شارك طارق عامر، محافظ البنك المركزي المصري، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي؛ في افتتاح الاجتماعات السنوية الـ 29 للبنك الأفريقي للتصدير والاستيراد، أفريكسيم بنك، بالعاصمة الإدارية الجديدة.
ألقى محافظ البنك المركزي المصري، كلمة جاء نصها كالتالي:
"فخامة رئيس الجمهورية.. الحضور الكريم، يتابع العالم أجمع باهتمام بالغ خاصة السلطات المالية والنقدية ومؤسسات التمويل الإقليمية والدولية الأحداث المتلاحقة التي كانت ومازالت بمثابة صدمات قوية لمعظم اقتصاديات العالم، بدءا من العالم النامي وحتي الدول المتقدمة التي نراها تعاني حاليا من مشاكل وتحديات جسيمة في موجات التضخم، أما علي مستوى الدول الأفريقية فهي تعاني أساسا من أعباء ومشكلات داخلية والتي زادت وطأتها من طبيعة الحال، مع تداعيات تلك الصدمات الخارجية، فلقد تحملت حكومات الدول الإفريقية ومؤسسات التمويل أعباء توجيه جزء كبير من ميزانيتها وبرامجها التمويلية لتوفير شراء لقاحات كوفيد 19، ومن جانب آخر فرضت دول العالم قيودا على سفر الأفراد وهو الأمر الذي أثقل كاهل الدول الإفريقية خاصة تلك التي تعتمد علي الاستيراد من الخارج أو التي تعول الكثير من موارد القطاع السياحي.
ولم تكد تمر أزمة تداعيات ذلك الوباء وظهور بوادر تعاف منه حتى تزامنت معها زيادة الضغوط التضخمية خلال الفترة الأخيرة، خاصة مع ارتفاع الأسعار العالمية على السلع الغذائية الأساسية، وذلك ما ألقته الاضطرابات السياسية القائمة على الاقتصاد العالمي بشكل عام وعلى اقتصاد الدول الإفريقية بشكل خاص.
أدت تلك الاضطرابات إلى تصاعد ملحوظ في أسعار الطاقة أيضا، فضلا عن اضطراب سلاسل الإمداد، وارتفاع تكاليف الشحن ارتفاعات ضخمة، الأمر الذي فاقم من انعكاس زيادة الضغوط التضخمية على كل الاقتصادات المتقدمة والنامية والناشئة وشعوبها.
ومما لا شك فيه أن تلك الاضطرابات، تمثل اختبارا لصلابة النظام المالي العالمي بشكل عام في ظل أجواء عدم اليقين التي تسيطر على التوقعات بشأن اتجاهات الاقتصاد العالمي، حيث يتوقع إبطاء معدلات النمو على مستوى العالم وارتفاع في مستويات المخاطر بمختلف أشكالها، مما يزيد من صعوبة المهمة الملقاة على كاهل السلطات النقدية بالدول الأفريقية.
الأمر الذي يفرض على صانعي السياسات بإجراءات حاسمة لكبح جماح التضخم المتزايد ومعالجة نقاط الضعف المالية، مع تجنب التشديد غير المنظم على الأوضاع المالية التي من شأنها أن تهدد إمكانيات التعافي الاقتصادي، والتشغيل بعد انحسار وباء كوفيد 19، خاصة مع محدودية الحيز المالي مع الحكومات مع الجائحة.
وإن تلك التحديات المتلاحقة أدت إلى زيادة إدراك المؤسسات المالية بالمسئوليات الاجتماعية الملقاة على عاتقها، وهو الأمر الذي ضاعف من توجّهات تلك المؤسسات نحو تبني السياسات والآليات الكفيلة لفتح آفاق كبيرة؛ لتوفير فرص العمل، والسيطرة على التضخم، فضلا عن تعزيز قدرات المجتمعات في مواجهة المتغيرات والمشكلات، التي من شأنها أن تَعوق إرسال التنمية، وصولا إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وعلى مستوى جمهورية مصر العربية، فلم نكن بمعزل عن تلك التطوارات، ولا يمكن أن ننكر أننا قد تأثرنا بتداعياتها، ولكننا قادرون -بإذن الله- على تجاوزها، والعبور بفضل إيجابيات برنامج الإصلاح الاقتصادي والسياسات الرشيدة التي تم انتهاجها من جانب الخبرات الوطنية المتميزة.
استطاع البنك المركزي بالعمل مع الحكومة والبنوك المصرية على مواجهة هذه الحالة الاستثنائية من خلال اتخاذ تدابير غير مسبوقة، وذلك بتوفير مستويات مرتفعة من السيولة النقدية لكافة الأطراف المتعاملة في الاقتصاد، سواء الأفراد أو الشركات، مما أدى إلى حماية فرص العمل الموجودة، وتوفير كافة المتطلبات والاحتياجات الأساسية للمجتمع، والحيلولة لكل السبل المتاحة.
وفي واقع الأمر؛ إن التحديات لم تكن بالأمر الهين أو اليسير، ولكن بتضافر الجهود، والخبرات المصرفية المتميزة، والتعاون مع الحكومة المصرية، ودعم من القيادة السياسية في اتخاذ القرارات الهامة وسط منظومة محكمة لتحقيق أهداف السياسة النقدية، وإشراف ومتابعة دقيقة من البنك المركزي الذي يحرص دائماً على تعزير الروح في اتخاذ القرار المبني على موضوعية المنطلقات والمعطيات العلمية، وفقاً لاستراتيجية الدولة المصرية".
اترك تعليق