تضم سور القرآن الكريم الكثير من صيغ الدعاء سواء التي وردت على لسان الأنبياء والرسل عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام أم التي وردت على لسان الصالحين رضي الله عنهم ألحقنا بهم على خير. ((الجمهورية اونلاين)) تستعرض طوال أيام شهر رمضان المبارك بعض الأدعية الواردة في القرآن الكريم.
نواصل في هذه الحلقة من سلسلة الدعاء في القرآن الكريم استعراض آيات الدعاء التي وردت في سورة المؤمنون
((وقل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ)) آية 118 سورة المؤمنون
أمر من اللَّه تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم أن يطلب أهم مطلبين للإنسان وهما: طلب المغفرة وسؤال الرحمة
وأن يُتوسّل إليه تعالى بأفضل التوسلات، وهو التوسّل بأسمائه الحسنى المتضمنة للصفات العُلا، إيذاناً بأن الدعاء بما فيه من المطالب العُلا من أهم الأمور التي ينبغي أن يعتني بها الداعون العناية الكبرى، فقد أمر الله به نبيه صل الله عليه وسلم وهو من غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فكيف بمن عداه من العباد؟
((رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ)) قال ابن كثير رحمه اللَّه: الغفر إذا أُطلق معناه: محو الذنب، وستره عن الناس، والرحمة معناها: أن يُسدّده ويُوفقه في الأقوال والأفعال: أي يا رب استر عليَّ ذنوبي، وتجاوز عنها بعفوك، وارحمني بأن تُسدِّدني، وتُوفِّقني في الأقوال، والأفعال، وفي تقديم المغفرة قبل الرحمة من باب التخلية قبل التحلية، فبالمغفرة يزول المكروه، وبالرحمة يحصل المطلوب من النعم الدينية والدنيوية.
ثم ختم السؤال بخير الختام، بوصف كمال رحمته عز وجل التي وسعت الخلق كلهم أجمعين:
((وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ)) خَتْم الدعاء بهذا التوسل الجليل مناسب لما طلب في أول الدعاء مما لا يخفى.
و((خَيْرُ الرَّاحِمِينَ)) من أسماء اللَّه الحسنى المضافة التي جاءت على وزن (خير) أفعل للتفضيل التي تدلّ على عظم هذه الرحمة، وسعتها لكل شيء، فهو جلّ وعلا أرحم الراحمين، وخير الراحمين، فمن كمال رحمته تعالى أنها وسعت كل شيء في هذا الكون العجيب.
فمن أراد أن ينال هذه الرحمة التي فيها السعادة في الدارين، فليتّبع الرسول صلى الله عليه وسلم بالأقوال، والأفعال، وفي كل الأحوال.
هذا الإرشاد من اللَّه تعالى بملازمة هذا الدعاء المبارك لما تضمنه من خيري الدنيا والآخرة الذي يتمنّاه كل عبدٍ مؤمنٍ.
تضمن الدعاء فوائد عظيمة هي:
1- أهمية هذه الدعوة؛ لأنها بصيغة الأمر.
2- بيان أهمية التوسل إلى اللَّه تعالى بربوبيته التي من مقتضياتها إجابة الدعاء.
3- ينبغي للداعي أن يقدم طلب المغفرة قبل سؤاله الرحمة، كما هي عامة الأدعية.
4- أهمية هذين المطلبين: المغفرة، والرحمة: فالمغفرة تندفع بها جميع المكروهات، و الرحمة التي تحصل بها جميع المحبوبات
5- إن من آثار وثمرات المغفرة حصول الرحمة.
6- إن التوسّل بأسماء اللَّه تعالى المضافة من أعظم الصيغ التي يُمدح بها رب العزّة والجلال، ومن أهم الأسباب الموجبة لقبول الدعاء؛ لأنه تعالى علّمنا بهذا الدعاء كيف ندعوه، وكيف نتوسّل إليه.
المصادر:
مجموع الفتاوى لابن تيمية
تفسير ابن كثير
تفسير سورة البقرة لابن عثيمين
البخاري
المواهب الربانية للعلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي
اترك تعليق