"هوس الترند" جنن الجميع.. لم يترك أحداً الكل يريد ركوب الترند للوصول إلي حلم الشهرة وأيضا الحصول علي المال بأي وسيلة لدرجة أن البعض اتجه إلي الكذب واختلاق قصص وهمية لم تحدث من وحي الخيال من أجل الوصول إلي الترند علي السوشيال ميديا والحصول علي الأموال كما حدث في واقعة فتاة الشرقية التي اختلقت قصة انقاذها لأسرة من الغرق لمجرد ركوب الترند.
"الجمهورية أون لاين" تناقشت مع عدد من الخبراء الذين طالبوا بضرورة وجود تشريع قانوني يجرم مثل تلك الأفعال لمنع اختلاق القصص الوهمية والحكايات المفبركة لاذاعتها علي مواقع السوشيال ميديا كما طالبوا وسائل الإعلام والصحفيين والإعلاميين تحري الدقة والتأكد من الخبر من مصادره الموثوقة قبل النشر والجري وراء هواة الشهرة والمال.
واقعة أماني فتاة الشرقية البطلة المزيفة حيث تمكنت هذه الفتاة من نيل إعجاب الكثير من رواد مواقع التواصل الإجتماعي نظراً لرواية قصتها المزعومة عن سقوط سيارة لأسرة مكونة من 6 أفراد في المياه وعدم إندفاع أحد من المتواجدين في موقع الحادث لإنقاذ الغرقي الأمر الذي جعلها تتقدم وتنقذ الضحايا بنفسها . ثم تبين كذب روايتها وكل ذلك من أجل الحصول علي الترند.
شهدت صفحات موقع فيسبوك في الآونة الأخيرة إنتشار قصة محمد عادل عامل النظافة الذي تم طرده من مطعم كشري التحرير وتعاطف معه جميع رواد التواصل الإجتماعي في البداية ليتضح بعد ذلك أن تلك الواقعة كان مخطط لها من أجل البحث عن الشهرة السريعة والترند المزيف بالإضافة إلي إن هذا الشخص معتاد إثارة الجدل من حين لأخر بهدف الحفاظ علي الترند المزيف والبحث عن الشهرة الوهمية.
واقعة البلوجر هدير عاطف وزوجها حيث أعلنا عن إمتلاكهما وإدارتهما وباقي المتهمين شركة إستثمار في تجارة العقارات والسيارات ودعوتهما الجمهور عبر السوشيال ميديا التوجه إلي مقر الشركة لإيداع الأموال واستثمارها مقابل الحصول علي أرباح من هذا الاستثمار من خلال إبرام عقود للحصول علي الأرباح ثم بعد ذلك امتنع المتهمون عن سداد الأرباح والرد علي الضحايا وكل ذلك بهدف تحقيق الشهرة وجني الأموال وأيضا ركوب الترند.
تداول عبر مواقع التواصل الإجتماعي صوراً لتمثال أبو الهول ويظهر فيها إنه قام بإغلاق عينيه وتصدرت الصور ترند موقع التواصل الإجتماعي"تويتر" وفي الحقيقة إن الصورة مزيفة لـ أبو الهول حيث تم تصويره بزاوية عكس الشمس وبكاميرا ضعيفة كي توضح ملامحه الأمر الذي جعل الصورة تظهر بهذا الشكل.
أكدت الدكتورة أمل شمس أستاذ علم إجتماع التنمية بجامعة عين شمس أن السوشيال ميديا منذ دخولها العالم والمجتمعات الإنسانية منذ بدايات القرن الواحد والعشرين حتي اللحظة وهي تجذب أكبر عدد من المواطنين خاصة فئة الشباب والمراهقين التي تمتلك قصة إثبات الذات والوجود والقدرة علي عمل بطولات خارقة لذلك وجد الوسيط الجيد . فلابد من أن نتفق إنه في حالة قيام الشخص فعلياً بهذه الأحداث فهذا يعد نموذجا جيدا للتقليد . فإذا تم نشره عن طريق السوشيال ميديا هذا سيعطي قدوة حسنة لباقي أفراد المجتمع . فهذا النوع نحييه ونحفزه علي هذا العمل بالإضافة إلي أنه بدأ البعض نتيجة هوس الوجود الالكتروني وهي تعد نظريات يتحدث عنها علم الاجتماع متمثلة في هوس الوجود وعدم الفقد من خلال المتابعة وزيادة عدد المتابعين والاعجابات والتعليقات.
أضافت أن قيام بعض الأشخاص بإفتعال بطولات وهمية من أجل الحصول علي الترند "قدوة زائفة" عن طريق تصوير أي بطولة وهمية وإذاعتها عبر السوشيال ميديا إلي جانب وصول عدد سكان الفيس بوك والسوشيال ميديا إلي المليارات. لذلك لابد من مواجهة مثل هذه النماذج السلبية فهم مزورون في أحداث وهمية وإفتعال أحداث وهذا سيعرض المجتمع إلي الإنهيار القيمي أو ضعف القيم بالنسبة للشباب والمراهقين.
نوهت إلي ضرورة وجود نص في القانون لمعاقبة صاحب الترند المزيف خاصة أن هناك قانون لضبط العملية الإعلامية والرقمية بالدليل أن الابتزاز الالكتروني والتنمر له عقوبات فلذلك لابد من العقاب ونشر النماذج السيئة علي السوشيال ميديا لان هذا الشخص مزور.
أوضحت الدكتورة روحية عبدالباسط أستاذ الإعلام جامعة دمياط إن الترند هوس جديد يسعي إليه الكثير من الأشخاص سواء كانوا من العامة أو من المشاهير في مجالات الحياة المختلفة مثل الفن والطب والرياضة والتجارة رجال أعمال قد ينفق منهم الكثير من الأموال. وقد يفتعل منهم الحكايات المعقولة وغير المعقولة ليحصل علي هدفه وهو أن يركب الترند أي يكون هو صاحب الحدث الأهم الذي يتابعه الجمهور ويهتم لأمره وتتحدث عنه جميع مواقع التواصل الاجتماعي. وكذلك القنوات الفضائية والأرضية من وسائل الإعلام والترند مصطلح ظهر بين العامة مع ظهور مواقع التواصل الاجتماعي وانتشار استخدامها بين العامة.
أشارت إلي أن كلمة ترند في مجال مواقع التواصل الاجتماعي يشار بها إلي الأمور والأحداث الرائجة والموضوعات الشائعة التي يتم تداولها من قبل مستخدمي مواقع التواصل في فترة ما. وهناك أحداث تحصل علي الترند وتصبح موضع اهتمام الجمهور لمدة أسبوع وثم تختفي. إذن الترند هو الحدث الأكثر شهرة علي مواقع التواصل الاجتماعي. وقد يستخدم الترند لتكوين رأي عام بين الجمهور في اتجاه سلبي أو إيجابي لتحقيق هدف آخر يسعي إليه صانع الترند.
أضافت إلي أن الترند مصطلح جاء من سوق التجارة والسلع وهناك عبارة مهمة في مجال السوق "الترند هو صديقك". أيضاً في مجال التجارة الترند هو المصطلح الذي تتطور فيه قيم السوق أو سعر الأصل. فإذا رجعنا في حديثنا عن الترند المستخدم في مواقع التواصل يسعي إلي جمع الكثير من الاعجابات أو المشاهدات التي قد تؤدي إلي الشهرة أو جلب المال أو فتح مجالات عمل لصاحب الترند سواء كان مؤسسة أو شخص ومصطلح الترند يقابله مصطلح قديم تم استخدامه من خلال وسائل الإعلام التقليدية هو حديث الساعة. إلي جانب إن الموضوع أو القضية حديث الساعة استخدامها رجال الإعلام منذ القدم للوصول إلي زيادة تعرض الجمهور وبالتالي الحصول علي السبق الصحفي أو الإعلامي حيث قدمت السينما المصرية هذه الفكرة في فيلم يوم من عمري بطولة عبدالحليم حافظ والنابلسي وجميلة الشاشة المصرية زبيدة ثروت حيث تتوالي أحداث الفيلم وتتصارع للوصول إلي السبق بنشر خبر وصول بنت المليونير إلي مطار القاهرة للزواج من قريب للمليونير حيث اهتمت الجريدة للوصول لبنت المليونير لتكتب للعامة عن شكلها ورد فعلها عندما تري العريس المنتظر ومتابعة أحداث الزفاف وغيرها من التفاصيل كل ذلك كان لاهتمام الجريدة بالحصول علي السبق الصحفي في الخبر الأهم بالنسبة للجمهور وبالتالي تجذب الإعلانات المدفوعة وترتفع أعداد البيع.
أكدت أن مواقع التواصل الاجتماعي تصل للجمهور في أي مكان وزمان وأثبتت الكثير من الدراسات البحثية الحديثة أنها تلبي للجمهور احتياجات مهمة مثل الحصول علي المعلومات ومتابعة الأخبار والتسلية والترفيه اطلق عليها مصطلح جديد هو مصطلح الإعلام الجديد لأنها تحمل مميزات الإعلام التقليدي وتزيد عنه في قدرتها علي الوصول لكل الجمهور في أي زمان ومكان. وأيضاً كذلك رجع الصدي الفوري إذ بمجرد تداول الخبر أو الترند يتكون الرأي العام ويبدأ رجع الصدي الفوري. ولكن للأسف أصبح البعض يستخدم الترند الكاذب لصنع الترند وقد تقع وسائل الإعلام فريسة لهذا الترند الكاذب ويصبح مادة إعلامية ومحور اهتمام برامج وقنوات الإعلام التقليدي ثم تكتشف هذه القنوات كذب صاحب الترند. ولكن في وقت متأخر يكون صاحب الترند قد حصل علي هدفه الذي يسعي إليه سواء كان الهدف هو الشهرة أو المال.
كشفت "د.روحية" عن ضرورة تحري هذه الوسائل من مدي صدق أو كذب هذا الترند قبل أن تشارك في دعم تداوله بين الجمهور من خلال برامجها عن طريق إرسال مراسل أو أكثر للبحث والتحري للتأكد من صدق الواقعة أو الحدث هذه الطريقة كان يستخدمها رجال الإعلام والصحافة قديماً أما ما يحدث الآن هو الاعتماد علي مواقع التواصل الاجتماعي في الحصول علي المعلومة. فهذه المواقع يستخدمها كل الجمهور سواء كان متخصص لو غير متخصص لذلك يجب علينا أن نتحري الصدق قبل تداول المعلومات من خلال البحث عن مدي مصداقية الشخص أو الحدث.
أكد الدكتور تامر شوقي أستاذ علم النفس كلية التربية جامعة عين شمس أن السوشيال ميديا أصبحت جزءاً رئيسياً من الحياة اليومية للأفراد في أي مجتمع. وأصبح كل فرد مهما كان عمره سواء كان طفلاً أو مراهقاً أو راشداً. ومهما كان مستواه الاقتصادي الاجتماعي أو حتي الثقافي لا يستطيع الاستغناء عنها. وعلي الرغم من أن السوشيال ميديا يمكن أن تؤدي العديد من الوظائف الإيجابية مثل تيسير التواصل مع الأشخاص الآخرين مهما كان بعدهم المكاني. وأيضاً تفيد في تعرف الفرد علي الأخبار فور وقوعها أولا بأول وفي أي مكان في العالم ومن خلالها يمكن للفرد الاشتراك في الجروبات التي تمثل موضع اهتمام بالنسبة له سواء تعليمية أو عقارية أو اقتصادية وغيرها من الوظائف المهمة التي يسرت الكثير من الأمور في الحياة المعاصرة.
أضاف في الفترة الأخيرة ومع التوسع الهائل في الاشتراك في وسائل التواصل الاجتماعي "سواء الفيس بوك أو التويتر أو التيك توك" ووصول أعداد المشاركين فيها إلي الملايين علي مستوي مصر والمليارات علي مستوي العالم بدأت تنتشر ما يسمي بـ ظاهرة الترندات وأصبح من يحتل صدارة الترند هو موضع البحث في محركات البحث في كافة تطبيقات التواصل الاجتماعي بالإضافة إلي أن أصبح موضع تناول البرامج التليفزيونية والصحف والمواقع الإخبارية المختلفة صدارة الترند لدي بعض الشخصيات المشهورة "النجوم" في المجتمع في أي مجال مثل الفن أو الرياضة أو السياسة وغيرها. إلي جانب قد تكون صدارة الترند في ضوء إنجازات إيجابية قام بها النجم صاحب الترند مثل أغنية حققت شهرة كبيرة أو قد تكون في ضوء مشكلات وقع فيها النجم مثل ضبطه في قضايا معينة ومع ذلك لم تقتصر ظاهرة صدارة الترند علي النجوم بل امتدت إلي الأفراد العاديين .وذلك في ضوء ظهور فيديوهات لهم في مواقف قد تثير شفقة الناس عليهم.
يري إن المثير للدهشة ادعاء البعض كذباً مواقف البطولة لصدارة الترند مثلما فعلت فتاة الشرقية التي ادعت كذبا أنها أنقذت أسرة كاملة من الغرق ويمكن تفسير تلك الظاهرة من خلال عدة احتمالات منها الرغبة في تحقيق مكاسب سهلة في وقت قصير إذ إن صدارة الترند يدفع كل وسائل الإعلام إلي تركيز الضوء علي الشخص صاحب الترند وما يصاحب ذلك عن استضافته في البرامج المختلفة ومنحه هدايا ومقابل مادي كبير لظهوره بها في ضوء تحقيق تلك البرامج والمواقع دخلاً كبير لما يدره صاحب الترند من إعلانات ومشاهدات. وأيضاً عدم امتلاك صاحب الترند أي قدرات أو مؤهلات تؤهله للنجاح والتفوق في المجتمع بطرق طبيعية مشروعة فيلجأ من خلال استخدام الطرق غير المشروعة مثل ادعاء قصص بطولة وهمية إلي اعتلاء الترند.
يري اللواء أحمد طاهر نور الدين الخبير الأمني ومدير إدارة المكافحة الدولية لجرائم الآداب والاتجار بالبشر سابقاً أن في الآونة الأخيرة انتشرت ظاهرة مرضية تكاد تعصف بثقة المواطنين في الأخبار الصادقة قبل الكاذبة في أكبر تضارب وفتنه وخداع وتضليل يشهده المجتمع المصري. مما أفقده مصداقية أي معلومة أو خبر يمكن تداولها من خلال الشبكة المعلوماتية. فنشر الأخبار الكاذبة هي طريقة جديدة بدأت تنتشر بشكل كبير وبكثافة وللأسف تجد صداها بسرعة داخل كافة شرائح المجتمع المصري. خاصة بعد أن يتم تناولها وتداولها وإعادة نشرها دون تروي أو النظر في حقيقتها.
أضاف أن بعض المواقع الإخبارية والصحفية والشخصيات العامة الموثوق في مصداقيتهم لدي الكافة علي إنها من المفترض مصادر مهمة للمعلومات تقع في ذلك الخطأ وتتسارع وتتسابق في نشر الأخبار الكاذبة والمضللة مما يزيد للأسف من انتشار تلك الأخبار. وهو ما شاهدناه واقعياً في ترند أو تصدر أخبار ويجز الغلابة أو محمد عامل النظافة صاحب واقعة محل الكشري ومؤخراً أماني فتاة الشرقية التي ادعت كذباً قيامها بإنقاذ أسرة كاملة من الغرق بأحدي الترع بالمحافظة.
أشار إلي مدي مسئولية تلك المواقع الإلكترونية عن انتشار تلك الظاهرة أجد إنه لا مسئولية قانونية. فالذكاء الاصطناعي لا يستطيع أن يفرق بين ما هو كذب أو صدق. فكل ما في الأمر أننا نحن أمام أشخاص مرضي اساءوا استخدام المواقع والتطبيقات والصفحات. إلي جانب أنهم أشخاص لا يهدفون سوي للكسب المادي والحصول علي تعاطف زائف ومكاسب ومكافآت مالية ممن يصدقون تصرفاتهم غير المسئولة.
نوه إلي إن القانون جرم إنشاء وإدارة واستخدام المواقع الإلكترونية والحسابات الخاصة علي شبكة المعلومات ونشر وترويج الاشاعات والأخبار الكاذبة والمواقف المضللة وعقوبتها تصل للحبس سنتين وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد عن 300 ألف جنيه طبقاً للمادة رقم 27 من القانون 175 لسنة 2018م فضلاً عن مصادرة الأدوات والمواد والأجهزة المستخدمة في عملية نشر تلك الأخبار الكاذبة بالإضافة إلي إن من حق الدولة من خلال أجهزة الرصد والمتابعة بالنيابة العامة وإدارة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بوزارة الداخلية من اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال المتهمين في تلك الوقائع. ومن حق أي مواطن يري أن ما تم نشره أمرا يعد تلاعبا بنفسيته وبعقليته وتعديا عليه واتخاذ الإجراءات القانونية حيال ناشري تلك الأخبار الكاذبة.
قال الدكتور أحمد عبدالموجود الميري أستاذ ورئيس قسم القانون الدولي الخاص بجامعة أسيوط لم نكن نتخيل أن يصل التطور التكنولوجي والرقمي إلي ما وصل إليه الآن و أيضاً أن يتم استغلال هذا التطور بالشكل السلبي الذي بات عليه الآن وفي وقت تقوم فيه الدول المتقدمة والمتمدينة باستغلال الجانب الإيجابي فقط لهذا التطور علي جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتنموية فعلي الجانب الآخر نجد في دول العالم الثالث بدلاً من محاولة الاستفادة من هذا التطور علي المستوي التعليمي والإنتاجي. فقد أصيب البعض فيها بالهوس بالشهرة الخداعة والزائفة التي لا تسمن ولا تغني من جوع وجمع المال والإبداع في تضييع الوقت والجهد بفضل تطور وسائل التواصل الاجتماعي والانتشار السريع لها وهو ما أدي بدوره إلي ظهور بما يسمي بالترندات وفيديوهات التيك توك.
أشار إلي أنه لوحظ في الآونة الأخيرة قيام البعض بابتداع قصص وهمية وحكايات خيالية من أجل الوصول لذلك ويزيد من تشجيعهم علي ذلك الكم الهائل من الأشخاص المتصلين بشكل دائم بوسائل التواصل الاجتماعي وقيامهم بمشاهدتها بل ومشاركتها وبالتالي زيادة نسبة المشاهدة ولا يقل عنها كسبب من الأسباب الاهتمام غير المبرر لوسائل الإعلام والصحافة والبرامج التليفزيونية علي القنوات الفضائية. بمثل هذه الحالات والذي وصل الحد فيها إلي قيامهم باستضافة هؤلاء المهرجين بدلاً من توبيخهم والمساعدة علي تلاشي زيادة انتشار هذه الظاهرة والمطالبة بوضع تشريع يمكن مجتمعنا من الوقاية منها وحمايته من هؤلاء.
أضاف أن هذه الظاهرة تمثل خطورة بالغة فهي كالآفة التي تأكل النظام العام والآداب العامة في مجتمعنا وتخالف عاداتنا وتقاليدنا. ولكن النتيجة الطبيعية لمن يأمن العقاب أو يجهل خطورة فعله هو ذلك الهرج والمرج الذي وصل إلي حد ابتداع القصص والحكايات واستغلال المواقف في غير محلها من أجل الوصول للشهرة أو جمع المال بالإضافة إلي إن القانون يعاقب علي جرائم السب والقذف والتشهير والإساءة والتضليل في حق الأشخاص. فكيف بمن يرتكب جريمته في حق مجتمع بأكمله.
أوضح أن النظام العام والآداب العامة هي العمود الفقري لأي مجتمع والأجيال القادمة التي تحتاج إلي من يأخذ بيدها للعمل الحقيقي والبناء ويحثها علي الحفاظ علي القيم والمبادئ لا هدمها. فالمشرع المصري يتعامل مع أمر استخدام التكنولوجيا المتطورة لتوجيه السباب والإساءة ونشر التضليل علي أنه جرائم متعددة هي جريمة سب وآخري جريمة قذف وكذلك جريمة إساءة استخدام التكنولوجيا وأيضاً جريمة تعمد الإساءة عن طريق النشر. فبعد إثبات ذلك يتم تحرير محضر ثم إحالة الأمر إلي النيابة العامة أو المحكمة الاقتصادية علي اعتبار أن هذا السلوك يشكل ارتكابا لجرائم متعددة تستهدف الإهانة والحد من الكرامة وهذا كله يستوجب العقاب. ووصفه طبقاً لنص المادة ¢76¢من القانون رقم 120 لسنة 2008م والخاص بإنشاء المحاكم الاقتصادية.
يري إن العلنية متوافرة وتتضح جلية من خلال نشر التصريحات والفيديوهات علي مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك وتويتر وغيره مما يعطيها بعدا أكبر وانتشاراً أوسع. فكلما زاد عدد قراء وزوار التصريحات والتعليقات زاد معه الضرر اللاحق ليس بالمجني عليهم فقط ولكن بالمجتمع ككل. الا وهو اختراق الخصوصيه وتعمد ايصال الفكرة أو الشعور أو الإرادة إلي الغير بقصد الإذاعة والتشهير. إضافة إلي أن سوء النية هنا يكون مفترضاً والثابت باليقين أنه إذا كان لكل شخص الحق في التعبير عن رأيه إلا أن ذلك محكوم بكونه تعبيراً موضوعياً غير مجرم لا يتضمن الأساءة والتشهير والتضليل في إطار القانون والدستور. ولكن ما يحدث علي مواقع التواصل الاجتماعي قد نحا طريقاً آخر يتخلله عدم الأمانة وعدم الحرص وعدم الاحتياط لما قد يترتب علي هذه الأفعال والتصرفات من آثار.
نوه إلي الضرر المترتب علي انتشار هذه الظاهرة فيتمثل في الأثر المباشر الذي تتركه التصريحات أو الفيديوهات في نفس وإدارة كل من يقرأها أو يستمع إليها والذي سيفتح مجالاً كبيراً للتشكيك في شرف ونزاهة وأمانة أشخاص ومؤسسات وهيئات خاصة أن الثقة في المجتمع والشعور بالأمان والطمأنينة هي أهم عامل من عوامل نجاح أي مجتمع. وإن فقدها المجتمع فإن ذلك سيعود عليه بخسائر مادية ومعنوية كبيرة. فالكلمة والصورة علي الإنترنت أشبه بطلقة رصاص ما إن خرجت من السلاح لا يمكن السيطرة عليها إلي جانب إن المشرع المصري قد منح الأجنبي عند دخوله إلي الإقليم المصري بشكل مشروع ويقيم فيها إقامة قانونية أن يمارس جميع الحقوق والحريات العامة عدا الحقوق السياسية. ولكن بشرط إلتزامه بعدم مخالفة النظام العام والآداب العامة المستقر عليها بمجتمعنا المصري ووضع له عقاباً في حال المخالفة قد يصل لدرجة الابعاد عن الاقليم المصري حفاظاً علي قيم وعادات وتقاليد ومبادئ المجتمع الوطني. ولكنه لم يلزم الوطني الذي ينعم في كنفه بمثل هذا الالتزام علي افتراض أنه التزام بديهي علي كل وطني وواجب عليه الحفاظ علي الوطن وقيمه لا هدمها.
اترك تعليق