ذُكر الكلب في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع. ذُكر كوسيلة للصيد في الآية الرابعة من سورة المائدة في قول الله جل شأنه: "يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللّهُ فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ".. ومعني هذا الجواب أن الله تعالي لم يحرِّم علي المؤمنين شيئاً من الطيبات. وإنما حرَّم عليهم الخبائث وحدها. وأضاف إلي ما هو حلال نوعاً آخر هو أَكْلُ ما وقع صيدُه بواسطة الكلاب المعلَّمة التي أُدِّبَتْ وعُلِّمَتْ الاصطياد لصاحبها.
والكلب لا يَصير مُعَلَّماً إلا عند أمور. وهي: إذا أُرسل استرسل. وإذا أَخذ حَبس ولا يأكل. وإذا دعاه أجابه. وإذا أراده لم يَفرَّ منه. فإذا فعل ذلك مرَّاتي فهو مُعلَّم. وقد قال صلي الله عليه وسلم لعَدِيِّ بن حاتم رضي الله عنه: "إذا أرسلتَ كلبك المعلَّم وذكرتَ اسم الله فكُلْ".
وفي الموضع الثاني ذُكِر الكلب في القرآن الكريم كأحد الحيوانات ذات السُّلوك الطبيعي والسِّمات الجسدية المميزة. وذلك في الآيتين السادسة والسبعين والسابعة والسبعين بعد المائة من سورة الأعراف في قول الله جلَّ شأنه "وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنْ الْغَاوِينَ*َ ولَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَي الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ".. قال القتيبي: كل شيء يلهث فإنما يلهث من إعياء وعطش. إلا الكلب فإنه يلهث في حال الكلال وحال الراحة. وحال المرض وحال الصحة. وحال الري وحال العطش. فضربه الله مثلاً لمن كذَّب بآياته.
فقال: إن وعظته ضَلَّ وإن تركته ضَلَّ. فهو كالكلب إن تركته لهث وإن طردته لهث. كقوله تعالي: "سَوَاءى عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ".
أما الموضع الثالث الذي ذُكِر فيه الكلب في القرآن الكريم كأحد الحيوانات الأليفة التي ترافق الإنسان من خلال قصة الكلب الذي اشتهر برفقتهِ لأصحاب الكهف الذين ذكرهم الله جلَّ شأنه في الآيتين الثامنة عشرة والثانية والعشرين من سورة الكهف. في قوله جلَّ شأنه: "وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودى وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطى ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ". وقوله جلَّ شأنه: "سَيَقُولُونَ ثَلاثَةى رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةى سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةى وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلى فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِراءً ظاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً".. وكلب أهل الكهف كان لصيد أحدهم أو لزرعه أو غنمه علي ما قال مقاتل. وكان اقتناء الكلب جائزاً في وقتهم.
اترك تعليق