في ظل ظروف التضخم الاقتصادي التي نعيشها حاليًا، الهدف الأساسي بالنسبة لأي دولة هو إنشاء بنية تحتية قوية تدعم اقتصادها. في هذا الصّدد كان لنا لقاء معالدكتور عبد الكريم عنف ، دكتوراه في التجــارة الدوليـــة والإلكترونية من جامعة Nankai university الصينية، وعضو منتدى رجال الأعمال العرب في الصين والمدير التنفيذي للمنتدى سابقًا.
الخطوة الأولى لدعم الاقتصاد في أي بلد هي بزيادة الصادرات على حساب الواردات والجميع يعرف هذا.
وهنا نحتاج إلى بلد يصنع المنتجات لتغطية السوق المحلي وبالتالي الاستغناء عن الاستيراد وخروج العملةالصعبة، وايضا نحتاج الى الانتقال للتصدير وبالتالي نموأكبر للاقتصاد وجلب العملات الصعبة.
خطوة مثل هذه لن تتم بين ليلة وضحاها؛ علينا التدرج في التصنيع بالتّخصّص والتركيز على صناعات معينة لدينا ميزة تنافسية فيها مثل توفر المواد الخام، مبتدئين بالتقليد ونسخ تجارب سابقة، ومن ثم الانتقال الى الإبداع والابتكار، وأخيرًا الوصول لإنتاج براندات خاصة بنا كدول، لأن للعلامات التجارية قيمة إضافية تكتسبها الشركة ومن ثم الدولة، تجعل العميل على استعداد لدفع سعرٍ أعلى لشراء منتجاتها، ما يزيد من أرباح الشركات والأوطان.
ثاني خطوة هي بناء مدن صناعية متخصصة في صناعات محددة. لو سألتني ما الذي جعل الصين مصنع العالم سأعدد لك عدد من العوامل منها تخصص المدن فترى مدينة متخصصة بالإضاءة وأخرى بالمستلزمات الطبية ومدينة أخرى في الاثاث وأخرى فيالإلكترونيات، وذلك لأن تخصص المدن يشجع على الصناعات التكميلية عن طريق التعاون بين المصانع. فالملابس مثلا يشترك في تصنيعها أكثر من مصنع (فالقماش من مصنع والازرار من مصنع آخر والخياطة والفاشن مهمه مصنع آخر والتغليف والتعبئة مصنع آخر وهكذا)
إقامة بُنى تحتية من طرق وموانئ ومطارات قادرة على تحفيز التصنيع الشامل وكما يقول الصينيون إذا اردت ان تبني ثروة فابني الطرق.
تقديم إعفاءات وتسهيلات لتشجيع الصناعة مثل تقديم الأراضي مجاناً والإعفاءات الضريبيةوالجمركية، التاجر الذي يجد استيراد خطوط الإنتاج أسهل وأوفر لن يفكر في استيراد المنتج وسيستورد خط إنتاج يساهم في نهضة البلد الاقتصادية.
تأهيل العمالة، ممكن أن تتم هذه العملية في نطاق الدولة ككل بتشجيع التعليم الصناعي، أيضًا يمكن أن يكون عن طريق المستثمر نفسه بالاتفاق مع الشركة المصنّعة للماكينة بإرسال أحد من طرفهم يدرّب العمال أو بإرسال أحد من جهتك إليهم يتعلّم كيفية تشغيل الآلات ويعود ليعلّم بقية العمال، لكن مهم جدًا تأهيل العمالة.
تشجيع وتسهيل الاستثمار الأجنبي، من النادر أن تنهض دوله ذات موارد محدودة بدون الاستثمارالأجنبي، لولا الاستثمار الأجنبي لما نهض الاقتصاد الصيني الذي يتربع اليوم على عرش الاقتصاد العالمي.
أول ما يبدأ به المستثمر هو اختيار المنتج المطلوب العمل به وتصنيعه، ولنا هنا ملاحظة في كيفية اختيار المنتج المراد تصنيعه بدلًا من استيراده؛ وهي أن عليك التركيز على استيراد المنتجات الخفيفة والغير معقدة، والتي يكون تكلفه استيرادها عالي بسبب تكلفه المنتج نفسه في بلد الاستيراد أو بسبب رسوم الشحن المرتفع أو بسبب الضرائب والجمارك.
نوّه الدكتور عبد الكريم عنف كذلك إلى أن التصنيع يكون بهدف الاكتفاء أولًا ثم يهدف إلى التصدير ليفتح فرصًا وآفاقًا كبيرة جدًا في عدد من القطاعات التي تخدم عملية الإنتاج والتصنيع والتصدير مثل: قطاع النقل، شركات التسويق والدعاية، المعارض التجارية، قطاع الشحن والجمارك، توظيف عدد كبير من العمالة، ما ينتج عن ذلك رواج وانتعاش اقتصادي كبير.
وفي كلمةٍ أخيرة وجهها الدكتور للشباب الطموح نصحه بأن يستغل كل فرصة للتعلّم وزيادة المهارات لأنّ عجلة العالم عمومًا والاقتصاد خصوصًا في تسارع مستمر، والوسيلة الوحيدة لمواكبة هذا التطور هي بالتعلم المستمر، الأمر الذي أصبح أسهل من أي وقتٍ مضى مع انفتاح العالم على بعضه وتعدد المصادر التي يمكن أن توفر على التاجر المبتدئ الوقت وأموالًا ضخمة.
أنت اليوم لست بحاجة لتتعثر حتى تصل، بإمكانك ببساطة الاستفادة من تجارب من مرّوا في هذا الطريق قبلك.
اترك تعليق