قطعت مصر خطوة جديدة في طريق التحول إلي مركز إقليمي للطاقة. بتوقيع اتفاق لتوريد الغاز الطبيعي المسال إلي دول الاتحاد الأوروبي. وجاءت تلك الخطوة في ظل مساعي أوروبا لسد جزء من احتياجاتها من الغاز عبر إمدادات الغاز من شرق المتوسط. ضمن خطة لتعويض النقص في واردات الغاز الروسي.
وتسعي مصر إلي أن تصبح مركزا إقليميا للطاقة. عبر تصدير فائض ما لديها من إنتاج الغاز الطبيعي. إلي جانب تصدير فائض الدول المجاورة من الغاز. عبر محطتي الإسالة الواقعتين علي شاطئ البحر المتوسط بإدكو ودمياط.
ويعكس اتفاق توريد الغاز إلي القارة العجوز. الرغبة الأوروبية القوية في الاستفادة من قدرات مصر اللوجيستية وموقعها الجغرافي المتميز لملء الفراغ المتوقع حدوثه في الطاقة المصدرة إلي الدول الأوروبية. وتحديدا الغاز الطبيعي.
وتمثل الرغبة الأوروبية اعترافا دوليا آخر بالهدف الذي أحرزته القاهرة في ملعب شرق المتوسط. وتحولت بموجبه من دولة مستهلكة للغاز إلي دولة تمتلك من الثروة الغازية والمنشآت الصناعية ما يسمح لها بأن تتحول بجدارة إلي مركز إقليمي للطاقة يحظي بالثقة الدولية.
وقد أصبحت مصر لاعبا أساسيا في سوق الغاز العالمي. بفضل استراتيجية قومية استغرقت 8 أعوام. واحتلت مصر المركز الـ 14 عالميا والخامس إقليمياً والثاني أفريقياً في إنتاج الغاز عام 2020. وحافظت مصر علي مستويات إنتاجها وتصديرها للغاز الطبيعي. علي الرغم من أزمة جائحة كورونا وتداعياتها. ففي عام 2020/2021 وصل حجم إنتاج مصر من الغاز لـ 66.2 مليار م3. والاستهلاك 62.9 مليار م3. والفائض 3.3 مليار م3.
وتم تنفيذ 30 مشروعا لتنمية حقول الغاز منذ يوليو 2014 حتي سبتمبر 2021. بإجمالي تكلفة استثمارية بلغت نحو 514 مليار جنيه. وبلغت القدرة الإنتاجية الحالية لمصر من الغاز الطبيعي سنوياً بفضل مشروعات تنمية حقول الغاز 73.4 مليار م3. وتتمثل أبرز تلك المشروعات في مشروع تنمية حقل ظهر بقدرة إنتاجية سنوية تبلغ 28 مليار م3. ومشروع تنمية حقل ريفين بقدرة إنتاجية سنوية تبلغ 8.7 مليار م3. وأيضاً مشروع تنمية حقل نورس بقدرة إنتاجية سنوية تبلغ 4.6 مليار م3.
وقعت مصر 99 اتفاقية بحرية بترولية جديدة مع الشركات العالمية للبحث عن البترول والغاز باستثمارات بلغ حدها الأدني نحو 17 مليار دولار. ومِنح توقيع تقدر بنحو 1.1 مليار دولار لحفر 384 بئراً خلال الفترة من يوليو 2014 حتي يونيو 2021. وذلك بعد التوقف عن توقيع الاتفاقيات منذ عام 2010 وحتي أكتوبر 2013. وخلال 2020. وقعت مصر 22 اتفاقية للبحث عن البترول والغاز مع شركات عالمية بحد أدني للاستثمارات يقدر بنحو 1.6 مليار دولار وبإجمالي منح توقيع 139 مليون دولار لحفر 74 بئرًا.
وساهم ترسيم الحدود البحرية في التوسع في عملية استكشاف حقول الغاز الطبيعي. حيث تم توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع قبرص في سبتمبر 2014. فيما تم توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية في أبريل 2016. لتسمح ببدء مزاولة نشاط البحث عن البترول والغاز لأول مرة في هذه المنطقة البكر الواعدة. بينما تم توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع اليونان في أغسطس 2020.
ومن بين العوامل التي ساهمت كذلك في تحول مصر إلي دولة مصدرة للغاز المسال. بلوغ إجمالي القدرة الإنتاجية لمصنعي الإسالة بإدكو ودمياط 12مليون طن سنوياً. فضلاً عن عودة مصنع دمياط للتصدير بعد توقف دام لمدة 8 سنوات. حيث قامت مصر بتصدير أول شحنة من الغاز المسال من المصنع في مارس 2021. مما أدي إلي زيادة صادرات الغاز المسال بنسبة 123.3%. لتبلغ 6.7 مليون طن عام 2021. مقارنة بـ 3 ملايين طن عام 2013.
ونجحت مصر في تحقيق الاكتفاء الذاتي في سبتمبر 2018. ومن ثم عادت إلي الخريطة العالمية لتصدير الغاز الطبيعي والمسال. حيث سجلت عام 2018/2019 إنتاجا بحجم 66.1 مليار م3. واستهلاك 61.8 مليار م3. وفائضا بـ 4.3 مليار م3.
وبادرت مصر بفكرة تدشين منتدي غاز شرق المتوسط العالمي خلال قمة جزيرة كريت بين زعماء مصر وقبرص واليونان في أكتوبر 2018.
كما تم توقيع ميثاق المنتدي في سبتمبر 2020. ودخل حيز النفاذ في مارس 2021. والذي بمقتضاه أصبح منظمة دولية حكومية.
وتضم المنظمة 7 دول أعضاء هي مصر. واليونان. وقبرص. وفلسطين. وإسرائيل. والأردن. وإيطاليا. وانضمت لها فرنسا فيما بعد. بينما انضم للمنظمة كمراقبين كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي. وتعد المنظمة مظلة للتعاون والتكامل الإقليمي لاستغلال موارد الغاز التي تزخر بها منطقة شرق المتوسط لتحقيق أقصي فائدة للمنطقة.
وفتحت أسواق جديدة أمام الغاز المصري المسال. حيث إن هناك 20 دولة استوردت الغاز المصري المسال منذ بدء عودة التصدير. منها 4 أسواق جديدة تم افتتاحها أمامه في كل من تركيا وكرواتيا وباكستان وبنجلاديش.
كما يتم تصدير غاز طبيعي للأردن. بينما يتم تصدير غاز مسال لكل من اليابان وسنغافورة. وفرنسا. والهند. وباكستان. والصين. وتركيا. واليونان. وإيطاليا. والكويت. وبنجلاديش. والمملكة المتحدة. وإسبانيا. وتايوان. وكوريا الجنوبية. وبلجيكا. وبنما. والإمارات. وتايلاند. وكرواتيا. كما تجري حالياً إجراءات استئناف تصدير الغاز الطبيعي للبنان.
تجدر الاشارة إلي أنه جاري تنفيذ مشروع مشترك لإعادة التصدير من قبرص إلي مصر. حيث يبلغ طول الخط المزمع إنشاؤه من قبرص حتي مصنع الاسالة بإدكو 380 كم. حيث توجد 8 دول يمكنها الاستفادة من عملية تصدير الغاز المصري لأوروبا.
اترك تعليق