتقة حب وانتماء..
المجال الدينى
الدين أهم المؤثرات فى تشكيل عقيدة الانسان لخوض معركة الدفاع وأهمية الشهادة وثواب الشهيد ومكانته عند الله وفضل الشهادة وشرف الدفاع عن الاوطان وضروة الوحدة بين أطياف الشعب وتحريم المتاجرة فى الازمات وعقاب فاعلها دينيا ورفضه مجتمعيا فهكذا دور الائمة فى المعارك الوطنية.
المجال الاجتماعى
غرس قيمة التكافل المجتمعى بين افراد المجتمع والتعاون فى الازمات بين جميع الطوائف من أهم أسباب قوة الجبهة الداخلية بتحقيق التكافل المجتمعى بين جميع طوائف الشعب .
المجال الشرطى
حماية الجبهة الداخلية خط دفاع عن الأوطان ويشهد التاريخ اختفاء الجرائم باشكالها وصورها فى وقت المعركة فالكل اصبح فى وقت المعركة مواطنا نافعا محبا لوطنه مساهما فى معركته فكانت الجبهة الداخلية متماسكة ومتعاونة..
المجال القانونى
تفعيل دور القانون وتطبيق قانون الطوارئ والرقابة والمتابعة وتطبيق القانون على المخالفين..
فالوطن فى حال حرب وظروف طارئة بما يجب فرض القانون وتطبيقه على جميع المواطنين بالمساواة فالقوانين مانعة ورادعة..
المجال الدولى
وهذا من أهم سبل الاستعداد على مستوى العلاقات الدولية والمؤسسات العالمية ..
ولقد صدر قرارا إدانة لاسرائيل بالقرار رقم 242
الصادر242 هو قرار أصدره مجلس الأمن الدولي التابع لمنظمة الأمم المتحدة في 22 نوفمبر 1967 وقرر بالاتى
سحب القوات المسلحة من الأراضي التي احتلتها في النزاع.
ب - إنهاء جميع ادعاءات أو حالات الحرب واحترام واعتراف بسيادة وحدة أراضي كل دولة في المنطقة واستقلالها السياسي وحقها في العيش بسلام ضمن حدود آمنة ومعترف بها وحرة من التهديد وأعمال القوة.
الحق لابد له من قوة قانونية ودولية مساندة ومؤيدة لاسترداد الحقوق المشروعة..
تقوية اواصر العلاقات العربية والدعم والتعاون المشترك والتعاون العسكرى بين مصر وسوريا والترتيب لمعركة العبور لتحقيق النصر..
الدعم العربى الذى قدمته البلاد العربية وقرار ملك فيصل ملك السعودية بوقف تصدير البترول دعما لمصر وسوريا فى معركة العبور ..
فهكذا كان التكاتف العربى مساندا وداعما فى معارك الأوطان..
بما يدعونا للدعوة إلى الوحدة العربية وتحقيق التكامل العربى ووحدة الهدف والبوصلة ونبذ الفرقة حماية الأوطان ..
فيكفينا ما حدث ويحدث بمنطقتنا العربية لنعلم ونعى ان الوحدة طوق النجاة للحفاظ على الأوطان..
وماذا بعد فلا تكفى الكلمات للتعبير عن معارك الشهداء وملاحم العبور ومعنى حب الوطن والفداء ففى حب الوطن تختفى كل الفوارق ويصبح الوطن هو المبتغى والدفاع عن أرضه هدفا قوميا لكل مواطن يعيش على أرض الدولة المصرية.
المعارك لا تنتهى وتستكمل فى مجال المحاكم الدولية فقد خاضت مصر معركة قانونية لاسترداد التراب الوطنى فى المحاكم الدولية وتم الانتصار بمعركة قانونية وتم الحكم بأحقية مصر بأرض طابا ورفع العلم المصرى فوق أرض سيناء فى عام 1982 وهكذا تحققت السيادة المصرية على أرض سيناء أرض الفيروز لتبدأ معركة البناء..
فتحية اعزاز للقائد البطل محمد أنور السادات عبقرى الحرب والسلام والرئيس الراحل محمد حسنى مبارك قائد سلاح الطيران والفريق سعد الدين الشاذلى رئيس الأركان والفريق عبد الغنى الجمسى رئيس هيئة العمليات ،والفريق أول أحمد أسماعيل وزير الحربية هؤلاء بعض قادة الحرب ونصر أكتوبر العظيم
فتحية لكل قائد وجندى وبطل حارب وانتصر واستشهد فى حرب العزة والكرامة معركة النصر
والسؤال هل توقف الصراع والنزاع العالمى أم مازالت الحروب مستمرة؟
ما اشبه اليوم بالبارحة فمازال العالم فى صراع ونزاع بل اصبح أشد صراعا واستخداما لأسلحة قوة أكثر تدميرا
ففى هذه الفترة العصيبة حروب وصراع ونزاع سواء فى منطقة الشرق الأوسط والحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها على العالم كافة والدولة المصرية خاصة..
فعلى المستوى الخارجى تواجه مصر على جميع حدودها الاربعة شرقا وغربا وشمالا وجنوبا وأخطرها أزمة سد النهضة والحرب على الإرهاب والصراع على مصادر الطاقة وصراع على الحدود فى عدة عربية مجاورة ليبيا والسودان وأخرى فى سوريا واليمن والعراق..
صراع عالمى فى الحرب الروسية الاوكرانية وتداعياتها على المنطقة العربية والعالم كافة وأزمة اقتصادية طاحنة وحروب بيولوجية وكوارث طبيعية وما حدث فى سوريا والمغرب ودرنة من كوارث يشيب لها الشعر وترتجف المشاعر على شعوب هدمت وألاف الضحايا والشهداء ودور الجيش المصرى العظيم فى درنة بليبيا فى الأغاثة الانسانية وتقديم الدعم الجوى والطبى والخدمى والبرى بما يجعلنا نفخر بوطننا وجيشنا ودوره الريادى فى الاغاثة الانسانية..
أزمة اللاجئين الفارين نتيجة للحروب والصراع والدور المصرى فى استضافة الاشقاء بداخل الدولة المصرية..
على المستوى الداخلى هناك العديد من الملفات والقضايا والتحديات التى تواجه الأمة المصرية فى معركة البناء وأهمها الملف الاقتصادى و السياسي والاجتماعى والتعليمى والدينى والقانونى فهذه القضايا المحورية أساس بناء وتقدم الأمة..
كل هذه التحديات على المستوى الداخلى والخارجى تواجه الأمة المصرية مما يجعلنا نصطف صفا واحدا لمواجهة المخاطر والتحديات..
والسؤال كيف نستلهم روح أكتوبر فى حياتنا المعاصرة والدروس المستفادة لتكون لنا دليلا لتحقيق النصر فى معاركنا الوطنية ؟
هناك العديد من الدروس المستفادة ومنها ..
إمتلاك سلاح القوة العسكرية الحديثة من أهم الأولويات للدفاع عن الامة حقوقها وثرواتها وسيادة شعبها.
التكاتف المجتمعى والاصطفاف الوطنى جيشا وشعبا السبيل لتحقيق النصر..
الاستعداد الشامل فى جميع المجالات والتكامل كمنظومة عمل واحدة السبيل لتحقيق الانتصار.
امتلاك السلاح الاقتصادى أهم الأسلحة لتحقيق التقدم والكفاية والريادة ..
قوة الجبهة الداخلية الداعم الاكبر لمواجهة المخاطر الخارجية والدفاع عن الأمة..
بناء الإنسان وإعداده أعداد سليما علميا وفكريا وثقافيا لبناء الأمة والدفاع عنها..
الاستفادة من المؤسسات الثقافية والعلمية فى نشر الثقافة والعلم والمعرفة واكتشاف المبدعين فى كافة المجالات ليكونوا هم المنابر التى تنير العقول بالفكر والمعرفة.
تقوية روح الانتماء والولاء السبيل لمواجهة التحديات..
القوة الاقتصادية المتمثلة فى العمل والإنتاج السبيل لتحقيق الاكتفاء الذاتى والاستقرار والتقدم وسيادة الأمة..
الاستفادة من المقومات الوطنية والثروات البشرية والطبيعية لتحقيق التقدم والتنمية الاقتصادية
الترابط والتكافل المجتمعى من أهم عناصر وحدة نسيج الأمة لمواجهة التحديات فالجسد الواحد حصن منيع ضد الإختراق وهكذا الأمة الواحدة..
وحدة الصف الوطنى والوعى الوطنى السبيل للانتصار فى معارك الاوطان...
التعاون الدولى وتقوية العلاقات مع الدول من خلال المصلحة الوطنية والتعاون الدولى مع القوى العالمية والمؤسسات الدولية لخدمة قضايا ومصالح الأمة..
التعاون العربى ووحدة الامة السبيل لتحقيق النصر فى كافة المجالات وخدمة مصالح الامة للحفاظ على حقوقها وثرواتها وسيادة أراضيها..
الاصطفاف الوطنى وتقوية روح الولاء والانتماء وحب الوطن أهم قضية فى الحياة المعاصرة ..
الحفاظ على الثوابت الدينية والوطنية والمجتمعية الحصن المنيع للحفاظ على الإنسان المصرى..
الوسائل الإعلامية
اداة تنويربة وحضارية للارتقاء بالانسان المصرى وإعداده لخوض معركة البناء والدفاع ويجب تأديه دورها كاملا ومعاقبة المخالفين لميثاق الشرف الإعلامى فالقنوات الإعلامية منابر تنويرية..
وسائل الإتصالات
وسائل الاتصالات والانترنت لها منافع إذا تم استخدامها فى التعلم والتواصل المفيد،و أضرار بنشر المحتويات التى تهدف لهدم الشعوب من الداخل وتغيب الهوية وهدم الأديان والتعدى على الثوابت ونشر الموبقات..
ولذا يجب عدم نشر المحتوى السئ وحجب المواقع المضللة وتطبيق قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات فهو قانون رادع ومانع..
المؤسسات القانونية
لها دور رائع فى إصدار القوانين ولذا يجب تطبيقها من الجهات المكلفة ومعرفة المواطن بها حتى يتم الإلتزام والتطبيق والتنفيذ فالقوانين مانعة ورادعة.
المؤسسات الدينية لها دور عظيم فى بناء عقيدة الانسان ومنحه مفهوما صحيحا وعقيدة ثابته ليستطيع مواجهة هذا العالم الذى يحاول التعدى على الأديان وهدم الانسان فالملاذ الأمن النشأة الدينية السليمة والبيئة المجتمعية والثقافية الصحيحة..
وحدة الأمة واصطفافها فى معاركها الوطنية السبيل للانتصار فى معركة الدفاع والبناء..
هذه بعض الدروس المستفادة من معركة العبور والنصر التى سطرت فى التاريخ المعاصر بحروف من نور فالحب والتضحية والفداء عهد أمة وميثاق شعب
فما بين دروس الماضى والواقع المعاصر نستخلص الدروس لمعارك الانتصار والدفاع والبناء ليحيا الوطن فى عزة وكرامة وتقدم وسلام فمصر هى المبتغى عشق القلب والفؤاد درة تاج البشرية مهد الحضارة الإنسانية.
اترك تعليق