تهل علينا كل عام ذكري عطرة تحن لها القلوب وتهفو لها النفوس يتذكر فيها المسلمون فضل رسول الله صلي الله عليه وسلم في توصيل رسالة الإسلام الخالدة.. إنها ذكري مولد النور الهادي عليه الصلاة والسلام والذي يثور كل عام تساؤل هام حول ماهية الطريقة المثلي للاحتفال بهذه المناسبة العظيمة وكيف نحولها لاحتفال إيماني يفيض بالحب للرسول الحبيب ويقربنا من الله ومن استحقاق شفاعته صلي الله عليه وسلم؟
أكد د. أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر أن حياة النبي صلي الله عليه وسلم مليئة بالأحداث والمواقف التي يجب أن يتدبرها المسلمون كي تنفعهم في حياتهم.. فمن يتأمل حياته عليه الصلاة والسلام يجدها تفيض بالرحمة وحسن الطباع والأخلاق الكريمة والتضحية من أجل تبليغ رسالته العظيمة التي تدعو للسلام والمحبة والعدالة.. ولو استوعب المسلمون ما تتضمنه حياته لشعروا بفظاعة ما ترتكبه التنظيمات المتطرفة من جرائم تتنافي تماما مع مبادئ الدين وسيرة الرسول العظيمة.
يري أننا يجب أن نراعي في احتفالنا بالمولد النبوي ألا يخرج الاحتفال عن الإطار الديني الذي يفرغه من مضمونه واجتناب الممارسات التي تقوم بها بعض الدول الإسلامية والتي تتعلق بالأساطير والحكايات والخرافات والتي لا تمت للدين بصلة.. فالرسول صلي الله عليه وسلم كان يحب يوم مولده ويحيي الذكري بالصوم.. من هنا يجب أن نقتدي بالنبي العظيم ونكثر من العبادات والصوم وقراءة القرآن واتباع سنته والتخلق بأخلاقه الكريمة.
تخصيص مادة دراسية
يقول د. حمديطه الأستاذ بجامعة الأزهر إننا مقصرون في حق تعريف الأجيال الجديدة بسيرة النبي الكريم صلي الله عليه وسلم لذلك يجب أن نقوم بتخصيص مادة دراسية يتم تعميمها علي جميع المراحل التعليمية تتناول السيرة النبوية العطرة وما فيها من قيم سامية حتي يتربي النشء علي محبة الرسول صلي الله عليه وسلم ويرتبط بسيرته وينشأ علي أخلاقه وسلوكياته ومنهجه القويم وبالتالي يكون خير منافح عن الدين ورسوله ويستطيع الرد علي كل من يشوه صورته أو يهينه.
أضاف أن الاحتفال بالذكري العطرة لا يكون فقط بصناعة الحلوي بل يجب أن يكون بالنهوض بتعاليم الرسول صلي الله عليه وسلم ونشر شريعة الدين الحنيف وتبصير الناس بالغاية التي خلقهم الله من أجلها.. لأن الجهل بأمور الشرع وضعف الإيمان أدي إلي ابتعاد المسلمين عن الصراط المستقيم وانتشار الرذائل والإرهاب والفوضي.
طالب د. طه الشباب المسلم بالتمعن في سيرة الرسول الكريم واستحضار عظمة المناسبة واستخلاص ما يفيدهم من قيم خاصة فيما يتعلق بالتضحية التي قدمها النبي صلي الله عليه وسلم حتي يوصل الرسالة الربانية وكيف أنه تحمل المشاق الصعاب من أجل نصرة الدين الحنيف ونشر الدعوة الإسلامية في كافة أرجاء الأرض.. فالنعمة التي أسداها رسول الله للبشرية لا تقدر بثمن ويجب أن يشكر كل مسلم الله عليها ويثني علي رسوله وفاء وشكرا وتقديرا.
تبصير المسلمين
تري د. آمال عبد الغني أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة المنيا أنه يجب علي العلماء والمسئولين في كل الدول العربية عقد الندوات واللقاءات لتبصير المسلمين بواجبهم نحو خالقهم جل شأنه ورسولهم صلي الله عليه وسلم ولتجديد إيمانهم وتوضيح ما يعتري المجتمع من سلبيات لتجنبها ودفعهم نحو السلوكيات التي تنهض بالمجتمع وتعلي من شأن الوطن.. مشيرة إلي أن الاحتفال بالمناسبة العظيمة لا يكون بتعليق الزينات وإرضاء الشهوات بل يكون بفعل ما يحبه صاحب المناسبة.. لذلك علينا إحياء شعائر الله في هذا اليوم لتثبيت الدين ونيل رضا الله سبحانه وتعالي.
دعت د. آمال المسلمين وهم يستقبلون مناسبة ميلاد النور الهادي صلي الله عليه وسلم لمراجعة الذات وتصحيح مسيرتهم انطلاقا من قيم الإسلام النبيلة وإعلان التوبة فيكثرون من ذكر الله والصلاة علي رسوله الكريم صلي الله عليه وسلم واتباع سنته وإخراج الصدقات ورعاية الأيتام والعطف علي الفقراء وصلة الأرحام وغير ذلك مما يقربنا من الله سبحانه وتعالي.
كما طالبت وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة بالدفاع عن الرسول وسنته ودرء الشبهات عن سيرته وتذكير الناس بالمواقف الإنسانية التي تمتلئ بها حياته وكفاحه ودفاعه عن الحق وحكمته في إدارة الدولة الإسلامية الوليدة ورحمته وعفوه وصبره وعدله وكمال أدبه حتي تقتدي به الأجيال الجديدة.. فنحن أحوج ما نكون لتذكير هذه الأجيال بأخلاق نبيهم وحثهم كي يكون قدوتهم التي يجب أن يقتدوا بها.
أكدت أن تعظيم الرسول واستحضار محبته واتباع سنته والسير علي نهجه لا يجب أن يقتصر علي يوم واحد في السنة بل علي مدار العام ليصير واقعا في حياتنا اليومية حتي ننجو من الهلاك قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "قد تركتكم علي البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك. ومن يعش منكم فسيري اختلافا كثيرا. فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ. وعليكم بالطاعة وإن عبدا حبشيا فإنما المؤمن كالجمل الأنف» حيثما قيد انقاد".. لذلك لابد من إزالة الخلط الموجود بين الناس والذي يجعلهم لا يفرقون بين سنة رسول الله والعادات والتقاليد المتوارثة مشيرا إلي أن الخلفاء والأولين كانوا يحيون المولد النبوي بتدارس ما تعلموه من الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم في أمور الشريعة ورواية الحديث وقراءة القرآن.
اترك تعليق