كثير من الأمهات تشكو من اعتماد اولادها عليها فى استذكار الدروس وعدم محاولتهم الاعتماد على انفسهم والقيام بواجباتهم بمفردهم حتى بعد ان وصلوا الى مراحل تعليمية متقدمة.. فهل أخطأت الأم منذ البداية حينما كانت تساعدهم فى اداء ما تم تكليفهم به أم ان هذه المساعدة كانت لابد ان تتوقف عند مرحلة معينة؟ وما هى هذه المرحلة ومتى تبدأ ومتى تنتهى؟ وكيف تبدأها الأم معهم ؟

كلها أسئلة تحير الأمهات يجيب عنها الاستاذ الدكتور تامر شوقى استاذ علم النفس التربوى بجامعة عين شمس

قال شوقى: يمر الإنسان في حياته بالعديد من المراحل التي تتطلب منه تحقيق الإنفصال أو الفطام النفسي أو الإجتماعي عن الأسرة بوجه عام و الأم بوجه خاص، وتتطلب كل مرحلة تدريب الطفل عليها أو التمهيد لها قبل أن يحدث ذلك الفصام، وتبدأ هذه المراحل  بمرحلة الفطام عن الأم في الرضاعة خلال العام الثاني، من العمر، ثم الفطام عن  رحم الأسرة مع بدء دخوله المدرسة حيث ينتقل من وسط الأسرة الذي يضم عدد قليل من الأفراد ( الأب، والأم، والأخوة) وتشيع فيه كل رغباته، إلي عالم المدرسة الأوسع الذي يضم عددا أكبر من الأفراد ( المعلمين، والزملاء) ولا تتم فيه تلبية كل احتياجاته، وتستمر حلقات انفصال الانسان عن أسرته طوال حياته .

ومع بداية دخول الطفل المدرسة تلجأ بعض الأمهات – بدافع الخوف علي أطفالهن أو غيره-  إلي تلبية كل رغباته، وقيامهن بالإستذكار لأطفالهن منذ الأيام الأولي لالتحاقه بالمدرسة الإبتدائية وقد يمتد ذلك  حتي انتهائه من التعليم، ما قد يسبب أضرارا نفسية وشخصية واجتماعية بالغة الخطورة علي الطفل – قد تستمر معه مدي الحياة-  منها : عدم  اعتماد الطفل علي نفسه واتكاله علي الأخرين في كل شئون حياته، وفقدان الطفل الثقة في نفسه وفي قدرته علي مواجهة المشكلات والضغوط بنفسه، وعدم قدرة الطفل علي تكوين علاقات اجتماعية وثيقة  مع أقرانه في نفس المرحلة العمرية في ضوء عدم قدرته علي اتخاذ أي قرار سريع معهم إلا بعد اللجوء إلي أسرته وغيرها من التأثيرات الضارة.

من جهة أخري تتوقف متابعة الأم لأطفالها في الاستذكار علي عدة أمور تتضمن مثلا المرحلة الدراسية للطفل فالأطفال في السنوات الأولي من التعليم ( أو ما يُطلق عليها السنوات التأسيسية) يحتاجون بدرجة  مساعدة الأم في المذاكرة بدرجة أكبر من الأطفال في السنوات الأعلي ( مثل  المرحلة الإعدادية، والمرحلة الثانوية)، كما تتوقف علي طبيعة شخصية الأم ( فالأمهات ذات الشخصية المسيطرة، أو ذات الشخصية الموسوسة، وكذلك ذات الشخصية القلقة تميلن إلي  متابعة أطفالهن في الإستذكار  بدرجة أكبر  من الأمهات ذات الشخصية المعتدلة، أيضا تتوقف تلك المتابعة  علي مستوي صعوبة المادة الدراسية أو بعض الدروس داخل المادة الدراسية الواحدة ، فكلما زادت صعوبة المادة أو الدرس احتاج الطفل إلي أمه في المذاكرة بدرجة أكبر منه في حالة المواد أو الدروس الأكثر سهولة .

و أكد الدكتور تامر شوقى ان هناك بعض الاعتبارات التي يجب أن تراعيها الأمهات عند متابعة أطفالهن في المذاكرة حتي  تكون تلك المتابعة مثمرة :

في الأيام والاسابيع الأولي من الاتحاق الطفل بالمدرسة للمرة الأولي   يمكن التواجد والمذاكرة للطفل في أغلب أوقات المذاكرة حتي يشعر بالأمان النفسي في هذه المرحلة الإنتقالية الصعبة بالنسبة له، مع توجيهه علي فترات متباعدة أنه سيعتمد بعد ذلك علي شرح المعلم فقط.

 تقديم الأم توجيهات مستمرة للطفل بأن المدرسة هي الأساس في تعلمه، وفي حالة عدم فهمه أي معلومات يجب أن يسأل معلمها عنها،  حتي ينتبه إلي الشرح داخل الفصل، ولا يعتمد علي الأم في شرح كل شيء.

اهتمام الأم المكثف بمتابعة الطفل في اكتسابه المفاهيم الأساسية  المهمة في السنوات الأولي التأسيسية لأنها ستستمر معها طوال سنوات الدراسة

مع تقدم الطفل في الدراسة في السنة الأولي – وكذلك في السنوات التالية-  تراعي الأم عدم مذاكرة أي درس مع الطفل والذي استوعبه بشكل جيد من المعلمة، ولكن تتابعه فقط في حل التدريبات علي الدرس، وفي حالة اكتشافها من خلال حله التدريبات أي أجزاء في الدرس غير واضحة له تقوم بإعادة شرحها له.

مراعاة الأم عدم شرح – مرة أخري-  أي درس سبق أن تعلمه الطفل وخاصة اذا كان سهلا، إلا بعد تأكدها من أنه لم يستوعبه جيدا، حيث يميل بعض الاطفال الي الاهتمام بالدروس السهلة، وتضييع الوقت فيها  واهمال الصعبة .

  مراعاة الأم أن يكون الصف السادس الإبتدائي – ان لم يكن الصف الخامس-  هو تحقيق استقلال الطفل الكامل في المذاكرة وعدم الاعتماد علي الأم   ويستمر علي ذلك في المرحلتين الإعدادية والثانوية، وخاصة أنه قد  اكتسب  المفاهيم الأساسية  في السنوات الأولي الإبتدائية والتي  تمثل أساس كل المواد الدراسية فيما بعد.