مسجد محمد على .. "مسجد المرمر" أحد أهم المساجد الأثرية بالقاهرة، فهو أيقونة الجمال والعمارة العثمانية في مصر، بناه "محمد على"، داخل قلعة الناصر صلاح الدين الأيوبي، بنفس تصميم مسجد السلطان أحمد في اسطنبول المعروف بالجامع الأزرق، حيث تم اقتباس المسقط الأفقي بما فيه الصحن والفسقية مع بعض التغييرات الطفيفة، ويمتاز التصميم الداخلي للمسجد بتأثير الفن البيزنطي.
مسجد المرمر وأحجار جبل سانور في بني سويف
وتعود تسميته باسم مسجد المرمر إلى أنه عندما بناه محمد على اختار حجر الألبستر النادر والمعروف بـ "المرمر"، وهو من الأحجار التي حصل عليها من جبل "سانور" في بني سويف، استغرق بنائه 33 عامًا، بسبب الاهتمام بالتفاصيل الجمالية الفريدة التي احتوى عليها، ووضع تصميمه التركي "يوسف بوشناق"، وتم بعد ذلك جلب النحاتين والمهندسين المهرة من المناطق المصرية، حيث تم بناؤه بأيادي مصرية خالصة، حيث طلب وقتها من كل نحات إحضار 8 عمال مهرة.
بدأ محمد على بناء المسجد داخل أرض قصر الأبلق داخل القلعة في سنة 1830 واستمر العمل فيه بلا انقطاع حتى توفى عام 1848 فدفن فيه ثم أمر بإتمام زخارفه عباس باشا الأول. وتبلغ المساحة الكلية للمسجد 5 ألاف متر مربع وهو مستطيل البناء وينقسم إلى قسمين شرقي معد للصلاة وغربي تتوسطه فسقية الوضوء. وتصل مساحة كل منهما 2500 متر مربع، والغربي ومساحته 2500 متر مربع، وبكل من القسمين بابان متقابلان أحدهما في اتجاه الجنوب والآخر باتجاه الشمال.
وتم تخطيط المسجد مربع الشكل طول ضلعه 41 مترا، تغطيه في الوسط قبة كبيرة قطرها 21 مترا وارتفاعها 52 مترا محمولة على أربعة عقود كبيرة مرتكزة على أربعة أكتاف ضخمة، وحول هذه القبة أربعة أنصاف لقباب، في كل جهة نصف قبة، وتغطى أركان المسجد أربع قباب صغيرة، ذلك عدا نصف قبة أخرى تغطى بروز القبلة من الجنب الشرقي د، ويكسو جدرانه من الداخل والأكتاف الأربعة بارتفاع 11.30 متر كسوة من المرمر تعلوها نقوش ملونة، وتم زخرفة القباب بنقوش بارزة ومذهبة.
منبر من الخشب وأخر من المرمر
والمنبر الأصلي للمسجد هو المنبر الكبير المصنوع من الخشب المحلى بزخارف مذهبة، أما المنبر المرمري الصغير الواقع إلى يسار المحراب، فقد أمر بعمله الملك فاروق في سنة 1939. ويضاء المسجد بالثريات البلورية الجميلة تحيط بها مشكاوات زجاجية نسقت بأشكال بديعة، ويقوم على طرفي الجنب الغربي للمسجد منارتان رشيقتان أسطوانيتا الشكل بنيتا أيضا على طراز المآذن التركية، وارتفاع كل منهما 82 مترا من الأرض.
ويحتوي المسجد على ثلاثة أبواب أحدها في منتصف الجانب البحري، يقابله الثاني في منتصف الجانب القبلي، والثالث في منتصف الجانب الغربي، ويؤدى إلى صحن متسع مساحته 53 في 53 مترا يغلف جدرانه كسوة من المرمر، ويحيط به أربعة أروقة عقودها وأعمدتها من المرمر أيضا، ويقع بوسطه مكان الوضوء وهو عبارة عن قبة محمولة على ثمانية أعمدة لها رفرف محلى بزخارف بارزة مذهبة.
وتم تزيين باطن القبة بنقوش ملونة ومذهبة تمثل مناظر طبيعية، والقبة مكسوة كقباب المسجد بألواح من الرصاص وبأسفلها صهريج المياه وهو ثماني الشكل وتم صناعة القباب جميعها من المرمر المدقوق بزخارف بارزة، ويقوم أعلى منتصف الرواق الغربي للصحن برج من النحاس المزخرف بداخله ساعة دقاقة أهداها ملك فرنسا لويس فليب إلى محمد على سنة 1845.
ويحتوي مسجد محمد علي مئذنتين شاهقتين توجدان على طرفي الواجهة الغربية لبيت الصلاة، وبُنيتا على الطراز العثماني للمآذن، ارتفاع كل منهما 84 متراً، وبكل مئذنة 256 درجة سلم إلى نهاية الدورة الثانية. ولا يوجد بالمسجد مكبرات صوت، حيث بني بطريقة تسمح بحدوث صدى عال للصوت.
ويوجد بالمسجد واحدة من الأسرار التي لا يعرفها الكثيرون وهي قطعة من الرخام تم نقش وجه ملكة بريطانيا ونقش رسم للجزر البريطانية عليها في أعلى القبة من ناحية اليسار، وذلك احتفالا بزيارتها للمسجد سنة 1920م في عهد السلطان فؤاد الذي أطلق على نفسه لقب ملك في عام 1922 وهو والد الملك فاروق الأول.
صورة المسجد تزين العديد من العملات الورقية والفضية
وحرصت الدولة المصرية منذ بناء المسجد على تسليط الضوء عليه باعتباره أبرز المعالم السياحية والأثرية من خلال وضع صورته على العديد من العملات الورقية والفضية، ويستخدم منها –حاليا- العملة الورقية فئة عشرون جنيهاً، وذلك بخلاف العملات السابقة التي كانت تزينها صورته مثل العشرة قروش الورقية، والعشرة قروش المعدنية. كما تم تصوير مشاهد كثيرة من فيلم الناصر صلاح الدين الأيوبي في المسجد.
وتحرص وزارة الآثار على حماية المسجد باعتباره أحد المعالم الأثرية المهمة، وقامت في عام 2012 بترميم سجاد المسجد وبدأت في عام 2014 في ترميم برج الساعة، وفى عام 2017 بدأت حملة لإعادة المسجد إلى رونقه القديم، اشتملت على تنظيف التكسيات الرخامية بصحن المسجد، وإزالة الأتربة من على الزخارف الموجودة بميضأة المسجد لإزهار ألوانها ودراسة الزخارف، وإزالة المستحدث منها لإعادة تطبيقه طيقا للأساليب العلمية الحديثة.
والمسجد متاح للزيارة كافة أيام الأسبوع من الساعة 9:00 صباحاً حتى الساعة 5:00 مساءً.
اترك تعليق