هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

أيام الشارقة تناقش "التطور الحضاري وأثره في صون التراث الثقافي"

في أولى محاضراتها الأكاديمية والثقافية، نظمت الإدارة الأكاديمية التابعة لمعهد الشارقة للتراث وضمن فعاليات الدورة العشرين من أيام الشارقة التراثية محاضرة حول التطور الحضاري وأثره في صون التراث الثقافي قدمتها الدكتورة مها الدوري عضو هيئة التدريس فيالإدارة الأكاديمية وأدارتها المهندسة المعمارية وفاء داغستاني عضو هيئة التدريس في الإداة.


جاءت المحاضرة التي استضافها متحف بيت النابودة في ساحة التراث في الشارقة ثرية في محاورها متنوعة في أفكاها، واستطاعت وضع تصور شامل حول التطور الحضاري ولا سيما في بعديه العربي والإسلامي وكيف ساهم في صون التراث الثقافي، وبالمقابل بيّنت المحاضرة أثر التغيرات الحضارية التاريخية في اندثار أو تلاشي أو ذوبان بعض الهويات والقيم الثقافية لحضارات معينة بسبب تفوق حضارات أخرى عليها.

استهلت الدوري محاضرتها ببيان الفارق بين التراث الثقافي المادي وغير المادي، موضحة بأن الأخير هو أكثر انتشارًا نظرًا لصعوبة اندثاره وسهولة تناقله بين الناس والمحافظة عليها فكرًا وثقافة وشفاهة.

وأكدت على أن الحضارات القديمة تأسست بصورة رئيسية على عدة عناصر مهمة تتمثل في الأفراد، والبيئة بأنواعها ومفرداتها، وكذلك المجتمع بما فيه من جماعات ومجموعات مختلفة، لافتة إلى وجود نظريتين في تفسير التطور الحضاري للأمم والشعوب، الأولى تبناها ابن خلدون ومؤداها أن بداية كل تطور تأتي من البيئة البدوية ثم يحدث التطور بالانتقال من هذه البيئات المفتوحة كالصحارى والجبال أو النائية كالمغارات والكهوف إلى بيئات ساحلية ومناطق أخرى ليحدث التطور والاكتشاف نتيجة هذا الانتقال، وأما النظرية الأخرى والتي تبناها توينبي فتعتبر أن التطور الحضاري لا يعتمد بالضرورة على الانتقال وإنما هو نتاج طبيعي وأصيل لتطور البيئة المحيطة بالمكان وبمسكنه من أفراد وبما يحدث فيه من تغيرات طبيعية في السلوك والأنشطة.

وأوضحت الدوري خلال محاضرتها على أن ارتباط مظاهر بعض الحضارة في عدد المجتمعات بطبيعة الموقع الجغرافي، نظرًا لوجود تجمعات سكنية مترابطة، ضاربة المثل ببعض الحضارات مثل حضارة ما بين النهرين والحضارة الفرعونية وغيرهما.

وتوقفت المحاضرة للحديث عن دور التجارة والتجار في إحداث التطور الحضاري من خلال انتقالهم قديمًا وبطرق مبسطة مشيًا أو باستخدام الحيوانات أو السفن حاملين عاداتهم وتقاليدهم ومعتقداتهم وثقافاتهم إلى الشعوب الأخرى.

ثم انتقلت المحاضرة للحديث عن العوامل الرئيسية لاندثار الحضارات واختفائها أو تراجع أثرها، ومن ذلك تشتت المجتمعات بسبب انتقالا لأفراد من مكان إلى آخر، والتغيرات الفكرية التي تؤدي إلى تغير الثقافة والانفتاح على حضارات أخرى، فضلاً عن دور الأنظمة السياسية وتغير السلطة بما يصاحبها من نفوذ وحروب وهدم وتدمير وبناء وظهور عادات وقوانين وتقاليد جديدة على أنقاض الحكم السابق، إلى جانب أثر الكوارث الطبيعية والأوبئة في إحداث التغير الحضاري، كما يمكن أن يحدث التطور الحضاري بشكل طبيعي من خلال ظهور حضارة جديدة بشكل تدريجي يبدأ بالاندماج مع الحضارة السابقة ثم التفوق عليها بمرور الوقت.

واختتمت المحاضرة ببيان أثر العولمة في التغير والتطور الحضاري في العصر الحديث، بمختلف مجالات هذه العولمة سواء كانت سياسية أواقتصادية أو إعلامية أو ثقافية، حيث بينت الدوري أهداف ظاهرة العولمة وآثارها الإيجابية والسلبية، ولا سيما في المجال الثقافي، مؤكدة بأن العولمة نجحت في تحقيق وحدة إنسانية فاعلة ما بين شعوب العالم، جعلتها تشعر وتعيش أجواء مشتركة في حالات الفرح أو الحزن الإنسانيين ولا سيما في الظروف المشتركة مثل الزلازل أو الأمراض أو الكوارث الطبيعية الاخرى، وبالمقابل جعلت هذه العولمة العالم سوقاً واحدا بلا حدود، وأدت إلى ذوبان بعض الهويات الثقافية المحلية وتماهيها في ثقافة الدولة المهيمنة، وانتشار لغاتها في المعاملات والعلوم والأنشطة الاقتصادية، وانتقال بعض السلع والمنتجات وطغيان استخدامها من شعوب أخرى.

وأكدت المحاضرة على التجربة الحضارية الناجحة لدولة الإمارات في الاستفادة من ثقافات وحضارات شعوب العالم وانفتاحها على الآخر من خلال قيم التعلم والمحاورة والتسامح، ونجاحها بالمقابل في نقل التراث الإماراتي القديم بما فيه من عادات وتقاليد وقيم والمحافظة على مكونات الموروث المادي لصالح الأجيال القادمة، ومن خلال العادات من المشاريع والمبادرات وعلى رأسها أيام الشارقة التراثية التي تحتفي هذا العام بمرور عقدين من الزمن على انطلاقتها.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق