كشفت نقابة الأطباء مؤخرًا عن وجود زيادة ملحوظة في وفيات شباب الأطباء مؤكدة أنها قضية تستحق الدراسة حتي يتسني علاجها بعد دراسة أسبابها علميا للتعامل معها بشكل صحيح خاصة إن ثلاثة من الأطباء الشباب توفوا مؤخرا خلال أسبوع واحد فقط!!
النقابة من جانبها أكدت أن الأسباب ترجع للإرهاق الشديد الذي يتعرض له الطبيب الشاب في ظل عدم وجود حد أقصي لساعات العمل بالإضافة إلي قلة الدخل مما يضطر الطبيب للعمل في أكثر من مكان لتحسين دخلة الشهري بالإضافة لبيئة العمل غير المناسبة..حيث يتعرض فيها الأطباء للاعتداءات المستمرة في ظل عدم وجود قانون رادع لهذه الاعتداءات.
أشارت النقابة أيضا إلي أن الأطباء الشباب يتعرضون أيضا لضغوط نفسية وعصبية نتيجة الدراسات العليا التي يقومون بها بالتوازي مع عملهم ولا يوجد من يغطي تكاليف هذه الدراسات العليا رغم أن القانون رقم 14 لسنة 2014 ألزم وزارة الصحة أو صاحب العمل بالإنفاق علي الدراسات العليا للأطباء ولكنه قانون لم يطبق حتي الآن.
"
" ناقشت هذه القضية مع عدد من المتخصصين بهدف الحفاظ علي المنظومة الطبية الذي يعد فيها الطبيب هو أساسها وجوهرها.

قال الدكتور أحمد حسين أستاذ الطب النفسي وعضو مجلس نقابة الأطباء: طالبنا أكثر من مرة بضرورة الالتزام بعدد ساعات العمل الرسمية وهي 8 ساعات فقط يومياً المنصوص عليها بقوانين العمل ونحن لدينا ساعات عمل للطبيب تتعدي 36 ساعة خلال الأسبوع بخلاف "النبطشيات" وطلبنا بأن لا تزيد "النبطشية" عن 12 ساعة وهي المسموح بها في قانون العمل.

أشار إلي أن هناك بعض الأطباء يعملون أكثر من 48 ساعة بشكل مستمر برغم تحذيرات النقابة ومطالباتها المستمرة بضرورة الالتزام بعدد ساعات العمل الرسمية بالإضافة إلي وجود ضغوط اجتماعية ومادية كما أن وسائل التواصل الاجتماعي والسوشيال ميديا تعد أحد أسباب تفجير الأزمات للأطباء حيث تتحدث كثيراً عن الأخطاء الطبية بشكل غير مهني وغير منصف تمامًا بهدف تحقيق نسب مشاهدات عالية علي حساب الأطباء.
أوضح أن بيئة العمل نفسها غير مناسبة لعدم وجود الإمكانيات من أجهزة وأدوات وعدم وجود استراحة مناسبة حتي يتمكن الطبيب من الراحة قبل مزاولته للعمل من جديد.

أكد الدكتور محمد العناني أستاذ الجراحة بكلية الطب بجامعة الأزهر أن ما أثير حول تزايد نسب الوفيات بين شباب الأطباء خلال الفترة الأخيرة يرجع إلي ما تعرضت له البلاد والعالم كله لوباء فيروس "كورونا" حيث تسبب في وفاة العديد من الأطباء ومنهم أطباء شباب كثيرون إضافة إلي أن شباب الأطباء هم الجيش الأبيض الذي تصدي للوباء اللعين وعانوا كثيراً في ظل وجود أعداد هائلة من المصابين بفيروس "كورونا" وكانوا يعملون في ظروف غير طبيعية.

أضاف انه لا توجد دراسة علمية تشير إلي أن نسبة الزيادة في وفيات الأطباء بسبب ضغط في العمل وبالتالي لا أجد سبباً علمياً أبني عليه رأيي حول ما أثير علي وسائل التواصل الاجتماعي.
أشار إلي أن الأطباء يتعرضون بالفعل لضغوط نفسية نتيجة السوشيال ميديا ووسائل التواصل الاجتماعي التي تفجر الأزمات البسيطة سواء كانت أخطاء طبية أو إدارية لمحاولة إثارة الرأي العام ضد الأطباء وخاصة الشباب منهم.
أكد أن هذه الشائعات تسبب أضرارًا كثيرة للطبيب قد تتسبب في النهاية في وفاته.
أضاف أن القطاع الطبي بصفة عامة يواجه أزمة في زيادة نسب الوفيات في مختلف التخصصات الطبية وسبب رئيسي فيها يرجع للعوامل البيئية والمادية خاصة أن التوتر العصبي الذي يواجهه الطبيب أثناء العمل خاصة في بعض التخصصات الطبية مثل التخدير والجراحات المختلفة والطوارئ حيث يكون أمام الطبيب حياة مريض يسعي لانقاذه مما يسبب له ضغطاً عصبياً ونفسياً كما يسبب إرهاقًا شديداً للطبيب قد يدفع ثمنه في النهاية.

أشار إلي ضعف التخطيط والتنظيم من قبل الإدارات التي تضع الطبيب تحت الضغط فمثلاً نجد نقص الأيادي المعاونة للطبيب مثل التمريض والفنيين في العناية المركزة والحضانات حيث تكون الإمكانيات أقل من المستطاع فقد تتوفر المعدات والأجهزة ولكن لا توجد القوة الكافية للتشغيل كل تلك العوامل تضع الطبيب تحت ضغط خاصة في التخصصات الحرجة مثل العناية المركزة والطوارئ مما يمثل ضغوطا علي الأطباء المتواجدين.
أضاف أن الطبيب منذ أن يتخرج في كلية الطب تكون له سقف طموحات كبيرة فهو يريد أن يحقق عائدا ماديا كبيرا يمكنه من الزواج وامتلاك سيارة وتحقيق رصيد بنكي جيد ولكنة يفاجئ بالمرتبات الهزيلة التي لا تحقق له أي شيء وقد لا يستطيع الزواج وحتي لو تمكن من الزواج وأصبح لديه أسرة وأطفال تكون مسئوليته أكبر فضلا عن قيامة بإعداد رسائل ماجستير ودكتوراة حتي يحدد التخصص الطبي التابع له وفي النهاية كل هذة الأسباب تمثل ضغطا كبيرا عليه مما يتسبب في تزايد نسب وفيات الأطباء وخاصة الشباب.
قال إنه لكي نواجه هذه المشكلة لابد من الارتقاء بمستوي البيئة التي يعمل بها الطبيب وحصوله علي عدد ساعات معينة طبقاً لقانون العمل بالإضافة إلي حصوله علي راحة منتظمة وكافية لراحة جسده بالإضافة إلي تقديم وجبات صحية للطبيب أثناء العمل بعيداً عن الوجبات السريعة كما لابد من توفير الوقت الكافي له للقاء الاهل والأصدقاء ولمزاولة الأنشطة الرياضية وغيرها.

أكدت الدكتورة سعاد الشحات مدير منطقة الوعي الطبية أن ما يحدث الآن شيء خطير جداً حيث إن الطبيب المناوب يكون مستيقظا 24 ساعة فكيف يستطيع الطبيب أن يفعل ذلك دون راحة؟! ودون أن يتعرض لإرهاق شديد بسبب عدم القدرة علي الراحة وضغط العمل المستمر وبسبب ضعف التركيز والإعياء الشديد مما يتسبب في تعريض الحالة المرضية التي يشرف عليها للخطر وبالتالي يتحمل الطبيب تبعية هذه الأخطاء كما يتعرض لضغط آخر كبير من أهل المريض بدون أي أعذار ودون أي رحمة.
أضافت: لابد من منع عمل الطبيب لأكثر من 12 ساعة خلال النبطشية أو بالنسبة لعدد ساعات العمل في اليوم الواحد وهي 8 ساعات وإذا جاءت المخالفة من الطبيب نفسه بالعمل 12 ساعة في المستشفي الأساسي ثم يذهب للعمل في عيادة خارجية فلا بد من عقابه لأنه يعرض نفسه للأذي ويؤذي أيضا الحالة المرضية التي يشرف عليها ويعرضها للخطر وهنا أطالب بقانون بأنه في حالة حدوث خطأ طبي نتيجة كسر عدد ساعات العمل بالنسبة للطبيب أن يتعرض للمساءلة القانونية في هذة الحالة.

أشارت إلي أن كل المهن الطبية دخلها المادي ضعيف ولا يتناسب مع الظروف الاقتصادية الصعبة وبالتالي فإننا نناشد الحكومة بتوفير التقدير المادي المناسب للطبيب طبقًا للظروف المحيطة حتي لا يتسني للطبيب مزاولة عمل إضافي لأن مهنة الطب أرقي المهن التي تتحكم في حياة الأشخاص وصحتهم العامة قالت: أتمني من الدولة النظر بعين الاعتبار للتقدير المهني للأطباء وهذا الموضوع يعد موضوعًا أمنيًا لأن الأطباء هم الجيش الأبيض الذي يواجه أي أزمة صحية دون كلام أو تعب وقد لمس المواطن ذلك في كم الضحايا من الأطباء خلال فترة الكرونة فالطبيب يواجه الأوبئة وأي فيروس خطير بسلاح العلم ولم يهرب طبيب ولم يتوقف عن مساعدة المرضي تحت أي ظروف وفي ظل غموض الوباء ووجدنا عددا كبيرا من الأطباء يتساقطون خلال فترة الكورونا وتوفوا بعد إصابتهم بالفيروس فالطبيب مثل الجندي في ميدان الحرب وبالتالي لابد أن يعطي الطبيب امتيازات خاصة تتماشي مع ظروف العمل والتحديات التي يواجهها الطبيب ولابد من العمل علي استقطاب الأطباء لان هناك زيادة في هجرة الأطباء من الوطن حتي يتم تقديرهم في دول أخري.
اترك تعليق