هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار

عياش بن أبي ربيعة .. أخو أبو جهل الذي هاجر مع عمر بن الخطاب

عياش بن أبي ربيعة .. صحابي جليل من السابقين الأولين. وفقد سطع نور الايمان في قلبه مبكراً، وأسلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل دخوله دار الأرقم بن أبي الأرقم، هاجر إلى الحبشة وولد له بها ابنه عبدا لله. ورافق الفاروق عمر بن الخطاب في هجرته إلى المدينة المنورة، شهد بدراً الكبرى وكل المشاهد مع رسول الله ونزل فيه قرآن يتلى حتى قيام الساعة رضي الله عنه وعن الصحابة أجمعين.  


حبسه أخواه في مكة وفتنته أمه بزعم البر بها ونجاه الله بدعاء النبي

أرسل له رسول الله الوليد بن الوليد بن المغير فنجح في إنقاذه واعاده الى المدينة   

شهد بدر الكبرى وكل الغزوات مع النبي عليه الصلاة والسلام ونزل فيه قرآناً يتلى حتى يوم القيامة

 

 

 

 

هو عياش بن أبي ربيعة (عمرو) بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، ويُكنَّى أبا عبد الرحمن. وقيل: يُكنَّى أبا عبد الله. هو أخو أبي جهل عمرو بن هشام من أمه، أمهما هي أم الجلاس واسمها أسماء بنت مخربة بن جندل بن أبير بن نهشل بن دارم. هو أخ شقيق لعبد الله بن أبي ربيعة. وهو أيضاً ابن عمِّ سيف الله المسلول خالد بن الوليد، وامرأته أسماء بنت سلامة بن مخربة التميمية.

كان عياش رضي لله عنه مسلماً صادقاً محباً لله ولرسوله فكان يدعو إلى الإسلام ويستمع إلى القرآن الكريم. وقد استجاب لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى أرض الحبشة، وكانت معه زوجته أسماء بنت سلمة. وولد لعياش هناك في الحبشة عبد الله، وعاد ومعه زوجته وولده إلى مكة بعدما تردد ان قريش اسلمت وسجدت لله مع الرسول وبقي في مكة بجوار الرسول صلى الله عليه وسلم حتى أذن النبي لأصحابه بالهجرة إلى المدينة.

اتفق عياش بن أبي ربيعة مع الفاروق عمر بن الخطاب وهشام بن العاص رضي الله عنهم على الخروج سوياً للهجرة إلى المدينة المنورة على ان يجتمعوا في ميضاة بني غفار فوق شرف، واتفقوا على ان الذي لن يأتي في الميعاد فقد حبسه القوم فليمض صاحباه، فحبس عنهما هشام بن العاص. وروي ان الفاروق عمر بن الخطاب قال عن هذه الحادثة: "اجتمعنا للهجرة أوعدت أنا وعياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاص الميضاة، ميضاة بني غفار فوق شرف، وقلنا: أيكم لم يصبح عندها فقد احتبس فليمض صاحباه، فحبس عنا هشام بن العاص، فلما قدمنا منزلنا في بني عمرو بن عوف، وخرج أبو جهل ابن هشام والحارث بن هشام إلى عياش بن أبي ربيعة وكان ابن عمهما، وأخاهما لأمهما، حتى قدما علينا المدينة فكلماه فقالا له: إن أمك نذرت أن لا يمس رأسها مشط حتى تراك، فرق لها.

فقلت له: يا عياش والله إن يُردكَ القوم إلا عن دينك فاحذرهم، فوالله لو قد آذى أمك القمل لامتشطت، ولو قد اشتد عليها حر مكة أحسبه قال لامتشطت، قال: إن لي هناك مالًا فآخذه قال: قلت: والله إنك لتعلم أني من أكثر قريش مالًا ذلك نصف مالي، ولا تذهب معهما، فأبى إلا يخرح معهما، فقلت له: لما أبي علي: أما إذ فعلت فخذ ناقتي هذه، فإنها ناقة ذلول فالزم ظهرها فإن رابك من القوم ريب فانخ عليها.

فخرج معهما عليها حتى إذا كان ببعض الطريق قال أبو جهل بن هشام: والله لقد استبطأت بعيري هذا، أفلا تحملني على ناقتك هذه. قال: بلى فأناخ وأناخا ليتحول عليها، فلما استووا بالأرض عديا عليه فأوثقاه، ثم أدخلاه مكة وفتناه فافتتن، قال: فكنا نقول: ما الله بقابل ممن أفتتن صرفاً ولا عدلاً ولا توبة، قوم عرفوا الله تعالى ثم رجعوا إلى الكفر لبلاء أصابهم".

فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، أنزل الله تعالى قوله: (( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ  (53)  وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ (54) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (55) أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ)) (56) سورة الزمر

وقال عمر: فكتبتها بيدي في صحيفة وبعثت بها إلى هشام بن العاص وعياش بن أبي ربيعة، وكان رسول الله يدعو لهما ويقول: "اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة، اللهم أنج سلمة بن هشام، اللهم أنج الوليد بن الوليد، اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين" حتى كان يوماً والرسول بين صحابته بالمدينة، قال: من لي بعياش وهشام بن العاص؟ فقال الوليد بن الوليد بن المغيرة: أنا لك بهما يا رسول الله، فخرج إلى مكة فقدمها مستخفيًا فلقي امرأة تحمل طعامًا

فقال لها: أين تريدين يا أمة الله؟

قالت: أريد هذين المحبوسين تعنيهما

فتبعها حتى عرف موضعهما وكانا محبوسين في بيت لا سقف له فلما أمسى تسور عليهما ثم أخذ مروة فوضعها تحت قيديهما ثم ضربهما بسيفه فقطعهما فكان يقال لسيفه: (ذو المروة) لذلك ثم حملهما على بعيره وساق بهما فعثر فدميت أصبعه فقال: "هل أنت إلا أصبع دميت، وفي سبيل الله ما لقيت".

وحملهما على بعيره، حتى قدم بهما على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة بالناس فمر بين أيديهم حمار فقال عياش بن أبي ربيعة: سبحان الله سبحان الله سبحان الله، فلمَّا سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من المسبح آنفًا سبحان الله قال: أنا يا رسول الله، إنِّي سمعت أنَّ الحمار يقطع الصلاة، قال: لا يقطع الصلاة شيء وانضم عياش وهشام إلى قافلة المسلمين المجاهدين.

جاءت بدر الكبرى وشارك عياش ضمن جيش الإسلام ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهد المشاهد كلها فلما كان يومُ فتح مكة بعث رسول الله بالجيوش إلى قبائل بني كنانة فبعث إلى بني ضمرة نميلة بن عبد الله الليثي وإلى بني الدئل عمرو ابن أمية الضمري وبعث إلى بني مدلج عياش بن أبي ربيعة المخزومي. وعن الزهري قال: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحارث ومسروح ونعيم بن عبد كلال من حمير: سلم أنتم ما آمنتم بالله ورسوله، وأنَّ الله وحده لا شريك له بعث موسى بآياته وخلق عيسى بكلماته، قالت اليهود عزير بن الله وقالت النصارى الله ثالث ثلاثة عيسى بن الله.

قال وبعث بالكتاب مع عياش بن أبي ربيعة المخزومي وقال: إذا جئت أرضهم فلا تدخلنَّ ليلًا حتى تصبح، ثم تطهر فأحسن طهورك، وصل ركعتين وسل الله النجاح والقبول، واستعذ بالله وخذ كتابي بيمينك وأدفعه بيمينك في أيمانهم فإنهم قابلون، واقرأ عليهم لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين، فإذا فرغت منها فقل: آمن محمد وأنا أول المؤمنين، فلن تأتيك حجَّة إلَّا دحضت ولا كتاب زخرف إلا ذهب نوره وهم قارئون عليك فإذا رطنوا، فقل: ترجموا، وقل: حسبي الله آمنت بما أنزل الله من كتاب، وأمرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا وإليه المصير، فإذا أسلموا فسلهم قضبهم الثلاثة التي إذا حضروا بها سجدوا وهي من الأثل قضيب.

كما نزلت في عياش اية أخرى قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [النساء: 92]

وسبب نزولها هي انه عندما كان الصحابي الجليل عيش بن ابي ربيعة رضي الله عنه عندما اخذوه وعادوا به إلى مكة من طريق الهجرة وانتهوا إلى البيداء أوثقوه بنِسْعٍ -وهو سَيْرٌ عريض- وجَلَدَهُ كلُّ واحد منهم مائةَ جلدةٍ، ثم قدموا به على أمِّه فقالت: "والله لا أُحِلُّكَ من وثاقك حتى تكفر بالذي آمنت به"، ثم تركوه موثقًا في الشمس، فأتاه الحارث بن يزيد رضي الله عنه - وكان لم يسلم بعد-  وقال: "يا عياش، والله لئن كان الذي كنت عليه هدى لقد تركت الهدى، وإن كان ضلالة لقد كنت عليها"، فغضب عياش من مقاله وقال: "والله لا ألقاك خاليًا إلا قتلتُك".

ثم إن الحارث بن يزيد أسلم وهاجر بعد ذلك إلى رسول الله بالمدينة وعياش لم يكن حاضراً يومئذ ولم يعرف بإسلامه، فبينا هو يسير بظهر قباء إذ لقي الحارث بن يزيد، فلما رآه حمل عليه فقتله، فقال الناس: "أيُّ شيءٍ صنعت؟ إنه قد أسلم"، فرجع عياش إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: "يا رسول الله .. كان من أمري وأمر الحارث ما قد علمت، وإني لم أشعر بإسلامه حين قتلته"، فنزل الآية التي بيَّنَتْ أحكام القتل الخطأ، ومقدار الدية، والكفارة الواجبة في هذا الشأن.

فاز عياش بن ابي ربيعة رضي الله عنه بالشهادة في موقعة اليرموك عام 15 هجرية وجاء في قصة استشهاده عن حبيب بن أبي ثابت "أن الحارث بن هشام وعكرمة بن أبي جهل وعياش بن أبي ربيعة أثبتوا يوم اليرموك فدعا الحارث بشراب فنظر إليه عكرمة فقال: ادفعوه إلى عكرمة فدفع إليه فنظر إليه عياش بن أبي ربيعة فقال عكرمة: ادفعوه إلى عياش فما وصل إلى أحد منهم حتى ماتوا جميعا وما ذاقوه."





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق