هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

بالون التجسس.. الأزمة مستمرة بين بكين وواشنطن!

"التنين الأصفر" أكد "وجوده المادي" .. داخل حدود السيادة الأمريكية..!!
هل يتوقف الانتقام عند فرض العقوبات على 6 كيانات صينية؟؟
صحيفة صينية تسخر من رد فعل البنتاجون: "ضربوا بعوضة بمدفع"..!!
الحادث يلقي بظلاله على ظاهرة تحليق "الأطباق الطائرة" في أجواء الغرب

غطت كارثة الزلازل في تركيا وسوريا علي ما عداها من أخبار، ومنها حادث انتهاك بالون التجسس الصيني أجواء الولايات المتحدة، وما تلا ذلك من تداعيات وتطورات، لقد فجر الحادث أزمة جديدة ويمكن أن يؤدي إلي تفاقم الخلافات، المشتعلة أصلًا، بين واشنطن وبكين.


أدرجت الولايات المتحدة ستة كيانات صينية على القائمة السوداء قالت إنها مرتبطة ببرامج بكين الجوية، وتأتي هذه العقوبات كجزء من ردها الانتقامي على بالون التجسس الصيني الذي اجتاز المجال الجوي الأمريكي، لكن هل يتوقف الانتقام عند هذا الحد؟؟.

تم الإعلان عن القيود الاقتصادية بعد تعهد إدارة بايدن بالنظر في جهود أوسع لمعالجة أنشطة المراقبة الصينية وستجعل الأمر أكثر صعوبة علي الشركات الخمس ومعهد أبحاث واحد للحصول على صادرات التكنولوجيا الأمريكية، وتقول الأسوشيتدبرس إنه من المرجح أن تؤدي هذه الخطوة إلي تصعيد الخلاف الدبلوماسي بين الولايات المتحدة والصين الذي أشعله البالون.

لم تمر سوي أيام قليلة على إسقاط البالون الصيني. حتي أعلنت الولايات المتحدة يوم الجمعة الماضي أن طائرة مقاتلة عسكرية أمريكية من طراز F-22، أسقطت جسمًا مجهولًا وغير مأهول أثناء تحليقه أمام أقصي الساحل الشمالي لألاسكا، وذلك بناءً على أوامر من الرئيس جو بايدن، وبعدها تم الإعلان عن إسقاط جسم غريب فوق كندا .. ثم أعلنت الصين عن تحليق بالون غريب فوق أراضيها!!
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي للبيت الأبيض، جون كيربي، إن الجسم أُسقط لأنه كان يشكل "تهديدًا مباشرًا" لسلامة الرحلات الجوية المدنية، وليس بسبب انخراطه في أعمال تجسس.

وصف كيربي الجسم بأنه بحجم سيارة صغيرة تقريبًا، وهو أصغر بكثير من بالون التجسس الصيني الضخم المشتبه به الذي أسقطته طائرات مقاتلة تابعة للقوات الجوية قبلها بأيام أمام سواحل كارولينا الجنوبية بعد عبوره فوق مواقع عسكرية حساسة في الأراضي الأمريكية.

عمليتا الإسقاط في مثل هذه الفترة القريبة مثلت ظاهرة غير عادية، وعكست المخاوف المتزايدة بشأن برنامج الاستطلاع الصيني والضغط العام على بايدن لاتخاذ موقف صارم ضده.

قال كيربي: "سنبقي يقظين بشأن مجالنا الجوي"، "الرئيس يضطلع بمسؤولياته لحماية مصالح أمننا القومي في المقام الأول".

اللغز حول ماهية الجسم الطائر ظل قائما، وأصدرت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي بيانًا قالت فيه إنه "ليس منطادًا وطنيًا لخدمة الطقس".

كان البحارة المكلفون بمجموعة التخلص من الذخائر المتفجرة قد جمعوا حطام البالون الصيني الضخم وكشفت مصادر الاستخبارات الأمريكية أن البالون كان محملا بأجهزة تجسس إلكترونية متقدمة.

في نفس اليوم، كشف الجيش الأمريكي عن اختراق بالونات صينية مماثلة للمجال الجوي الأمريكي ثلاث مرات على الأقل خلال إدارة الرئيس دونالد ترامب، التي استمرت من يناير 2017 إلي يناير 2021.

التوغلات السابقة لم تتصدر الأخبار، واستغرق الأمر بعض الوقت حتي لكبار المسؤولين العسكريين الأمريكيين للتعرف عليها، وفقًا لتقرير في صحيفة نيويورك تايمز، لأن بعض الحوادث تم تصنيفها في البداية على أنها ظواهر جوية غير محددة.. حيث تم وصفها بأجسام طائرة مجهولة الهوية أو ما يعرف بالأطباق الطائرة UFO.

وهنا يثور التساؤل: هل يحل البالون الصيني لغز ظاهرة الأطباق الطائرة التي ظلت تحير المجتمع الأمريكي وغير من المجتمعات الغربية الأخري؟؟.

و"تمثل البالونات العديد من الحوادث التي تعقبتها البحرية والخدمات العسكرية الأخري في السنوات الأخيرة. وتم نقل تفاصيل الحوادث السابقة إلي فرقة عمل تابعة للبنتاجون مكلفة بالتحقيق في الأجسام الطائرة المجهولة والظواهر الجوية الأخري"، حسبما كتبت التايمز في تقرير لها.

وأضافت الصحيفة نقلا عن مسؤولين أمريكيين: "تم الحفاظ علي سرية المعلومات لتجنب إخبار الصينيين بأن جهود التجسس الخاصة بهم قد تم اكتشافها".

في الشهر الماضي، أصدر مكتب مدير المخابرات الوطنية بوزارة الدفاع تقريرًا طال انتظاره ويتعمق التقرير غير السري في 510 مشاهدات، باستخدام المعلومات التي جمعتها وكالات الاستخبارات والفروع العسكرية، إلي جانب إدارة الطيران الفيدرالية والإدارة الوطنية لعلوم المحيطات والغلاف الجوي ووزارة الطاقة ووكالة ناسا.

ووفقًا للتقرير، فمن بين هذه المشاهدات ظل حوالي ثلثها "171 مشاهدة" "غير محددة وغير منسوبة إلي جهة ما"، ولكن تم تحديد حوالي 163 منها كبالونات أو "أشياء شبيهة بالبالونات"، ربما كانت أجهزة مراقبة أجنبية.

قال مسؤول في وزارة الدفاع لم يذكر اسمه في تحديث صدر عن البنتاجون: "كان هذا بالون تجسس من الصين"، وأضاف: "البالون عبر عمدا الولايات المتحدة وكندا، وكان يحمل أجهزة إلكترونية للتجسس نحن واثقون من أنه كان يسعي لمراقبة مواقع عسكرية حساسة".

هذا الحادث أضاف المزيد من التعقيد إلي العلاقات المتوترة بالفعل بين الولايات المتحدة والصين.. حيث تم تأجيل زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين إلي بكين، وردت الصين علي إسقاط البالون بغضب دبلوماسي.

لكن، هل بالون الصين ينتهك القانون الدولي؟

يري دونالد روثويل، أستاذ القانون الدولي بالجامعة الوطنية الأسترالية في مقالة له على موقع كونفرسيشن، أن دخول البالون الصيني المجال الجوي الأمريكي يمثل اختبارًا للقانون الدولي.

اختلف الجانبان منذ فترة طويلة حول وجود السفن الحربية الأمريكية في بحر الصين الجنوبي ومضيق تايوان، الذي تقول الصين إنه مياهها الخاصة بها، وتعتبره الولايات المتحدة مياهًا دولية، هل سيكون الهواء هو المجال التالي الذي ستتنافس عليه القوتان العظميان؟

يبدو أن الأهمية العسكرية للبالونات أقل، خاصة في عصر الأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار التي أثبتت فعاليتها خلال حرب أوكرانيا.

ورغم أن البالونات قد لا تكون ذات قيمة من ناحية قدرتها القتالية، فإنها تحتفظ بقدرة فريدة على الاستطلاع لأنها تحلق على ارتفاعات أعلي من الطائرات، ويمكن أن تظل ثابتة فوق المواقع الحساسة، ويصعب اكتشافها على الرادار، ويمكن أن تكون مموهة كمركبة طقس مدنية.

ويقول روثويل إن القانون الدولي واضح فيما يتعلق باستخدام البالونات فوق المجال الجوي لدول أخري.

تتمتع كل دولة "بسيادة كاملة وحصرية علي المجال الجوي فوق أراضيها، هذا يعني أن كل دولة تتحكم فيما يدخل أو يحلق في مجالها الجوي، والذي يشمل الطائرات التجارية والحكومية.

لكن الحد الأعلي للمجال الجوي السيادي غير موضح في القانون الدولي. لكن، في الممارسة العملية، يمتد بشكل عام إلي أقصي ارتفاع تعمل فيه الطائرات التجارية والعسكرية، وهو حوالي حوالي 13.7 كم، ومع ذلك، عملت طائرة الكونكورد على ارتفاع يتجاوز 18 كم، وأفادت التقارير أيضًا أن البالون الصيني حلق علي ارتفاع يتجاوز 18كم.

لا يشمل القانون الدولي المسافة التي تعمل عندها الأقمار الصناعية، والتي يُنظر إليها تقليديًا على أنها تقع ضمن مجال قانون الفضاء.

هناك أطر قانونية دولية تسمح بالسعي للحصول على إذن لدخول المجال الجوي للبلد، مثل اتفاقية شيكاغو لعام 1944 للطيران المدني، ووضعت منظمة الطيران المدني الدولي أنشطة إضافية لدخول المجال الجوي، ومنها بالونات الهواء الساخن، لكنها لا تنظم الأنشطة العسكرية.

ويشير روثويل إلي أنه بالنظر لهذه القواعد الدولية، تصرفت الولايات المتحدة على أساس قانوني للغاية في ردها على البالون الصيني، لم يكن من الممكن تحليق البالون إلا بإذن من واشنطن، حاولت الصين في البداية الإشارة إلي تعطل البالون وانجرافه في المجال الجوي الأمريكي، بدعوي وجود ظروف قاهرة. لو كان البالون مستقلاً. كان سيعتمد كليًا علي حركة الرياح. لكن تقريرًا بمجلة سايتنفيك أمريكان Scientific American ذكر إن البالون كان يتمتع بمستوي عالي من القدرة على المناورة، خاصةً أنه ظل لفترة محلقًا فوق منشآت الدفاع الأمريكية الحساسة في مونتانا.

اللافت في حادثة البالون أن الصين أكدت وجودها المادي داخل حدود السيادة الأمريكية. ستحدد استجابة الطرفين في أعقاب ذلك ما إذا كانت التوترات الصينية الأمريكية تزداد سوءًا وما إذا كان يمكن توقع استفزازات مستقبلية محتملة بين الجانبين في الجو، وكذلك في البحر.

غواصات بدون بحار

وذكرت وكالة اسوشيتدبرس أن غواصي البحرية قاموا بسحب قطع بالون التجسس الصيني من أعماق المحيط، باستخدام غواصات استطلاع بدون بحار، على غرار الطائرات بدون طيار، وهي غواصات متطورة أطلق عليها اسم Kingfish و Swordfish لتحديد موقع الحطام.

تم نقل الحطام إلي بعض المواقع. منها محطة خفر السواحل جنوب ميرتل بيتش، وقام قائد القيادة الشمالية الأمريكية، الجنرال جلين فانهيرك، المسؤول عن جهود استرداد حطام البالون، والعديد من مسؤولي إدارة بايدن بإطلاع أعضاء الكونجرس على البالون.

قال مسئولون إن الولايات المتحدة كانت على دراية تامة بالمواقع التي عبرها البالون -بما في ذلك صوامع الصواريخ النووية ومنشآت عسكرية أخري وأن واشنطن تعرف كيف تحميها من جمع أي معلومات استخباراتية.

وقالت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" إن وزير الدفاع لويد أوستن طلب إجراء مكالمة مع نظيره الصيني، وزير الدفاع الوطني وي فنجي، بعد إسقاط البالون ولكن الصين رفضت الطلب، بحسب الجنرال بات رايدر السكرتير الصحفي للبنتاجون.

وقال رايدر:"خطوط الاتصال بين جيوشنا مهمة خاصة في لحظات كهذه. سيستمر التزامنا بفتح خطوط اتصال".

بعد أن أسقطت الطائرات المقاتلة الأمريكية المنطاد فوق المحيط الأطلسي، سخرت بكين من واشنطن مشبهة إياها "بمن ضرب بعوضة بمدفع".

كتبت صحيفة جلوبال تايمز، الناطقة بلسان الحزب الشيوعي: "طريقة الاعتراض الأمريكية ظهرت فيها طائرة مقاتلة شبحية متقدمة وأطلقت صاروخا مكلفًا للغاية"، وتساءلت: "هل إذا طار المزيد من البالونات. وليس بالضرورة من الصين، عبر الولايات المتحدة. سيكون سلاح الجو الأمريكي منهمكًا في اعتراضها بهذه الطريقة".

دعمت روسيا الصين.. حيث قال نائب وزير الخارجية سيرجي ريابكوف، إنه "واثق" من أن بكين ترد بطريقة مسؤولة بعد أن دخل المنطاد المجال الجوي الأمريكي، حتي أن الحكومة الصينية أقالت رئيس خدمة الأرصاد الجوية الوطنية في محاولة لإلقاء اللوم عليه وإعطاء مصداقية بأنه منطاد مدني.

وذكرت صحيفة التلجراف البريطانية أنه رغم احتجاجات بكين بأن البالون ليس له وظيفة استخباراتية أو عسكرية، قال متحدث باسم وزارة الدفاع إنها "تحتج بشدة على هذه الخطوة وتحتفظ بالحق في اتخاذ الإجراءات اللازمة في التعامل مع مواقف مماثلة".

اتخذت وسائل الإعلام الحكومية الصينية هذه الرسالة خطوة إلي الأمام، قائلة إن الولايات المتحدة قد شكلت سابقة للقوات الصينية لإسقاط المركبات الأجنبية التي تدخل مجالها الجوي.

ويري تقرير للنيويورك تايمز أنه مع إلغاء وزير الخارجية أنطوني ج. بلينكين رحلته إلي بكين، فقد الرئيس الصيني شي جين بنج فرصة لتراجع واشنطن عن الضغط المتزايد الذي تمارسه على الصين من خلال علاقاتها الأمنية مع الشركاء في جميع أنحاء آسيا والقيود المفروضة على تكنولوجيا أشباه الموصلات.

ويقول التقرير، إن الأسئلة حول حكم شي وأجهزته العسكرية والمخابراتية تلقي بظلالها على التقييمات حول كيفية تعامل الصين مع أزمة أخري في بيئة أكثر خطورة مثل أزمة مضيق تايوان العسكرية بشدة، وهو سيناريو ينذر بالخطر خصوصًا مع تزايد احتمالية المواجهة.

قال إم تيلور فرافيل، مدير برنامج الدراسات الأمنية بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا والخبير في شؤون الجيش الصيني، إنه يعتقد بأن القيادة الصينية لم تكن لتسمح برحلة المنطاد إلي الولايات المتحدة لو كانت على علم برحلته، نظرا لزيارة بلينكين.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق